السبت, نوفمبر 23
Banner

بري يتحدث عن “نصف تقدّم” حكومياً والباقي ينتظر

لم يعد من أوراق ضاغطة لدى باريس تعوّل عليها لإخراج أزمة تأليف الحكومة ‏اللبنانية من المراوحة التي تتخبط فيها وتؤخر تشكيلها، سوى الرهان على ‏المبادرة التي أطلقها رئيس المجلس النيابي نبيه بري، والتي تحظى بدعم باتريك ‏دوريل، مستشار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي لم ينفك – كما يقول ‏مصدر نيابي بارز لـ”الشرق الأوسط” – عن التواصل مع جميع الأطراف ‏المحلية الرئيسة المعنية بتأليفها في محاولة أخيرة، داعياً للسير فيها لتأخير ‏السقوط النهائي للبنان‎.

الأسبوع الطالع بدءاً من اليوم (الاثنين) سيكون حاسماً لأنه لم يعد من مبرر ‏للتأخير، فيما يقترب لبنان من الانفجار الشامل في ظل تدهور الوضع المعيشي ‏والاجتماعي. ويؤكد المصدر أن مبادرة بري لا تزال “قائمة وماشية”، وأن ‏الأيام المقبلة كفيلة بتوضيح المواقف بعيداً من المناورة، وعندها يعرف اللبنانيون ‏‏”العنزة من أم القرون” ويتبين لهم من يعرقل تأليفها في حال أصر البعض على ‏شروطه رافضاً سحبها من التداول‎.

ويكشف المصدر نفسه أن بري يتحرك بصمت باتجاه الأطراف المعنية، واضعاً ‏إياها أمام مسؤولياتها للانتقال بالبلد من التأزُّم إلى الانفراج، ويقول: “لقد تحقق ‏الآن أكثر من نصف تقدم ويبقى المطلوب التجاوب للوصول إلى النصف الآخر ‏لتوفير الشروط لتسهيل ولادة الحكومة‎”.

ومع أنه يفضّل عدم الدخول في التفاصيل التي يعود لبري وحده الكشف عنها ‏رغم أنه يُنقل عنه قوله: “ما تقول فول قبل ما يصير في المكيول”، وبالتالي من ‏غير الجائز التسرّع في حرق المراحل‎.

ويلفت إلى أن بري بادر فور انتهاء اجتماعه بالرئيس المكلف بتشكيل الحكومة ‏سعد الحريري الأسبوع الماضي، إلى الاتصال بمعاونه السياسي النائب علي ‏حسن خليل وأوعز له التواصل مع حسين خليل، المعاون السياسي للأمين العام ‏لـ”حزب الله” حسن نصر الله، لترتيب لقاء عاجل مع رئيس “التيار الوطني ‏الحر” النائب جبران باسيل لأن ضيق الوقت لم يعد يسمح بالانتظار وأن ‏الضرورة تقضي بضرب الحديد وهو حامٍ‎.

ويؤكد المصدر النيابي أن لقاء الخليلين بباسيل لم يكن سلبياً في المطلق، وأن ‏الأخير طلب التمهُّل ريثما يتمكن من مراجعة رئيس الجمهورية ميشال عون ‏للتباحث معه في نقطتين بقيتا عالقتين، رافضاً تسليط الضوء على مضامينهما، ‏لكن الجواب جاء ليلاً بعد انفضاض اللقاء، ولم يكن إيجابياً كما كنا نتوقع‎.

وفي هذا السياق، علمت “الشرق الأوسط” أن باسيل لم يعط جوابه بعد التشاور ‏مع عون كما أعلم الخليلين وإنما من خلال تواصله مع دوريل الذي كان على ‏تشاور مع بري، وكانت المفاجأة بقول باسيل لمستشار الرئيس الفرنسي بأن ‏النائب خليل لم يطرح عليه تفاصيل العرض الذي كان توصّل إليه رئيس المجلس ‏مع الرئيس المكلّف‎.

وبحسب المعلومات، فإن بري فوجئ بما نقله إليه دوريل بالنيابة عن باسيل، ‏والذي جاء مخالفاً لجدول الأعمال الذي ناقشه مع الخليلين عندما اجتمع بهما في ‏بعبدا والذي يتضمن بنداً واحداً بقي محصوراً بما توصّل إليه بري في اجتماعه ‏بالحريري والذي كان وراء مبادرة رئيس المجلس إلى معاودة تشغيل محركاته ‏انطلاقاً من أن اتفاقهما يشكل أرضية سياسية مشتركة لإزالة العقبات التي تؤخر ‏تشكيل الحكومة‎.

لذلك، فإن الاتصالات مفتوحة بين بري والحريري وتكاد تكون يومية، وبالتالي ‏فإن العرض الذي طرحه النائب خليل على باسيل يحظى بموافقة الرئيس المكلف ‏الذي لم يعد لديه ما يقوله بعد أن تفاهم على الصيغة – المخرج للإسراع بتشكيل ‏الحكومة‎.

ونقل المصدر النيابي عن بري قوله بأنه لا يعمل في الخفاء وبأن النائب خليل ‏حمل الصيغة التي أعدها رئيس المجلس بالاتفاق مع الحريري للوقوف على ‏رأيه، خصوصاً أنها ليست قابلة للنقض من قبل الرئيس المكلف وبات ينتظر ‏الجواب النهائي من باسيل‎.

وبالنسبة إلى تلويح “التيار الوطني الحر” باستقالة نوابه من البرلمان، اعتبر ‏المصدر النيابي أن التهديد أو التهويل بإجراء انتخابات نيابية مبكرة لن يُصرف ‏سياسياً في مكان، وأن البرلمان باقٍ حتى آخر يوم من ولايته، وأكد أن باسيل ‏تبلغ هذا الموقف من الخليلين اللذين أبلغاه صراحة بأن الاستقالة من النيابة تفتح ‏الباب أمام إجراء انتخابات فرعية لملء المقاعد التي شغرت باستقالة النواب‎.

ولفت إلى أن الخليلين أكدا له أن حركة “أمل” و”حزب الله” لن يتضامنا مع ‏النواب المستقيلين بتقديم استقالة نوابهما من البرلمان، وقال إن الحكومة ‏المستقيلة ترفض حتى الساعة دعوة الهيئات الناخبة للاشتراك في الانتخابات ‏الفرعية لملء الشغور المترتب على استقالة 8 نواب ووفاة نائبين اثنين، فكيف ‏ستكون حالها مع ازدياد عدد النواب المستقيلين؟‎

وأكد أن عدم إجراء انتخابات فرعية لانتخاب 10 نواب خلفاً للذين شغرت ‏مقاعدهم يشكّل مخالفة دستورية، وأن من يقف وراء تأخير إنجازها سيلاحق ‏دستورياً حتى بعد خروجه من السلطة أو إعفائه من مسؤولياته، وقال إن بري ‏لمح مراراً وتكراراً على رئيس الحكومة المستقيلة حسان دياب ووزير الداخلية ‏المستقيل العميد محمد فهمي بضرورة الدعوة للانتخابات الفرعية لكن مرسوم ‏دعوة الهيئات الناخبة لم يوقّع من قبل عون‎.

وشدد على أن الوضع المأزوم في البلد يفرض على جميع المسؤولين بلا استثناء ‏أن يجتمعوا اليوم قبل الغد لانتشاله من قعر الهاوية ولن يتحقق إلا بتشكيل ‏حكومة بمواصفات المبادرة الفرنسية، وقال إن هناك ضرورة لإزالة العقبات ‏التي تؤخرها والتي تمهّد الطريق أمام معاودة التواصل بين عون والحريري لأن ‏من دونهما لن تتشكل الحكومة‎.

ورأى المصدر أنه لا جدوى من دعوة الكتل النيابية للاجتماع بذريعة البحث ‏بالوضع الحكومي ما دام البرلمان قد اجتمع في حضور النواب الأعضاء في هذه ‏الكتل وقال كلمته بتجديد تكليفه الحريري بتشكيل الحكومة، وبالتالي لم يعد من ‏مبرر لاجتماعها‎.

وعليه، سأل مصدر سياسي عما إذا كان باسيل وبالنيابة عن عون يصر على أن ‏يكون مرشحه هو الفراغ الذي يأخذ البلد إلى المجهول أم أنه سيقرر ولو بصورة ‏استثنائية تجاوبه مع مبادرة بري الذي ينتظر منه الجواب الذي يعطي فيه الأولوية ‏لتشكيل الحكومة لإنقاذ ما تبقى من ولاية عون، هذا إذا كان ممكناً إنقاذه، ‏خصوصاً أن لا طائل من الرهانات على ما ستسفر عنه المفاوضات الجارية في ‏الإقليم أو تلك التي تستضيفها فيينا بين واشنطن وطهران حول الملف النووي ‏باعتبار أن المشكلة اللبنانية داخلية بامتياز وأن الانتظار قد يطول ولبنان بات ‏مهدداً بانحلاله لئلا نقول إن وجوده في خطر‎.‎

الشرق الأوسط

Leave A Reply