كتب وليد حسن في المدن : انطلق العام الدراسي منذ أسبوع بإرباك كبير بين الأساتذة والمدراء. ففي الأسبوع الأول لفتح المدراس الرسمية لصفوف الثانوي وشهادة البروفيه، ظهرت إصابات كورونا عديدة بين الطلاب والمعلمين في النبطية وصيدا والبقاع. كما ظهرت إصابات في مدارس خاصة ومهنيات. وقد عمدت بعض إدارات المدارس على إقفالها كلها تمهيداً لتعقيمها، وفق ما ينص عليه البروتوكول الصحي. بينما ظهرت إصابات في مدارس، ولم تقفل إلا الصفوف الموبوءة. والأخطر، كما تناقل الأساتذة، عمد أحد المدراء على إخفاء أمر الإصابات، لأنه لا يريد إقفال الصفوف والمدرسة، مخالفاً بذلك كل القرارات والمعايير.
إلى ذلك أقدمت بعض الثانويات على إقفال أبوابها، اعتراضاً على قرارات إقفال المدارس في المناطق المصنفة الحمراء، وفتحها في المناطق الخضراء. خصوصاً في ظل تغيّب عدد كبير من الأساتذة والطلاب عن الحضور، بسبب تواجدهم في المناطق المصنفة حمراء، كما حصل في معظم المدن اللبنانية المحاطة ببلدات مجاورة مقفلة. وتراجعت لاحقاً. لكنها عمدت إلى فتح صفوف الشهادات فقط.
جهل بالارشادات
وقد أكدت إحدى المعلمات أنه في الاجتماعات التمهيدية لفتح المدارس، كان يفترض تحديد الشروط الواجب اتباعها في حال شك الأساتذة بوجود إصابة بين طلابه، أو في حال تأكد فعلاً من وجود إصابة، أو في حال تم التأكد من إصابة أحد أفراد الهيئة التعليمية. لكن من خلال تواصل “المدن” مع أكثر من أستاذ، تبين عدم اطلاعهم على البروتوكول الصحي وكيفية التعامل مع الحالات التي قد تواجههم. هم يعرفون أنه عليهم الحجر على أنفسهم لمدة 14 يوماً، في حال إصابتهم، لكنهم لا يعرفون أنه في حال ظهور إصابات بين الطلاب، إذا كانوا سيقفلون الصف كله أو المدرسة. وجل ما يعرفونه أنه على المدير الاتصال بوزارتي الصحة والتربية.
التربية تصر على خطتها
إلى ذلك عمد بعض مدراء المدارس الرسمية إلى فتح صفي الشهادات الثانوية والمتوسطة حصراً لمنع اكتظاظ الطلاب. وذلك بسبب وجود أعداد طلاب كبيرة من ناحية، وعدم توفر كل الهيئة التعليمية، كما أكد أساتذة ومدراء، من ناحية ثانية. هذا وتستعد العديد من المدارس الخاصة لفتح أبوابها غداً الإثنين لصفوف ما قبل الصف التاسع، كما أكد أهالي بعض الطلاب. وهذا يخالف التعاميم التي صدرت عن وزارة التربية. لذا اعتبرت “الوزارة” أن المدراء والمدراس يخالفون التعاميم التي أصدرها الوزير.
وحيال هذا الارتباك الذي حصل في الأسبوع الأول، وإقدام مدارس على إقفال الصفوف التي ظهرت فيها إصابات حصراً وعدم إقفال المؤسسة التعليمة كلها، وبسبب تمنع بعض المدراء عن فتح المدارس وتلويح آخرين بإقفالها، وإقدام المدارس الخاصة على فتح الصفوف لمرحلة ما دون الصف التاسع، عاد وزير التربية وأصدر تعميماً دعا فيه المدارس الرسمية والخاصة، إلى “التزام المعايير والضوابط التي نص عليها القرار 463، وبالتالي اقتصار التدريس المدمج على تلامذة الصف التاسع الأساسي (البروفيه) والصفين الثاني والثالث الثانوي، وتأكيد تطبيق معايير التباعد، والسهر على تطبيق الإجراءات الوقائية المفصّلة في الدليل الصحي الصادر عن الوزارة”. وحذر المؤسسات التربوية، الرسمية والخاصة، من “مغبة مخالفة مندرجات القرار المذكور والقرارات التنظيمية والبروتوكول الصحي، تحت طائلة تطبيق تدابير إدارية وقانونية قاسية بحق إدارات المدارس المخالفة”.
إخفاء الإصابات
العديد من الأساتذة انتقدوا هذا التعميم خصوصاً بعد ظهور إصابات كورونا في العديد من المدراس في الأسبوع الأول لعودتهم إلى المدارس. وتناقلوا تسجيلات عن أن أحد المرشدين الصحيين في مركز الارشاد الصحي في منطقة بعلبك، تبين أنه مصاب بكورونا، واكتشف أمره بعدما وزع على باقي المرشدين الصحيين مواد التعقيم والكمامات ونقل العدوى إلى قسم منهم. علماً أنهم قاموا بدورهم بتوزيع هذه المواد على المدراس والطلاب، وقد ظهرت نتائج موجبة بين هؤلاء المرشدين. وما زاد من قلقهم إقدام أحد المدراء في بعلبك على إخفاء الإصابات وفتح مدرسته لأنه يريد المضي بالعام الدراسي.
جهل الوزارة للواقع
هذا في وقت تشهد الهيئات التعليمية انقسامات حول من يطالب بالتعليم عن بعد حصراً، ومن يريد فتح المدارس والمضي بالعام الدراسي وفق مقررات وزارة التربية. وقد أكد أساتذة أن بعض المدراء يضغطون حتى على الأساتذة القاطنين في المناطق المصنفة حمراء للحضور إلى مدارسهم في المناطق الخضراء، لأنهم لم يتمكنوا من تسيير الدروس للطلاب الذين حضروا وعادوا إلى بيوتهم، بسبب غياب الأساتذة.
وتعليقاً على البروتوكول الصحي الذي يلوح به وزير التربية، اعتبر أحد الأساتذة أن ثمة جهلاً كبيراً في وزارة التربية إزاء ما يحدث في الواقع. فالأستاذ هذا لم يتمكن من تنظيم إلا حصتين في الأسبوع الأول، واحدة في صيدا وأخرى في بيروت، بسبب غياب الطلاب. وحرص على إلزام طلابه الذين حضروا بوضع الكمامة والتباعد الاجتماعي في الصف. لكن هذا غير كاف ولا يضمن عدم انتقال العدوى بين الطلاب، كما يقول. فالمسألة لا تقتصر على الصفوف، خصوصاً أن الطلاب يجتمعون مثلاً في الفرن المقابل للمدرسة، أو يعمدون على التجمع بمجموعات كبيرة خارج حرم المدرسة عندما يغادرون إلى منازلهم، كما لاحظ هو شخصياً. وهذا كفيل بدب الرعب بين الأساتذة، كما قال.
مخاوف محقة
يستغرب هذا الأستاذ الإصرار على التعليم الحضوري، رغم قناعته بعدم جدوى التعليم عن بعد بسبب غياب المستلزمات، ويقول: “نرى عدد الإصابات اليومية وكيف يرتفع، وكيف أن أسرة المستشفيات ممتلئة بمرضى كورونا. هذا في وقت حتى دواء البانادول بات مفقوداً في الصيدليات. وزارة التربية تريد تسيير العام الدراسي كيفما اتفق، بينما بعض المدراء يهتمون بكيفيّة تسيير الدروس في مدارسهم وحسب، ولا أحد يلتفت إلى المخاوف الحقيقية التي يراها الأساتذة ماثلة يومياً أمامهم”.