الخميس, نوفمبر 21
Banner

النهار : يوم تاريخي للمفاوضات ومفصلي لتحرك الحريري

كتبت صحيفة ” النهار ” تقول : ‎مع ان اللبنانيين اعتادوا منذ اشهر ظاهرة تزاحم التطورات والاستحقاقات والأزمات في ‏بلدهم، يبدو التزامن الحاصل بين تطورات مصيرية مفصلية في الساعات المقبلة كظاهرة ‏نادرة ربما لا تكون فصولها جارية بالمصادفة. ذلك ان هذا اليوم بالذات سيدخل في رزنامة ‏المواعيد التاريخية محطة تفاوضية غير مباشرة بين لبنان وإسرائيل لترسيم الحدود البحرية ‏بما يعنيه ذلك من دلالات وتداعيات وانعكاسات على لبنان، ولو ان المعطيات الموضوعية ‏والسوابق التفاوضية تحتم ترقب مدة طويلة من المفاوضات ومراسا صعبا وشاقا من ‏التعقيدات في الجولات التفاوضية.

وللمصادفة أيضا فان هذا اليوم أيضا يفترض ان يشهد ‏حسما لجهة تقرير مصير المحاولة المتقدمة التي بادر اليها الرئيس سعد الحريري منذ طرح ‏الاستفتاء السياسي الواسع على مبادرة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون كأساس لتشكيل ‏الحكومة الجديدة التي اعلن انه مرشح طبيعي لترؤسها. ولعل المصادفة أيضا وضعت في ‏موازاة هذين التطورين البالغي الأهمية تحركا اجتماعيا احتجاجيا ينذر بتحول البلاد كرة ثلج ‏ثائرة عشية احياء الذكرى السنوية الأولى لانتفاضة 17 تشرين الأول 2019 بعد أيام قليلة ‏بعدما انفضح المشهد الكارثي في البلاد بين مواطنين يعانون أسوأ ما عرفه وعاشه شعب ‏في العالم من الفواجع والازمات والانهيارات المتعاقبة الكارثية فيما طبقته السياسية عادت ‏تلهو بمطالبها التافهة ومحاصصاتها الفاسدة واتجاهاتها البائسة على رغم كل الاهوال التي ‏تضرب البلاد.

هذا الانكشاف السياسي المخيف برز بكل فضائحه سواء في الانقسامات التي ‏برزت في الساعات الأخيرة بين الحكم والحكومة المستقيلة نفسها حول المفاوضات التي ‏اثارت نزاع صلاحيات بين بعبدا و”سرايا حسان دياب” او بين بعبدا وحليفها “حزب الله ” نفسه ‏في موضوع تركيبة الوفد المفاوض. اما الفضيحة الأخرى الأكبر والاسوأ فهي ما أبرزته ‏الطبقة السياسية في شأن الاستحقاق الحكومي من سقوط متجدد في حفرة المصالح ‏الخاصة والمطالب الفئوية وتصفيات الحسابات الضيقة الأفق وكأن البلد لا يعاني السقوط ‏النهائي في أسوأ واخطر وأكبر انهياراته ما لم تتشكل حكومة انقاذية في اسرع وقت تنقذه ‏أولا من هذه السياسات المدمرة‎.‎

‎ ‎مفاوضات الناقورة

اذا تتجه الأنظار اليوم الى مقر قيادة قوة “اليونيفيل” في الناقورة الذي يستضيف حدث ‏انطلاق المفاوضات اللبنانية الإسرائيلية غير المباشرة برعاية الأمم المتحدة ومشاركة ‏الولايات المتحدة كوسيط مسهل للمفاوضات حول ترسيم الحدود البحرية علما ان مساعد ‏وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط ديفيد شينكر سيحضر هذه الجلسة كما ‏سيبقى يوما إضافيا في بيروت لاجراء بعض اللقاءات السياسية. وفيما عقد اجتماعان ‏تحضيريان في قصر بعبدا عشية الجولة الأولى من مفاوضات الناقورة احدهما بين رئيس ‏الجمهورية ميشال عون وممثل الأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش والآخر للوفد المفاوض ‏بحضور وزيرة الدفاع زينة عكر وقائد الجيش العماد جوزف عون خصص للتوجيهات التي ‏قدمها الرئيس عون للوفد المفاوض، برزت معلومات عن تصاعد استياء “حزب الله” من ‏تطعيم الوفد المفاوض العسكري التقني بعضوين مدنيين بما اعتبره الحزب التفافا على ‏الاتفاق الإطار للمفاوضات وبانه نتيجة تدخل أميركي خدمة لإسرائيل. وعلمت “النهار” ان ‏الثنائي “امل” و”حزب الله ” كانا على تواصل امس مع رئاسة الجمهورية وعبرا عن عدم ‏ارتياحهما لضم مدنيين الى الوفد بعدما صرفا النظر عن اصدار بيان علني في هذا الصدد‎.‎

‎ ‎اما الجانب السلبي الاخر الذي برز عشية افتتاح المفاوضات فبدا عبر تفاقم الخلاف حول ‏الصلاحيات التفاوضية بين رئاسة الجمهورية ورئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب ‏الذي كان اتهم بعبدا بمخالفة الدستور. وردت رئاسة الجمهورية على دياب امس من دون ‏ان تسميه لافتة الى ان رئيس الجمهورية لم يتول الى حينه عقد أي معاهدة دولية او ابرامها ‏لكي يصار الى الاتفاق في شانها مع رئيس الحكومة وإذ ذكرت بانها الجهة المختصة ‏الوحيدة بتولي التفاوض اعتبرت “كل كلام آخر كلاما تحريفيا للدستور الهدف منه اما ‏التضليل او اضعاف الموقف اللبناني في اللحظة الخاطئة‎”.‎

‎ ‎الحريري ام ..المجهول ؟

اما في ملف الاستحقاق الحكومي فيمكن القول ان الساعات المقبلة ستتسم بأهمية ‏حاسمة لجهة رسم خريطة الاتجاهات حيال إعادة تكليف الرئيس سعد الحريري بتشكيل ‏الحكومة الجديدة وفق المبادرة الفرنسية والتوافقات الداخلية على تنفيذ آليات وضعها ‏الحريري واطلع عليها المسؤولين والقوى السياسية او فشل المبادرة التي اطلقها وتولاها ‏بنفسه. واستنادا الى نتائج اليوم الأول من جولة وفد “كتلة المستقبل” الذي ضم النواب ‏بهية الحريري وسمير الجسر وهادي حبيش بالإضافة الى مواقف سياسية أساسية اطلقت، ‏يبدو ميزان الاحتمالات السلبية والإيجابية حياله في نقطة وسطية يصعب معها الجزم بما ‏سيقرره الحريري في نهاية اليوم الثاني من جولة الوفد المستقبلي اليوم. ذلك انه في خانة ‏الإيجابيات سجل موقف رئيس تيار المردة سليمان فرنجية المؤيد بقوة لتولي الحريري ‏رئاسة الحكومة الجديدة كما سجل استعداد إيجابي لدى كتلة نواب الطاشناق لمصلحة ‏الحريري. وبرزت اتصالات ووساطات بين المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي لتبريد ‏التوتر الذي ساد علاقتهما عقب الحديث الأخير لرئيس التقدمي وليد جنبلاط بما يمكن معه ‏إعادة احياء قنوات التشاور بينهما. وستتجه الأنظار اليوم الى موقف “حزب الله” الذي ‏سيلتقيه وفد “المستقبل ” بعد الظهر بعد ان يلتقي قيادة “التيار الوطني الحر” قبل الظهر. ‏ولكن النائب جبران باسيل ارسل موقفا سلبيا قاطعا من تحرك الحريري عشية موعد لقاء ‏ميرنا الشالوحي مع وفد المستقبل . في اول تحرك علني له بعد شفائه من إصابته بكورونا ‏حمل باسيل في كلمته في ذكرى 13 تشرين الأول على الحريري فقال “ليس على علمنا ان ‏الرئيس ماكرون عين ناظرا او مشرفا عاما على مبادرته ليقوم بفحص الكتل النيابية ومدى ‏التزامها مبادرته. وفي كل الأحوال من يريد ترؤس حكومة اختصاصيين يجب ان يكون هو ‏الاختصاصي الأول او يزيح لاختصاصي ومن يريد ترؤس حكومة سياسيين حقه ان يفكر بذلك ‏اذا كان هو السياسي الأول. ومن يريد ان يخلط بين الاثنين يجب ان يعرف كيف يعمل ‏الخلطة ولكن بلا تذاك وعراضات إعلامية‎ “.‎

وبعد لقاء وفد المستقبل مع رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع في معراب مساء، ‏أعلنت النائبة الحريري ان جعجع اكد تأييده المبادرة الفرنسية والإصلاحات ونفت ان تكون ‏زيارة الوفد لاستباق الاستشارات او لبحث التكليف. وعن موقف باسيل قالت غدا (اليوم) ‏نجتمع به‎ .‎

‎ ‎وفيما ترددت معلومات عن احتمال إرجاء الاستشارات النيابية الملزمة المقررة غدا الى ‏موعد لاحق في حال تبين ان ثمة حاجة الى مزيد من الاتصالات والمشاورات، أفادت ‏معلومات قريبة من بيت الوسط ان الحريري ليس في وارد عقد مزيد من اللقاءات ولن ‏ينتظر الى ما بعد الخميس ولن يقبل ان يكون تحركه سببا لإرجاء الاستشارات بما يعني انه ‏سيحسم موقفه في الساعات المقبلة بناء على نتائج التحرك لانه وضع خريطة طريقة ‏واضحة لا تحتاج الى وقت إضافي لبت المواقف منها. وتحدثت مصادر سياسية مطلعة عن ‏نقطتين أساسيتين يفترض بتهما خلال الساعات المقبلة وهما الموقف النهائي للرئيس ‏الحريري من اشتراط الثنائي الشيعي تسمية وزرائه في الحكومة الجديدة وكذلك موقف ‏الرئيس عون المتحفظ عن ترؤس الحريري حكومة اختصاصيين وفي حال بتهما إيجابا ‏سيكلف الحريري غدا على رغم كل المواقف السياسية الأخرى الرافضة لتكليفه‎ .‎

‎ ‎موجة الإضرابات

وسط كل هذا الاحتدام السياسي كان المشهد الاجتماعي والصحي يسجل تطورات بالغة ‏الخطورة خصوصا في ظل تصاعد المخاوف من تراجع الخدمات الاستشفائية التي تترجم ‏في ارتفاع اعداد الوفيات بإصابات كورونا في شكل مقلق كما في ارتفاع اعداد الإصابات ‏ناهيك عن ازمة فقدان الكثير من الأدوية التي دفعت القطاع الصيدلي الى تنفيذ اضراب ‏عام امس شمل كل المناطق احتجاجا على تحكم كارتيلات شركات الأدوية بالسوق . كما ان ‏موجة إضرابات واعتصامات واسعة ستنفذ اليوم بدعوة من الاتحاد العمالي العام ونقابات ‏المصالح المستقلة وقطاعات عدة تحت اسم ” يوم الغضب والرفض التحذيري ” ضمن ‏برنامج اعتصامات ومسيرات سيارة في مختلف المناطق‎ .‎

Comments are closed.