كتبت صحيفة النهار تقول: تطورت المواجهات المتجددة في الجنوب بين “حزب الله” والقوات الإسرائيلية بعد يوم من عودتها بما يثبت الواقع الميداني الذي يربط الجبهة الجنوبية بحرب غزة في انتظار ما ستسفر عنه المحاولات المحمومة الجارية عبر اجتماعات الدوحة لاعادة التوصل الى اتفاق على هدنة جديدة في غزة . وإذ لا يزال التوصل الى احياء الهدنة في غزة يواجه عقبات فيما تتصاعد مستويات التصعيد العسكري بقوة عادت الجبهة الجنوبية ترخي بظلال المخاوف على مجمل الواقع اللبناني بما يجعل الأسابيع الفاصلة عن عيدي الميلاد ورأس السنة محفوفة بكثير من الحذر والتوجس وسط تداعيات ثقيلة للغاية على البلاد يترجمها تراجع قياسي في الحركة التجارية والسياحية وانحسار كبير في توافد المغتربين والسياح في موسم الأعياد هذا.
وشهد الوضع الميداني في الجنوب لليوم الثاني تدهورا واسعا اذ تجدد القصف الإسرائيلي على بلدات حدودية عدة وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه قصف مواقع في لبنان ردًّا على هجمات استهدفت إسرائيل.وترافق ذلك مع تحليق كثيف للطيران الاستطلاعي في الأجواء. في المقابل اصدر “حزب الله” سلسلة بيانات أعلن فيها استهداف مواقع إسرائيلية في رويسات العلم في مزارع شبعا اللبنانية المحتلة وموقع الراهب وحاميته ومقر قيادة الفرقة 91 في ثكنة برانيت ومرابض المدفعية في موقع خربة ماعر وتجمعًا لجنود الجيش الإسرائيلي في محيط موقع بركة ريشا. كما اعلن انه في ردٍ أولي على القصف الإسرائيلي لمنزل في بلدة حولا يوم اول من أمس، استهدف قوة عسكرية إسرائيلية أثناء تواجدها داخل منزلٍ في مستوطنة دوفيف بالأسلحة المناسبة ثم استهدف موقع المرج فموقع المطلة .
وفي الحرب الإعلامية المواكبة للمواجهات صعدت إسرائيل تهديداتها للبنان و”حزب الله” فهدد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من انه “اذا دخل “حزب الله” في حرب فهذا يعني نهاية لبنان”.وحذر المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية اللبنانيين من “أن حزب الله يعرض بلادهم لخطر كبير وغير مسبوق”، وقال في مؤتمر صحافي “أن حزب الله يعتبر عدو لبنان واللبنانين وعميلا للنظام الإيراني” .وأشار إلى “أن الحزب يتحمل وحده المسؤولية عما يحدث من دمار في قرى الجنوب اللبناني”. ولفت إلى “أن هناك تصعيدا خطيرا من قبل حزب الله على الحدود الشمالية”.
في المقابل أكد نائب الأمين العام ل”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم، في الذكرى السادسة والعشرين لتأسيس “السرايا اللبنانية”، أن “المقاومة ستصمد وتستمر وقد أعدت العدة لذلك، وعامل القوة لديها هو حق الشعب الفلسطيني بأرضه والتفاف الشعب حول المقاومة وإرادة القتال حتى آخر نفس”. وقال: “الآن يوجد سباق مع الزمن: من الذي يصل إلى هدفه؟ إسرائيل بتصفية القضية الفلسطينية أم المقاومة بالصمود وتيئيس العدو من قدرته على ذلك؟ خمسون يوما لم يحقق الإسرائيلي أي هدف، حتى الأسرى أفرج عنهم بالتبادل وليس في المعركة. الجهوزية كاملة وسيكتشف الإسرائيلي أنه يدور حول النقطة نفسها وأن هذه الحرب عبثية وستنقلب نتائجها عليه، كما سيخرج الشعب الفلسطيني من هذه الحرب أشد تمسكا بأرضه ومقاومته، والإسرائيلي أشد ضعفا وقلقا على المستقبل”. أضاف: “نحن مقتنعون أننا سنهزم إسرائيل لكن بالنقاط، ولا تعتقدوا أننا مستعجلون في ذلك. يقول البعض لماذا لا تبدأون الآن حربكم ضد إسرائيل على قاعدة (عليهم يا عرب)، نسألهم ماذا تعملون أنتم؟ أم تكتفون بالتنظير فقط؟ نحن معكم فكونوا أمامنا ونحن وراءكم (وراءهم حتى ندفنهم). نحن في الخندق الواحد المقاوم مع غزة، سنقدم ما يلزم لنساعد على الانتصار، ولن تخيفنا تهديدات أميركا وأسرائيل، ولن ندير آذاننا للمثبطين والمشوشين على مشروع المقاومة”.
وسط هذه الأجواء واصل رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي اجتماعاته في دبي خلال مشاركته في “مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ “كوب 28”. وفي هذا الاطار إلتقى ميقاتي الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وبحث معه الوضع في غزة وجنوب لبنان.كما تطرق البحث الى نتائج زيارة موفد الرئيس ماكرون الى لبنان جان ايف لودريان والمحادثات التي أجراها مع المسؤولين والقيادات.وعقد رئيس الحكومة اجتماعا مع رئيس الوزراء الاسكتلندي حمزة يوسف، كما اجتمع مع رئيس الوزراء الإيرلندي ليو فارادكار، وجدد شكر ايرلندا على مساهمتها الفاعلة في عداد قوات اليونيفل، منوها بـ”التضحيات التي تبذلها قوات “اليونيفيل” في سبيل حفظ السلام في الجنوب ، بما ينعكس استقرارا لأهل المنطقة وللبنان عموما”.كما التقى رئيسة الوزراء الإيطالية جورجا ميلوني.
وفي كلمته في المؤتمر، قال ميقاتي “لا أستطيع أن أقف هنا اليوم كممثل للبنان ولا أتناول الحاجة المُلحة لتعزيز قدراتنا الوطنية على الصمود خاصة في المناطق التي تتقاطع فيها التحديات الناجمة عن تغير المناخ مع الحروب”. وقال “لبنان يواجه عدواناً إسرائيلياً يطال البشر والحجر ويتسبب بسقوط تأثيرات مناخية مكثفة حيثُ تتعرض مناطق واسعة في لبنان للآثار الشديدة للتدهور البيئي الناجم عن الأعمال العدائية الإسرائيلية المستمرة”. وأشار الى “الإنتهاكات المستمرة بما في ذلك استخدام الأسلحة المحرمة مثل الفوسفور الأبيض أدت إلى استشهاد المدنيين وإلحاق أضرار لا يمكن إصلاحها بأكثر من 5 ملايين متر مربع من الغابات والأراضي الزراعية وآلاف أشجار الزيتون”.ولفت ميقاتي الى انه “بات لزاما علينا أن نعترف بهذه العواقب الوخيمة للحروب والاعتداءات العسكرية على البيئة حيث من الضروري جداً معالجتها ضمن القوانين الدولية والقانون الدولي الإنسان”.وأكد أن “إعلان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة إنشاء صندوق بقيمة 30 مليار دولار للحلول المناخية على مستوى العالم يشكل أمراً ضرورياً ليس فقط للتخفيف من الآثار المباشرة والخسائر والأضرار الحاصلة ولكن أيضاً لتعزيز استراتيجيات المرونة والتكيف مع التغيرات المناخية”.