ارتفعت أسعار الشحن البحري بعد هجوم صاروخي ومحاولة احتجاز تعرضت لهما سفينة تابعة لشركة “ميرسك” في مطلع الأسبوع ما دفع شركات الشحن إلى تعليق خطط استئناف عبور البحر الأحمر. ومنذ تشرين الثاني 2023، أعلن العديد من عمالقة الشحن عن تعليق رحلاتهم عبر البحر الأحمر، عقب تعرض السفن لهجمات هناك، وفي ضوء التوترات الأمنية المتصاعدة في المنطقة، والتي ترفع زيادة المخاطر.
وتربط قناة السويس المصرية البحر الأحمر بالبحر المتوسط، وهي أسرع وسيلة لشحن الوقود والمواد الغذائية والسلع الاستهلاكية من آسيا والشرق الأوسط إلى أوروبا. وتستخدم شركات الشحن هذا الطريق لنقل ما يصل إلى ثلث إجمالي شحنات الحاويات العالمية، التي تنقل بضائع مثل الألعاب وأحذية التنس والأثاث والأغذية المجمدة.
وأجبرت الهجمات اليمنية السفن على تغيير مسارها لتدور حول الطرف الجنوبي لافريقيا ما أدى إلى ارتفاع في التكاليف التي يتم دفعها عند الخروج ويمكن أن يكون له تأثير تضخمي، بحيث ان معظم البضائع سينفق خلال الرحلة حتى الوصول إلى المستهلكين، ويمكن أن يؤدي تجنب المنطقة بتغيير المسار الى إضافة ما يصل إلى أسبوعين من وقت بدء الرحلة، لأن البديل هو السفر إلى جنوب إفريقيا وحولها عبر رأس الرجاء الصالح. فإلى أي مدى ستتأثر الأسعار في لبنان؟ وماذا عن حركة الاستيراد والتصدير؟
بحصلي: وضع الشحن حرج جداً
“الوضع حرج جداً بالنسبة الى الشحن من الشرق الأقصى”، هكذا وصفه نقيب مستوردي الموارد الغذائية هاني بحصلي، مشيراً أن هذا الموضوع ينطبق على كل العالم، لأن قسماً كبيراً من الشحن العالمي إلى أوروبا والشرق الأوسط الذي يأتي من الشرق الأقصى يمر في البحر المتوسط.
وأكد بحصلي عبر “لبنان الكبير” أن “شركات الشحن أعلنت إرتفاع نسب الشحن إلى ١٠٠٪، أي الحاوية ٢٠ قدماً التي كانت تكلفتها ٢٠٠٠ دولار ستصبح ٤ آلاف. وهذا الارتفاع يعد أخف من الارتفاع الذي شهدناه عقب أزمة كورونا بعدما أصبح سعر الكونتينر الذي يبلغ ٢٠٠٠ دولار بـ ١٢ ألف دولار”.
“لن نشهد ارتفاعاً كبيراً في أسعار السلع والمواد الغدائية” بحسب بحصلي، وستكون الزيادة على البضاعة الرخيصة أكثر من البضاعة الثمينة لأن الشحن يتم دفعه على “الكونتينر” وليس على قيمة البضاعة. وشرح قائلاً: “أي شحن أو كونتينر سعره ٢٠ ألف دولار، يزيد على سعره ألفا دولار ( أي ما نسبته ١٠٪ من السعر الأساس) يعني سترتفع الأسعار ١٠٪. أما اذا كانت قيمة الكونتينر ١٠٠ ألف دولار، فالارتفاع أيضاً سيكون ألفي دولار، ولكن تختلف النسبة بحيث تساوي ٢٪ فقط من السعر الأساس. وبالتالي الارتفاع عموماً سيتراوح بين ٢ و١٠ في المئة، وسنشعر بتأثير ارتفاع تكلفة الشحن بعد أسابيع أي عند وصول الحاويات”.
حتى اللحظة، المشكلة الأساسية تكمن في عدم وجود أفق في ظل إستمرار هذه الأزمة، ولا أحد يمكنه أن يخمّن تداعياتها، هل ستمر السفن في البحر الأحمر أو عبر إفريقيا، وإلى أي مدى سيكون هناك تأخير لا أحد يعلم، فعندما تشحن البضائع من الصين أو كوريا أو غيرها، لا تكون وجهة الباخرة معروفة، وعندما تصل إلى البحر الأحمر يحددون وجهتها إما إلى البحر الأحمر أو الذهاب عبر إفريقيا، وبالتالي سيكون هناك فرق في تأخير البضائع لا يقل عن ٢٠ يوماً.
أبو دياب: لبنان يستورد أكثر من ٨٠% من السلع
الخبير الاقتصادي أنيس أبو دياب اعتبر أن “أزمة البحر الأحمر لا بد من أن تؤخر عمليات الاستيراد والتصدير، فإذا كانت الرحلة من باب المندب الذي تمر فيه من ١٥ إلى ٢٠ في المئة من التجارة الدولية إلى قناة السويس تحتاج الى ٢٤ ساعة، تصبح من باب المندب إلى رأس الرجاء الصالح بين ٨ و١٠ أيام، وبالتالي هذه زيادة في كلفة الوقت وكلفة المحروقات، وحتماً سينعكس ذلك على أسعار السلع المستوردة والمصدرة، ناهيك عن الارتفاع في الأسعار بسبب الأزمات الأمنية”.
أما بالنسبة الى لبنان، فأوضح أبو دياب عبر “لبنان الكبير” أن “بلدنا يستورد أكثر من ٨٠ في المئة من السلع، حتماً هذا سيؤدي إلى إرتفاع في الأسعار، بالاضافة إلى الارتفاع في أسعار النفط الذي بدأ مع بداية العام والناتج عن زيادة الطلب على النفط. في ما يخص تكديس البضائع في مرفأ بيروت يعني أن هناك أزمة تصدير من لبنان بسبب الاقفالات، وهناك شركة واحدة عالمية (GMA) تعمل من باب المندب، وبالتالي هذا سيعطل سلاسل التوريد كما حصل في أزمة كورونا، وسيؤخر إصدار السلع وتصديرها”.
راما الجراح
Follow Us: