كتبت صحيفة “الشرق”: الحسم في الملف الرئاسي اللبناني من تأجيل الى آخر، ومن محطة الى أخرى. بعدما عاينه الاسبوع الماضي الموفدُ الفرنسي جان ايف لودريان الذي ترقّبت الساحة السياسية ما اذا كان سيحمل معه جديدا، غادر من دون اي تبدّل في المشهد، فانتقلت العيون الى نيويورك التي يُفترض ان تحضر في كواليسها، الازمة الرئاسية، على هامش الجمعية العامة للامم المتحدة في اجتماع يعقده ممثلو “الخماسي الدولي”، علّه يُؤسس لخرق ما في المراوحة السلبية المستمرة منذ اشهر. كما يكبر التعويل على دخول قطري على الملعب الرئاسي في قابل الايام، ربما يساعد ايضا في انضاج تسوية ما، سيما وان للدوحة علاقات طيبة مع ايران، المُمسكة، باعتراف علني او ضمني من عواصم الخماسي، بمفاتيح الاستحقاق.
التركيز القطري
في الانتظار، المواقف المحلية على حالها: المعارضة ترفض الحوارات وتطالب بجلسة انتخابية بدورات متتالية مع استعدادها للبحث في اي اسم توافقي. اما حزب الله وحلفاؤه، فيصرّون على التحاور مع القوى الاخرى والجلوس معهم على طاولة قد يدعو اليها رئيس مجلس النواب نبيه بري ويرأسها نائبه الياس بوصعب، الا انهم مع كل حماستهم للحوار، يتمسكون بمرشحهم رئيس تيار المردة سليمان فرنجية. وهذه النقطة بالذات هي التي تحول حتى اللحظة، وفق ما تقول مصادر سياسية مطلعة لـ”المركزية”، دون التمكن من كسر الستاتيكو الرئاسي السلبي. وبحسب المصادر ايضا، فإن الموفد القطري الذي قد يصل الى بيروت مطلع الاسبوع، سيسعى الى تذليل هذه العقبة وسيعمل لإقناع الاطراف جميعهم بأن لا بد من الذهاب نحو اسم ثالث، قد يكون قائد الجيش العماد جوزيف عون، لان حظوظ كل الاسماء المحسوبة بشكل نافر على فريق سياسي، كاسم سليمان فرنجية، لا يمكن ان تمر، خصوصا في ظل التوازنات النيابية التي تحكم اليوم مجلس النواب.
تكريس التعذر
ووفق المصادر، فإن الاجتماع الذي عقده السفير السعودي وليد البخاري في اليرزه الخميس الماضي، وضم اكثرية النواب السنة ومفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان وشارك فيه ايضا لودريان، كرّس اكثر، حقيقةَ ان لا يمكن انتخاب رئيس طرف. هذا ما لمسه المشاركون من مواقف دريان والبخاري، ما يعني ان تعويل الثنائي الشيعي على انتقال نوابٍ سنّة، الى ضفة المصوتين لفرنجية، بات امرا شبه مستحيل.
رافضو الحوار
وفي انتظار ما اذا كانت المساعي والوساطات الدولية ستتمكن من اقناع الثنائي بأن مرشّحه لن يتمكن من الوصول الى بعبدا، نواب الحزب والحركة يتمسكون بالحوار ويحمّلون رافضيه، مسؤولية تعطيل الاستحقاق. فقد اكد عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسين الحاج حسن ان “اللبنانيين ينتظرون أن يتم انتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت ممكن، ومن يتحمل تأخير الانتخاب هو من يرفض الحوار والتفاهم، ويصرّ على تحقيق أجندة ليست في مصلحة لبنان، بل هي في مصلحة المطالب الأميركية من لبنان”…
بدوره، اشار نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم الى ان كل من يرفض الحوار مسؤول عن الخلل والتدهور وتأخير انتخابات رئيس الجمهورية. قد يكون الحوار لمجرد أن نتحاور وقد لا نصل إلى تفاهم، أما بالعناد والتحدي والتعطيل لن يكون لبنان لكم ونحن لا نريد لبنان لنا وحدنا بل لكل أبنائه، ومن دون خطة إنقاذ لا يمكن إعادة حقوق المودعين وإنقاذ المدارس الرسمية والجامعة ومعالجة الصحة والاستشفاء وتوفير العدل وتحقيق التنمية والاقتصاد وتحرير الأرض، وهذا يحتاج الى رئيس لا إطالة أمد الفراغ بالأنانية يمكن أن يحقق الأهداف، ولا محاولة الاستحواذ على السلطة يمكن أن تؤدي الى انتخاب رئيس”.
دعوة بري
بدوره، رأى عضو كتلة التنمية والتحرير النائب علي خريس أن “من يرفض الحوار خاصة في هذه المرحلة الحساسة والدقيقة، لا يريد انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وهو يسعى لإبقاء أزمة البلد مفتوحة، لا سيما وأن أزمات البلد تتفاقم أكثر فأكثر، لذلك نؤكد أن الوقت ليس لمصلحة أحد، فتعالوا إلى كلمة سواء، واستجيبوا إلى دعوة الرئيس بري لأجل الحوار وانتخاب رئيس للجمهورية”.
الى نيويورك
وسط هذا التعثر السياسي وعلى وقع تأنيب وجهه صندوق النقد الدولي الى الطبقة السياسية اللبنانية لعدم تطبيقها اي من الاصلاحات المطلوبة للخروج من الازمة الاقتصادية – المالية التي تعصف بلبنان، وصل رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي ووزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب ووفد رسمي الى نيويورك، للمشاركة في إفتتاح الدورة الـ ٧٨ للجمعية العامة للأمم المتحدة والنشاطات التي تقام على هامشها. وخلال وجوده في نيويورك وعلى هامش اعمال الدورة ستكون للوزير بوحبيب سلسلة لقاءات واتصالات لبحث قضايا لبنانية واقليمية.
تحذير قبرصي
واذ لا بد ان يحضر ملف النزوح وموجاته المتجددة في نقاشات المسؤولين اللبنانيين في الامم المتحدة، برز إعلانُ سلطات قبرص، العضو في الاتحاد الأوروبي، أنّها طلبت من التكتل مراجعة وضع سوريا، إن كانت ما زالت غير آمنة ولا يمكن إعادة طالبي اللجوء إليها. تأتي هذه الخطوة في أعقاب موجة من الهجمات ذات الدوافع العنصرية على الأجانب في الأسابيع الأخيرة، وسط تزايد المشاعر المعادية للمهاجرين في الجزيرة المتوسطية. ولفت وزير الداخلية كونستانتينوس يوانو الى أنه سيحاول إقناع الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة بإنهاء وضع سوريا كدولة غير آمنة لا يمكن إعادة اللاجئين إليها. وفي رسالة إلى نائب رئيسة المفوضية الأوروبية مارغريتيس سخيناس، قال يوانو إنه أثار أيضًا الحاجة الملحة لمساعدة لبنان الذي لجأ إليه نحو 2,5 مليون سوري. وأضاف: المعلومات المتوافرة لدينا من السلطات في لبنان هي أن هناك زيادة في عدد السوريين الذين ينتقلون إلى لبنان، ولبنان حاجز. إذا انهار لبنان، فستواجه أوروبا بأكملها مشكلة.