السبت, نوفمبر 23
Banner

الجمهورية : التأليف من سياسة “الجزرة” الى ‏‏”العصا”. والراعي: الحكومة ثمّ ‏التدقيق الجنائي

جاء في صحيفة ” الجمهورية “: تدخل البلاد الى أسبوع جديد من دون حكومة، وكل أسبوع يكون أسوأ ‏مما سبقه ليس فقط بسبب التردّي المالي المتواصل، والذي يُنذر ‏بكوارث في حال تُركت الأوضاع بلا معالجة جذرية وفورية، إنما بسبب ‏أيضاً وصول أصحاب الشأن في الداخل والخارج إلى اقتناع بأنّ الخروج ‏من الفراغ بات يحتاج إلى قوة ما فوق بشرية، أي إلى معجزة، خصوصاً ‏انّ كل وساطات الداخل اصطدمت بحائط رئيس الجمهورية ميشال ‏عون والرئيس المكلّف سعد الحريري، وكل وساطات الخارج لقيت ‏المصير نفسه، وسرعان ما تبدّد التعويل على الحركة الديبلوماسية ‏الأخيرة، مع فتح عون معركة التدقيق الجنائي، قبل ان ينهي وزير ‏الخارجية المصري سامح شكري جولته، وقبل ان يبدأ الأمين العام ‏المساعد لجامعة الدول العربية حسام زكي لقاءاته، وجاء الانطباع الذي ‏خرج به كل من شكري وزكي سلبياً جداً، ومفاده انّ الاعتبارات ‏الشخصية تطغى على المصلحة اللبنانية العامة، وسجّلا مخاوفهما ‏مما ينتظر لبنان في حال عدم المبادرة إلى تأليف الحكومة.‏

في ظلّ التعثر والتعطيل الذي تواجهه المبادرات الداخلية الهادفة الى ‏إنجاز الاستحقاق الحكومي، بدا على الخط الفرنسي انّ التعويل الوحيد ‏في هذه المرحلة هو على العقوبات التي يتمّ التحضير لها على ‏مستوى الاتحاد الأوروبي. إذ بعد فشل “سياسة الجزرة”، لم يبق سوى ‏استخدام “سياسة العصا” علّها تفتح باب التأليف، في حال رُبطت ‏العقوبات ومن ثمّ فكّها بتأليف الحكومة. ويبدو انّ الاتجاه لفرض هذه ‏العقوبات جدّي لثلاثة أسباب أساسية:‏

ـ السبب الأول، يتعلّق بصورة الاتحاد الأوروبي عموماً، وفرنسا ‏خصوصاً، ولن تسمح باريس بأن تُضرَب هيبتها وصورتها مثلما ضُرِبَت ‏في لبنان، من خلال رفض تطبيق المبادرة الفرنسية التي تشكّل ‏مصلحة لبنانية بالدرجة الأولى، كما لن تسمح بالتعامل مع مبادرات ‏رئيسها وتخصيصه لبنان بزيارتين متتاليتين بهذه الخفة والاستلشاق.‏

‏ ‏‏- السبب الثاني، كون العقوبات ستشكّل المدخل الوحيد لتأليف ‏الحكومة. فبعد توسُّل كل الوسائل وأساليب الضغط السياسية، لم ‏يبق سوى العقوبات التي تعاملت معها بالتحذير أولاً قبل اللجوء إلى ‏استخدامها على قاعدة “أُعذِرَ من أنذَر”، ويُخطئ كل من يعتقد انّها ‏ستكتفي بالتهويل فقط لا غير.‏

‏ ‏‏- السبب الثالث، يرتبط بالرسالة التي أرادت توجيهها إلى الداخل ‏اللبناني والخارج، وفحواها انّ كل من “يستوطي” حائط فرنسا او ‏الاتحاد الأوروبي عليه ان يعيد النظر في سياساته من الآن فصاعداً.‏

‏ ‏وفي موازاة كل هذا المشهد، تبقى مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه ‏بري، التي أكثر ما ينطبق عليها المثل القائل “لا معلّق ولا مطلّق”، ‏ولكنها الوحيدة المتبقية، وتشكّل مساحة مشتركة بين الجميع، ويمكن ‏العودة إليها متى فُتحت أبواب التأليف، كونها القاعدة التي يمكن ‏الانطلاق منها والاتفاق على أساسها. ولكن في الانتظار، ما زالت ‏جسور التواصل بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف مقطوعة، ‏والأسوأ انّ البلاد دخلت في سخونة سياسية تُضاف إلى السخونة ‏الشعبية بسبب سوء الأوضاع المالية.‏

‏ ‏جمود بعبدا و”بيت الوسط”‏

‏ ‏في هذه الأثناء، وعلى رغم الدعوات الدولية والمحلية الى تقديم ملف ‏تأليف الحكومة على ما عداه من الملفات المطروحة على اكثر من ‏مستوى، ظلّ الجمود يحكم حركة الرئيسين عون والحريري. إذ ساد ‏صمت مستغرب في قصر بعبدا و”بيت الوسط”، ولم تُسجّل طوال ‏عطلة نهاية الاسبوع اي اتصال يوحي بإمكان البحث في ملف التأليف، ‏رغم النصائح التي حملها الموفدون العرب والأجانب للإسراع في تأليف ‏الحكومة كأولوية تتقدّم على بقية الإستحقاقات المطروحة.‏

‏ ‏وتوافقت مصادر الطرفين، على انّ الوساطات الجارية لم تحقق اي ‏خرق بعد في الجدار المسدود، وانّ التأليف بات استحقاقاً ثانوياً في ‏ضوء حرب المصادر المفتوحة على نبش التاريخ في العلاقات بين ‏‏”التيار الوطني الحر” من جهة وكل من “القوات اللبنانية” وتيار ‏‏”المستقبل” وحركة “امل”، على خلفية الحديث عن “التدقيق ‏الجنائي”، والرغبة في ان يكون اولوية على بقية الملفات، ولا سيما ‏منها الملف الحكومي، وما أثاره من جدل عقيم بين هذه الاطراف.‏

‏ ‏عون يردّ‏ ‏

وفي ظلّ المواقف التي اطلقها امس اكثر من مرجع روحي وسياسي ‏وحزبي، وما حملته من مقارنات بين الحاجة الى الحكومة قبل التدقيق ‏الجنائي او بعده، غرّد الرئيس عون مساء امس عبر صفحته على ” ‏تويتر”، فقال من دون ان يسمّي احداً ممن قصده: “الفاسدون يخشون ‏التدقيق الجنائي، أما الأبرياء فيفرحون به”.‏

‏ ‏هيل في بيروت‏ ‏

وفي اطار الحركة الدولية في اتجاه لبنان، يصل وكيل وزارة الخارجية ‏الأميركية لشؤون الشرق الأوسط ديفيد هيل إلى بيروت بعد غد ‏الاربعاء، للقاء المسؤولين اللبنانيين الكبار، في زيارة وصفت بأنّها ‏الاخيرة له للبنان والمنطقة قبل ترك مركزه نهاية الشهر الجاري.‏‏ ‏

وإلى الملف الحكومي الذي لن يكون اساسياً، عُلم انّ الزيارة تتصل ‏بإمكان احياء المفاوضات غير المباشرة في الناقورة في شأن ترسيم ‏الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل، والصيغ المقترحة اميركياً، قبل ‏تجميد المفاوضات، ولمواكبة مساعي تعديل المرسوم 6433 الخاص ‏بحقوق لبنان.‏‏ ‏

سجال “عوني” ـ “قواتي”‏‏ ‏

وفي ظلّ التعطيل المستمر للتأليف الحكومي، اندلع سجال سياسي ‏عنيف بين حزب “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر”. فردّت ‏‏”القوات” في بيان، على “الهيئة السياسية لـ”التيار” برئاسة النائب ‏جبران باسيل، التي اتهمت الدكتور سمير جعجع بأنّه ساهم عام 90 في ‏ضرب صلاحيات رئيس الجمهورية، فأكّدت “أنّ من ضرب الصلاحيات ‏هو من دمّر المنطقة الحرة منذ اللحظة الأولى التي تسلّم فيها رئاسة ‏الحكومة الانتقالية، فأشعل حروبه العبثية تارة بحجة التحرير، وطوراً ‏من أجل الإلغاء، وفي الحالتين سعياً إلى رئاسة جمهورية كانت كلفتها ‏إسقاط الجمهورية، ورئاسة الجمهورية، وتهجير عشرات آلاف ‏المسيحيين واللبنانيين، وتدمير منطقة حرة كانت سيّجتها “القوات ‏اللبنانية” بالشهداء، والنضال، والدماء الزكية على مدى 15 عاماً كاملاً ‏فأسقطها العماد ميشال عون في 15 شهراً فقط”. وأضافت: “من ‏ضرب صلاحيات رئيس الجمهورية هو من دمّر المنطقة الحرة بحجة ‏مواجهة الميليشيات، فيما هو أول حليف وأكبر مظلّل للميليشيا التي ‏رفضت تسليم سلاحها بحجة المقاومة”.‏

‏ بدورها، ردّت اللجنة المركزية للإعلام في “التيار الوطني الحر”، على ‏‏”القوات”، فقالت: “لن نزعج اللبنانيين ببيان ردّ على “القوات ‏اللبنانية” من 11 بنداً، ولكن نقول قولًا واحداً عن السيد سمير جعجع: ‏من مارس الاجرام أيام الحرب والاغتيال السياسي، أيام السلم لا يحق له ‏الكلام بالأخلاق السياسية، ومن يمارس أعلى درجات الفساد السياسي ‏بأخذ المال من الخارج (‏fundraising‏) لصرفه انتخابياً، وبذخ ما جباه من ‏اللبنانيين على قصوره ورفاهيات حاشيته، لا يحق له الوعظ بالفساد. ‏ما أقبح المجرم عندما يتكلم بالعفة”.‏

‏ ‏وردّت “القوات”، على ردّ “التيار” فقالت: “انّ اتهام “القوات” بالفساد ‏السياسي، هو اتهام باطل ومردود لأصحابه، لأنّه، حتى بشهادة أخصام ‏‏”القوات”، فهو أنظف من مارس السياسة والشأن العام، وأما أنتم، ‏فملاحقون بعقوبات مجتمعات العالم المتحضّرة بسبب فسادكم، بينما ‏‏”القوات” كانت وما زالت مضرب مثل في ممارستها للشأن العام”.‏

‏ ‏‏.. و”التنمية والتحرير” تردّ

‏ ‏وتزامناً مع اشتعال “حرب البيانات والمصادر” بين “التيار” و”القوات”، ‏ردّت مصادر كتلة “التنمية والتحرير” على ما سمّته “المزاعم التي ‏تحاول جهة سياسية يعرفها اللبنانيون ويُعرف لونها”، قاصدة “التيار ‏الحر” من دون ان تسمّيه، فقالت انّ هذه الجهة “تحترف في تضليل ‏الرأي العام وتشويه الحقائق، ويعرف اللبنانيون ايضاً جهلها وتجاهلها ‏لقراءة وفهم اللغة العربية أو بالأحرى احترافها فن التفريط بالثوابت ‏الوطنية، وانعاشاً للذاكرة نوضح الحقائق التالية:‏

‏ ‏أولاً: إنّ إتفاق الإطار الذي أعلنه دولة الرئيس نبيه بري قد رسم القواعد ‏العامة للتفاوض في ترسيم الحدود اللبنانية، لا سيما الحدود البحرية ‏مع فلسطين المحتلة، من دون الدخول أبداً في مسألة تحديد المساحة ‏الجغرافية المنوي التفاوض عليها (لا مساحة 850 كلم ولا مساحة 2000 ‏كلم )، وهذا الكلام تبلّغه الوفد اللبناني المفاوض مباشرة وصراحة من ‏الرئيس نبيه بري، قبل ذهاب الوفد الى جولة التفاوض الاولى في ‏الناقورة.‏

‏ ‏ثانياً: لم يصدر أي موقف عن كتلة التنمية والتحرير أو عن رئيسها أو ‏عن اي من اعضائها، او عن حركة “امل” أو من قيادييها، بأنّهم ضد ‏توقيع المرسوم الجديد، بل على العكس، فدولة الرئيس نبيه بري، ‏عندما تمّت مراجعته بهذا الامر، كان كلامه واضحاً انّ هذه المسألة ‏برمتها هي في عهدة السلطة التنفيذية، وتحديداً عند رئيس ‏الجمهورية، وقد دعا الرئيس نبيه بري مراجعيه وقتها بالقول: ‏‏”فليمارس كل واحد من موقعه صلاحياته في هذا المجال”. فكتلة ‏‏”التنمية والتحرير” وحركة “أمل” لم يكونا في يوم من الايام ضدّ ‏توقيع هذا المرسوم، والكلام الوحيد الذي عبّرا عنه في هذا الاطار هو ‏الآتي: المطلوب الحفاظ على المصلحة الوطنية العليا بما لا يؤثر ‏على وحدة الموقف اللبناني ولا يفرّط بحقوق لبنان في ارضه وترابه ‏ومياهه قيد أنملة.‏

‏ ‏ثالثاً: اما للجهة السياسية التي تروّج لمثل تلك الاضاليل وتجنّد لنشرها ‏عبر مختلف وسائل الاعلام ووسائط التواصل الاجتماعي بعض الاقلام ‏والكتبة بطريقة “غبّ الطلب” فنقول :”حدودنا وحقوقنا وسيادتنا قد ‏رُسمّت بتضحيات الآلاف من الشهداء، لن نفرط بها تحت أي ظرف من ‏الظروف، وموقفنا من هذه الثوابت ليس بحاجة لشهادة من أحد”.‏

‏ ‏وختمت المصادر: “انّ اساليب تشويه الحقيقة لم تعد تنطلي على ‏اللبنانيين من خلال اللجوء الى سياسة التعمية عن المشكلة الاساس ‏ومسببيها. فكفى هروباً الى الأمام. عليكم ان تتحمّلوا التبعات الكاملة ‏عن إفشال كل المحاولات الصادقة لتشكيل حكومة طال انتظار ‏اللبنانيين لها. فأنتم المعرقلون لها تحت “جنح” ما يسمّى “الثلث ‏المعطل”.‏

‏ ‏مواقف

‏ ‏وفي غضون ذلك، حفلت عطلة نهاية الاسبوع بجملة مواقف لقيادات ‏روحية، انتقدت بشدة التأخير المتمادي في تأليف الحكومة، ومحذّرة ‏من المخاطر التي تحيق بالبلاد من جراء الانهيار المالي والاقتصادي ‏وانعكاسه الخطير على اوضاع البلاد.‏‏ ‏

وفي هذا الاطار، توجّه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس ‏الراعي خلال قداس الاحد في بكركي، الى المسؤولين قائلاً: “ألّفوا ‏حكومة واخجلوا من المجتمعين العربي والدولي ومن الزوار العرب ‏والأجانب. ألّفوا حكومة وأريحوا ضمائركم”. ورأى “أنّ جدّية طرح ‏التدقيق الجنائي هي بشموليته المتوازية لا بانتقائيته المقصودة. ‏وأصلاً، لا تدقيق جنائيا قبل تأليف حكومة”. وشدّد على أنّه “حريّ ‏بجميع المعنيين بموضوع الحكومة أن يكّفوا عن هذا التعطيل من ‏خلال اختلاق أعراف ميثاقية واجتهادات دستورية وصلاحيات مجازية ‏وشروط عبثية، وكل ذلك لتغطية العقدة الأم، وهي أنّ البعض قدّم ‏لبنان رهينة في الصراع الإقليمي ـ الدولي. لا نريد العودة إلى أزمنة ‏لبنان الرهينة والوطن البديل، في ما نحن على مسافة يومين من ‏الذكرى السادسة والأربعين لاندلاع الحرب على لبنان”.‏

‏ وختم: “ما نخشاه هو أن يكون القصد من تعطيل تشكيل الحكومة هو ‏الحؤول دون أن تأتي المساعدات لإنقاذ الشعب من الانهيار المالي. ‏فالبعض يريد أن يزداد الوضع سوءاً لكي يفتقر الشعب أكثر ويجوع، ‏فييأس أو يهاجر أو يخضع أو يقبل بأية تسوية، وتتمّ السيطرة عليه ‏وعلى الدولة. أوقفوا إذلال الناس، أوقفوا المسّ بأموال المودعين من ‏خلال السحب من الاحتياط. أوقفوا الهدر تحت ستار الدعم. ثقوا ايها ‏المسؤولون، أنّ شعبنا لن يخضع، وان أجيالنا لن تيأس”.‏

‏ ‏دريان

‏ ‏ومن جهته، مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبداللطيف دريان، قال ‏في رسالة الى اللبنانيين لمناسبة حلول شهر رمضان المبارك الذي ‏يبدأ غداً: “ليست في البلاد أزمة دستورية، بل البلاد ضحية الاستئثار ‏والانهيار، والارتهان للمحاور، والتدمير المتعمّد للمؤسسات، والاعتداء ‏على عيش المواطنين واستقرارهم وأمنهم”. وتوجّه الى معرقلي ‏تشكيل الحكومة، قائلاً: “كفاكم تعنتاً واستكباراً وتصلّباً وتزويراً وخرقاً ‏للدستور. البلد في خطر داهم، ويعيش قمة الانقسام والتشرذم ‏والفوضى، والسبب هو في تأخير ولادة الحكومة، وتعطيل المؤسسات ‏الرسمية. أقلعوا عن أنانيتكم، وخدمة مصالحكم الشخصية. لبنان لم ‏يعد يتحمّل مزيداً من الخراب والانهيار والدمار، وكل يوم تأخير في ‏تأليف الحكومة، هو خسارة للوطن والمواطن. المطلوب تقديم ‏التسهيل لا التعطيل، ولا وضع العقبات في طريق تشكيل الحكومة. ‏هناك أياد خبيثة تعمل في الخفاء على عرقلة الجهود العربية الشقيقة ‏المشكورة، وعلى إفشال المبادرة الفرنسية، وتحاول القيام بابتزاز ‏سياسي لا مثيل له، لكل هؤلاء نقول: لا يا سادة، بالكيديات والعنتريات ‏والحقد الدفين، وبث السموم، لا يُبنى لبنان، ولا يستقيم فيه الميزان، ‏إلّا بالمحبة والتراحم والتعاون، والمحافظة على صلاحيات كل مؤسسة ‏من مؤسسات الدولة. إيّاكم والغرور، فلن تنالوا مبتغاكم من تحقيق ‏مآربكم، لأنّها تخالف المنطق والأصول”.‏‏ ‏

وتوجّه دريان بنداء “الرجاء والاستغاثة والامل الى الاخوة العرب”، ‏قائلاً: “تعوّدنا أن لا تنسونا في الشدائد، ونحن لنا ملء الثقة بكم، ‏وبمؤازرتكم، ودعمكم، ومساعدتكم، فلا تتخلّوا عنا ولا تتركوا الشعب ‏في ضياعه، كي لا يكون فريسة سهلة لمن يريد بلبنان واللبنانيين ‏شراً”.‏‏ ‏

عودة‏ ‏

ومن جهته، قال متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران ‏الياس عودة، امس خلال قداس إلهي في مطرانية بيروت: “لا نسمع إلّا ‏مسؤولين يدينون بعضهم بعضاً ويتبادلون الإتهامات”. وسأل: “هل ‏أصبحت المسؤولية إدانة للآخر بدلاً من العمل معه من أجل الخير ‏العام؟”. وأضاف: “جميعهم يتذمرون من الوضع ويشكون من الفساد، ‏لكنهم يتهرّبون من التدقيق الجنائي ومن كل تدقيق ومحاسبة. تُرى هل ‏يخشى البريء من المحاكمة؟”. وقال: “الشعب موجوع، مريض، جائع، ‏يائس، لذا عليه محاسبة كل مسؤول، وعدم الإنجرار وراء الزعماء ‏بطريقة لا واعية”. وتابع: “لقد كان لبنان واحة الشرق بجمال طبيعته، ‏وجامعة الشرق التي يقصدها طالبو العلم والمعرفة من كل صوب، ‏ومستشفى الشرق الذي يداوي محيطه. كان موئل الأحرار ومثال ‏الإنفتاح والتنوع والحرية والديموقراطية. أين هو الآن؟ إنّه بلد مفلس، ‏منهار، مظلم، فاسد، معزول عن العالم، (…) أصبحنا بلداً يدمن تفويت ‏الفرص وتضييع الوقت. أصبحنا عاجزين حتى عن تأليف حكومة تتولّى ‏زمام الأمور وتقوم بالإصلاحات الضرورية لضخ بعض الأوكسجين في ‏رئتي البلد”.‏

جدول اعمال لقاء وهبة وعلي غداً

‏ ‏وفي اول خطوة لتنفيذ ما انتهى اليه الاتصال الهاتفي بين الرئيس ‏ميشال عون ونظيره السوري بشار الأسد، يلتقي وزير الخارجية ‏والمغتربين شربل وهبة غداً مع السفير السوري علي عبد الكريم علي ‏للبحث في سلسلة من الملفات العالقة بين البلدين، وقد مضى وقت ‏طويل على عدم انعقاد مثل هذا اللقاء.‏

‏ ‏وقالت مصادر اطلعت على حركة الإتصالات الأخيرة بين بيروت ‏ودمشق لـ “الجمهورية”، انّ البحث سيتناول مجموعة من الملفات لا ‏تقف عند موضوع ترسيم الحدود البحرية شمالاً، وما هو مقترح من ‏آليات ستقود الى احياء الاتصالات، بعدما كُلّف رئيس الوفد اللبناني ‏الى المفاوضات غير المباشرة مع الجانب الاسرائيلي في الناقورة ‏العميد بسام ياسين، برئاسة الوفد الى اي مفاوضات مقبلة مع ‏سوريا، للبحث في الخلاف الناشئ نتيجة توغل الجانب السوري في ‏البلوكين 1 و2 النفطيين اللبنانيين في الشمال.‏

‏ ‏وعلمت “الجمهورية”، انّ جدول اعمال اللقاء يضمّ مجموعة من ‏الملفات الأخرى، ومنها طلب لبنان إعادة النظر في مجموعة الرسوم ‏الجمركية المرتفعة التي فرضتها السلطات السورية على عبور ‏شاحنات الترانزيت التي تحمل البضائع الى العراق والأردن ومنها الى ‏دول الخليج العربي، والتي تجاوزت بأربعة او خمسة اضعاف تلك ‏السابقة وتجاوزت الـ 5000 دولار اميركي احياناً، وهو ما يعوق تجارة ‏الترانزيت ويسيء الى العلاقات التجارية المتبادلة بين البلدين وما بين ‏بيروت وبغداد وعمان وغيرها من العواصم العربية والخليجية.‏‏ ‏

وفي الوقت الذي توقعت هذه المصادر ان يُصار الى تشكيل لجنة ‏تعيد النظر في الرسوم المفروضة اذا تجاوب الجانب السوري، عُلم انّ ‏البحث سيتناول ايضاً ملف اعمال التهريب الجارية على النقاط ‏الحدودية الشرعية وغير الشرعية بين البلدين، ومنها تهريب المشتقات ‏النفطية المدعومة والغاز والقمح والأدوية الى سوريا، مقابل تهريب ‏البضائع الزراعية والمنتجات الصناعية السورية، تجنباً لتسديد الرسوم ‏الجمركية في اتجاه لبنان، وسط الدعوة الى التشدّد من الجانبين. ‏فلبنان لا يمكنه ان يتحمّل ثقل النزوح السوري في لبنان ونقل كميات ‏من المواد المدعومة من لبنان الى سوريا في وقت يفتقدها الجانب ‏اللبناني، فيدفع كلفتها اكثر من مرة من احتياطي المصرف المركزي ‏ونسبة غلاء الأسعار نتيجة انهيار سعر صرف الليرة اللبنانية.‏

‏ ‏وفي جانب من اللقاء، سيتناول البحث ملف النازحين السوريين ‏والاستعدادات الجارية في موسكو لعقد مؤتمر دولي ثانٍ للنازحين، ‏يخفف من ثقل النزوح الى لبنان واعادة النازحين الى المناطق الآمنة ‏في سوريا، وهي التي اتسعت الى درجة يمكن ان تستوعب نسبة ‏كبيرة منهم، مع الإستعداد للبحث في نقل المساعدات التي يتلقونها ‏في بيروت لتصل اليهم في مناطق العودة.‏

‏ ‏البنك الدولي يجدّد نصائحه الدولية‏ ‏

وفي هذه الأجواء، انضمّ مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى ‏في صندوق النقد الدولي الوزير السابق جهاد أزعور، الى مجموعة ‏القيادات الدولية والأممية والدولية التي تناولت الوضع في لبنان ‏خلال الفترة الاخيرة، فأكد انّ “لبنان لا يمكنه إخراج نفسه من أزمته ‏الاقتصادية من دون حكومة جديدة وإطلاق إصلاحات متعثرة منذ فترة ‏طويلة”. واضاف: “انّ تغيير الاتجاه لا يمكن أن يتمّ على أساس مجزأ. ‏إنّه يتطلب نهجاً شاملاً”.‏

‏ ‏واشار الى انّ “الإصلاحات يجب أن تركّز على القطاع المالي والتمويل ‏العام والحوكمة والفساد والمرافق الخاسرة التي ساهمت في زيادة ‏الديون، وانّه في ظلّ غياب حكومة جديدة قادرة على قيادة هذا ‏التحول، من الصعب جداً توقّع تحسذن الوضع في حدّ ذاته”. وختم: ‏‏”انّ حزمة الإصلاح هي نقطة البداية، ومن أجل ذلك تحتاج إلى حكومة ‏جديدة”.‏

Leave A Reply