الجمعة, سبتمبر 27

طبيب بمستشفى المقاصد يدمّر نفسية مرضى السرطان… بسبب المال

“عليكِ تأمين تكلفة العلاج كاملاً في المستشفى، وإلا فإنك ستعانين من الألم المستمر في المنزل وربما ستواجهين الموت على غرار الكثير من المرضى”. قد تكون هذه العبارة هي الألطف والأقل أذى من مجمل ما يتفوّه به أحد أطباء الأورام في مستشفى المقاصد أمام مرضاه المصابين بالسرطان، وذلك في إطار حثّهم على تحمّل أعباء علاجاتهم على نفقتهم الشخصية، وليس على حساب وزارة الصحة.

قال الدكتور ع. ي. لإحدى المريضات المصابات حديثاً بالسرطان س. ط. “هل ترين كيف أن الأسرّة معظمها فارغ؟ هذا يعود لكون المرضى يتلقون العلاج على نفقة وزارة الصحة، ومن ليس لديه المال يبقى في المنزل لمواجهة مصيره”. بهذه الطريقة يحاول الطبيب إقناع المريضة المستجدة على هذا المرض الخبيث بتلقي العلاج على نفقتها الخاصة.

وكأن مرضى السرطان يستهدفون من خلال طلبهم تلقي العلاج على حساب وزارة الصحة، إدخار أموالهم وتخزينها. يرى الطبيب المذكور أن العلاج على حساب وزارة الصحة لن يصل بالمريض إلى برّ الأمان. ماذا يعني ذلك؟ يعني أن الألم سيرافقه حتى مفارقته الحياة. وحسب الطبيب، فالعلاج على الحساب الشخصي سيؤمن له استمرارية تلقي العلاج وحُسن التجاوب وبالتالي الشفاء.

مقاربة خبيثة

هذه المقاربة ليست من نسج الخيال، فطبيب مستشفى المقاصد، وهو المستشفى الذي ذاع صيته مؤخراً بسوء معاملته المرضى وتعريض حياة البعض منهم للخطر، أدخل إحدى مريضات السرطان الجدد إلى القسم المخصّص لمصابي هذا المرض الخبيث، حين أبلغته بأنها تطلب تلقي العلاج على حساب وزارة الصحة لعدم تمتّعها بأي تغطية تأمينية، وكانت المريضة قد حصلت على رقم ملف من الوزارة على أن يتم تسجيلها من قبل الطبيب على منصة أمان.

لم يتردّد الطبيب من خداع المريضة بالقول “لا يمكنك الدخول على نفقة الوزارة، فهي لا تغطي أي علاجات أو أدوية لمرضى السرطان منذ عدة سنوات وليس من اليوم”. وأضاف في حديثه للمريضة “أنظري، هؤلاء قرابة 10 مرضى سرطان، ثلاثة منهم فقط لا يتألّمون، والسبب أنهم يتلقون علاجاتهم على حسابهم الشخصي، أما باقي المرضى فيعانون الألم بشكل يومي لتأخر علاجاتهم بسبب سوء تغطية وزارة الصحة”. لا أمل بالعلاج من السرطان على حساب وزارة الصحة. هذه الرسالة التي أوحى بها الطبيب للمريضة التي شعرت بفقدان الأمل من العلاج، على الرغم من أن مرضها مستجد وإمكانية الشفاء منه مرتفعة جداً، بحسب طبيب آخر لجأت إليه المريضة.

استغلال المرضى

ولم يكتف الطبيب بخداع المريضة لحثها على تلقي العلاج على نفقتها الخاصة، بل حاول إقناعها بأنه غير مستفيد مادياً من معالجتها في حال حصل ذلك “فأنا لا أستفيد سوى مما أحصله من معاينات في عيادتي الخاصة وليس هنا في المستشفى”، ملمّحاً بأنه يقوم بذلك كخدمة إنسانية ليس إلا. علماً أن فحصية الطبيب المذكور ضعف معظم أطباء المقاصد، وتبلغ 100 دولار أميركي.

أدخلت كلمات الطبيب المريضة بصدمة نفسية دامت لبضعة أيام، قبل أن تنتفض وتستعد لمواجهة المرض في مستشفى خاص في صيدا وافق على استقبالها على نفقة وزارة الصحة جزئياً، ووفقاً للأصول، وتصل تكلفة تغطية الوزارة إلى 65 في المئة من مجمل جلسات العلاج.

وكانت المريضة قد سددت آلاف الدولارات في مستشفى المقاصد لقاء فحوص طبية وعملية جراحية، قبل أن يتم اكتشاف إصابتها بالسرطان. لكن المستشفى لم يوافق على تغطية الوزارة ولو جزئياً. وتقول المريضة في حديث لـ”المدن” أن هذا الطبيب والمستشفى وضعوها أمام معادلة “بالمال تستطيع مواجهة المرض، وإلا فالموت”. وتتابع المريضة: “لطالما سمعت بالفساد والزبائنية، لكن أن تصل الأمور إلى متاجرة بعض الأطباء بصحة الإنسان، فذلك فاجأني كثيراً”.

مستشفى “المقاصد” متعاقد مع الوزارة

بعيداً عن إجرام الطبيب بحق المرضى ومتاجرته بصحتهم، وقفت “المدن” عند رأي وزارة الصحة حيال ما ادعاه الطبيب، فأكد مصدر رفيع من الوزارة، بأن مريض السرطان مغطى من قبلها وفق آلية محدّدة وبحدود معيّنة. وحسب المصدر، فإن كل مريض لديه ملف رسمي كمريض سرطان يخضع للعلاج على نفقة الوزارة في أي مستشفى حكومي أو خاص متعاقد مع الوزارة. فالأخيرة تغطي نفقة العمليات التي تحددها وفق جداولها وتؤمن الأدوية المدرجة أيضاً.

وإن كانت الوزارة لا تؤمن كافة العلاجات والأدوية، غير أنها باتت تؤمن الشريحة الأكبر منها لمرضى السرطان، يؤكد المصدر. وعما إذا كان مستشفى المقاصد متعاقد مع الوزارة، يؤكد المصدر بأنه متعاقد، وتقع عليه مسؤوليات كبيرة تجاه مرضى السرطان كسائر المستشفيات.

بمطلق الأحوال ومهما بلغت نسبة تغطية الوزارة، كان ينبغي على الطبيب المعالج أن يشرح للمريضة بالحد الأدنى آلية تغطية الوزارة ومدى وكيفية تغطيتها، بدلاً من أن يُحبطها بتصوير الأمر وكأنه انتحار.

عزة الحاج حسن – المدن

Leave A Reply