جاء في صحيفة الأنباء الإلكترونية : الحدث الفلسطيني يتقدّم على كل ما عداه، فيما في لبنان يستمر انسداد الأفق السياسي الداخلي بشكل كامل. لا توجد أي بادرة حلّ للأزمة اللبنانية، بينما الحدود الجنوبية نبضت على وقع تطورات فلسطين، فقد عبّر شبانٌ عن غضبهم بالتظاهر ومحاولة تجاوز السياج الشائك، وكان أن رد جيش الاحتلال الإسرائيلي بإطلاق أعيرة نارية وقنابل أدت الى استشهاد شاب وجرح آخرين. النبض الفلسطيني انتقل إلى الأردن كذلك حيث شهدت حدوده مع فلسطين محاولة عبور شعبية، على إيقاع صلوات الصامدين في المسجد الأقصى، ونضال المتشبّثين بالأرض داخل أراضي الـ 1948، والمقاومين في غزة. ما يجري معركةٌ ستغيّر مجريات الأحداث في المنطقة، وستتغير بموجبها وجوه السياسة ومتغيراتها. ضرب تل أبيب، والحركة الشعبية في أراضي الـ 48، وصمود المقدسيين، سيكون كل ذلك عنواناً لمرحلة مقبلة بقواعد جديدة، فلسطينية وعربية، إذ أصبحت كل ملفات المنطقة واستحقاقاتها تنتظر وتترقب مآلات الصراع المفتوح.
مما سينتج عن المعركة القائمة، بحسب أوساط سياسية مطلعة عبر “الأنباء” الالكترونية، الإتفاق الذي لا بد من التوصل إليه في غزة، وطي صفحة تهجير حي الشيخ جراح، وتحسب الإسرائيليين يوماً بعد يوم لانتفاضة أصحاب الأرض هم في الأساس التهديد المركزي بشرياً وشعبياً وديمغرافياً. كل المنطقة تترقب، سوريا وتطورات الأوضاع فيها، لبنان بحدوده الجنوبية ترسيماً وانتفاضة تشهدها من قبل اللبنانيين المتضامنين مع إنتفاضة الفلسطينيين، والترسيم الجنوبي سيكون مستقبلاً مرتبطاً بما سينتج من تفاهمات سورية إسرائيلية برعاية روسية، ما سيربط لبنان أيضاً بهذه التطورات على الحدود الشرقية والشمالية الشرقية.
الإنتفاضة الفلسطينية دفاعاً عن الأرض، قد تقابلها إنتفاضة لبنانية إحتجاجاً على الإنسداد السياسي واستفحال الأزمة الإقتصادية والمعيشية وسط معلومات لـ”الأنباء” الالكترونية تفيد بإمكانية عودة المتظاهرين إلى الساحات والشوارع رفضاً للواقع القائم، وهي تحركات إذا ما اندلعت لا أحد يمتلك القدرة على إعادة لجمها أو ضبطها وقد تنذر بتفاقم كبير أو استغلال لتوتير الأوضاع على الساحة اللبنانية ككل.
سياسياً، وفي الملف الحكومي تحديداً، أشارت مصادر مطلعة لـ”الأنباء” الى أن لا شيء جديد على الساحة إطلاقاً، كل الأخبار والتسريبات التي ضجت بها الأوساط اللبنانية في اليومين الماضيين لا تبدو غير فقاعات في إطار صراع الرؤوس بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف، بينما تشير بعض المعلومات إلى استعداد رئيس الجمهورية وفريقه لزيادة منسوب الضغط على الرئيس المكلف لإحراجه أكثر وتحميله مسؤولية تعطيل الحكومة، إما عبر التلويح بدفعه إلى الإعتذار على وقع التظاهرات الشعبية وإما عبر المزيد من الحملات السياسية التي تستهدفه.
وفي ظل البطولات التي يسطّرها الشعب الفلسطيني بمقاومته لجرائم الإحتلال الإسرائيلي، طرأ على الحدود اللبنانية الفلسطينية ليل الخميس جديد تمثّل بقصف ثلاثة صواريخ سقطت في الجليل المحتل، الأمر الذي قد يبدّل المشهد في حال تطوّرت الأمور أكثر. حادث اطلاق الصواريخ نُسب الفعل إلى الفصائل الفلسطينية، في وقت نفى حزب الله مسؤوليته، وأكد المتحدث بإسم الجيش الإسرائيلي عدم الرد على العملية.
رئيس تحرير موقع الأمن والدفاع العميد المتقاعد ناجي ملاعب لفت إلى أن “إدارة المخيمات الفلسطينية في لبنان تجري بتنسيق عالي مع حزب الله، وعمل الفصائل الفلسطينية العسكرية مُنسّق أيضاً مع الحزب، وبالتالي، في حال تبنى أي فصيل فلسطيني هذا العمل، فهذا يعني أنه جرى بالتنسيق مع حزب الله”.
وفي حديث لجريدة “الأنباء” الإلكترونية، أشار ملاعب إلى فرضيتيَن، “ففي حال تم توقيف المسؤولين عن عملية إطلاق الصواريخ، عندها يكون العمل خارج عن إرادة حزب الله، أما وفي حال لم تتم عملية التوقيف، فهذا يدل على تنسيق العملية مع الحزب، وحسب المعلومات، لم يتم حتى الساعة توقيف أحد، وبالتالي، هذا الأمر يطرح تساؤلات عديدة، منها، ما هي الرسائل التي يريد حزب الله توجيهها؟”
ويجيب ملاعب على السؤال عينه، ويقول: “يرسل حزب الله رسائله إلى الداخل اللبناني كما والعدو إسرائيلي، الرسالة الأولى تشير إلى أنه معني بما يجري في فلسطين المحتلة، وهو جاهز لأي عمل، إنطلاقاً من الجنوب اللبناني، أو من المنطقة المقابلة للجولان المحتل، حيث يستنفر قواته. أما الرسالة الثانية، فتعني أنه جاهز للمشاركة جنب الفصائل الفلسطينية في حال قرر العدو التوغل برياً إلى غزة، لا سيما بعد أن ورد في إعلام العدو أن الكابينيت الإسرائيلي تطرق إلى إمكانية القيام بعملية برية”.
وفي هذا السياق، أشار ملاعب إلى ما يحدث في فلسطين المحتلة وإحتمالية تفاقم الحرب أكثر بين فصائل المقاومة والإحتلال الإسرائيلي، وذكر أن “العمليات العسكرية لحركة “حماس” بدأت نتيجة تطور الأوضاع بعد القرار الإسرائيلي الذي يقضي بطرد أهالي حي شيخ الجراح من منازلهم، ومشاركة كل فلسطينيي الداخل نصرةً لمواطينيهم، ولكن تصادفت العمليات العسكرية مع محادثات إيرانية – أميركية غير مباشرة تجري في فيينا، وقد تصل إلى خواتيم إيجابية حسب المعلومات، والإسرائيلي ممتعض، وبالتالي يحاول إفشال هذه المفاوضات عبر عملية عسكرية، وهو سبق أن إستهدف سفينةً للحرس الثوري الإيراني أمام بحر العرب تزامناً مع ثاني أيام المفاوضات المذكورة، كما وأعلن عن أضخم مناورة عسكرية للجيش الإسرائيلي أثناء إنعقاد تلك المفاوضات، كما وأثناء المحادثات الجارية بين طهران والرياض”.
ويتابع ملاعب: “مصلحة العدو الإسرائيلي تقضي بتفجير الوضع عسكرياً لتأجيل محادثات فيينا كسباً للوقت في محاولة لتغيير المسار، ولكن لطالما النتائج في فيينا إيجابية، فالأمور لن تتفاقم أكثر في فلسطين المحتلة، خصوصاً وأنه من المعلوم أن حماس لا تتدخل بقرار ذاتي، ولا تغامر بأمن أهالي غزّة ما لم يكن هناك قرارٌ ممن سلّح الحركة”.
ورداً على سؤال، لفت ملاعب إلى أن “إيران في الوقت نفسه لا تسطيع الهروب من الموقف، وهي على أبواب إنتخابات رئاسية، وبالتالي فرضت نفسها في ما يجري في غزة على أنها نصيرة الفلسطينيين، ولكن تبقى الأمور رهن نتائج المحادثات مع الولايات المتحدة الأميركية”.
ويختم ملاعب متوقعاً رضوخ إسرائيل لمطالب “حماس” والعودة عن قرارها في ما يتعلق بحي شيخ الجراح، “خصوصاً البطولات التي قامت بها الفصائل الفلسطينية، الرسائل إلى أوصاتها إلى الإحتلال الإسرائيلي، وفحواها إستعدادها للرد على أي عملية يقوم بها جيش العدو، علماً أن هذه الفصائل كانت تطلق أكثر من 100 صاروخ في كل صليةٍ، والشعب الفلسطيني أثبت قدرة صمود عالية تحت القصف، وكما وصفه ياسر عرفات، فهو شعب الجبارين”.