الأحد, نوفمبر 24
Banner

دعم الدواء يتقلص ولا يتوقف.. ولائحة “رشيقة” للمواد الغذائية

كتبت عزة الحاج حسن في المدن : بعد إعلان مصرف لبنان عدم قدرته على الاستمرار بدعم المواد الاستهلاكية الأساسية (الأدوية والقمح والمحروقات والمواد الغذائية)، وتأكيده إعادة النظر بالدعم قبل نهاية العام الجاري، شكل موضوع تخزين المواد المدعومة تمهيداً لارتفاع الأسعار، الهاجس الأول لدى المستهلكين والتجار الطامحين لتحقيق مكاسب مادية إضافية بعد رفع الدعم. أما الخاسر الأكبر فكان ولا يزال الفئات الاجتماعية الضعيفة، التي لا تقوى على مواجهة مزيد من الأعباء المعيشية، خصوصاً لجهة تأمين الأدوية.

ولأن مسألة رفع الدعم عن الأدوية تفتح الباب على مخاطر قد لا ينجو منها أحد، لاسيما المؤسسات الضامنة المهدّدة بالإفلاس، اتجهت حكومة تصريف الأعمال، بالتنسيق مع مصرف لبنان وممثلين عن كافة الجهات المعنية بالقطاع الصحي، إلى السعي لوضع صيغة جديدة للدعم تجنّب المرضى وعموم المواطنين أزمة صحية كارثية.

وتم تشكيل لجنة تترأسها مستشارة رئيس الحكومة للشؤون الصحية، الدكتورة بترا خوري، مؤلفة من ممثلين عن رئاسة الحكومة ومصرف لبنان ووزارة الصحة ونقابات الأطباء والصيادلة ومستوردي الأدوية ومصنعي الأدوية، وكل من تربطه علاقة بملف الأدوية. مهمتها البحث عن آلية جديدة لدعم الدواء، تعقد اللجنة اجتماعاً أو اجتماعين أسبوعياً. وكادت وفق مصادر أن تضع اللمسات الأخيرة على خطة جديدة لدعم الدواء. ولكن تبقى العبرة في التنفيذ وفي سرعة تبني الحكومة المقبلة لها واعتمادها.

الدواء لن يُترك

الهدف الأساس من الخطة، وفق حديث خوري إلى “المدن”، يبقى عدم توقف الدعم للدواء. وتجزم خوري “لن نترك الدواء على الإطلاق”. واللجنة تستهدف وضع استراتيجية تضمن استمرارية دعم الدواء بشكل يمنع تهريبه وتزويره، ويحمي المريض، ويؤمن في الوقت عينه استمرارية الجهات الضامنة ويحميها من الإفلاس. وتطمئن خوري المواطنين بالقول: نعمل على تحضير خطة متكاملة مطمئنة للناس، مع تأمين الدعم اللازم لها. مشدّدة بأن الدواء لن يُترك.

يبقى التحدي الأول في تأمين الدعم للدواء، ليس حماية المرضى وحسب، بل تجنيب المؤسسات الضامنة الإفلاس التام. ويحذر نقيب الصيادلة غسان الأمين، في حديثه إلى “المدن”، من أن رفع الدعم عن الدواء من دون تقديم البدائل، من شأنه مضاعفه أسعار الأدوية من 5 إلى 6 أضعاف ما هي عليه اليوم. والخطر الأكبر يكمن في عدم قدرة الجهات الضامنة كتعاونية موظفي الدولة والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي على تحمّل فاتورة الأدوية الكبيرة ومواجهتها. وهو ما يعرّضها قطعاً لخطر الإفلاس.

وإذ يرى الأمين أن رفع الدعم عن الدواء، فيما لو حصل، يُعد كارثة وطنية لا يُمكن تصوّر عواقبها، يستغرب حديث حاكم مصرف لبنان رياض سلامة عن ترشيد استيراد الدواء من دون أن يطلب لائحة بالأدوية المقترح دعمها، معتبراً أن موضوع رفع الدعم لم يتم التعامل معه جدياً حتى اللحظة.

وعلى الرغم من مخاوف الأمين، يبدو أن التوجه بات محسوماً لتخفيف الدعم عن الأدوية وليس لرفع الدعم. ومن المرتقب أن ترى الخطة البديلة عن الدعم الحالي النور قريباً، وفق مصدر متابع للملف. وتفيد المعلومات بأرجحية تحديد أصناف الأدوية المدعومة وشطب العديد من الأصناف التي يتوفر لها بدائل أقل سعراً، لاسيما من الأدوية الجنيسية أو الجنريك.

خفض دعم المواد الغذائية

من جهتها تحاول وزارة الاقتصاد وضع لائحة بالمواد الغذائية التي ستبقى مشمولة بالدعم، تماشياً مع عملية ترشيد الدعم. وحسب مدير عام وزارة الاقتصاد، محمد أبو حيدر، في حديثه إلى “المدن”، فالوزارة تعمل على وضع خطة قائمة على تحديد السلع التي أشبع السوق منها. فيتم رفع الدعم عن استيرادها. والسلع التي لا تزال مطلوبة بشكل أكبر فتُدرج في القائمة الجديدة للسلع المدعومة “بشكل نضمن فيه تأمين الغذاء للمواطن لاسيما من المواد الأساسية”، على ما يقول أبو حيدر.

وحسب المدير العام، تقوم وزارة الاقتصاد بمقارنة السلع المستوردة وكمياتها خلال السنوات الثلاث الماضية 2018 و2019 مع العام 2020، وتحديد ما إذا كانت تلك المستوردات الغذائية كافية بكمياتها لتغطية السوق في المرحلة المقبلة، أم أنها غير كافية، ليتم على أساسها تحديد ما إذا كان ممكن سحب السلعة من الدعم أو إبقائها. وذلك بهدف تخفيف الضغط عن مصرف لبنان وتأمين المواد الأساسية للمواطنين.

المهمة ليست سهلة، وفق أبو حيدر، لاسيما أنها تستلزم مقارنة أرقام الوزارة والجمارك ومتابعتها مع المستوردين وغير ذلك، وقد أنهت الوزارة حالياً العمل على كافة المنتجات الزراعية، وتستمر بالعمل على تحديد المواد المرتبطة بالقطاع الصناعي.

ويكن يبقى السؤال الأساس.. هل ستتمكن الجهات الرقابية من ضبط التجار، لضمان إيصال المواد المدعومة إلى مستحقيها، أم أنها ستعيد سيناريو السلة المدعومة الحالية؟

Comments are closed.