يتوقع أن تعلن «توتال» الفرنسية قريبا عن نتائج عمليات الحفر التي جرت في شباط وآذار في البئر رقم ٤ والتي تأخّرت حوالي ٥ شهور، في وقت تتواتر التقديرات العشوائية عن ثروة لبنان الغازية والنفطية. والسبب انه عندما تتراكم الكوارث والأزمات يجنح الناس عادة الى المبالغات كي يعوّضوا بها عن الحقائق. وهذا ما هو حاصل على مواقع التواصل الاجتماعي بتوقعات تصل أحيانا الى ترليونات الدولارات! وأن لبنان سيكون دولة نفطية كبرى تضاهي دول الخليج، كما حصل يوما عندما أطلق وزير الطاقة السابق جبران باسيل حملة دعائية كبرى تضمنت شعارات اقتصادية خيالية ما لبثت ان انهارت أمام معطيات وتقديرات واقعية منها أن مكنونات الغاز والنفط في لبنان تتراوح في حدها الأدنى بين ٢٠ و٢٥ ترليون قدم مكعب وحدها الأقصى بين ٩٠ و١٢٠ ترليون قدم مكعب من الغاز إضافة الى ما بين ٨٠٠ مليون و1,5 مليار برميل نفط. وان قيمة هذه الثروة الغازية – النفطية تتراوح بين حد أدنى ٤٠٠ مليار دولار وحد اقصى ٩٠٠ مليار دولار حصة لبنان منها في الحد الأدنى ٢٤٠ مليار دولار والحد الأقصى ٥٤٠ مليار دولار يحصل عليها بصورة تدريجية على مدى ٢٠ أو ٢٥ عاما تبدأ من العام ٢٠٢٧ أو ٢٠٢٨. وهذا إذا كل شيء جاء على ما يرام وانطبق حساب الحقل على حساب البيدر لجهة أكلاف مسافات العمق التي سيجري فيها العمق والحفر والاستكشاف، وأسعار الغاز والنفط بعد ٧ أو ٨ سنوات وعلى مدى ٢٥ عاما، ومدى امكانات التصدير في سوق عالمية شديدة المنافسة في حرب أنابيب ومرافئ وطرقات وبواخر ووسط نزاعات سياسية دولية واقليمية لن يكون لبنان في منأى عن تداعياتها، تدور بين أطراف سياسية من الولايات المتحدة وروسيا وأوروبا الى دول الخليج ومصر وإيران وتركيا وإسرائيل واليونان وقبرص وصولا الى سوريا ولبنان.
علما ان المحاذير والمخاطر من المبالغة في تقديرات العائدات انها تخلق نوعا من التواكل والتكاسل في الجهود الضرورية والفورية لمواجهة الكارثة الاقتصادية، بناء على أرقام ومعطيات خالية من الموضوعية، كما ان الطبقة السياسية التي يشكو منها اللبنانيون قد تستخدم هذه التقديرات وفي شراء الوقت وتهدئة عواصف الانتفاضات الشعبية اعتمادا على وعود الغد القريب والبعيد، علما انه من الآن حتى إطلالة هذا الغد الموعود بعد طول سنين، يكون الدين العام قد تجاوز عائدات الغاز والنفط.
وقد يقول قائل: لماذا ننظر الى النصف الفارغ من الاناء ولا نمنّي النفس بالاحتمالات الإيجابية؟ والجواب ان ما ينطبق على سلوك الأفراد لا ينطبق على سياسات الدول والشعوب وبما يتطلب المصارحة والشفافية والموضوعية والواقعية. ولا سيما في شؤون الاقتصاد الذي يتوقف على ازدهاره أو كساده مصير الأمة والوطن.
المصدر: اللواء