كتبت عزة الحاج حسن في المدن : في الوقت الذي كانت تنشر فيه صفحات جمعية مصارف لبنان، على منصات التواصل الاجتماعي، رسائل تهنئة للجمهور لمناسبة عيد المولد النبوي، كان العديد من العملاء المصرفيين يستجدون من على صناديق المصارف بعضاً من حقوقهم وأموالهم، التي استأمنوها عليها وأودعوها في خزائنها قبل أن تحتجزها.
ولن تتأخر جمعية المصارف بطبيعة الحال عن إطلاق المعايدات والتبريكات في عيد جميع القديسين اليوم، وكما لا يفوتها واجب المعايدات “الاستفزازية”.. لا يفوتها أيضاً ابتكار الأساليب والحيل لاستنزاف المواطنين آخر دولاراتهم وليراتهم، فيكاد لا يمر يوماً إلا وتصدر عن مصارف لبنانية قرارات وإجراءات تساهم أكثر وأكثر في سلب اللبنانيين أموالهم.
خفض سقوف السحوبات
لم تتردّد العديد من المصارف في خفض سقوف السحوبات النقدية (الكاش) من حسابات الليرة والدولار، التي يتم سحبها بالليرة وفق سعر صرف 3900 ليرة للدولار. وجاء خفض العديد من المصارف سقوف السحوبات على الرغم من صدور بيان في وقت سابق عن جمعية مصارف لبنان، تؤكد فيه تراجعها عن قرار خفض السقوف، ليتّضح فيما بعد أن بيان الجمعية ما كان سوى محاولة لإشاحة الأنظار عن الجرائم التي ترتكبها المصارف بحق مودعيها وعملائها.
ومن بين المصارف التي باشرت بتنفيذ قرار خفض سقوف السحوبات الشهرية بنك البحر المتوسط (BankMed) الذي خفض السقوف لعملائه من 2000 دولار شهرياً (أي 7 مليون و800 ألف ليرة) إلى 1000 دولار فقط شهرياً (أي 3 مليون و900 ألف ليرة) وبمعدّل 250 دولاراً أسبوعياً.
وكان لافتاً أن المصرف نفسه، أي بنك البحر المتوسط، قرر صرف نصف راتب لكافة العاملين لديه منتصف شهر تشرين الثاني المقبل. ووفق معلومات “المدن” فقد أبلغ مدير تطوير الموارد البشرية في “بنك ميد” نقولا سمعان، كافة الموظفين والمدراء في المصرف عبر بريد إلكتروني بقرار تقديم نصف راتب إضافي، “تحسّساً من المصرف بظروف العاملين القاسية الناجمة عن الأزمة الإقتصادية الراهنة والصعوبات المعيشية”. وبصرف النظر عن حق موظفي المصارف وسواهم من موظفين في كافة القطاعات بالحصول على زيادات بالأجور، لتمكينهم من تأمين معيشتهم وتعويض تراجع القدرة الشرائية لليرة، لكن لا بدّ من السؤال: كيف يمكن للمصرف حجز أموال المواطنين وخفض سقوف سحوباتهم الشهرية والأسبوعية، وفي الوقت ذاته لديه “شعور” مع موظفيه ويقدم نصف راتب مكافأة؟!
رفع الرسوم والعمولات
الأسوأ الآن، اعتماد عدد كبير من المصارف على عملية رفع الرسوم والعمولات على إصدار الشيكات وتحويل الأموال. ومنهم من رفع النسبة المئوية من دون وجه حق على السحب من حسابات الأموال الجديدة بالدولار، أي الـfresh money. فوصلت الوقاحة ببعض المصارف إلى حسم ما يقارب الـ50 دولاراً من سحوبات الفريش ماني الشهرية للعملاء.
وقد عمدت بعض المصارف ومنها بنك لبنان والمهجر Blom Bank إلى زيادة الرسوم أو العمولات على إصدار الشيكات وتحويل الأموال، (مستند مرفق) أما لجهة السحوبات النقدية فلم يخفض المصرف سقوف السحوبات عن الصندوق، بل خفّضها فقط عبر الصرافات الآلية.
وتعليقاً على عمليات خفض السقوف عبر الصرافات الآلية أفاد مصدر لـ”المدن” أن بعض المصارف قررت خفض سقوف السحب النقدي عبر الصرافات الآلية خلال الأسبوع الأول من كل شهر، تجنبّاً لشح السيولة في الصرافات الآلية. وذلك لا يعني أن السقوف ستستمر منخفضة إنما من المرجّح إعادة رفعها خلال النصف الثاني من الشهر.
تعديل في سداد الفواتير
ولم توفر المصارف أسلوباً جائراً بحق العملاء إلا واعتمدته، ومن التعديلات الأخيرة لدى بعض المصارف، ومنها بنك عودة، فقد قررت سداد مختلف الفواتير العائدة للعملاء المصرفيين بعملة الفاتورة ذاتها، أي سداد الفواتير المحرّرة بالدولار بالعملة ذاتها. والمحرّرة بالليرة كذلك تدفع بالليرة.
وبموجب هذا القرار لم يعد بإمكان العملاء سداد فواتيرهم لصالح شركتي الإتصالات الخليوية Alfa وTouch على سبيل المثال من حساب الليرة، إنما من حساب الدولار. وفي حال لم يكن للعميل حساب بالدولار، فإنه بات ملزماً بالتوقيع على استمارة في المصرف تتيح للأخير تحويل قيمة الفواتير شهرياً من الليرة إلى الدولار للشركة. أما فيما لو كان الحساب بالدولار فبات يحق للمصرف بموجب هذا القرار حسم قيمة فاتورة الخليوي من الحساب بالدولار، وفق سعر الصرف المعتمد بالمصرف، أي 1515 ليرة للدولار. وبذلك يكون العميل قد خسر بكل مئة دولار فارق السعر بين 1515 ليرة و3900 ليرة المعتمدة في السحوبات من حسابات الدولار.