الثلاثاء, نوفمبر 26
Banner

النهار : دولاب المداورة يدور… هل اقتربت الولادة الحكومية؟”‎ ‎

قد تتمثل المفارقة الأكثر جدية علنا على الأقل في مسار تأليف الحكومة بإصرار رئيس الحكومة ‏المكلف سعد الحريري على التزام “موجبات” الكتمان والصمت حيال مجريات هذا المسار، الامر الذي ‏جارته‎ ‎فيه بسرعة بعبدا وفرضت بدورها ايقاعا ثابتا تعلن عبره باقتضاب شديد حصيلة لقاءات رئيس ‏الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس الحريري، بالإضافة الى الوتيرة السريعة نسبيا للقاءات ‏المتعاقبة بين الرئيسين بما يشي بمبدأ “السرعة من غير التسرع” الذي اعتمد في المشاورات. ‏ذلك ان اللقاء “العملاني” الثالث الذي عقد عصر امس بين الرئيسين عون والحريري في قصر بعبدا ‏بعيدا من الاعلام وبالاستناد الى المعلومات الرسمية، أبقى المشهد الحكومي في اطار التقدم ‏والإيجابيات من دون إفصاح اطلاقا عن التفاصيل بحلوها ومرها وتسهيلاتها وتعقيداتها، الامر الذي ‏يبقي عمليا مسار التأليف ضمن وتيرة نائية عن الصخب السياسي وربما تجنبا لهذا الصخب مع ان ‏ذلك سيشكل مغامرة حساسة للغاية في ظل السهام التي بدأت تتطاير في اتجاه عملية التأليف ‏وإدراجها على ألسنة قوى معارضة في اطار المحاصصات والصفقات السياسية المعهودة سابقا‎.‎

ومع ذلك غلب المناخ الإيجابي على اللقاء الجديد في القصر اذ افاد مكتب الاعلام في رئاسة ‏الجمهورية في بيان مقتضب ان الرئيس عون عرض مع الرئيس الحريري “الوضع الحكومي في جو من ‏التفاهم على ما تحقق حتى الآن من تقدم‎”.‎

وبدا لافتا في اللقاءات السياسية الرديفة للقاء بعبدا بروز حركة درزية على خط القصر من خلال لقاء ‏علني لرئيس الجمهورية مع النائب طلال أرسلان وآخر غير معلن مع الوزير السابق وئام وهاب في ‏حين رشحت معلومات من أوساطهما انهما يسعيان وراء مطالب استيزارية لئلا تبقى الحصة الدرزية ‏محصورة بالحزب التقدمي الاشتراكي رغم ظل مقاطعة أرسلان استشارات تكليف الحريري ورفضه ‏هذا التكليف‎.‎

اما المعطيات المتوافرة عن مسار التأليف في ظل اللقاء الأخير في قصر بعبدا والمشاورات الجارية ‏في كواليس عملية تأليف الحكومة العتيدة فتشير الى توغل الاتصالات في تفاصيل توزيع الحقائب ‏الوزارية على الطوائف والفئات السياسية من دون طرح أي أسماء مقترحة بعد. ووفق هذه المعلومات ‏يبدو ان ثمة موافقة جماعية توافرت للرئيس المكلف حول موضوع اعتماد المداورة في الحقائب مع ‏الموافقة على الاستثناء الوحيد المتعلق بمنح حقيبة المال للشيعة “لمرة وحيدة” هذه المرة‎ .‎

وتشير المعلومات انه في لقائهما الثالث بعد التكليف،اقترب الرئيس المكلّف سعد الحريري خطوة ‏اضافية باتجاه رئيس الجمهورية بالموافقة مبدئياً على مطلبه بحكومة من عشرين وزيراً‎.‎

المعلومات القليلة تقاطعت ومن اكثر من مصدر على تفاؤل بالتقدم نحو الاتفاق على التشكيلة ‏الحكومية توزيعاً وحقائب وحصصاً. ورغم التكتم، علم ان الرئيس الحريري قدم لرئيس الجمهورية ‏مسودة حكومية تقوم على المداورة الشاملة في الحقائب السيادية باستثناء حقيبة المال التي ‏بقيت مع الطائفة الشيعية وتحديداً مع حركة امل، وتعطى الخارجية للسنة، والداخلية للموارنة، ‏وتبقى حقيبة الدفاع كما نيابة رئاسة الحكومة للارثوذكس‎.‎

كما اتفق على المداورة الشاملة في الحقائب الخدماتية الاساسية وابرزها الطاقة التي قد تعطى ‏لأرمني بالتفاهم مع رئيس الجمهورية‎.‎

ويفترض ان يوافق “حزب الله” على التخلي عن وزارة الصحة، وعلم انه ورغم اصراره عليها، قد يقبل ‏بدلاً منها اما بالتربية واما بالاتصالات. وقد تسحب الاشغال من المرده رغم اصراره عليها‎.‎

وعلم ايضاً ان اعادة توزيع هذه الحقائب ومن ضمنها وزارة التربية، ينتظر جولة اتصالات تردد ان الرئيس ‏سعد الحريري سيقوم بها مع القوى السياسية‎ .‎

ومع حكومة العشرين قد يعطى الدروز مقعدان، احدهما لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد ‏جنبلاط والاخر يمكن ان يعطى الى شخصية قريبة من كل من جنبلاط وطلال ارسلان الذي قصد ‏رئيس الجمهورية للمطالبة بوزير درزي ثانٍ. كما كان هذا ايضاً مطلب رئيس حزب التوحيد وئام وهاب ‏الذي غرد بعد زيارته بعبدا مبشراً بالأجواء الإيجابية وبأن الحكومة مسهلة. وتحدثت معلومات عن ‏احتمال اسناد وزارة الخارجية الى السفير في برلين مصطفى اديب الذي اعتذر عن تأليف الحكومة ‏قبل أسابيع‎.‎

وفيما اشيعت اجواء تفاؤلية عن ان الحكومة قد تبصر النور خلال عطلة نهاية الاسبوع الحالي او ‏الاسبوع المقبل، اشارت مصادر مطلعة الى ان كل ترتيبات الحكومة قد تنجز سريعا على ان تأتي ‏ولادتها بعد الانتخابات الاميركية‎.‎

واشارت هذه المصادر الى ان مسالة الاتفاق المسبق على برنامج الحكومة يتقدم على الاتفاق ‏على حقائبها وتركيبتها، اذ ان على الحكومة الجديدة بكل مكوناتها الالتزام بتنفيذ ورقة صندوق النقد ‏الدولي وشروطها القاسية وغير الشعبية، لجهة رفع الدعم عن السلع الاساسية، وزيادة الضريبة ‏على القيمة المضافة، وتحرير سعر صرف العملة، وتقليص حجم القطاع العام، وضبط الحدود ووقف ‏التهرب الجمركي، وزيادة سعر صفيحة البنزين‎.‎

ولم يمنع الانشغال بمسار تأليف الحكومة بروز مشكلة تتصل بالتدقيق الجنائي اذ اثار رئيس لجنة ‏الإدارة والعدل النائب جورج عدوان بعد اجتماع اللجنة امس موضوع التحقيق الجنائي الذي يجري في ‏مصرف لبنان كاشفا ان كل المعلومات المتوافرة للجنة تدل على ان الشركة التي تم التعاقد معها) ‏الفاريز ( طلبت عددا من الأسئلة والمعطيات ولم تتلق عليها أجوبة . وإذ حذر من محاذير هذا التطور ‏دعا حكومة تصريف الاعمال او الحكومة الجديدة اذا شكلت قبل الثالث من تشرين الثاني موعد انتهاء ‏العقد مع الشركة الى معالجة سريعة للموضوع “والا نكون ضربنا العملية الإصلاحية”. وتوجه الى وزير ‏المال غازي وزني والرئيس المكلف سعد الحريري قائلا “انتم امام امتحان عسير اذا لم تعط الشركة ‏ما تريد وستتحملون مسؤولية أنكم لا تريدون السير في الإصلاح وسأضع هذا الامر امام الرأي العام‎ ‎‎”.‎

في غضون ذلك تصاعد خطر الانتشار الوبائي لفيروس كورونا في المناطق اللبنانية كافة تقريبا ولا ‏سيما في المدن الكبيرة بدءا ببيروت خصوصا وسط استفحال ألازمات المالية في القطاعات ‏الاستشفائية والصحية والدوائية . واخطر ما سجل امس تحليق العدد الرسمي الصادر عن وزارة ‏الصحة لحالات الإصابات بكورونا وتسجيله الرقم الأعلى قياسيا وتراكمياً في لبنان ليوم واحد منذ بدء ‏انتشار الوباء في لبنان في شباط الماضي . واقترب عدد الإصابات من سقف الألفين مسجلا 1809 ‏إصابات و11 حالة وفاة. وضجت منطقة الشمال مساء امس بصدمة وفاة أربعة أشخاص من عائلة ‏واحدة في بلدة بخعون بداء كورونا حيث توفي بسام الصمد الفرد الرابع في عائلته بعد وفاة والده ‏ووالدته وشقيقه تباعا ولا يزال شقيقه وشقيقته يعالجان في المستشفى الحكومي في طرابلس ‏جراء إصابتهما أيضا بكورونا‎ .‎

Comments are closed.