امام هذا الكمّ الهائل من السقطات المفجعة والخطايا المتتالية التي يقترفها أهل السلطة، لم يعد امام لبنان واللبنانيين سوى التضرّع والصلاة لتهطل عليهم السماء بمعجزة تأتي إليهم بالخلاص والتحرّر من قبضة هذه الفئة من المتحكّمين التي لم تألفها من قبل حتى اكثر الدول ديكتاتورية وقهراً وتخلّفاً.
هذه السقطات والخطايا المتمادية ألقت بلبنان في الوحل، وها هو اليوم يقبع على مثلث بارود متفجّر، ينذر اشتعاله بمخاطر هي الأشد عليه، تحقق ما سبق ان حذّر منه وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان، حينما قال في بداية الأزمة ما حرفيّته “ان يصل لبنان مع تفاقم أزمته، الى وضع لا يفقد فيه صفته كدولة فحسب، بل كوطن”.
على انّ ما هو اخطر من كل ذلك، هي الصواريخ المجهولة والمريبة والمشبوهة، التي دأب على اطلاقها من يُسمّون بالأشباح العابثة بالأمن، من خلال سعيهم الى ان تُمدّد النار المشتعلة في فلسطين المحتلة الى لبنان عبر اطلاق صواريخ من الاراضي اللبنانية في اتجاه المستوطنات الاسرائيلية، وآخرها امس، حيث أحدث ذلك حالة من التوتر على الحدود الجنوبية، وهو الامر الذي يرسم اكثر من علامة استفهام حول معنى هذا الاستهداف، وحول الجهات التي تقف خلفه ومراميها، خصوصاً وانّ هذه الجهات المجهولة الهوية لا تجرؤ ان تعلن عن نفسها.
المثلث المتفجّر
في الضلع الاول لهذا المثلث المتفجّر، أزمة اقتصادية ومالية حارقة، واختناق معيشي واجتماعي تذكّي ناره مجموعة من الفاشلين، تجاهلوا نكبة البلد ولطّخوه بأوساخهم وموبقاتهم وضيّعوه في مجاهلهم السياسية والشخصية، واثبتت التجربة المريرة مع نهجهم التخريبي، ان ليس من بينهم من هو أهل للتربّع على عرش المسؤولية والقرار، وليس منهم من يفلت من العقاب والحساب والسجن.
وفي الضلع الثاني، تتبدّى مراهقة سياسية متخلّفة قاصرة في ادارة شؤون الدولة، ولعلّ احد أمثلتها الرديئة يكمن في العبوة التي فجّرها شربل وهبة في علاقات لبنان الخارجية، وأهان فيها الاصدقاء والاشقاء وأصابهم في الصميم، ولا يبدو انّ الجروح العميقة التي سبّبها من النوع الذي يُمحّى بسهولة، ويُدمَل بتقزيم هذه الإهانة الى مجرّد اعتبارها خطأ عفوياً وغير مقصود في التعبير، او زلّة لسان!
واما في الضلع الثالث لهذا المثلث، فتتربّع الرسالة الرئاسيّة إلى مجلس النوّاب، غير المسبوقة في مضمونها، الذي “يضع النواب امام مسؤولياتهم حيال تكليف الرئيس سعد الحريري”، بما جعله عبوة سياسية موقوتة توحي الأجواء المحيطة بها انّها ستنفجر حتماً في الجلسة النيابية العامة التي حدّدها رئيس المجلس النيابي نبيه بري غداً الجمعة، لتبليغ الرسالة الرئاسية الى النواب واجراء المقتضى حولها. ويحوّلها الى ما يشبه جلسة تصفية حساب بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف.
مجموعة الدعم
الى ذلك، في ملف الأزمة، لم يطرأ جديد يبشّر بانفراج فيها، خصوصاً في ظل قرار اهل السلطة الاستمرار في ركنها على رصيف التجاهل، وعدم مقاربتها بما تستلزم من خطوات تخفّف من وطأتها وعبئها على المواطن اللبناني. يتوازى ذلك مع الإمعان في تعطيل تشكيل حكومة دون اي اكتراث بما تسبّب به هذا التعطيل من انهيارات على كل المستويات وتحلّل على مستوى الدولة ومؤسساتها.
وقد برز في هذا السياق، بيان مجموعة الدعم الدولية امس، الذي لحظت فيه تزايد معاناة الشعب اللبناني، وهي إذ اكّدت “موقفها الموحّد في دعمها الثابت والمستمر للبنان ولشعبه”، اعربت عن “الأسى إزاء استمرار الجمود السياسي في عملية تشكيل الحكومة”، ودعت القادة اللبنانيين الى “تنحية خلافاتهم جانباً من اجل المصلحة الوطنية، والّا يتأخّروا في تشكيل حكومة كاملة الصلاحيات، قادرة على تلبية الاحتياجات الملحّة للبلاد، وعلى تنفيذ الاصلاحات الجوهرية التي طال انتظارها”، وشدّدت على انّ “مسؤولية تفادي ازمة تقع على عاتق القادة اللبنانيين”.
كذلك دعت مجموعة الدعم الى “اجراء الانتخابات في مواعيدها، حفاظاً على ديموقراطية لبنان في سياق ازمته المستمرة. وحثت جميع السلطات اللبنانية المعنية على البدء بالاعمال التحضيرية في الوقت المناسب، وفقاً للجدول الزمني المحدّد للانتخابات. كما حثت على اتخاذ كل الخطوات اللازمة لتخفيف الأثر الاجتماعي والاقتصادي لأي تغييرات تطرأ على برنامج الدعم الوطني”.
تضامن مع المملكة
على صعيد آخر، ظلّت تداعيات الإهانة التي وجّهها وزير تصريف الاعمال شربل وهبة الى السعودية وسائر دول الخليج متصدّرة المشهد الداخلي، حيث تنحّى وهبة نهائياً، وأُسندت وزارة الخارجية وكالة الى الوزيرة زينة عكر، فيما تحوّلت دارة السفير السعودي في لبنان وليد البخاري مقصداً للمتضامنين مع المملكة، والمندّدين بما ذهب اليه وهبة، والرافضين للإساءة اليها والى أي من الدول الشقيقة للبنان، مع تأكيد الحرص على افضل علاقات الصداقة والاخوة مع دول الخليج التي لطالما وقفت الى جانب لبنان.
وفي هذا الاطار، قال السفير السعودي: “يجب ان يطمئن الجميع، فكل ما يُحكى عن سعي المملكة الى ترحيل اللبنانيين عن اراضيها لا اساس له من الصحة”.
وأشار إلى أنّه “في خضم حرب الخليج لم ترحّل بلاده احداً عن اراضيها، لأنّ المملكة بُنيت على اسس انسانية. وإنّ ما أكسب المملكة احترام المجتمع الدولي، انّ لديها لغة وخطاباً سياسياً واحداً في العلن وفي السر”. وقال انّ “اخلاقيات المملكة لا تسمح بالتعرّض لأي مقيم على ارضها، فكيف اذا كانوا من اخواننا اللبنانيين”.
ولفت الى انّ “العلاقات بين لبنان والمملكة علاقات بين شعبين وعلاقة وجدانية تربطها روابط العروبة والدم والاخوة والاسلام وعلاقات النسب، وما يُشاع في الاعلام من اكاذيب وتضليل لا يعكس سياسات المملكة”.
واشار الى “انّ المملكة تعتبر انّ التصاريح التي صدرت عن وزير الخارجية لا تعبّر عن موقف الشعب اللبناني، واليوم ما حصل من تضامن في السفارة اكبر دليل على ذلك”.
وكشف السفير البخاري انّه تلقّى مكالمة هاتفية بالأمس من الوزير وهبة، أعرب فيها عن اعتذاره الشديد، وقدّم كل عبارات التقدير لدول مجلس التعاون الخليجي.
ووجّه البخاري الشكر “من المملكة للكتل النيابية والشخصيات والأحزاب والوفود التي تضامنت مع السعودية، لأنّها تعكس وجه لبنان الحقيقي”.
بن فرحان
هذا وأكّد وزير خارجية السعودية الأمير فيصل بن فرحان، أنّ تصريحات وزير خارجية لبنان “أقل ما يُقال عنها إنّها غير ديبلوماسية، وهي لا تعبّر عن الشعب اللبناني”. مؤكّداً في الوقت عينه أنّ “هيمنة حزب الله على القرار السياسي تعطّل أي إصلاح حقيقي”.
ابو الغيط
واعرب الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، عن أسفه البالغ إزاء ما صدر عن وزير خارجية لبنان وحمل تجاوزاً في حق دول الخليج عموماً والمملكة العربية السعودية على وجه الخصوص، واصفاً تلك التصريحات “بالبعيدة عن اللياقة الديبلوماسية”.
ونقل مصدر مسؤول في الأمانة العامة للجامعة عن ابو الغيط، اعتباره أنّ “لغة الحوار المستخدم من جانب كبار مسؤولي الدول العربية، يتعيّن أن تعكس دائماً مشاعر الأخوة والاحترام المتبادل بين الشعوب العربية، وأن تتجنّب ما يهيّج الخواطر أو يثير البغضاء ويذكّي الفتن”. وأعرب المصدر عن “الأسف الشديد لأن تأتي هذه التصريحات في توقيت دقيق للغاية يمرّ فيه لبنان، وفي وقت يحتاج فيه الى كل الدعم من أصدقائه وأشقائه، والتي أسهمت في توتير العلاقة اللبنانية- الخليجية بدلاً من تصحيح مسارها بالشكل المطلوب”.
الرسالة المتفجّرة
من جهة ثانية، وفي الجانب المتعلق بالرسالة التي وجّهها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى مجلس النواب، والتي يلقي فيها مسؤولية تعطيل تشكيل الحكومة على الرئيس المكلّف سعد الحريري، ويدعو النواب الى تحمّل مسؤولياتهم، فقد سلكت هذه الرسالة مسارها الطبيعي، وحدّد رئيس المجلس جلسة لتلاوة الرسالة غداً الجمعة في قصر الاونيسكو.
على انّ الثابت في المشهد المرتبط بهذه الرسالة، انّها اربكت الداخل حولها باعتبارها سابقة من نوعها، وراكمت كمّاً هائلاً من علامات الاستفهام والاستهجان حول القصد منها، وخصوصاً انّ مجلس النواب، وان استجاب لها من حيث الشكل وأجرى المقتضى الفوري حيالها بتحديد موعد لجلسة لتلاوتها، فهو لا يملك أن يستجيب لها، ولا أن يماشي الرغبات الشخصية التي صاغتها بمضمون يقفز فوق الدستور والصلاحيات. فما تقرّر في الاستشارات النيابية الملزمة لتكليف رئيس الحكومة، قد تقرّر وانتهى الامر، ولا صلاحية للمجلس ولا لغيره في ان يبدّل او يعدّل في هذا القرار.
الوقوع في المحظور
على انّ السؤال الكبير دار حول إصرار رئيس الجمهورية على توجيه هذه الرسالة الى مجلس النواب، برغم انه تلقّى في الايام الاخيرة نصائح مباشرة بالعدول عن هذا الامر المحرج للرئاسة قبل اي طرف آخر، وثمة كلام مباشر ابلغ الى الرئاسة مفاده انه من الضروري صرف النظر عن مثل هذه الرسالة، اذ لا طائل من توجيهها على الاطلاق، فضلاً عن انها قد تشعل فتيلاً لاشتباك سياسي يُربك الداخل اكثر مما هو مربَك، وقد تفتح الوضع على منزلقات خطيرة سياسية ومذهبية خصوصاً ان الرسالة تتناول ما تسمّى “المحرمات” المرتبطة بصلاحيات احدى الطوائف الاساسية في لبنان، فهذا الامر يعدّ محاولة فرض اعراف جديدة تتجاوز الدستور وتستفزّ العصب السني، وقد تفتح باباً يصبح من الصعب إغلاقه.
وبحسب مصادر سياسية موثوقة فإنّ رئيس المجلس نبيه بري كان في مقدمة الناصحين، وجرى حديث مطوّل بينه وبين رئيس الجمهورية حول تلك الرسالة قبل إرسالها، الا انّ رأي “مستشاري القصر” كان الغالب في النهاية ووجهت الرسالة، وأوقعت معها رئيس الجمهورية في المحظور… وبالتالي تعاطى الرئيس بري مع الرسالة على قاعدة أن رئيس الجمهورية مارس حقه الدستوري في توجيه رسالة الى مجلس النواب، ولمجلس النواب حقه في ان يمارس دوره الدستوري والقانوني في اجراء المقتضى حيالها، ومن هنا جاء تعيينه لجلسة يوم الجمعة”.
مصير الرسالة
وعشية الجلسة، شرحت مصادر مجلسية الرسالة الرئاسية، وسجلت عليها الملاحظات التالية:
– اولاً، من حيث الشكل، هي رسالة تندرج في سياق حق رئيس الجمهورية الدستوري في مراسلة مجلس النواب
– ثانيا، من حيث المضمون، لا تنسجم مع الدستور، ولا مع ما انتهت اليه الاستشارات النيابية الملزمة التي كُلّف الرئيس سعد الحريري بناء عليها.
– ثالثا، مجلس النواب وحتى ولو كان مُجمعاً على تبني مضمون رسالة عون، لا يملك صلاحية ان يبدل في واقع التكليف شيئاً، ولا ان يعلن سحب التكليف من الرئيس المكلف. وحتى ولو انه فعل ذلك وبإجماع اصوات النواب فلا قيمة قانونية او دستورية لذلك. فلا قيود على الرئيس المكلّف، ومصير التكليف يحدده فقط الرئيس المكلف سواء بالتمسك به طالما انه ليس مقيّدا بسقف زمني، او التخلي عنه ساعة يشاء هو بالاعتذار. ومن دون ذلك لا يستقيم ابداً.
– رابعا، اذا كان القصد منها دعوة النواب الى سحب التكليف من الحريري، فهذه هرطقة قانونية ودستورية، من شأنها ان تفتح الباب في المقابل على هرطقة مماثلة بأن تعمد جهات سياسية الى مطالبة النواب الذين انتخبوا رئيس الجمهورية بسحب اصواتهم وانتزاع الرئاسة منه. وبالتالي، لا يستطيع رئيس الجمهورية ان يكرّس سابقة من هذا النوع لم يسبقه اليها اي من رؤساء الجمهورية السابقين.
فاول رئاسي
امّا في السياسة، فإنّ التقييم السياسي للرسالة الرئاسية يتقاطع عند الملاحظات التالية:
– اولا، انّ الرسالة جاءت بمثابة “فاول” رئاسي كبير يعكس جهلاً مُدقعاً لدى مستشاري القصر بالدستور والقانون وصلاحيات الرئاسات.
– ثانيا، ان هذه الرسالة لا تعدو كونها محاولة واضحة من رئيس الجمهورية للنأي بنفسه عن تعطيل تأليف الحكومة، وتحميل الرئيس المكلف وحده مسؤولية التعطيل، فيما كل الوقائع المرتبطة بعملية التأليف منذ تكليف الرئيس الحريري تشكيل الحكومة تظهر بشكل لا يقبل أدنى شك الادوار التعطيلية لكل طرف وتعليق الحكومة على حبل من الشروط التعجيزية ليس اقلها المطالبة بالثلث المعطل وبوازارات معينة.
– ثالثا، ان هذه الرسالة جاءت على طبق من ذهب للرئيس المكلف، اذ ان عدم استجابة المجلس النيابي لها، وهذا امر اكيد، يأتي بمثابة ثقة متجددة بالحريري وتجديداً لتكليفه. بما يعد كسرة معنوية كبيرة لرئيس الجمهورية.
– رابعا، ان الواضح من الاصرار على الرسالة وارسالها الى مجلس النواب، هو الاعلان بصورة مباشرة من قبل رئيس الجمهورية عن رفضه التعايش الحكومي نهائياً مع الرئيس الحريري. وثمة من قرأ في هذا الاصرار محاولة رئاسية لفتح اشتباك سياسي عنيف مع الرئيس المكلف وفريقه السياسي.
نشر الغسيل
كل هذه الاجواء تسبق جلسة الجمعة، فيما انصبّت الجهود في الساعات الماضية على محاولة احتواء تلك الجلسة ومنع انزلاق النقاش فيها الى حد يهدد الاستقرار الداخلي. والرئيس نبيه بري يشد في اتجاه التبريد وعدم جعل المجلس منبراً للقصف السياسي العنيف بين تيار المستقبل والتيار الوطني الحر، خصوصاً ان الاجواء المحيطة برئيس الجمهورية وبالرئيس المكلف تَشي باستنفار سياسي من قبل الطرفين واستعدادات للمواجهة المحتملة يوم الجمعة، والتي إن سارت في هذا الاتجاه فستكون جلسة فضائح ونشر غسيل وسخ فوق كل السطوح السياسية، ولن تبقى ارتداداتها محصورة داخل الجلسة بل قد تشمل الشارع مع ما يترتّب على ذلك من احتمالات وتطورات غير محسوبة.
إحتمالات
وتحدثت مصادر مواكبة لحركة الاتصالات التي تكثفت أمس عن 3 احتمالات:
– الأول، ان يترك رئيس المجلس الامور في الجلسة تأخذ مداها، وليَقل كل طرف ما يريده بحق الآخر على قاعدة “بطيخ يكسّر بعضو”. لكن هذا الامر لا يحل المشكلة اذ نكون في مشكلة معقدة فنصبح في مشكلة اكثر تعقيداً ومفتوحة على سلبيات خطيرة سياسية وطائفية.
– الثاني، ان يكتفي رئيس مجلس النواب بإطلاع المجلس على مضمون الرسالة، وان يفتح النقاش لعدد محدود جدا من نواب الطرفين، ولا شيء يمنعه من ذلك. مع محاولة احتواء اي تفلت بالكلام وهذا امر صعب، اذ ان كلمة واحدة قد تشعل الاجواء والنفوس المحتقنة.
– الثالث، ان تُتلى رسالة رئيس الجمهورية، ويرجّح الا تتلى لأنها اعلنت عبر وسائل الاعلام، على ان يصار بعدها الى تمرير توصية سريعة تفيد بأن المجلس النيابي أخذ علماً بالرسالة الرئاسية، وتدعو المعنيين بملف التأليف الى التفاهم على تشكيل الحكومة وفق ما هو منصوص عليه في الدستور. وبهذه التوصية يؤكد المجلس انه لا يستطيع ان يتجاوز النص الدستوري الذي يرعى التكليف وآلية تسمية رئيس الحكومة.
كل ذلك يؤكد في رأي المصادر المذكورة ان الرسالة الرئاسية لا تحقق المرتجى منها، وكان في الامكان الاستغناء عنها.
بري والدستور
الى ذلك، اكدت مصادر نيابية بارزة لـ”الجمهورية” ان الاتصالات نشطت أمس لتجنيب مجلس النواب اي انقسام داخلي حول مسألة لا دور لمجلس النواب فيها.
وقالت المصادر: انّ الرئيس بري يحرص على عدم نقل الازمة السياسية وتعثر تشكيل الحكومة الى مجلس النواب، لأن الدستور واضح وضوح الشمس في هذا الشأن فهو لن يسجل في ولايته اي تدبير او اجراء يخالف مواد الدستور، ولا سيما في خص المادتين ?? و?? منه، الاولى المتعلقة بالاستشارات وصلاحيات رئيس الجمهورية بتكليف رئيس الحكومة، والثانية المتعلقة بصلاحيات الرئيس المكلف تشكيل الحكومة من دون تحديد مهلة زمنية. وطالما الدستور لم يحدد فالمجلس لا صلاحية له بهذا التحديد او بسحب التكليف، والا فليعدّلوا الدستور وهذا الامر غير مطروح حالياً على الاطلاق ولا مصلحة لأحد بالدخول فيه. وبالتالي، فإنّ التوجه حاليا هو لإصدار توصية تعمل على حل توافقي متوازن لا يمس بمبدأ التكليف ويحث على الاسراع بتشكيل الحكومة بالتوافق بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف.
امّا عن مسار الجلسة فأكدت المصادر ان المجلس النيابي هو ملعب الرئيس بري الذي احترف الحفاظ على التوازنات فيه، وبالتأكيد سيجنّبه اي شرخ يمكن ان تمتد تداعياته الى البلد برمته في هذا الظرف الدقيق، والمخرج سيوازي ما بين احترام الطائف والدستور والحَث على إيجاد حل وعدم فتح البلاد على زوبعة جدل لتفسير الدستور والصلاحيات ستزيد الطين بلة وتضيف الى الازمات المتراكمة ازمة دستورية جديدة.
رؤساء الحكومات
الى ذلك، اعتبر الرؤساء السابقون للحكومات: نجيب ميقاتي، فؤاد السنيورة، وتمام سلام ان رسالة رئيس الجمهورية مليئة بالمغالطات واكدوا وقوفهم الى جالنب الرئيس المكلف، واتهموا رئيس الجمهورية بالعرقلة، واستغربوا ان يعطي رئيس الجمهورية نفسه دور الوصي على مهمة ودور رئيس الحكومة المكلف لتشكيل الحكومة وتجاوز ذلك الى إعطاء نفسه دور الضابط والمحدد لمهمته وجعله في حالة من التبعية لرئيس الجمهورية”.
واعتبر الرؤساء انّ ما احتوته الرسالة يشكل انقلابا حقيقيا على الدستور، ويطيح مبدأ الفصل بين السلطات والأسس التي يقوم عليها النظام الديموقراطي البرلماني… وأعلنوا: “إننا نقدّر لرئيس الجمهورية حرصه على المصلحة العامة وغيرته على منفعة الشعب، تبريراً للرسالة التي وجهها الى مجلس النواب. وكان يمكن أن يكون تقديرنا أكبر بكثير لو سهَّل تشكيل الحكومة، ولو أراد فعلاً التخفيف من معاناة الشعب وعدم إقحام مجلس النواب والكتل والأحزاب السياسية في النقاشات التي تزيد النار اشتعالا، ولكان من الأسهل سلوك المسلك الدستوري الآمن، وارتضى بالاحتكام الى مجلس النواب بدل توريط البلاد كلها في لحظة مفصلية خطيرة، في جدل سياسي ودستوري بل وطائفي، يمكن أن يطيح ما تبقّى من قواعد العيش المشترك في الوطن اللبناني، وذلك بالعمل على توقيع مرسوم تشكيل الحكومة وفقاً للصيغة التي قدمها اليه رئيس الحكومة المكلف، ويرسلها إلى مجلس النواب المُناط به إعطاء الحكومة الثقة أو حجبها عنها، وهكذا يكون رئيس الجمهورية قد حوّل جهنم إلى برد وسلام على الشعب اللبناني”.
حَظر 3 جمعيات
من جهة ثانية، أعلنت وزارة الداخلية الألمانية، امس الاربعاء، أنها حَظرت 3 جمعيات متهمة بالتبرع لـ”حزب الله”، هي: (دويتشه ليبنانيش فاميليا) و(مينشين فور مينشين) إضافة إلى (جيب فريدين) التي حُظرت بالفعل في 15 نيسان.
وقال متحدث باسم الوزارة على “تويتر”: إنّ الشرطة نفّذت مداهمات في الصباح الباكر لعدة مواقع في 7 ولايات.
وأضاف المتحدث: “أولئك الذين يدعمون الإرهاب لن يكونوا آمنين في ألمانيا. بغضّ النظر عن الصورة التي يكون عليها أولئك الداعمون فإنهم لن يجدوا لهم مأوى في بلادنا”.
واتهمت السلطات الالمانية هذه الجمعيات بجمع تبرعات “لأسَر شهداء” حزب الله في لبنان، تحت ستار أغراض دينية وإنسانية في ألمانيا بما يؤول في نهاية المطاف إلى شن هجمات على إسرائيل.
الجمهورية