وفاء بيضون
ثمة رأي يقارب الحرب الإسرائيلية على لبنان من زاوية تسجيل كل طرف من طرفي النزاع، النقاط في مرمى الطرف الآخر. فبعد موجة الاغتيالات ومحاولات الاغتيال التي لم تتوقف؛ والتي كان آخرها قبل أيام في عمق العاصمة بيروت وتحديدًا في منطقة البسطا الفوقا، بقي المشهد الميداني حجر الرحى لكلا الطرفين في عملية التفاوض بين لبنان والكيان الإسرائيلي حول مسوّدة حملها المبعوث الأميركي “آموس هوكستين” مستندة إلى تطورات المواجهات التي تحصل على طول الجبهة الجنوبية مع فلسطين المحتلة لا سيما في القطاعين الغربي والشرقي.
في كلمة أمين عام حزب الله الشيخ نعيم قاسم الأخيرة، استند المحللون إلى ما ساقه “قاسم” مما اعتبروه تحضيرًا لبيئة المقاومة وحلفائها لاحتمال نجاح مفاوضات وقف إطلاق النار، التي وصلت مع زيارة المبعوث الأميركي آموس هوكستين أعلى نسبة تفاؤل وجدية، كما تقول الأوساط المراقبة مع إبقائه على لغة التهديد والجاهزية الميدانية، من خلال توعده بضرب عاصمة الكيان “تل أبيب”، ردًا على الاعتداءات الإسرائيلية في قلب “بيروت”، من رأس النبع إلى مار إلياس وزقاق البلاط إلى البسطا الفوقا.
وتقول المصادر المطلعة: إنه ورغم المساحات الخلافية على المسوّدة، إلا أنها لم تخل من اتفاق وقف إطلاق النار، وذلك بالإشارة إلى سقفين للتفاوض، كما حددهما الشيخ نعيم قاسم وهما: حفظ السيادة اللبنانية، ووقف الحرب الإسرائيلية بالكامل. وهذا بحد ذاته يعتبر فشلًا وإفشالًا للمخطط الإسرائيلي خاصة لجهة اسقاط ما تمسك به نتنياهو بما سماه حرية الحركة في الداخل اللبناني، للرد على أية اعتداءات مستقبلية تحت شعار الدفاع عن النفس حسب تعبيره، ليحل مكانها عبارة حق الطرفين بالدفاع عن النفس كمخرج لهذه الفجوة التي ما زالت مدار بحث بين الجهات المتفاوضة.
وتضيف الأوساط المطلعة: “قد لا تبدو الصورة العامة أنها تميل لصالح المقاومة تبعًا لحجم الخسائر البشرية والاغتيالات والتدمير الممنهج والخسائر التي منيت بها على امتداد هذه الحرب. إلا أن حزب الله استطاع لملمة صفوفه واستعادة عافيته رغم قساوة نتائجها. إلا أن الجانب الإسرائيلي، تتابع المصادر، لا يمكن أن يظهر بمظهر المنتصر وهو الذي عجز عن تحقيق أهدافه المعلنة من الحرب، فقفز إلى الأمام عبر القصف الجوي والقتل والتدمير، وصولًا إلى الإبادة. لكن الصحيح أيضًا أنّ “حزب الله” ما بعد هذه الحرب لا يمكن أن يكون نفسه ما قبلها، ليبقى الأمر مرتبطًا بالنتائج الواضحة والواقعية للميدان، التي يبنى عليها مسار التفاوض وأوراق الشروط المتبادلة بين طرفي الحرب”.
وتتابع المصادر نفسها بالقول: إن المقاومة تعي المشكلة الجوهرية لهذه الحرب، والتي تختصر في تقديرات أقل ما يقال فيها، إنه إن لم تكن خاطئة فهي وقعت في سوء تقدير، حين فتحت جبهة الإسناد لأسباب مبدئية، ترتبط بانسجامها مع ذاتها، وكانت مقتنعة بأن إسرائيل لن تعمد إلى توسيعها، حتى إنّها بقيت ملتزمة بقواعد الاشتباك التي حكمت نفسها بها، رغم الاغتيالات التي شملت كبار قادتها، ليتبين أن ما حصل مما سمي بمجزرة البيجر الصادمة والغادرة، قد أعد له الكيان الإسرائيلي منذ فترة طويلة، وقد تكون قبل بدء عمليه طوفان الأقصى، وكان ينتظر اللحظة التي تبرر له القيام بها.
من هنا يمكن القول: إن اتفاق وقف إطلاق النار، بغض النظر عن كفته الراجحة، أكان للمقاومة أو للعدو الإسرائيلي، إلا أن بات يتعين على الجميع وخاصة دول القرار والنفوذ الضغط، كل من جهته وعلى من يمون عليه، بضرورة وضع حد لها قبل أن تتدحرج لاتجاهات تتجاوز الجغرافيا اللبنانية. وهذا ما حذرت منه العديد من الدول وفي مقدمها روسيا على لسان الرئيس فلادمير بوتين.
في المحصلة وصل الطرفان اللبناني وكيان الاحتلال بالضمانة والرعاية الأميركية إلى وضع المسودة على سكة التنفيذ خلال ستين يوما رغم ما تتضمنه من تفسيرات وخاصة اسرائيلية ترمي الى حماية مصالح الكيان الأمنية حسبما عبر رئيس كيان الاحتلال ليأخذ المشهد الميداني تراجعا على وقع تسجيل النقاط بين الطرفين ، انما يبقى الامر رهن المسار الزمني والاجتهادات في تفسير بنود الاتفاق ؛ وهل سيتجاوز مندرجات القرار 1701 . ام سيكون نسخة منقحة عنه لتبقى العبرة في التنفيذ ؟