السبت, نوفمبر 23
Banner

مغامرة الأوروبيين مع لبنان: اللعب على حافة الهاوية!

«ما حكّ جلدك مثل ظفرك». هذا هو الانطباع الذي يمكن تكوينه عن حصيلة مؤتمر بروكسل حول النزوح السوري، بعدما تجاهل المعاناة اللبنانية المتزايدة جرّاء أعباء هذا النزوح، مُصرّاً على مواصلة مغامرة اللعب مع لبنان على حافة الهاوية.

انتهى مؤتمر بروكسل الى تثبيت بقاء النازحين السوريين في الدول التي تستضيفهم وبينها لبنان، حتى إشعار آخر، مقابل جرعة مساعدات مالية، من دون أن يأخذ في عين الاعتبار تحذيرات وزبر الخارجية عبدالله بوحبيب من ان “استمرار معالجة الأزمة بتمويل النازحين حيث هم يشكل خطرا على جيران سوريا وأوروبا معا”، منبها إلى ان “الهيكل سينهار علينا وعليكم” وان “بلدنا لم يعد قادرا على تحمل هذا الكم من النزوح، والانفجار اللبناني إذا حصل ستكون له ارتدادات سلبية على دول الجوار، ومنها دول أوروبية”.

ولكن هذا الانذار الشديد اللهجة الذي اطلقه بوحبيب عبر “مكبر الصوت” من احد المنابر الدولية الوازنة لم يلق أذانا صاغية لدى “صقور” المؤتمر من الاوروبيين، خصوصا فرنسا والمانيا الاقوى تأثيرا ونفوذا، في سلوك يعكس الاستخفاف بالتداعيات الكارثية لملف النزوح على لبنان المريض، والتي يمكن أن تنتقل ب”العدوى” العابرة للبحار إلى الجسم الأوروبي نفسه مهما جرى تحصينه ب”اللقاحات الوقائية” و”المضادات الحيوية”.

وعلى الرغم من الكلمة المدوية لوزير الخارجية، الا أنها بدت صرخة في وادي بروكسل السحيق حيث لغة المصالح تتفوق على لغة الحق، وهذا ما عكسه الموقف النافر لمسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل الذي اعتبر أن ظروف العودة والآمنة والطوعية والكريمة إلى سوريا ليست متاحة، علما ان هناك في بيروت من يأمل في أن ينتهي دور بوريل ويخرج من منصبه مع إجراء انتخابات البرلمان الأوروبي قريبا.

وإزاء “جدار بروكسل” المرتفع والمقفل، لم يعد أمام لبنان سوى تفعيل مسارين سياديين لتجزئة ملف النازحين وتأمين عودة أكبر عدد ممكن منهم، الاول يتصل بالتشدد في تنفيذ الإجراءات القانونية اللازمة لضبط وجود السوريين وفرزهم وصولا الى ترحيل المخالفين وتحفيز الآخرين على المغادرة إلى بلدهم، والثاني يتمثل في تزخيم التواصل الرسمي مع دمشق والذي ظهرت طلائعه من خلال قرار الحكومة بتشكيل لجنة وزارية لهذا الغرض برئاسة نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي.

والى حين تبيان مفعول الخيارات البديلة عن الانتظار على الرصيف الدولي، تعتبر مصادر وزارة الخارجية أن “مهمة بوحبيب في بروكسل ادت غرضها، لناحية رفع صوت لبنان عاليا وإحداث هزة في الاوساط الأوروبية عبر الكلمة الصريحة والمرتفعة السقف التي القاها باسم الدولة ككل، حكومة ومجلسا نيابيا وشعبا، وشكلت ضغطا معنويا على المشاركين”.

وتشير المصادر إلى أنه وللمرة الأولى يحصل اجماع لبناني حقيقي حول مقاربة واحدة لتحدي النزوح السوري، موضحة ان “بوحبيب تسلح بهذا الاجماع النادر الذي سمح له بأن يخاطب الاوروبيين بنبرة عالية ترتكز على قوة الموقف الوطني الموحد”.

وتلفت المصادر إلى أنه “لم يكن لدينا اساسا أي وهم بأن هذا المؤتمر سيغير بين ليلة وضحاها طريقة تعامله مع قضية النزوح، أما من خاب أمله فيه فهو من رفع سلفا سقف التوقعات حياله خلافا لما تقتضيه الواقعية في مقاربته”.

وتشدد مصادر “الخارجية” على أن “تحرك لبنان الدبلوماسي في مواجهة مخاطر النزوح هو كناية عن مسار طويل وتراكمي، وبالتالي فإن النتائج المتوخاة لا يمكن أن تتحقق بكبسة زر وإنما بالعمل الدؤوب الذي أفضى إلى أن تُعدّل بعض الدول الأوروبية سياستها وتصبح أكثر تفهما للطرح اللبناني ومنها إيطاليا ومالطا وقبرص واليونان وإسبانيا فيما بدأت دول أخرى تراجع موقفها”.

وتوضح المصادر ان “مؤتمر بروكسل هو في طبيعته الأصلية تمويلي وغير تقريري، اي انه معني اولا بمنح المساعدات وليس بوضع السياسات حيال قضية النازحين”.

عماد مرمل – الجمهورية

Leave A Reply