الجمعة, نوفمبر 22
Banner

الشرق الأوسط : “‎لا عوائق” أمام تكليف الحريري تشكيل الحكومة اللبنانية ‏الجديدة

جاء في صحيفة ” الشرق الأوسط ” : يفترض أن تكون الطريق إلى الاستشارات النيابية المُلزمة التي سيُجريها رئيس ‏الجمهورية ميشال عون، بعد غد الخميس، لتسمية الرئيس المكلّف بتشكيل ‏الحكومة الجديدة، قد أصبحت سالكة وآمنة، لافتقاد رئيس “التيار الوطني الحر” ‏النائب جبران باسيل، القدرة على تعطيلها وستنتهي حتماً إلى تكليف زعيم تيار ‏‏”المستقبل” رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، بتشكيلها، وذلك للمرة ‏الرابعة منذ دخوله المعترك السياسي بعد اغتيال والده الرئيس رفيق الحريري في ‏‏14 فبراير (شباط) 2005‏‎.
وتستبعد مصادر سياسية إمكان حصول مفاجآت ليست مرئية تدفع باتجاه إرجاء ‏الاستشارات للمرة الثانية في خلال أسبوع، وتعزو السبب إلى أن الرئيس عون ‏كان أمهل باسيل، عندما قرر تأجيل الاستشارات، لعله يتمكّن من إعادة خلط ‏الأوراق لقطع الطريق على تكليف الحريري، في حال لم يستجب الأخير لدفتر ‏شروطه، وبالتالي لم يعد في وسعه التمديد لترحيل الاستشارات، إلا إذا بادر ‏باسيل إلى ابتداع مغامرة جديدة لتأجيلها، خصوصاً وأنه – كما يقول رئيس ‏حكومة سابق، فضّل عدم ذكر اسمه – “من أصحاب السوابق” في هذا المجال‎.
ويؤكد رئيس الحكومة السابق لـ”الشرق الأوسط”، أن التعامل مع باسيل على ‏أنه يعشق المغامرة غير المحسوبة ينطلق من تاريخه السياسي في تعطيل جلسات ‏مجلس الوزراء، ومنع الحكومات التي شارك فيها من الإنتاجية. ويضيف أن ‏عون عطّل المجلس النيابي لأكثر من عامين، ولم يقرر الإفراج عنه إلا بعد أن ‏ضمن انتخابه رئيساً للجمهورية من برلمان ممدّد له، وكان أول من اعترض ‏على التمديد بذريعة أنه يفتقد إلى الشرعية، لكنه سرعان ما تراجع عن موقفه ‏فور انتخابه‎.
ويقول إن عون، ومن خلفه باسيل، يتحمّلان مسؤولية في تأخير تشكيل ‏الحكومات، ويسأل لماذا عطّل جلسات مجلس الوزراء بعد حادثة قبرشمون، ثم ‏سرعان ما تراجع عن شروطه بإحالتها على المجلس العدلي؟
ويعتبر رئيس الحكومة السابق أن عون لم يكن في حاجة إلى المعارضة التي ‏بدأت تتكوّن بعد أشهر على انتخابه رئيساً للجمهورية، طالما أنه ترك باسيل ‏يتصرّف وكأنه “رئيس الظل” الذي سخّر كل إدارات الدولة لخدمة طموحاته ‏الرئاسية، واصطدم بحلفائه قبل خصومه، ويكاد الآن أن يترك “العهد القوي” ‏وحيداً لو لم تكن هناك من حاجات متبادلة تجمعه بـ”حزب الله”، وإن كانت ذات ‏بُعد سياسي محلي، رغم أن الأخير لا يخفي عدم ارتياحه للتعامل مع جبران ‏باسيل، ويشكوه من حين لآخر لرئيس الجمهورية‎.
وتلفت المصادر السياسية إلى أن عون يفتقد الأوراق الضاغطة، ليستخدمها من ‏أجل تعويم باسيل وإنقاذه سياسياً، وتؤكد أن إنجاز الاستشارات بات موضع ‏اهتمام دولي وإقليمي، بل باتت “مدوّلة بامتياز”، حسب رأي المصادر، وهذا ما ‏يترجم بتصاعد وتيرة الضغط الفرنسي والأميركي الذي تحوّل إلى حصار يطوّق ‏من يراهن على ترحيل الاستشارات‎.
وتعتبر هذه المصادر أن باسيل “خسر معركة التشكيل التي خاضها وحيداً برغم ‏كل التسهيلات اللوجستية التي وفّرها له رئيس الجمهورية، وبات يتحضّر الآن ‏لخوض معركة التأليف، بدءاً بمراقبة الصيغة الوزارية التي سيتقدم بها الحريري ‏فور تكليفه”، للتأكّد مما إذا كان سيراعي فيها خصومه أو حلفاءه ليطلب معاملته ‏بالمثل، مضيفة أنه كان يغمز من حين لآخر في قناة حليفه “حزب الله” بذريعة ‏عدم مراعاته لمواقفه من الحكومة الجديدة المرتقبة‎.
وتقول إن معركة التأليف لن تكون سهلة، مضيفة أن باسيل يعوّل على الطلب ‏من عون حصر التمثيل المسيحي بتياره السياسي، في ظل امتناع حزب “القوات ‏اللبنانية” عن المشاركة في الحكومة المفترض أن يشكلها الحريري، انسجاماً مع ‏موقفه المعلن (رفض تسمية الحريري في الاستشارات)، بالإضافة إلى استقالة ‏نواب حزب “الكتائب” من البرلمان، مشيرة إلى أن هذه المبررات قد تكون خط ‏الدفاع الأخير لباسيل لاسترداد ما يسهم في تعويمه‎.

وتكشف المصادر نفسها أن رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد ‏‏(حزب الله)، أبلغ رئيسة كتلة “المستقبل” النيابية، بهية الحريري، عندما التقاها ‏في إطار جولة المشاورات التي تولّتها الأخيرة بأن تأييده لـ90 في المائة من ‏المبادرة الفرنسية لا يعني أن الموافقة على العشرة في المائة الأخيرة محصورة ‏فقط برفض إجراء الانتخابات النيابية المبكّرة، إنما تشمل قضايا أخرى، ما يعني ‏تحفّظ “حزب الله” على بعض ما ورد في الورقة الإصلاحية التي تقدّم بها ‏الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وكان سبق للسيد حسن نصر الله أن طرح ‏تحفظاته أخيراً‎.

وعليه فإن إصرار “التيار الوطني” على أن يتولى رئاسة الحكومة من هو من ‏أصحاب الاختصاص والمستقلين، لن يلقى – كما تقول المصادر السياسية – ‏استجابة من الآخرين. وتعزو السبب إلى أن موقع الرئاسة الثالثة (رئاسة ‏الحكومة) هو موقع سياسي بامتياز‎.
وتسأل المصادر: “هل إن عون انتُخب رئيساً لأنه من أصحاب الاختصاص أم ‏كونه يتزعم تياراً سياسياً، وبالتالي يجب أن ينسحب انتخابه على رئيس الحكومة ‏الذي يتزعم ثاني أكبر كتلة نيابية، ويُعتبر الأول في طائفته، ناهيك عن أن موقع ‏الرئاسة هو أساس في المعادلة السياسية، وإلا كيف سيرد على رئيس البرلمان ‏نبيه بري (الرئاسة الثانية)؟ كما تسأل المصادر ذاتها: “لماذا لا يبدأ عون بتطبيق ‏مواصفات باسيل لرئاسة الحكومة على نفسه أولاً، بدءاً بعدم ترؤسه لجلسات ‏مجلس الوزراء، مع أن الدستور يجيز له ذلك، ويترك الجلسات بعهدة رئيس ‏الحكومة؟”، وتتابع أن استجابة عون لشروط باسيل تعني أنه يطيح بشراكة ‏الطائفة السنّية في السلطة السياسية. “فهل ينصاع عون للوصفة السياسية التي ‏يدافع عنها باسيل، أم يتدارك منذ الآن إقحام البلد في مأزق سياسي”، حسب ما ‏تسأل المصادر السياسية ذاتها‎.‎

Comments are closed.