تتجه الأنظار إلى الاجتماع الطارئ الذي دعا إليه الرئيس ميشال عون المجلس الأعلى للدفاع في قصر بعبدا عند الساعة الثالثة من بعد ظهر اليوم، للبحث في اتخاذ قرارات، غير عادية، تقضي بإحكام الاقفال العام، لدرجة الاختناق، بعدما حاصر وباء كورونا البلد من اقصاه إلى اقصاه، ومن شماله إلى جنوبه، في ظل تفلت مجتمعي، غير مسؤول، قضى بارتياد الشواطئ، والأسواق، والساحات العامة، دون الاكتراث إلى قرارات الداخلية، أو محاضر الضبط الآخذة بالارتفاع، أو الآهات والصرخات في المستشفيات، والاصابات التي ضربت الاطقم الطبية والصحية، وجعلت المستشفيات المجهزة، عاجزة عن استقبال أية حالة جديدة، مع الانفجار الوبائي الخطير.
وكما هي الحال، على الصعيد الصحي، فالوضع السياسي، لا يقل خطورة، مع تفشي وباء «العنطزة السياسية»، و«الإرشاد السياسي»، اللذين ظهرا على نحو ساطع مع رئيس تكتل لبنان القوي جبران باسيل، في مؤتمره الصحفي ظهر أمس، والذي لم يوفّر فيه أحداً، طارحا جملة من المواقف والمطامح، من فوق سطح الطائف، أو التفاهمات الوطنية، التي تقضي بوضع تأليف الحكومة على السكة الصحيحة، من دون اتهامات، وسرد وقائع، بعضها لا يتفق تماماً مع الوقائع السياسية المعروفة.
ولم يتأخر تيّار «المستقبل»، في ردّ مختصر في بيان، تلا المؤتمر الصحفي، أكّد فيه، ان «حكومة المهمة جاهزة، تنتظر عند رئيس الجمهورية، بحسب المبادرة الفرنسية لا المعايير الباسيلية»، والتي وصفها البيان «بالمذهبية والطائفية والعنصرية». هذا ما يعنينا، ولا شيء آخر مهما ابدعوا في صناعة العراقيل، وانتاج القضايا الخلافية.
واعتبرت مصادر نيابية بارزة المواقف المتطرفة التي أعلنها النائب باسيل بأنها ترمي أساسا الى استدراج ردود فعل باعلى منها لاجل افتعال اشتباك سياسي حاد لاجل قطع الطريق على اي محاولة لتشكيل الحكومة الجديدة، وارغام رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري على الاعتذار لانه تجاهل باسيل منذ البداية، ويامل اذا تحقق هذا التمني من شد عصب الشارع المسيحي من جديد وإعادة تعويم نفسه والعهد معه بعد سلسلة الانتكاسات والفشل الذريع بادارة السلطة طوال السنوات الماضية وانكفاء ألناس من حوله والعقوبات الاميركية عليه.ولكن مجمل المواقف التي طرحها كانت بمثابة رد سلبي مباشر على مواقف البطريرك الماروني بشارة الراعي التي يكررها بشكل شبه يومي لتسريع عملية تشكيل الحكومة الجديدة أيضا. ولكن بمجمل الاحوال فان مثل هذه المواقف المستفزة لباسيل لن تؤدي غايتها، بل تزيد في تسميم الوضع السياسي العام ولن تفلح في اعادة تعويم العهد وباسيل معه، بل تزيد في انحدارهما نحو الهاوية السحيقة ومعهما يجران البلد كله كما يحصل حاليا.
باسيل: اتهامات بالجملة وتغيير مهمة الحكومة
والأبرز في مواقف باسيل، على مدى ساعة كاملة، انها تضمنت اتهامات بحق الرئيسين نبيه برّي وسعد الحريري والنائب وليد جنبلاط تراوحت بين عدم إقرار مشاريع قوانين الإصلاح، وعدم الجدية بتأليف الحكومة، وعدم الائتمان على الإصلاح، فضلا عن هدر أموال المهجرين.
عن الحكومة، قال باسيل انها لم تعد حكومة مهمة، بل عليها ان «تدير البلد وتحدد مستقبله بظروف استثنائية».. وبناء عليه، هل يصدق أحد ان اللبنانيين يأتمنون رئيس الحكومة المكلف لوحده على الإصلاح.. «نحن نحمل نهجه السياسي مسؤولية السياسة المالية والاقتصادية».
ومضى متسائلاً: عن جد مصدقين ان «الدستور جعل من رئيس الجمهورية «باش كاتب» فقط ليصدر المرسوم، وليس ليوافق عليه».
وقال: المشكلة الآن ليس بالحكومة، بل بالاصلاح الذي يجب ان تقوم به.. ولو كانت هناك نية للاصلاح، هناك أمور كثيرة يمكن القيام بها في المجلس النيابي بلا حكومة، أو بحكومة تصريف الأعمال بانتظار الحكومة، ولكن هذه الأمور لا تتم لأن الإصلاح يضرب مصالح المنظومة.
ودعا إلى «طلب عقد حوار وطني ينتج تصوراً لبنانيا مشتركا لنظام سياسي جديد يضمن الاستقرار».
وطالب باسيل برفع تدريجي للدعم، عن كل شيء، حتى لا يبقى المستفيد هو الميسور كالفقير والاجنبي واللاجئ والنازح مثل اللبناني، وليقف التهريب إلى سوريا ويتوقف استغلال التجار.. داعياً إلى البطاقة التموينية.
واكتفت أوساط عين التينة، باحالة النائب باسيل على أمين سر تكتله، لسؤاله عن مصير اقتراحات القوانين التي قدمها تكتله، لأنها في لجنة المال والموازنة في عهدة رئيس اللجنة النائب إبراهيم كنعان.
وتساءلت: هل يصح الحديث عن تأخير ترقيات وصم الآذان وغض النظر عن إيقاف كل نتائج مجلس الخدمة المدنية عن سابق تُصوّر وتصميم.
واكدت: من يريد تطوير النظام فعلا لا قولاً، عليه ان لا يخسر الطائف كميثاق، ويذهب باتجاه طروحات تدخل البلد بالمجهول.
ويواصل البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي مساعيه لجمع الرئيسين عون والحريري، للتفاهم وإنجاز مصالحة بينهما، تمهد لتأليف الحكومة، وإنقاذ لبنان، على حدّ تعبير الوزير السابق سجعان القزي.
واعتبر كلام باسيل انه لم يسهل تأليف الحكومة، وانتقد الدعوة إلى مؤتمر تأسيسي، رافضا القبول بإعادة النظر بالنظام من دون رعاية دولية.
وفهم ان هذا الموقف يعكس موقف من الدعوة إلى مؤتمر وطني لبحث النظام السياسي.
وكان البطريرك تساءل في عظته: هل الحقائب والحصص وتسمية الوزراء أهم وأغلى عند المسؤولين عن تشكيل الحكومة من صرخة أمٍ لا تعثر على ما تطعم به اولادها، ومن وجع أبٍ لا يجد عملا ليعيل عائلته، ومن جرح شاب في كرامته لا يملك قسطه المدرسي والجامعي؟ عندما زارنا فخامة رئيس الجمهورية الخميس الماضي اكدنا معا وجوب الاسراع في تشكيل حكومة انقاذية غير سياسية تباشر مهماتها الاصلاحية، وتكون المدخل لحل الازمات السياسية والاقتصادية والمالية والاجتماعية.
ونتساءل أيضا: ألا تتلاشى العقبات الداخلية والخارجية أمام إنقاذ مصير لبنان وإحياء دولة المؤسسات؟ ولماذا الاصرار على ربط هذا الانقاذ بلعبة الامم وصراع المحاور؟
ما قيمة حكومة اختصاصيين إذا تم القضاء على استقلاليتها وقدراتها باختيار وزراء حزبيين وليسوا على مستوى المسؤولية؟
ما قيمة الحياد والتجرد والشفافية والنزاهة إذا تسلم الحقائب المعنية بمكافحة الفساد ومقاضاة الفاسدين وزراء يمثلون قوى سياسية؟
هذة الاسئلة الخطيرة تحملنا على تجديد الدعوة الى فخامة رئيس الجمهورية ودولة الرئيس المكلف لعقد اجتماع مصالحة شخصية، يجددان فيه الثقة التي تقتضيها مسؤوليتهما العليا، ولا ينهيانه من دون اعلان حكومة، وفقا لنص الدستور وروحه.
الاقفال التام
وفي ظل هذه المعطيات، عقدت اللجنة الوطنية لمواجهة فايروس كورونا اجتماعا طارئاً، واتخذت توصية بفرض منع التجول 24 ساعة على أربع وعشرين ساعة، ولمدة 7 أيام، بعدما يُعطى المواطنون 48 ساعة للتبضع، لا يستثنى منها الا الطواقم الطبية والصيدليات والأفران، على ان تترافق هذه التوصية مع الاغلاق العام المستمر، حتى آخر كانون الثاني الحالي، تمهيداً لاتخاذ القرار في المجلس الأعلى للدفاع اليوم.
وأوضح عضو لجنة متابعة وباء كورونا مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الصحية الدكتور وليد خوري في تصريح لـ«اللواء» أن التوصيات التي خرجت بها اللجنة امس بالنسبة إلى الأقفال العام وحظر التجول تشكل الحل الأنسب من أجل الحد من الارتفاع الكبير للاصابات بوباء كورونا . ولفت إلى أنه كان من الضروري اللجوء إلى هذه التوصية بفعل التخوف من تطور الوضع لاسيما أن هناك احتمالا كبيرا أن يحتاج المرضى إلى المزيد من اسرة العناية الفائقة في حال واصل عداد كورونا بالارتفاع وهناك ٥٥٠ سريراً فقط ، قائلا: لا يمكننا الا أن نخفف الأعداد.
وتفاعل عبر مواقع التواصل الخبر الصادر عن التوصية التي خرجت عن اللجنة الوزارية أمس، والتي تقضي بإقفال كل البلد، وان الاقفال سيشمل السوبرماركات والأفران من ضمن القطاعات التي سيتم اقفالها، بما فيها القطاع الإعلامي.
وانهت لجنة كورونا اجتماعها، ورفعت توصياتها إلى اللجنة الوزارية، وفيها تطلب إغلاق المطار والحدود ومعظم القطاعات لسبعة أيام، وإلغاء الاستثناءات اعتبارا من يوم الخميس.
وقال وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن، تخطينا نسبة الفحوصات الإيجابية، ولم يعد لدينا خيار سوى الاقفال.
وطالب النائب في كتلة التنمية والتحرير بتبديل لجنة كورونا لأن دورها لم يعد ايجابياً.
نيابياً، تعقد لجنة الصحة النيابية اجتماعا اليوم لوضع اقتراح قانون، يسمح، باستيراد لقاح الفايروس، من الشركة التي تعاقد معها لبنان، تمهيداً لاقراره في جلسة نيابية قريبة.
وكشف رئيس اللجنة ان شركة فايزر وغيرها من الشركات وضعت شرطاً اساسياً على كل الدول التي ترغب بشراء اللقاح، وهو صدور قرار عن مجلس النواب، الا وهو «الاستخدام الطارئ للقاح».
وقال وزير التربية في حكومة تصريف الأعمال طارق المجذوب ان التعليم مستمر عبر «الأونلاين»، مختصرا أجواء التعليم.. ولتخفيض الدوام الى النصف.
وكشف نقيب مستوردي القمح أحمد حطيط ان أسعار الطحين سترتفع، وذلك بسبب ارتفاعها عالمياً. وان سعر الربطة سيرتفع إلى 2500 أو 2250 ليرة لبنانية، أو تخفيض وزن الربطة، مشيرا إلى ان القرار سيصدر خلال اليومين المقبلين.
29296 إصابة
صحياً، أعلنت وزارة الصحة العامة في تقريرها اليومي عن تسجيل 3743 إصابة جديدة بالكورونا، و16 حالة وفاة خلال الـ24 ساعة الماضية، ليرتفع العدد التراكمي إلى 29296 إصابة مثبتة مخبرياً، منذ 21 شباط 2019.