الجمعة, نوفمبر 22
Banner

الجمهورية : مفاوضات الناقورة اليوم تقنيّة.. ‏واستشارات الغد مَشفوعة بالمشاورات ‏الحريرية

كتبت صحيفة ” اجمهورية ” تقول :لاليوم مفاوضات وغداً استشارات… اليوم تنطلق الجولة الاولى من ‏المفاوضات لترسيم الحدود البحرية والبرية بين لبنان وإسرائيل في ‏مقر قيادة قوات “اليونيفل” في الناقورة، بوساطة الولايات المتحدة ‏الاميركية ممثّلة بمساعد وزير الخارجية ديفيد شينكر، الذي وصل الى ‏بيروت مساء أمس، ورعاية الامم المتحدة ممثّلة بمنسّقها الخاص في ‏لبنان يان كوبيتش. وغداً تنطلق الاستشارات النيابية الملزمة التي ‏سيجريها رئيس الجمهورية لتسمية من سيكلّفه تأليف الحكومة ‏الجديدة.‏

وقد توزّعت الاهتمامات الداخلية بين هذين الاستحقاقين اللذين تنوّعَت ‏المواقف حيالهما، ودارت حولهما التباسات دستورية متنوعة حاولت ‏بعض البيانات أن تبدّدها، وأبرزها بيانان صدرا عن رئاسة الجمهورية ‏التي وَجّه البعض إليها اتهامات بمخالفات الدستور في هذا الصدد، ‏في الوقت الذي ينبغي على الجميع توحيد الموقف لخَوض هذين ‏الاستحقاقين بفعالية بما يضمن تأليف حكومة تنفّذ الاصلاحات ‏المطلوبة لإنقاذ البلاد من الانهيار، من جهة، وخوض مفاوضات ‏بموقف موحّد وقوي لتثبيت حدود لبنان البرية والبحرية وحقوقه في ‏ثروته النفطية والغازية، من جهة ثانية.‏

تتجه الانظار عند العاشرة والنصف قبل ظهر اليوم الى مقر قيادة ‏القوات الدولية (اليونيفيل) في الناقورة، حيث ستعقد أولى جلسات ‏المفاوضات لترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل، استناداً الى ‏ما قال به “الاتفاق الاطار”، برعاية اميركية وأممية وبتسهيلات قدمتها ‏قيادة “اليونيفل” المعزّزة حيث ستكون جلسة سرية بلا أي تغطية ‏اعلامية.‏

‏ ‏وقالت مصادر تواكب جلسة اليوم لـ”الجمهورية” انّ الاجتماع سيعقد ‏في القاعة التي تشهد الاجتماعات شِبه الدورية للجنة العسكرية ‏الثلاثية التي تجمع ضبّاطاً من الجيش اللبناني والقوات الدولية ‏والجيش الاسرائيلي، وهي القاعة نفسها التي شهدت المفاوضات عام ‏‏1996 حيث ولد “تفاهم 26 نيسان”، وهي قاعة داخل مركز للقوة ‏الايطالية في رأس الناقورة.‏

‏ ‏أربع كلمات

‏ ‏وعلمت “الجمهورية” انّ اللمسات الأخيرة استُعرِضت في اللقاء الذي ‏تَمّ بين رئيس الجمهورية وممثل الامين العام للامم المتحدة يان ‏كوبيتش، أمس في قصر بعبدا. وبحسب الترتيبات الاخيرة، ستكون ‏هناك أربع كلمات، أوّلها لممثل كوبيتش، والثانية لشينكر، والثالثة ‏لرئيس الوفد اللبناني، والأخيرة لرئيس الوفد الاسرائيلي. قبل أن ينتقل ‏البحث في آلية المفاوضات والتنسيق لترتيب المواعيد اللاحقة، ولن ‏تكون المفاوضات مباشرة بين الوفدين اللبناني والاسرائيلي.‏

‏ ‏بعبدا تردّ

‏ ‏وقالت مصادر واسعة الاطلاع انّ الجدل الذي أثاره كتاب الامين العام ‏لمجلس الوزراء محمود مكية الى المديرية العامة لرئاسة الجمهورية، ‏والذي شَكّك بدستورية خطوة تشكيل الوفد مُتهماً رئيس الجمهورية ‏بتجاوز الدستور بتجاهله دور رئيس الحكومة، دفعَ المكتب الاعلامي ‏في قصر بعبدا الى الرد على مضمونه، بالإضافة الى الرد على كلام ‏الرئيس فؤاد السنيورة، وجاء في الرد: “إننا لسنا في صدد معاهدة ‏دولية مع إسرائيل، والعطف على المادة 52 من الدستور، فهو لأنّ مَن ‏يتولى أيّ تفاوض في شأن أيّ َصك دولي، مهما كان نوعه، إنما هو ‏رئيس الجمهورية، إذ لو كان القَصد إشراك رئيس الجمهورية ورئيس ‏مجلس الوزراء في التفاوض لعقد المعاهدة لكانَ الدستور نَصّ صراحة ‏على ان يتولى رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة التفاوض بدلاً من ان ‏‏”يتولى رئيس الجمهورية المفاوضة. ولو كانت المشاركة واجبة في ‏المفاوضة لما كان من داع للنص على “وجوب الاتفاق” بين رئيس ‏الجمهورية ورئيس الحكومة، باعتبار انّّ كليهما تَولّيا المفاوضة”.‏

‏ ‏امّا لجهة انّ رئيس الجمهورية “يطبِّع ويعترف” بمجرد عطفه على ‏المادة 52 من الدستور عند اعلان الوفد اللبناني المفاوض، فأوضح ‏البيان انّ “هذا يقع أيضاً في دائرة البطلان، لأنّ تَوَلّي المفاوضة شيء ‏وطبيعة التفاوض شيء آخر. انّ اتفاق الاطار العملي للتفاوض على ‏ترسيم الحدود البحرية الجنوبية، على ما أُعلن رسمياً، إنما يبدأ على ‏الصعيد العملي بتأليف الوفد اللبناني وبمسائل لوجستية أخرى برعاية ‏الأمم المتحدة وضيافتها، وبحضور الوسيط الأميركي المسَهِّل”.‏

‏ ‏وتابع: “انّ كل كلام آخر هو كلام تحريفي للدستور، والهدف منه امّا ‏التضليل او ما هو أدهى من ذلك، إضعاف الموقف اللبناني في ‏اللحظة الخاطئة، حيث انّ لبنان يذهب للتفاوض العملي والتقني على ‏ترسيم حدوده البحرية حفاظاً على سيادته وثروته الطبيعية على كل ‏شبر من أرضه ومياهه، كفانا مُهاترة في زمن الجد”.‏

‏ ‏الاستحقاق الحكومي

‏ ‏وعلى صعيد الاستحقاق الحكومي واصَل الرئيس سعد الحريري، ‏المرشّح الوحيد حتى الآن لرئاسة الحكومة، مشاوراته في مختلف ‏الاتجاهات لاستكشاف المواقف من ترشيحه في خطوة استباقية ‏لاستشارات التكليف التي سيجريها عون غداً، وفي هذا السياق سيّر ‏الحريري وفداً من كتلة المستقبل في جولة على مختلف الكتل النيابية ‏تنتهي غداً، لاستطلاع مواقفها من ترشيحه ومدى التزامها المبادرة ‏الفرنسية، والتي قال انّ بنودها الاصلاحية ستكون البيان الوزاري ‏للحكومة العتيدة.‏

‏ ‏وشملت لقاءات الوفد أمس رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية، ‏ورئيس حزب الطاشناق النائب اغوب بقرادونيان، ورئيس حزب “القوات ‏اللبنانية” سمير جعجع.‏

‏ ‏وقالت مصادر القوات اللبنانية لـ”الجمهورية” انّ “التوافق بين وفدي ‏‏”المستقبل” و”القوات” كان حول العناوين الكبرى المتصلة بالمبادرة ‏الفرنسية وضرورة الاصلاح وضرورة الانقاذ. وبالتالي، كان هنالك توافق ‏تام حول المنطلقات الاساسية المتصلة بالمبادرة وبضرورة الانقاذ، ‏لكنّ التباين كان حول طريقة التنفيذ بين “المستقبل” الذي يريد ان ‏يعطي فرصة لحكومة يمكن ان تشكّل فرصة للانقاذ، وبين “القوات ‏اللبنانية” التي ترى انه لا يمكن الانقاذ في ظل الاكثرية القائمة، وانّ ‏هذه الفرصة أعطيت غير مرة وهناك استحالة تحقيق اي إصلاح مع ‏هذا الفريق، بدليل أنه أطاحَ المبادرة الفرنسية في ظل سقوفه ‏المرتفعة وإصراره على تسمية وزرائه، وبالتالي ما لم يتحقق مع الدفع ‏الفرنسي لن يتحقق اليوم في ظل اصرار هذا الفريق على التسمية ‏وبمجرد ما ان يسمي هذا الفريق، سيسمّي ذاك الفريق. وبالتالي، عود ‏على بدء، اي انه لن يتحقق اي شيء، وبالتالي يستحيل مَنح اي فرصة ‏لفريق الاكثرية القائمة، ويجب الذهاب الى انتخابات نيابية مبكرة ‏بتغيير الاكثرية وخلاف ذلك “فالِج ما تعالج”.‏

‏ ‏وأضافت المصادر: “النقطة الاخرى، قال الدكتور سمير جعجع في ‏اللقاء وعلى هامش النقاش الاساسي، انّ الامور التي تجمع بين ‏‏”القوات” و”المستقبل” هي اكثر بكثير من الامور التي تفرّق بينهما، ‏ولا يجوز ان تطغى مواضيع خلافية على المواضيع المتفق حولها، ‏ولذلك يجب ان تبقى اي مواضيع خلافية تحت سقف هذين الطرفين”.‏

‏ ‏مُربكة وغير واضحة

‏ ‏والى ذلك، قالت مصادر سياسية متابعة لحركة الاتصالات التي يجريها ‏الحريري: “صحيح انّ كلام الوزير جبران باسيل يعتبر سلبياً، لكنه دفع ‏الحريري لأن يكون اكثر إصراراً على إنجاز مهمته”. واكدت “انّ ‏الاستشارات اذا ما حصلت في موعدها بعدما أحرجَ رئيس الجمهورية ‏الجميع بتحديد هذا الموعد، فإنّ الحريري هو المرشح لأن يكون لديه ‏اكثر الاصوات من الكتل النيابية”.‏

‏ ‏أمّا عن “التيار الوطني الحر”، فقالت المصادر “انّ باسيل ليس لديه ‏مرشح لكنه يلوّح بترشيح جواد عدرا، والأخير لديه معوقات قانونية كون ‏اسمه مُدرج على لائحة الانتربول”. وبالتالي، فإنّ الامور لا تزال مربكة ‏وغير واضحة”. وأضافت المصادر “انّ “حزب الله” يميل الى ترشيح ‏الحريري وينتظر أن يلتقي موفداً منه، لكن ربما يتريّث بعض الشيء ‏للتشاور مع حليفه “التيار الوطني الحر”، علماً انّ موقف الحزب حتى ‏الآن يتمثّل في انه لن يسمّي الحريري…‏

‏ ‏وقالت المصادر “انّ الكرة الآن هي في ملعب الحريري، الذي عليه ‏إيجاد صيغة تفاهمية في موضوع النقطة التي بقيت عالقة اثناء ‏المفاوضات التي حصلت مع مصطفى اديب”، ورأت انه “اذا اراد ‏الحريري ان يذلل العقبات وينزع الاشواك من طريقه فيجب ان يطمئن ‏الى أنّ كل الكتل النيابية ستسمّيه او تعطيه الثقة داخل المجلس ‏النيابي، ولا سيما في موضوع تسمية من يرونه مناسباً لتمثيلهم داخل ‏الحكومة، وان لا يتمسّك بمطلبه أن يختار هو الاسماء. حتى انّ ‏موضوع ان يكون الوزراء غير حزبيين، فلن يكون هناك إشكال في هذا ‏الامر لأنّ الثنائي الشيعي لم يَقل في المفاوضات السابقة انه يريد ان ‏يُسمّي حزبيّين، لكنه يطلب ان يكون القرار بيده في موضوع اختيار ‏الاسماء”.‏

‏ ‏كذلك، دعت المصادر الى “انتظار الـ 48 ساعة المقبلة التي تسبق ‏يوم الاستشارات المحدد غداً، لمعرفة كيف ستسير الامور، وخصوصاً ‏بعد استكمال جولة كتلة “المستقبل” على الكتل النيابية، وعندها ‏يُبنى على الشيء مقتضاه”.‏

‏ ‏إرتياح في بيت الوسط

‏ ‏وعبّرت مصادر “بيت الوسط” عن ارتياحها للنتائج التي انتهت اليها ‏الجولة الاولى لوفد “المستقبل”. وقالت هذه الاوساط لـ”الجمهورية” ‏انّ ما جرى أمس عكسَ مزيداً من أجواء الارتياح التي بدأت طلائعها في ‏لقاءَي الحريري مع رئيسَي الجمهورية ومجلس النواب أمس الأول، وهو ‏ما عَكسته لقاءات بنشعي مع زعيم تيار “المردة” سليمان فرنجية، ‏وبرج حمود مع رئيس حزب الطاشناق آغوب بقرادونيان أمس. وانّ ما ‏انتهت إليه المواقف يُبشّر بإمكان التعاون للخروج من المرحلة الصعبة ‏وفق المعايير الواضحة التي كَرّستها المبادرة الفرنسية.‏

‏ ‏وفي الوقت الذي رفضت مصادر بيت الوسط الرد على مواقف باسيل ‏التي أطلقها مساء أمس، قالت لـ”الجمهورية”: ما نُعَوّل عليه يكمن ‏في اللقاء الذي سيجمع قبل ظهر اليوم رئيسة كتلة المستقبل والوفد ‏المرافق مع رئيس كتلة “لبنان القوي” ومن يمثّلها، قبل اللقاء الذي ‏سيجمع الوفد مع رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد عند ‏الاولى بعد الظهر.‏

‏ ‏‏”بيت الوسط” وكليمنصو

‏ ‏وليلاً، كشفت مراجع معنية لـ”الجمهورية” انّ هناك انفراجاً واسعاً قد ‏تَحقّق مساء امس على مستوى العلاقة بين “بيت الوسط” وكليمنصو ‏بعد إعلان رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط عن عدم ‏الحاجة الى لقاء بينهما طالما انّ الحريري سَمّى نفسه للمهمة، وذلك ‏جرّاء الاتصالات التي أجراها أصدقاء مشتركون، وانّ لقاء سيُحدّد موعده ‏بين وفدَين من الطرفين اليوم، علماً انّ الحريري التقى ليلاً في بيت ‏الوسط النائب وائل ابو فاعور موفَداً من جنبلاط.‏

‏ ‏وكان باسيل قد عَلّقَ، في خطاب ألقاه في ذكرى 13 تشرين، على ‏الملف الحكومي والمبادرة الفرنسية، فقال: “ليس على علمنا انّ ‏الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عَيّنَ أحداً ليُشرف على مبادرته، ‏ويقوم بفحص الكتل ليرى مدى التزامها بالمبادرة”، وقال: “مَن يريد ‏ترأس حكومة اختصاصيين يجب ان يكون هو الاختصاصي الأول، او أن ‏يتنَحّى لاختصاصي آخر”، لافتاً إلى أنّ “النزاع على السلطة والخوف ‏من الآخر كبير الى درجة انّ الفريقين جاهزان لتطيير فرصة إنقاذ البلد ‏مقابل تحصيل مَكسب، امّا نحن في التيار فنرى فرصة اليوم ليس فقط ‏لإنقاذ البلاد عبر المبادرة الفرنسية، بل أيضاً عبر إجراء تعديل دستوري ‏يمنع الشغور في السلطة التنفيذية”.‏

Comments are closed.