قالت سيدة فلسطينية في العقد السادس من عمرها، إن كلمة “ذل” لا تقترب حتى من وصف الوضع الذي يواجهه الفلسطينيون جنوبي قطاع غزة، وذلك في ظل استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية في القطاع، والظروف الإنسانية الكارثية.
وتحدثت شبكة “سي إن إن” الأميركية مع عدد من النازحين الفلسطينيين في مدينة رفح الحدودية مع مصر، حيث ارتفعت أسعار الغذاء بشكل جنوني، ويواجه الأطفال شبح الجوع.
وفرضت إسرائيل حصارا أصعب على القطاع المحاصر بالفعل، منذ هجمات السابع من أكتوبر، حيث تدخل كميات قليلة من المواد الإغاثية والمساعدات الإنسانية، فيما تواصل ضرباتها الجوية وعمليتها البرية التي بدأت شمالي القطاع ووصلت حاليًا إلى الجنوب.
ويقول الاحتلال الإسرائيلي إن عملياتها العسكرية، التي تشمل قصفا وتوغلا بريا بدأ في 27 أكتوبر، مستمرة لحين تحقيق أهدافها، وعلى رأسها “القضاء على حماس” وتحرير الرهائن المحتجزين في القطاع الفلسطيني.
“الحياة صعبة ومذلة”
وقتل أكثر من 21 ألف شخص، أغلبهم من النساء والأطفال في قطاع غزة، بسبب العمليات العسكرية الإسرائيلية في القطاع، وفق السلطات الصحية في القطاع.
وبدأت تلك العمليات في أعقاب هجوم حماس (المدرجة على قوائم الإرهاب الأميركية) في السابع من أكتوبر، والذي أسفر عن مقتل نحو 1200 شخص، أغلبهم مدنيون وبينهم نساء وأطفال، واختطاف نحو 240 على يد الحركة الفلسطينية ونقلهم إلى قطاع غزة، وفق السلطات الإسرائيلية.
وقالت واحدة من سكان قطاع غزة التي نزحت إلى رفح، وتدعى أم عمر (50 عاما): “نحن 9 أفراد في خيمة طولها متر وعرضها مترين. اشترينا الخيمة بأنفسنا، لم يساعدنا أحد”.
وأضافت أنهم كانوا يعتمدون على الطعام المعلّب، مشيرة إلى أنه “باهظ الثمن”. وأوضحت: “سعره ارتفع 4 أضعاف على الأقل عما كان عليه قبل الحرب”.
كما قالت إنه أصبح من الصعب العثور على الدواء. واختصرت “أم عمر” الوضع في حديثها لسي إن إن، بالقول: “الحياة صعبة ومذلة. لا تقترب كلمة الإذلال حتى من وصف الوضع”.
فيما قال مواطن فلسطيني آخر يدعى أبو مصباح (51 عاما)، للشبكة الأميركية، إنه “يتسول” المساعدة من أجل الحياة، وإعالة أسرته التي تتكون من 10 أفراد.
وأضاف أن الخضروات والفاكهة ليست في متناول اليد، وأن أطفاله طالما يطلبون البرتقال، لكنه لا يقدر على شرائه.
وتابع: “لم نمر بمثل هذا الموقف من قبل، نحن أسرة من طبقة متوسطة. وعند بدء الحرب بدأنا في شراء التمر، وكان يتم توزيعه مجانا في كل مكان. نريد حلا لهذه المعاناة”.
من جانبها، قالت سيدة أخرى نازحة من خان يونس، تدعى أم لؤي أبو خاطر (49 عاما)، لوكالة فرانس برس: “كفانا من هذه الحرب.. نحن منهكون تماما. ننزح باستمرار من مكان إلى آخر وسط البرد”.
“ضرب وحرق”
لا يزال سكان قطاع غزة البالغ عددهم 2.4 مليون نسمة، الذين اضطر 85 بالمئة منهم إلى الفرار وفقا للأمم المتحدة، يواجهون وضعا إنسانيا كارثيا.
وجدد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الجمعة، دعوته إلى “وقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية”، في حين حذرت منظمة الصحة العالمية من الخطر المتزايد لانتشار الأمراض المعدية بين سكان القطاع الفلسطيني.
وفي تقرير لوكالة “رويترز”، تحدث 3 أشقاء فلسطينيين اعتقلتهم القوات الإسرائيلية في قطاع غزة، عن تعرضهم “للضرب والحرق بالسجائر ولأشكال أخرى من سوء المعاملة”، قائلين إنهم “جردوا من ملابسهم باستثناء الداخلية منها”.
وقال مكتب المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، في رد مكتوب لرويترز، إن القوات الإسرائيلية تعمل “على تفكيك القدرات العسكرية لحماس” وإنقاذ الرهائن الذين أسرتهم الجماعة الفلسطينية المسلحة.
وقال المكتب إن المعتقلين عوملوا “وفقا للقانون الدولي”، وكان يُطلب منهم في كثير من الأحيان تسليم ملابسهم “للتأكد من أنهم لا يحملون أسلحة أو متفجرات”.
وقال الأشقاء الثلاثة إنهم نُقلوا من منازلهم في شمال القطاع بعيدا عن عائلاتهم، واحتُجزوا لمدة تصل إلى أسبوعين في أماكن مجهولة، منها ثكنة عسكرية أو معسكر.
وأثارت صور معتقلين جُردوا من ملابسهم باستثناء الملابس الداخلية في غزة في وقت سابق من هذا الشهر، موجة غضب وانتقادات عالمية.
وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، إن هجوم حماس في السابع من أكتوبر واحتجازها رهائن، وما فعلته إسرائيل من “العقاب الجماعي” و”الإجلاء القسري غير القانوني” للمدنيين، كلها تشكل “جرائم حرب”.
ودعا المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، التي تحقق في جرائم حرب محتملة وجرائم ضد الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 2021، إسرائيل وحماس إلى “احترام قواعد الحرب الدولية”.
Follow Us: