كتب ذو الفقار قبيسي – بانتظار نتائج تقرير حوالي ٥٠ مفتشا صحيا لحوالي ٣٤٠٠ صيدلية وحوالي ٨٠ شركة استيراد دواء مسجلة أو غير مسجلة و٩ مصانع دواء، للتأكد من درجة تخزينها للدواء بغرض إعادة بيعه بعد رفع الدعم أو ارتفاع سعر الدولار… يبقى المواطن اللبناني أسير التخزين والتهريب والتسعير والتأخير في فتح اعتمادات استيراد الدواء وسط توزيع المسؤوليات في «أزمة المرض والموت» بين مختلف الجهات: من وزارة الصحة الى تجار أو صانعي الدواء والصيدليات والجمارك التي يفترض أن توقف المهربين، ووزارة الداخلية التي يفترض أن تضبط المخالفين وصولا الى القضاء الذي يفترض أن يعاقب المرتكبين.
وإلى أزمة الدواء، أزمة طحين مستجدة سببها اتجاه المطاحن الى رفع سعر الطن على المخابز من ٤٨٧ ألف ليرة الى ٩٧٠ ألف ليرة وذلك بعد ارتفاع سعر صرف الدولار الى ٨٠٠٠ ليرة الأمر الذي يهدد برفع سعر ربطة الخبز.
وإلى أزمة الطحين، أزمة بيض ودجاج بسبب ارتفاع أسعار المواد الأولية المستوردة مثل العلف والأسمدة، بالدولار المرتفع والتي تشكّل حوالي ٧٥% من اجمالي الأكلاف مقابل ٢٥% تكاليف المياه وتجهيز المزرعة والرواتب والأجور.
إضافة إلى أزمة لحوم بعد أن وصل سعر الكيلو الى ٤٥ ألف ليرة. ووزير الاقتصاد يقول أنه «رغم الدعم فان أسعار اللحم لم تنخفض»!
وهناك أيضا أزمة تأمين الدولار للمواد الغذائية عموما، من قبل المستورد الذي عليه أن يدفع بداية للمصدر ١٠٠% قيمة البضاعة بدولار السوق السوداء بسعر الـ٨٠٠٠ ليرة كي يحجز البضاعة لدى المصدر خصوصا مع تقلص الانتاج العالمي بسبب الكورونا والأزمات الاقتصادية. وعليه في الوقت نفسه أن يؤمّن الدولارات بسعر السوق السوداء مرة ثانية. المرة الأولى كي يرسلها الى المصدر لحجز البضاعة المنوي استيرادها، والمرة الثانية وبدولار السوق السوداء كي يأخذ الموافقة من مصرف لبنان على السعر المدعوم المنخفض. وفي الحالتين المستورد تحت سيطرة تقلبات أسعار الدولار في السوق السوداء.
وفيما تتعثر كل الاجراءات و«الوصفات»، يقول رئيس نقابة مستوردي المواد الغذائية هاني البحصلي لـ «اللواء» ان «المشكلة الأساسية ليست في عدم توافر الدولار. فالدولار موجود وجاهز لدى المستثمرين في الخارج والداخل. لدى المغتربين والمقيمين. إنما المشكلة في الثقة. ووحدها الثقة توفر الدولار وتعيد تصويب الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والاجتماعية».
وتضاف الكورونا!
وإلى هذه الأزمات هناك المأساة الانسانية في ضحايا الكورونا التي تصيب كل يوم الأحياء من اللبنانيين الذين حتى المضمونين منهم – فكيف بغير المضمونين؟! – ممن عليهم أن يدفعوا للمستشفيات مئات ملايين الليرات، الفارق بين تسعيرة الاستشفاء المقررة من قبل وزارة الصحة والمعتمدة من قبل المستشفيات، والتسعيرة الأقل المعتمدة من قبل صندوق الضمان الاجتماعي الذي يرفض اعتماد تسعيرة الوزارة بسبب انها كما تقول إدارة الصندوق، تشكّل عليه أعباء إضافية. حيث واردات الضمان من القطاع الخاص تراجعت بحوالي ٤١% اضافة الى أن الدولة تمتنع عن تسديد المستحقات المتوجبة عليها للضمان، وانه اذا اعتمدت التسعيرة الجديدة فان الـ١٢٠٠ مليار ليرة التي يدفعها صندوق الضمان الآن سترتفع الى ٢٥٠٠ مليار ليرة سنويا.
علما ان رفض «الضمان» لتسعيرة وزارة الصحة تلازم مع رفض التسعيرة من قبل شركات التأمين، وفي وضع سيدفع ثمنه أصحاب البوالص أيضا الذين بات عليهم أن يدفعوا للمستشفيات الفارق بين تسعيرة وزارة الصحة والتعرفة المعتمدة من شركات التأمين وهو فارق يقدر أحيانا في أبسط الحالات بمئات ملايين الدولارات.
وفي حال ارتفاع أسعار الدواء سترتفع تقديمات الضمان نحو ٥٠٠ مليار ليرة الى ٣٠٠٠ مليار ليرة سنويا. وسترتفع معها قيمة نسبة الـ١٠% التي يدفعها المضمون ثلاثة أضعاف: من مليون ليرة مثلا الى ٣ ملايين ليرة، وفي وقت كثيرون من العاملين في القطاع الخاص لا يتقاضون كامل رواتبهم.