كتبت صحيفة الديار تقول: ماذا ستحمل الايام المقبلة من تطورات متصلة بالتداعيات الخطرة للحرب الوحشية والمجنونة التي يشنها العدو الاسرائيلي والمواجهات المتصاعدة على الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة بين المقاومة وجيش العدو الاسرائيلي؟ وهل نحن امام سباق حقيقي بين محاولات التوصل الى هدنة او وقف لاطلاق النار في غزة ام ان التطورات المتدحرجة تنذر بتوسع نطاق هذه الحرب الى جبهات اخرى؟
وقد عكست التطورات الميدانية والتحركات السياسية الناشطة التي سجلت في الساعات الماضية ما اكده الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ” ان كل الخيارات مطروحة، ويمكن الذهاب اليها في اي وقت”.
صواريخ جديدة لحزب الله في المعركة
فعلى الصعيد الميداني، برز تطور امس على جبهة الجنوب غداة خطاب نصرالله التي التهبت منذ الصباح على طول الحدود. وكان الجديد فيها ادخال حزب الله لاول مرة الى المعركة صاروخ “بركان” الاكثر تطورا وقوة من الصواريخ التي استخدمها من بدء المواجهات مع العدو في ٨ تشرين الاول الماضي، حيث قصف موقع “جل العلام” العسكري الاسرائيلي مقابل بلدة الضهيرة في القطاع الغربي بصاروخين من هذا الطراز، وشوهدت ألسنة النيران واعمدة الدخان تتصاعد من الموقع على بعد كيلومترات.
وقالت وسائل اعلام العدو ” ان الهجمات الصاروخية لحزب الله تحصل لاول مرة باستخدام نوع جديد من الصواريخ الثقيلة ضد مواقع الجيش الاسرائيلي، وهذا يعد رسالة تصاعدية، فالجبهة الشمالية اصبحت مصدر قلق كبير واخمادها صعب”.
وذكرت ان الصاروخ “بركان” هو ذو رأس حربي يحمل ما بين ٣٠٠ و ٥٠٠ كيلوغرام من المتفجرات ويصل مداه الى ١٠ كيلومترات”.
ومساء اطلق صاروخان من لبنان على مستوطنة نهاريا البعيدة نسبيا عن الحدود، وقالت مصادر العدو ان القبة الحديدية تعاملت معهما.
مصدر لبناني لـ “الديار” التطور مرتبط بالميدان
وربط مصدر امني لبناني للديار بين هذا التطور والغارات والاستهدافات الاسرائيلية التي امتدت وان بشكل محدود الى مناطق لبنانية اعمق من المناطق الحدودية، وقال ان ادخال الحزب لهذا النوع من الصواريخ الى المعركة يترجم ما اكد عليه السيد نصرالله بالتعامل في المعركة وفق المجريات الميدانية وما يقدم عليه العدو.
وشن حزب الله امس هجمات بالصواريخ ومدافع الهاون نهارا طاولت خمسة مواقع هي بالاضافة الى جل العلام: حدب البستان، المالكية، العباد، والمطلة. كما استهدف منطادا عسكريا واسقطه في مسكاف عام.
وشن الطيران الحربي غارات عنيفة على مناطق حدودية في القطاعات الثلاثة، وقصف بالمدفعية الثقيلة هذه المناطق ايضا، كما بلغ القصف منطقة يحمر الشقيف في العمق باربع قذائف من عيار ١٥٥ ملم دون وقوع خسائر بشرية.
واعلن حزب الله استشهاد احد مقاتليه يوسف محمد صبرا.
العدو يرتكب مجازر جديدة ويواجه مقاومة شرسة برا
وفي غزة، واصل العدو الاسرائيلي ارتكاب مجازره ضد الشعب الفلسطيني وقصف بطائراته الحربية ومدافعه الثقيلة مزيدا من المدارس والمستشفيات والاماكن المدنية بالاضافة الى سيارات الاسعاف ما ادى الى وقوع ١٠ مجازر جديدة في الـ24 ساعة الماضية ما ادى الى استشهاد ٢٣١ فلسطينيا واصابة المئات وتجاوز عدد الشهداء من بدء العدوان الـ٩٥٠٠ شهيد.
واستمرت المواجهات البرية بين المقاومة وجيش العدو المتوغل في القطاع، وسجلت اشتباكات عنيفة على محوري بيت لاهيا وبيت حانون.
وتمكن المقاومون في بيت لاهيا من تدمير مدرعتين، كما ضربوا عددا من الدبابات في بيت ياحون.
ولم يتمكن جيش العدو امس من احراز اي تقدم يذكر على الارض، وتحدث عن تدمير عدد من الانفاق في هذه المحاور وقتل عدد من المقاتلين الفلسطينيين.
واستخدم جيش العدو، حسب نيويورك تايمز الاميركية، ثاني اكبر قنبلة لديه في قصف جباليا التي احدثت حفرة ضخمة بقطر ١٢ مترا.
وتحدثت التقارير الاجنبية عن فشل الجيش الاسرائيلي في القيام باي خرق لحدود مدينة غزة او الاشتباك مع المقاومة في المناطق السكنية او المأهولة.
واعترف العدو على لسان الناطق باسم جيشه امس بمقتل ٣٤١ ضابطا جنديا منذ عملية طوفان الاقصى بينهم ٢٥ ضابطا وجنديا في القتال منذ بدء العمليات البرية داخل غزة. كما اشار الى وجود ٢٤٢ اسيرا اسرائيليا بيد المقاومة.
واوردت الوكالات امس ان المقاومة حققت ضربات قوية بالدبابات والاليات العسكرية الاسرائيلية. واكدت المقاومة ان خسائر جيش العدو اكبر بكثير مما يعلنه.
ومساء اعلن الناطق باسم حماس تدمير ٢٤ دبابة والية عسكرية اسرائيلية، وايقاع خسائر كبيرة بصفوف جنود العدو.
واعترف جيش العدو مساء بمقتل ٤ جنود في العمليات الجارية.
وهدد وزير حرب العدو لبنان بمصير غزة، وجدد القول ان “اسرائيل” ستقضي على حماس مشيرا الى ان واشنطن تؤيد ذلك.
فشل اجتماع عمان
وبموازاة التطورات الميدانية والحرب في غزة، بقيت الجهود الديبلوماسية لاحتواء هذه الحرب ووقف اطلاق النار تدور في حلقة مفرغة بسبب تبني الادارة الاميركية للموقف الاسرائيلي ومعارضتها تحقيق وقف فوري للعدوان الاسرائيلي او حتى وقف مؤقت للنار.
وشهدت العاصمة الاردنية امس حركة مكثفة مع انتقال وزير الخارجية الاميركي انتوني بلينكن اليها قادما من الكيان الاسرائيلي في اطار جولته الجديدة في المنطقة التي تشمل تركيا.
وعقد بلينكن اجتماعا مع وزراء خارجية: السعودية، ومصر، والاردن، وقطر، والامارات العربية المتحدة، وامين سر منظمة التحرير الفلسطينية.
لكن التصريحات التي صدرت بعد الاجتماع والاجواء التي تسربت عنه، عكست فشل الاجتماع في التوصل حتى الى هدنة مؤقتة لتوفير المساعدات الانسانية واخراج الجرحى الفلسطينيين من القطاع عبر معبر رفح.
ووفقا لتقارير اعلامية ودبلوماسية، فان بلينكن لم يعط اي جديد، وعكس الموقف الاسرائيلي الرافض لاي وقف مؤقت النار الذي يربط هذه الخطوة باطلاق جميع الاسرى والرهائن، كما عبر رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو.
وربط المراقبون بين موقف الوزير الاميركي هذا وفشل جيش العدو في تحقيق انجازات حقيقية في عمليته البرية في غزة.
وتحدثوا عن رغبة اميركية في اعطاء مزيد من الوقت “لإسرائيل” لتحقيق نجاح مهم على الارض للتفاوض حول وقف النار والاسرى.
وقال بلينكن بعد الاجتماع ” ان وقف اطلاق النار الان سيتيح لحماس اعادة التموضع وتكرار ما فعلته في ٧ تشرين الاول”.
واشار الى ان الحديث تناول ” تسهيل ايصال المساعدات الانسانية الى غزة”، مدعيا ان جهوده ساهمت في زيادة تدفق هذه المساعدات عبر معبر رفح.
وما يدحض ادعاءاته تصريح الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريش بان الوضع في غزة ” مروع، وان المساعدات التي تصل لا تكفي، وما يحدث في غزة من حصار وقصف وحرمان يجب ان يتوقف”.
وعكست تصريحات وزيري خارجية الاردن ومصر بعد الاجتماع فشل التوصل الى اي نتيجة ايجابية.
وقال الوزير الاردني ان المناقشات في الاجتماع ” كانت صريحة وعكست مواقف متباينة، لكنها اكدت على ضرورة وقف الحرب”.
وحذر الوزير المصري من ” خطورة التعامل مع الازمة في غزة بمعايير مزدوجة”.
واعلنت حماس عن اتفاق لاخراج الجرحى من غزة مقابل خروج الرعايا الاجانب منها لكن العدو الاسرائيلي لم يستجب للاتفاق.
مفاوضات ملف الاسرى
ووفقا للمعلومات والتقارير، فان المفاوضات حول ملف الاسرى الاسرائيليين لدى حماس وفصائل المقاومة تجري منذ ايام، وتشارك فيها قطر وسلطنة عمان وتركيا ومصر، وهناك اقتراحات حول حل جزئي يقضي بالافراج عن المدنيين الاسرائيليين مقابل الافراج عن معتقلين وسجناء فلسطينيين في سجون العدو واخراج الجرحى وادخال المساعدات الى غزة في اتفاق مؤقت او هدنة مؤقتة يمكن ان تساهم وتمهد لوقف النار مع حل قضية باقي الاسرى الاسرائيليين باطلاق عدد كبير من معتقلات وسجون العدو.
وكان المتحدث باسم الخارجية المصرية السفير احمد ابو زيد قال قبل اجتماع عمان انه سيكون هناك موقف عربي موحد في الاجتماع سيتم نقله الى بلينكن يتمثل في “ضرورة الوقف الفوري للاعتداءات الاسرائيلية، وألوية دخول المساعدات، وعدم التهجير، وانهاء الاحتلال، واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة”.
تحرك ميقاتي الوقائي
وفي اطار التحرك الوقائي الذي يقوم به لمنع توسع الحرب على الجبهة اللبنانية ووقف الاعتداءات الاسرائيلية، اجتمع رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي امس في العاصمة الاردنية عمان مع وزير الخارجية الاميركي، واكد على “اولوية العمل للتوصل الى وقف اطلاق النار في غزة، وكذلك العمل على وقف العدوان الاسرائيلي على جنوب لبنان وسياسة الارض المحروقة التي تتبعها اسرائيل باستخدام الاسلحة المحرمة دوليا للامعان في احداث المزيد من الخسائر البشرية وتدمير المناطق والبلدات الجنوبية”.
وجدد القول ” ان لبنان ملتزم بالشرعية الدولية وبالقرار ١٧٠١، والمجتمع الدولي مطالب بالضغط على اسرائيل لوقف التعديات والانتهاكات الاسرائيلية اليومية على لبنان برا وجوا وبحرا”.
وشدد الوزير بلينكن على انه “يبذل جهده لوقف العمليات العسكرية لغايات انسانية، على ان يترافق ذلك مع بدء البحث في معالجة ملف الاسرى”.
وانتقل ميقاتي الى القاهرة حيث التقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ولفت الى ” ان مصر تبذل جهدا كبيرا لوقف العدوان الاسرائيلي على غزة ووقف المجازر التي ترتكب ضد الشعب الفلسطيني، ونحن ندعم موقف الرئيس المصري برفض تهجير الفلسطينيين من ارضهم وسعيه الى ايجاد حل يبدأ بوقف اطلاق النار وحماية المدنيين والعمل على ايجاد حل دائم للقضية الفلسطينية”.
وذكرت الخارجية الاميركية في وقت لاحق ان بلينكن “اعرب عن قلقه بشأن اطلاق النار على طول الحدود اللبنانية مع اسرائيل”.
وشدد مجددا على عدم اتساع رقعة القتال الجاري بين حماس والجيش الاسرائيلي.
مصدر بمحور المقاومة لـ “الديار”: فشلت سيناريوهات العدو
وقال مصدر في محور المقاومة لـ “الديار” امس: “ان اسرائيل ستكون مجبرة على التعايش مع نتائج الضربة القوية التي تلقتها في عملية طوفان الاقصى بسبب فشل كل السيناريوهات التي رسمتها في حربها على غزة منها:
ـ اصطدام سيناريو تهجير الفلسطينيين الى سيناء برفض مصري وعربي عبر عنه الرئيس السيسي اكثر من مرة.
ـ سقوط فكرة ترحيل مقاتلي حماس خارج غزة كما حصل في بيروت عام ١٩٨٢.
ـ فشل محاولة اخلاء النصف الشمالي من اهله وترحيلهم الى مخيمات جديدة في الجنوب.
ـ فشل تحقيق اجتياح عسكري للقسم الشمالي ومدينة غزة التي تضم نصف سكان القطاع وتشكل العصب الاساسي له.
ـ فشل “اسرائيل” في تحقيق ضربة ساحقة للمقاومة في غزة رغم توغلها في ثلاثة او اربعة محاور، واصدامها بمقاومة شرسة وإلحاق خسائر كبيرة بجنودها وآلياتها ودباباتها.