السبت, نوفمبر 23
Banner

هوكشتاين في بيروت يُطلق مرحلة إنهاء الحرب وبدء الحلّ السياسي

كتبت صحيفة “الجمهورية”: ما دار في الخلوات كان غير ما بُحث في الاجتماعات، ولذلك جاء المعلن في زيارة الموفد الرئاسي الاميركي آموس هوكشتاين غير المضمر، لأنّ مهمّته كانت مزدوجة، ظاهرها حدودي وباطنها سياسي يتعلق بمستقبل الأزمة السياسية اللبنانية وما يمكن القيام به من خطوات داخلياً واقليمياً ودولياً، لإنتاج حلٍ لهذه الأزمة، يشكّل إنجاز الاستحقاق الرئاسي المعبر الإلزامي اليه.

بدا واضحاً انّ عرّاب الترسيم البحري اموس هوكشتاين بدأ مهمّة ترسيم مرحلة إنهاء الحرب. فقد كرّر في لقاءاته المحدّدة في بيروت، انّه يتحرك مولجاً من ادارته الملف اللبناني، لتحضير بيئة مؤاتية للحل السياسي، وهذا ما اكّدته مصادر مطلعة على لقاءات هوكشتاين لـ”الجمهورية”، كاشفة انّ موفد الرئيس الاميركي حمل أفضلية الحل الديبلوماسي الذي يسعى اليه جدّياً، مع قوة دفع زوّده ايّاها الجانب الاسرائيلي الذي أبلغ اليه انّه يفضّل هذا الحل. واضافت هذه المصادر، “انّ مهمّة هوكشتاين هي بداية مرحلة إنهاء الحرب على غزة، وقد تبلّغ رسالة واضحة وموحّدة من المسؤولين اللبنانيين مفادها أنّ مطلب لبنان هو تطبيق كامل لمندرجات القرار الدولي 1701 بما فيها الانسحاب الكامل من الاراضي اللبنانية المحتلة”. وفي اشارة في غاية من الدلالة قالت المصادر: “يبدو انّ اموس هوكشتاين بات المتابع والمكلّف الملف اللبناني”.

تكتّم

وفي اي حال، فقد تكتّم الذين التقوا هوكشتاين على ما دار في الخلوات التي عُقدت بينه وبينهم، قبل انتقالهم الى الاجتماعات الموسّعة التي ضمّت اليهم المستشارين والمعاونين. ولم يشأ احد من المسؤولين الذين اختلوا بالموفد الاميركي الكشف لـ”الجمهورية” عمّا دار في هذه الخلوات، وكذلك لم يكشف عمّن طلب هذه الخلوات، أهو هوكشتاين نفسه أم المسؤولون أنفسهم.

إلّا أنّ التكتم على طبيعة هذه الخلوات، وتأكيد بعض المعنيين بها أن ليس في إمكانهم كشف ما أُثير خلالها، يدلّان إلى جدّية القضايا التي طُرحت فيها وحساسيتها، وكذلك يدلان إلى حرص المعنيين على نجاح مهمّة الموفد الاميركي التي جاءت من طبيعة مزدوجة عسكرية ـ حدودية، تتعلق بالوضع المتفجّر على الحدود الجنوبية، وسياسية ـ رئاسية تتعلق بما يمكن الولايات المتحدة الاميركية القيام به للمساعدة في تحقيق حلّ سياسي للأزمة اللبنانية، بدءاً بإقامة سلطة جديدة برئاسىة رئيس جمهورية جديد.

وكان هوكشتاين زار لبنان أمس لساعات، ناقلاً اقتراحاً بإيجاد حل مؤقت لتهدئة الجبهة الجنوبية إن لم يكن في الإمكان التوصل الى اتفاق مع اسرائيل على حل مستدام، وقد غادر بيروت عصراً عائداً الى واشنطن، إن لم يكن قد انتقل الى تل ابيب.

وفي معلومات لـ”الجمهورية” من مصادر موثوقة اطلعت على اجواء محادثاته، انّ هوكشتاين نقل الى لبنان رسالة اسرائيلية مفادها “انّها ليست هي من بدأ الحرب في الشمال بل “حزب الله” وعلى عاتقه يقع الحل، وعلى الحكومة اللبنانية إيجاد الحل مع حزب الله”.

وأوضحت هذه المصادر، انّ هوكشتاين لم يتبنَ الكلام الاسرائيلي بل كان ناقلاً لما سمعه في تل ابيب، لذلك طرح التوصل الى الحل المؤقت او المرحلي، تبدأ المرحلة الاولى منه بتبريد جبهة الجنوب، داعياً الى ايجاد مقاربات جديدة طالما يتعذّر التوافق الآن مع اسرائيل الى حين انتهاء الحرب على غزة، ويبدو انّها طويلة ولن تنتهي قريباً.

ونبّه هوكشتاين الى “ضرورة ايجاد الحل حتى لا تتوسع الحرب ويحصل دمار كبير في لبنان”، داعياً الى “عدم ربط الحل بوضع غزة”.

وعلمت “الجمهورية” ايضاً، انّ الموقف اللبناني كان واضحاً لجهة عدم جدوى الحل المؤقت، بل انّ الحل المستدام هو المطلوب، وذلك عبر تنفيذ اسرائيل كل الاتفاقات والقوانين الدولية، بدءاً من اتفاق الهدنة لعام 1949، وتثبيت الحدود اللبنانية البرية مع فلسطين المحتلة المرسّمة منذ العام 1926، وصولاً الى تطبيق القرار 1701 وما قبله.

وعلى هذا ستُجري الحكومة تقييماً لما حمله هوكشتاين ومن ثم ستجري مشاروات مع المعنيين، ولا سيما منهم رئيس مجلس النواب نبيه بري و”حزب الله”، لتحديد الخيارات التي يمكن اعتمادها. في حين سيبقى هوكشتاين على خط التواصل المباشر مع لبنان والكيان الاسرائيلي.

وباشر هوكشتاين لقاءاته من السرايا الحكومي، حيث عُقِدت خلوة بينه وبين رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، أعقبها اجتماع موسّع شارك فيه وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب، ومستشارو رئيس الحكومة الوزير السابق نقولا نحاس، السفير بطرس عساكر وزياد ميقاتي، والمستشاران العسكريان العميدان رياض شيا وأمين فرحات، والقائمة بأعمال السفارة الاميركية في لبنان أماندا بيلز والوفد الاميركي المرافق لهوكشتاين.

وفي خلال الاجتماع شدّد هوكشتاين على “ضرورة العمل على تهدئة الوضع في جنوب لبنان، ولو لم يكن ممكناً التوصل الى اتفاق حل نهائي في الوقت الراهن”. ودعا الى “العمل على حل وسط مؤقتاً لعدم تطور الامور نحو الأسوأ”.

بدوره رئيس الحكومة شدّد “على أنّ الأولوية يجب أن تكون لوقف اطلاق النار في غزة، ووقف الاعتداءات الاسرائيلية على لبنان والخروقات المتكرّرة للسيادة اللبنانية”. وكرّر القول “إننا نريد السلم والإستقرار عبر الالتزام بالقرارات الدولية”.

ومن السرايا انتقل هوكشتاين والوفد المرافق الى عين التينة، حيث استقبله رئيس مجلس النواب نبيه بري في حضور مستشاره الاعلامي علي حمدان. وقال هوكشتاين بعد اللقاء: “نحن في مرحلة ووقت صعبين يتطلّبان العمل بسرعة. وأنا مسرور لأنني تمكنت من لقاء الحكومة اللبنانية وقائد الجيش للبحث في سبل الوصول الى حل ديبلوماسي للأزمة على الحدود بين لبنان وإسرائيل”. وأضاف: “لقد كنت هناك (في اسرائيل) الاسبوع الماضي. وكما رأيتم رئيسنا ووزير الخارجية وانا شخصياً قلنا إننا نفضّل الحلول الديبلوماسية للأزمة الحالية، وأجرينا هذه المحادثات اليوم، وانا أؤمن بقوة أنّ الشعب اللبناني لا يريد ان يرى التصعيد في الأزمة الحالية لأزمة أبعد من ذلك، لذا نحن في حاجة للوصول الى حل ديبلوماسي يسمح لأبناء الشعب اللبناني بالعودة الى منازلهم في جنوب لبنان والعودة الى حياتهم الطبيعية، كما ينبغي ان يتمكن سكان الشمال في إسرائيل من العودة الى منازلهم والعيش في أمان. هذا هو هدفنا”.

وتابع هوكشتاين: “لقد أجريت محادثات جيدة، وانا اشعر بالأمل في أننا سنتمكن من العمل والمضي قدماً في هذه الجهود للوصول معاً الى حل يسمح للشعب اللبناني من الجهة اللبنانية ومن الجهة الأخرى العيش في أمان والتركيز على مستقبل أفضل”.

ورداً على سؤال عمّا اذا كان يشعر انّ هناك إرادة من الجهتين للوصول الى حل؟ أجاب هوكشتاين: “لقد سمعتم ما قالته الحكومة الاسرائيلية من أنّ هناك نافذة ضيّقة وانّها تفضّل حلاً ديبلوماسياً، وأعتقد انّ هذا هو الواقع. نحن نعيش الآن في أزمة ونود ان نرى حلاً ديبلوماسياً، وأعتقد انّ الجهتين تفضّلان الحل الديبلوماسي ومهمتنا ان نصل الى حل ديبلوماسي”.

والتقى هوكشتاين أيضاً قائد الجيش العماد جوزف عون، وتركّز البحث على وضع الجنوب ووضع المؤسسة العسكرية.

وبعد ظهر أمس ذكر الإعلام الاسرائيلي “انّ قصف “حزب الله” لكريات شمونة تمّ بينما كان المبعوث الأميركي هوكشتاين في بيروت من أجل الحل السياسي، لكن الحزب ردّ بطريقته الخاصة”.

ما سمعه في اسرائيل

وقبل وصوله الى لبنان، نقل موقع “أكسيوس” الإخباري عن مسؤولين إسرائيليين، أنّ هوكشتاين “أكّد خلال محادثات أجراها في تل أبيب أخيراً، أنّ من شأن انتقال الجيش الإسرائيلي إلى مرحلة العمليات منخفضة الشدّة في قطاع غزة، المساعدة في خفض التوتر مع لبنان”. وقال الموقع نقلاً عن 3 مسؤولين أميركيين لم يكشف عن أسمائهم: “إنّ هوكشتاين اقترح على إسرائيل أن تُصدر بياناً رسمياً تعلن فيه الانتقال الى هذه المرحلة”.

وأضاف الموقع أيضاً “أنّ هوكشتاين أبلغ الى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رغبته في بدء مفاوضات غير مباشرة حول ترسيم الحدود البرية بين إسرائيل ولبنان فور انتهاء المناوشات الحالية بين إسرائيل و”حزب الله”، مشيراً إلى رغبته في إجراء مفاوضات شبيهة بتلك التي انتهت باتفاق حول الحدود البحرية العام الماضي”.

ونقل الموقع عن المسؤولين الإسرائيليين القول “إنّ إسرائيل لا تعارض إجراء مفاوضات حول ترسيم الحدود البرية مع لبنان”.

ونسب “أكسيوس” إلى متحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي قوله “إنّ المبعوث الأميركي سيبحث في بيروت سبل الوصول الى تفاهمات في شأن استعادة الهدوء على الحدود”.

ليزا جونسون

وتزامناً مع زيارة هوكشتاين، أعلنت سفارة الولايات المتحدة الأميركية عن وصول السفيرة الجديدة ليزا جونسون التي كانت سفيرة لبلادها في ناميبيا، وشغلت أخيراً مناصب قيادية في المكتب الدولي للمخدرات وإنفاذ القانون لدى وزارة الخارجية في واشنطن.

ولدى وصولها، قالت جونسون: “إنّه لشرف لي، وهو من دواعي سروري أن أعود إلى لبنان لقيادة السفارة الأميركية في بيروت، حيث كنت عملت سابقاً من عام 2002 حتى عام 2004. هذا وقت صعب، وأنا أقدّر أهمية التحدّيات التي يواجهها لبنان. وفي الوقت عينه، لديّ إعجاب عميق بحيوية الشعب اللبناني والثقة بقدرة لبنان على النجاح. الآن، أكثر من أي وقت مضى، حان الوقت للبنان أن يجد حسّ الوحدة والهدف في الرغبة المشتركة لجميع أبنائه في السلام والازدهار وفي مستقبل أكثر إشراقاً”.

ونقلت صحيفة “بوليتيكو” عن مسؤولين، حديثهم عن تقدير استخباري أميركي بتزايد خطر استهداف “حزب الله” أميركيين في الشرق الأوسط أو داخل أميركا، وانّ المعلومات الاستخبارية الأميركية تشير إلى أنّ “حزب الله” قد يفكر في استهداف قوات أميركية أو ديبلوماسيين. وانّ فرصة حصول هجوم على الأراضي الأميركية تتزايد أيضاً مع تصاعد التوترات في المنطقة.

وانّ واشنطن تعمل خلف الكواليس لتهدئة التوترات وإبعاد القوات الأميركية عن النزاع. وانّ إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن دعمت خطة تتيح إبعاد قوات “حزب الله” عن الحدود في لبنان، لكن المحادثات توقفت قبل أيام.

جنوباً

ميدانياً، في الجنوب، افادت وسائل إعلام إسرائيلية عن سماع دوي أكثر من 10 انفجارات في الجليل الأعلى، وعن إطلاق صواريخ من لبنان في اتجاه كريات شمونة وسقوطها داخل المدينة وإلحاقها اضراراً ببعض المباني وانقطاع التيار الكهربائي. وقالت انّ “حزب الله” أطلق امس صاروخًا دقيقًا نحو منشأة كهرباء في كريات شمونة أدّى إلى انقطاع التيار في بعض المستوطنات. ولاحقاً اعلنت بلدية كريات شمونة أنّه تمّ رصد 7 إصابات جراء الصواريخ من لبنان.

وأعلن “حزب الله” امس مقتل مسعفين اثنين في قصف إسرائيلي طاول مركزاً للهيئة الصحية الإسلامية التابعة له في جنوب لبنان، وسط خشية من توسّع نطاق التصعيد الذي تشهده الحدود الجنوبية مع إسرائيل منذ بدء الحرب الاسرائيلية على غزة.

وقال مكتب العلاقات الإعلامية في الحزب في بيان “استهدف العدو الإسرائيلي (…) مركزاً للدفاع المدني التابع للهيئة الصحية الإسلامية في بلدة حانين، ما أدىّ إلى ارتقاء شهيدين وسقوط عدد من الجرحى كانوا متواجدين في المركز”. ووصف ما جرى بأنّه “اعتداء صارخ على مركز يقوم على خدمة المواطنين اللبنانيين وإغاثتهم وإسعاف الجرحى والمصابين جراء العدوان الإسرائيلي المتواصل على بلدنا وشعبنا”.

ولاحقاً، أعلن “حزب الله”، إطلاق “عشرات الصواريخ” على مدينة كريات شمونة رداً على “الاعتداء على مركز الدفاع المدني التطوعي… واستشهاد المسعفين”. وأكّد جهوزيته “للردّ الفوري على أي عدوان يطاول المدنيين”.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي رصد “عشر عمليات إطلاق صواريخ من لبنان” بعد دوي صافرات الإنذار في منطقة كريات شمونة وجوارها، مشيراً إلى أنّه استهدف بدوره مواقع عسكرية و”بنية تحتية” تابعة لحزب الله ومناطق عدة في لبنان.

وفي غضون ذلك، تعرّض مركز للدفاع المدني تابع لجمعية “كشافة الرسالة” التابعة لحركة “أمل” في وقت لاحق امس “لصاروخ من طائرة حربية معادية”، ولم ينفجر هذا الصاروخ و”نجا” عناصر فرق الدفاع المدني الموجودون في المركز من الضربة التي وقعت في بلدة الخيام، بحسب “الوكالة الوطنية للاعلام” الرسمية.

ودانت وزارة الصحة اللبنانية “بأشدّ العبارات الاعتداء الذي تعرّض له بشكل مباشر مركز الهيئة الصحية الإسلامية”، مشيرة إلى أنّ الضربة استهدفت أيضاً سيارة اسعاف.

مجلس الوزراء

من جهة ثانية، يعقد مجلس الوزراء جلسة برئاسة ميقاتي عند التاسعة والنصف قبل ظهر اليوم.

وفي هذا الإطار اشار رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل في تصريح له عبر وسائل التواصل الاجتماعي، الى انّ “من يطّلع على جدول اعمال مجلس الوزراء غداً (اليوم) المؤلف من اكثر بكثير من مئة بند، يفهم انّهم ليسوا مستعجلين لانتخاب رئيس، لا بل لا يريدون انتخاب رئيس طالما انّهم يسطون على صلاحياته لا بل يحكمون مكانه. هناك اولاً مسألة عدم نشر قانون وكأنّه يحق لهم تجزئة صلاحية لصيقة بشخص الرئيس، وهناك ثانياً مسألة تسكير بعض سفارات لبنان في الخارج، فيما السفير يمثل رئيس الجمهورية في الخارج، وهكذا يستغيبون الرئيس ويقرّرون الحل مكانه في من يمثله، وهناك ثالثاً مسألة تعيين موظفين في الفئة الأولى ويغطونها بكلمة “تسمية” أعضاء الهيئة الناظمة لزراعة نبتة القنب”.

وتوجّه باسيل الى “المرجعيات الدينية والسياسية، الوطنية والمسيحية، وكل من وعد أن لا بنود في مجلس وزراء حكومة مستقيلة”، قائلاً: “الّا تنتبهون انكم تشجعون إطالة الفراغ الرئاسي وتمنعون انتخاب الرئيس؟ والا تدركون، اّنهم عندما يصلون الى هذا الدرك فمعناه انّهم لا يريدون لنا رئيساً في القريب؟ فقط لأذكركم بما نبّهت منه منذ عام ونصف عام، ولأُعلِم الجمهور بما انتم فاعلون، اما بالمشاركة او بالسكوت او بالتغطية او بنكث الالتزامات”.

Leave A Reply