كتبت صحيفة “الديار”: حركة الطبقة السياسية اللبنانية وانشغالاتها في واد مغاير جذريا للتطورات الاستثنائية التاريخية التي تشهدها كل الساحات القريبة والبعيدة، وما يمكن ان ينتج منها من مسارات جديدة في منطقة الشرق الاوسط برمتها، عبر توازنات ومراكز قوى جديدة مغايرة للمرحلة التي سادت منذ نكبة فلسطين، هذه المتغيرات يكتبها المقاومون في غزة والضفة وجنوب لبنان على انقاض الشرق الاوسط الجديد لمصلحة الشرق العربي والاسلامي، هذه هي المعادلة المقبلة حسب المتابعين للتطورات السياسية في لبنان وغزة، ونجح المقاومون في الشجاعية وخان يونس وجباليا وكل قطاع غزة في استدراج فرق الجيش الاسرائيلي الى ملاعبهم واصطياد الجنود الاسرائيليين كالعصافير واذلالهم والتلاعب بهم “كالكرة”، ويتكرر في غزة اليوم مشهد عام 1982 في شوارع بيروت ومناشدات الجيش الاسرائيلي للمقاومين عدم اطلاق النار لاننا بدأنا في الانسحاب، وقد طلب قادة الجيش الاسرائيلي “في اليومين الماضيين عبر مكبرات الصوت من مقاتلي القسام والجهاد وكل الفصائل التوقف عن اطلاق النار افساحا في المجال امام القوات الاسرائيلية للتراجع من بعض مناطق المواجهة الى مواقع خلفية”، وقد اعلن المتحدث باسم جيش الاحتلال اصابة 29 ضابطا وجنديا خلال الـ 24 ساعة الماضية، فيما استهدفت كتائب القسام 4 ناقلات جند ودبابتين من نوع ميركافا شمال مدينة خان يونس بقذائف الياسين 105.
وحسب المتابعين للتطورات في غزة، المشهد العسكري انقلب كليا، حتى الذين بشروا في وسائل الاعلام العالمية والعربية والمحلية بنهاية عصر المقاومة، وكتبوا مئات السيناريوات عن غزة ما بعد حماس والجهاد والمقاومة وترحيل المقاتلين الى الجزائر وسكان القطاع الى مصر والاردن، بالاضافة الى تعديل الـ 1701 وانسحاب حزب الله الى جنوب الليطاني، بدؤوا يتحدثون اليوم عن شراسة المعارك وتعثرات الجيش الاسرائيلي ومأزقه، والخلافات داخل حكومة العدو والتباينات بين واشنطن وتل ابيب بعد تقدم ترامب على بايدن في اخر الاستطلاعات بنسبة 38 %، في حين بدأت حركة الشارع تتصاعد في كل الساحات الاوروبية وداخل الولايات المتحدة منددين بالمجازر الاسرائيلية. و يؤكد المتابعون للتطورات في بيروت وغزة، ان بطولات المقاومين ستؤثر حتما في حركة الشارع العربي والضغط على الحكومات للتحرك بشكل مغاير للمرحلة السابقة من اجل الوصول الى وقف لاطلاق النار.
وحسب المصادر الفلسطينية في بيروت وتطمينا لبعض الغيارى، فان قيادة المقاومة وضعت في حساباتها اقدام العدو على استخدام المياه لتعبئة الانفاق واطلاق الغازات وضرب القذائف الفوسفورية الى داخلها والقصف بالصواريخ الاميركية القادرة على خرق التحصينات. ولفتت المصادر الى ان المقاومة جهزت نفسها لابطال هذه الاجراءات التي ليس لها اي تاثير، والتهويل الاسرائيلي في هذا المضمار ياتي في اطار الحرب النفسية فقط، ولا يبدل في المعطيات الميدانية.
وحسب المطلعين على التطورات العسكرية، فان معنويات الجيش الاسرائيلي في “الارض” مع ارتفاع حالات الفرار رغم الاجراءات القضائية القاسية في هذا المجال وتشمل من يرفض الخدمة في غزة، وهذا ما دفع العديد من الجنود الاسرائيليين الى اطلاق النار على ارجلهم لمغادرة المعارك تجنبا للموت،. ومن الطبيعي ان يتعثر الجيش الاسرائيلي الذي لا يملك الروح والايمان للانتصار في هكذا حروب. وحسب المتابعين الفلسطينيين في بيروت، فان قطر ومصر تسعيان الى الوصول مع الولايات المتحدة الى “هدنة الاعياد “، وهناك خلافات على مدتها وتوقيتها. وبات معلوما ان فرصة الولايات المتحدة الاميركية “لاسرائيل” للقيام بانجاز ما، تنتهي في 28 كانون الاول، في حين تسعى قطر ومصر الى تقديم موعد الهدنة الى 24 كانون الاول قبل عيد الميلاد بيوم واحد، وهذا ما ترفضه حكومة نتنياهو بالمطلق. وتتركز المفاوضات الان حول موعد نفاذ الهدنة، مع تسريبات بان واشنطن ستغطي العملية العسكرية حتى اواخر شباط كي تحقق “اسرائيل” بعض الانجازات مع تغيير الاهداف، والتركيز على اغتيال القيادات الفلسطينية والخروج الى الرأي العام الاسرائيلي بهذا الانجاز، والا ستقع الكارثة الكبرى على الكيان برمته.
التمديد لقائد الجيش
“النكايات السياسية” و “الكمائن المتبادلة” حالت امس دون الوصول الى حل لموضوع الفراغ في مركز قائد الجيش في 10 كانون الثاني، وسط تضارب التباينات والخلافات حول الجهة المخولة اقرار التمديد لقائد الجيش في المجلس النيابي او الحكومة بانتظار التطورات اليوم.
واثبتت الاحداث يوم امس، ان جميع القوى السياسية تتحرك في ملعب الرئيس نبيه بري، فهو الكابتن والحكم وحامل البطاقات الحمراء والصفراء، بعد ان امن الغطاء للتشريع في حضور القوات اللبنانية، رغم التزامهم الصمت “المطبق” وعدم المشاركة في النقاشات التشريعية، فيما نواب “الاسناد” من التغييريين والتجدد داوموا في مقاعد الصحافيين لتأمين النصاب في حال تطييره، وبقي النواب العونيون خارج السرب مع الكتائب.
وفي المعلومات، ان اتفاقا حصل بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ونواب القوات اللبنانية عبر النائبين علي حسن خليل وجورج عدوان، يقضي بحضور نواب القوات اللبنانية الجلسة التشريعية من بدايتها مقابل وضع الرئيس بري مشروع قانون التمديد لقائد الجيش الذي تقدمت به القوات اللبنانية، اول بند في مشاريع القوانين المعجلة المكررة دون اي ضمانة من بري في موضوع النصاب، لان الامر يعود للكتل النيابية. واشارت المعلومات، ان نواب امل والاشتراكي والقوات سيحضرون جلسة التمديد، فيما نواب حزب الله لم يعلنوا موقفهم بعد، ويقوم باسيل باتصالات في هذا المجال والتواصل مع نواب حزب الله.
وفي المعلومات أيضا، ان بري سيترك ملف التمديد الى ما بعد جلسة الحكومة ظهر اليوم، لان مجلس الوزراء قد ياخذ قرارا بتاجيل التسريح لـ 6 اشهر، واذا صدر القرار من الممكن عدم طرح الملف في المجلس النيابي او تأجيل الجلسة، واذا تعثر في الحكومة سيطرح التمديد في جلسة بعد الظهر.
وحتى موعد عقد جلسة الحكومة واستعدادا لكل السيناريوات، حاول النائب هادي ابو الحسن من كتلة الاشتراكي توحيد مشاريع القوانين المقدمة للتمديد في مشروع واحد، لكن الامر لاقى معارضة القوات اللبنانية، وتحديدا لجهة شمولية القرار اللواء عماد عثمان و العمداء والعسكر. في حين اكد نواب القوات ان النصاب لجلسة التمديد بات مؤمنا، ملمحين الى دخول نواب الكتائب الجلسة في حال مناقشته.
وفي ظل هذا المنحي التشريعي، بات محسوما ان مجلس الوزراء سيقر تاجيل تسريح قائد الجيش لـ 6 اشهر، فيما سيطرح وزير الحزب التقدمي الاشتراكي مع عدد من الوزراء تعيين رئيس للاركان واعضاء المجلس العسكري، ووعد ميقاتي الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط بهذا الامر اذا تأمن النصاب في ظل عدم وضوح موقف وزيري حزب الله.
الطعن في القرارات اذا تم التمديد
هذا التوجه في المجلس النيابي والحكومة مهما كان شكله، سيواجهه الوزير جبران باسيل بالطعن امام مجلس شورى الدولة. وحسب مراجع قانونية، فان الملف سياخذ طريقه الى القبول بالطعن اذا تم تجاوز موقف وزير الدفاع، لان تعيين اعضاء المجلس العسكري يحتاج الى تقديم اقتراح من وزير الدفاع وليس هناك من صيغة قانونية تنص على تجاوز الوزير سليم في هذا الملف، في حين ان المجلس النيابي لا يحق له تأجيل التسريح بل رفع سن التقاعد حسب المراجع القانونية، ونتيجة هذا الجدل فان موضوع التمديد يلفه الغموض بانتظار الساعات المقبلة.
الحركة الفرنسية بلا بركة
الحركة الفرنسية تجاه لبنان رئاسيا او تمديدا لقائد الجيش بلا بركة، ولن ينتج منها شيء سوى المزيد من التراجع للموقف الفرنسي الذي ينقل الى لبنان وجهة النظر الاسرائيلية وتهديداتها بضربه وتدميره اذا لم يتم الالتزام بالقرار الـ 1701، في حين لم يفتح اي مسؤول اميركي موضوع القرار 1701 مع اي مسؤول لبناني، وبالتالي فان زيارة وزيرة الخارجية الفرنسية وصولا الى زيارة ماكرون اذا تمت، لم تغير في المشهد السياسي مطلقا خصوصا مع التبدلات الميدانية في غزة وتعثرات الجيش الاسرائيلي، وهذا التطور قد يبدل في مواقف الدول، حتى فرنسا التي لا تملك اي مقترحات للحل خارج السياسات الاميركية.
عمليات المقاومة
بدورهم، واصل مجاهدو المقاومة الاسلامية عملياتهم البطولية ضد تجمعات ومواقع جنود الاحتلال على طول الحدود مع فلسطين المحتلة، واوقعوا في جنود العدو عشرات القتلى والجرحى وعطلوا جميع كاميرات المراقبة واشغلوا عدة فرق من الجيش الاسرائيلي وهاجموا بالمسيرات المواقع الخلفية، وقصفوا صباح امس تجمعا لجنود الاحتلال في محيط ثكنة “شوميرا” بلدة طربيخا اللبنانية المحتلة بالاسلحة المناسبة، واستهدفوا ثكنة يفتاح “بلدة قدس اللبنانية المحتلة” وتجمعا لجنود واليات الاحتلال بالاسلحة المناسبة واوقعوا اصابات مؤكدة، كما استهدفوا تجمعا للجنود في قلعة هونين “قرية هونين اللبنانية المحتلة” بالاسلحة المناسبة، وقد سقط للمقاومة الاسلامية في هذه العمليات اكثر من 100 شهيد على درب فلسطين بالاضافة الى العديد من الجرحى، كما استشهد عدد من المدنيين والصحافيين، وبلغ القصف ايضا الاحياء السكنية في العديد من القرى مما ادى الى تدمير منازل وتخريب البنى التحتية وحرق المواسم الزراعية.
وردت “اسرائيل” امس بقصف عدد من البلدات الجنوبية، فيما شن الطيران المعادي غارة في محيط عيتا الشعب، كما استهدف مسجد بلدة الجبين بقذيفة دبابة ميركافا وأحد المنازل في طير حرفا واطراف الخيام.
وذكرت قناة 12 العبرية انه تم اطلاق 20 صاروخا باتجاه اصبع الجليل.
واعلنت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية وامبري، عن سلسلة حوادث ضد السفن في المحيط الهادئ قبالة ساحل اليمن، كما استهدفت المقاومة العراقية، القاعدة الاميركية في الشدادي جنوب مدينة الحسكة السورية بواسطة الطيران المسير واصابتها بشكل مباشر.
كما اعلن رئيس مجلس الجليل الاعلى، ان الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله يحدد الوتيرة في الشمال بما يراه مناسبا.