السبت, نوفمبر 23
Banner

كتب خالد ابو شقرا في نداء الوطن: أيادي الاهالي تُكوى “بنار” إكمال تعليم أولادهم، وأيادي المسؤولين مغمّسة في “مياه” باردة. آلاف الطلاب اللبنانيين الذين يتخصّصون في الخارج ما زالوا عالقين بين مطرقة صدور قانون الدولار الطالبي، وسندان الخوف من إستنسابية المصارف وتأخرها في التطبيق.

إنتظرت والدة أحد الطلاب الذين يتابعون تحصيلهم العلمي في الخارج، منذ بداية هذا الأسبوع موعد صدور الجريدة الرسمية يوم الخميس. تَوجهت صباح أمس إلى إحدى المؤسسات، طلبت الجريدة الرسمية، فتحتها بشغف، قلّبتها عدة مرات.. إلا انها لم تجد قانون “الدولار الطالبي” الذي يجيز تحويل 10 آلاف دولار في السنة على سعر 1515 ليرة للطلاب القدامى منشوراً فيها. ما يعني انه ما زال معلقاً ولم يدخل حيز التنفيذ بعد. الأمر الذي يهدد امكانية تسجيل ابنها في الجامعة في حال تأخره اكثر في الصدور.
معوّقات صدور القانون
عدم نشر قانون “الدولار الطالبي” الذي أقره مجلس النواب في 30 أيلول الفائت بمادة وحيدة يعود لعدم توقيع رئيس الجمهورية عليه بعد. وعلى الرغم من نقل المحيطين بالرئيس عدم معارضته “للدولار الطالبي” فان هذا القانون و”هو كغيره من القوانين لا يصبح سارياً إلا بعد توقيع كل من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة والوزير المختص ونشره في الجريدة الرسمية”، يقول رئيس مؤسسة SALAMAS Law Firm الحقوقية، سلام عبد الصمد. فبحسب نص المادة 57 معطوفة على المادة 56 هناك خياران أمام رئيس الجمهورية يقول عبد الصمد: إما أن يصدر القانون في خلال شهر بعد إحالته على الحكومة ويطلب نشره. وإما أن يطلب من مجلس النواب إعادة النظر فيه، وذلك خلال مهلة الشهر أيضاً.
في الحالة الأخيرة يصبح رئيس الجمهورية في حلّ من إصدار القانون إلى أن يعيد مجلس النواب النظر فيه، فإذا أعيد النظر في القانون من جديد وأقره المجلس النيابي بالأغلبية المطلقة، أصبح رئيس الجمهورية ملزماً بنشر القانون على رغم معارضته له، ويكمل معارضته للقانون بالطعن به أمام المجلس الدستوري. وإذا لم يصدر رئيس الجمهورية القانون في المهلة المحددة وجبت محاسبته أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء لعلة خرقه الدستور”. أما في الحالة الثانية فيمكن لرئيس الجمهورية أن يترك القانون من دون إصداره، أو من دون أن يطلب من مجلس النواب إعادة النظر فيه، فعندئذ يصبح القانون نافذاً، ويجب نشره بعد مرور مهلة الشهر.
وجاء تحديد هذه المدة لكي يسقط حق رئيس الجمهورية في إرسال القانون إلى مجلس النواب من أجل إعادة النظر فيه. وهذا لا يعني أنه يمكن نشر القانون بمعزل عن رئيس الجمهورية ومن دون توقيعه. وهناك، بحسب عبد الصمد، رأي يقول إن “القانون يصبح نافذاً ويجب نشره بمجرد مرور مهلة الثلاثين يوماً، لأن الفقرة الثانية من المادة 57 تنص على أنه “وفي حال انقضاء المهلة من دون إصدار القانون أو إعادته يعتبر القانون نافذاً حكماً ووجب نشره”، وبالتالي فإن القانون ينشر حكماً من دون حاجة إلى توقيع رئيس الجمهورية.
الخوف من إستنسابية المصارف
في الوقت الذي لم تُعرف فيه بعد، كيفية تعامل الرئاسة الأولى مع قانون “الدولار الطالبي”، فان “نية المصارف واضحة من قبل أهالي الطلاب، و”هي لا تبشر بالخير”. فـ”من لم يطبق قرار مصرف لبنان رقم 13257 الذي ينظم طريقة تحويل 10 آلاف دولار إلى الطلاب في الخارج، والصادر بتاريخ 19 آب الماضي، فلن يردعه شيء عن التملص من هذا القانون”، يقول أحد الأهالي. وذلك على الرغم من أن قرار المركزي وقتها، كان أسهل على المصارف، إذ انه أجاز تحويل الاموال الى الخارج من حسابات عملائها الجارية بالدولار فقط. في حين ان القانون الجديد يسمح أيضاً لاصحاب الحسابات بالليرة الاستفادة من الدولار المدعوم”. وبرأيه فان “حجة المصارف جاهزة وهي: لا يوجد لدينا عملة صعبة، وليدفع لكم من شرّع. وسيغرقوننا بالاجراءات المعرقلة وبطلباتهم التعجيزية. والتي منها على سبيل الذكر لا الحصر ما كان يطلب مع التعميم القديم بضرورة وجود عقد إيجار باسم الطالب. وذلك مع العلم ان الكثير من الطلاب يتشاركون المسكن مع طلاب آخرين، وقد لا يكون هناك عقد موقع باسمهم”.
حصر الاوراق المطلوبة بأربع
“العرقلة لا ترتبط فقط بموعد صدور القانون في الجريدة الرسمية”، يقول عضو لجنة اهالي الطلاب اللبنانيين في الخارج اسامة عبد الواحد. “فحتى لو صدر القانون يوم الخميس القادم فان آلياته التطبيقية لم توضع بعد. وهناك شك لدينا في ان تسير به المصارف فوراً وتباشر بتطبيق مندرجاته”. والمطلوب من وجهة نظره ان “تكون هناك آلية موحدة للعمل بين المصارف، لا أن يعمد كل مصرف الى وضع الآلية التي تناسبه. ونعود وندخل في دوامة مصارف تطبق القانون ومصارف تتحجج بنقص السيولة أو خلافه”. وبحسب عبد الواحد فانه “يجب حصر الاوراق المطلوبة بـ 4 وهي: صورة عن الاقامة؛ صورة جواز السفر؛ إفادة تسجيل الجامعة؛ وافادة تسجيل العام الذي سبقه. وكل ما عدا ذلك من طلبات يصبح تعجيزياً ويعقّد امكانية الاستفادة من القانون”.
الكلفة سيتحمّلها المركزي
خشية الأهالي من عدم تطبيق القانون، غير مبررة بالنسبة إلى المصارف. إذ ان عبء الدعم سيقع على مصرف لبنان ولن تتحمل المصارف أي أكلاف إضافية. فهي ستكون الوسيط. وذلك على غرار دعم المشتقات النفطية والقمح والدواء والسلة الغذائية. وبحسب أوساط مصرفيه فان “الدولار الطالبي” لن يواجه أي عرقلة. وذلك بالنظر إلى كلفته المنخفضة التي تقدر بحدو 100 مليون دولار سنوياً، إذا افترضنا وجود 10 آلاف طالب يتابعون تعليمهم في الخارج. وهذا المبلغ برأيه “يشكل أقل من 2 في المئة من كلفة السلع والمواد التي يدعمها المركزي سنوياً. وعليه فان كل الطلاب الذي يستوفون الشروط سيستفيدون من الدعم”. لكن السؤال هل الدعم يكفي ؟
يشكل الدعم 55% من الكلفة
تفيد إحدى الامهات ان الكلفة الشهرية لدراسة ابنها في فرنسا تصل إلى 15 ألف يورو. وعلى الرغم من قسط الجامعة الزهيد والذي لا يتجاوز 270 يورو، فان أكلاف الايجار والمعيشة وخدمات الكهرباء والانترنت والمواصلات… كثيرة في الدول الاوروبية. وبناء على حديثها فان “الدعم بقيمة 10 آلاف دولار يشكل بحدود 55 في المئة من إجمالي الكلفة السنوية. أما المبلغ المتبقي أي 18 الف دولار فسيكلفنا شراؤه من السوق السوداء بحسب سعر الصرف الحالي حوال 153 مليون ليرة سنوياً، وهو رقم يفوق قدراتنا وامكانياتنا”.
على الرغم من الفرق الذي قد يتحمله بعض الاهالي، واضطرارهم إلى تخفيض مستوى عيش ابنائهم في الخارج، فان الدولار الطالبي حاجة ماسة إلى السواد الاعظم من الطلاب. وعليه فان المطلوب اقراره قبل موعد إقفال باب الدخول إلى الجامعات في الكثير من الدول الاجنبية.

Comments are closed.