اعتاد كثيرون على أخذ لقاح الإنفلونزا الموسمية، مع بدء فصل الخريف، لكن هذا الإجراء الوقائي يكتسي أهمية “فائقة”، هذه السنة، في ظل انتشار فيروس كورونا المستجد الذي أصاب عشرات الملايين حول العالم.
وبحسب صحيفة “فاينانشال تايمز”، فإن جهودا تبذل في الوسط الطبي من أجل تكثيف التلقيح، والهدف هو تفادي تزامن “الوباءين” والمرضين التنفسيين في الوقت نفسه.
ويخشى خبراء الصحة أن تؤدي الإصابات بالإنفلونزا الموسمية في الشتاء إلى إرباك جهود مكافحة كورونا وإنهاك أنظمة الرعاية الصحية، نظرا إلى تشابه أعراض هذا المرض الموسمي مع “كوفيد 19”.
لكن الرهان على تلقيح أكبر عدد من الناس ضد عدوى الأنفلوانزا تعترضه عدة عقبات؛ أبرزها عدم وجود جرعات كافية في الأسواق خلال الوقت الحالي، فيما تعمل بعض الشركات بشكل حثيث من أجل ضمان تزويد المؤسسات الصحية بما تحتاجه قبل بدء فصل الشتاء.
وطلبت ألمانيا الإمداد بـ26 مليون جرعة من لقاح الإنفلونزا، في خطوة استباقية قبل حلول الشتاء الذي يشهد تزايدا معتادا في حالات الإصابات بالمرض الموسمي.
وأوضح وزير الصحة الألماني، جينس سبان، أنه لم يسبق لبلاده أن طلبت هذا العدد الكبير جدا من لقاح الإنفلونزا، أما الحكومة البريطانية فقالت إنها تطمح إلى تلقيح ما يناهز 30 مليون نسمة، هذا العام، أي ضعف عدد من أخذوا اللقاح في 2019.
وفيما تراهن حكومات غربية على زيادة تلقيح الناس ضد الإنفلونزا، تقول شركات كبرى مختصة في إنتاج لقاح الإنفلونزا مثل “سيكيروس” و”سانوفي” و”غلاكسو سميث كلاين” إن الإنتاج العالمي من هذا المنتج الطبي لم يرتفع إلا بنسبة تتراوح بين 1 و2 في المئة، بينما زاد الطلب على نحو هائل.
سيناريو مخيف
وتنبه الباحثة في علم الفيروسات بجامعة بيرجن النرويجية، ريبيكا جيني، إنه في حال كان مرض فيروس كورونا المستجد الذي يسبب مرض “كوفيد 19” مصحوبا بالإنفلونزا فإن ذلك قد يعني كارثة.
وفي المنحى نفسه، يرى أستاذ علم الأوبئة بجامعة “ويت واتر سراند” في جنوب إفريقيا، شيريل كوهن، إن احتمال تزامن وباءين في وقت واحد أمر يبعث على القلق.
وفي وقت سابق، أشارت منظمة الصحة العالمية إلى أن عددا من دول العالم تعاني صعوبات في الحصول على جرعات كافية للتلقيح ضد الإنفلونزا.
وتتوقع تركيا، مثلا، أن تتلقى 1.5 مليون جرعة من لقاح الإنفلونزا خلال السنة الجارية، لكن هذا العدد لكن يكون كافيا، بحسب ما كشفت عنه جمعية الصيادلة في البلاد.
وبدأت بعض البلدان حملات تلقيح ضد الإنفلونزا بشكل وُصف بالصارم، بينما كان الأمر اختياريا، وقلما يقبل عليه الناس في السابق.
ويرى جون ماكولي، وهو مدير مركز الإنفلونزا في معهد “كريك” بلندن، إنه سيكون من التهور ألا تقوم الحكومات برفع عدد جرعات اللقاح ضد الإنفلونزا خلال السنة الحالية، في ظل انتشار كورونا.
وتشير أرقام صادرة عن جامعة أوكسفورد فإن لقاح الإنفلونزا ساعد على تفادي ما بين 15 و52 في المئة من الحالات في بريطانيا خلال السنوات الخمس الماضية.