باتريسيا جلاد – نداء الوطن
بعد “حرب ضروس” خاضها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة مع جمعية المصارف في لبنان بعيد إعلان عزمه إصدار “تعميم يجيز للمودع سحب 400 دولار شهرياً نقداً و400 دولار بالليرة اللبنانية”، خرج التعميم المنتظر رقم 158 أمس الى العلن، بعد إنجاز التعديلات الأخيرة عليه.
فالإشتباكات كانت على أوجّها امس بين الفريقين، على خلفية إحتجاج المصارف على بعض النقاط الواردة في التعميم وعدم قدرة البنوك على دفع أي دولار نقداً، لكنها عادت ورضخت لتعميم الأمر الواقع.
يبدأ العمل بالتعميم اعتباراً من 30 حزيران 2021 ولمدة سنة قابلة للتجديد، لحين تحرير جميع الأموال المحوّلة من حسابات المستفيد الى “الحساب الخاص المتفرّع” الجديد الذي ستفتحه المصارف خصيصاً للعمل بهذا التعميم، والتي تصل في حدّها الأقصى الى 50 ألف دولار.
وفي التفاصيل، أوجب التعميم على المصارف تحديد العملاء الذين يستوفون الشروط المحدّدة وهم: أصحاب الحسابات المفتوحة قبل 31 تشرين الأول 2019 والتي لا تزال موجودة محتسبة على اساس الأرصدة الموجودة بتاريخ 31 آذار 2021، شرط ألا تتجاوز قيمتها تلك التي كانت متوفّرة في 31 تشرين الأول الماضي. فإذا كان على سبيل المثال لدى صاحب الحساب في 31 تشرين الأول 2019 ما قيمته 10 آلاف دولار وتدنى الى 7 آلاف في 31 آذار 2021، تحتسب القيمة على أساس الـ 7 آلاف دولار فقط، والعكس صحيح أي اذا كان لدى المودع 10 آلاف دولار وأصبحت وديعته 12 ألف دولار في آذار، يحتسب المبلغ على أساس ما كان عليه في 31 تشرين الأول 2019.
لكن ماذا لو كان للمودع حسابات عدة؟ عندها تُعتمد ارصدة حساباته كافة بالعملات الأجنبية مضافاً اليها الحسابات التي يكون شريكاً فيها لدى أي مصرف على حدة، بعد تنزيل أو حسم المبالغ المحولة من الليرة الى العملات الأجنبية بعد 31 تشرين الأول 2019، والحسابات المجمّدة كضمانة نقدية مقابل قروض أو تسهيلات، وتحسم قيمة الجزء من حساباته المدينة بالعملات الأجنبية، التي تم وسيتمّ تسديدها طوال فترة استفادته من أحكام التعميم بالليرة.
أما عن الإجراءات التي على المودع القيام بها للإستفادة من تعميم 158، فحُدّدت كالتالي:
– على صاحب الحساب أن يطلب من المصرف المعني فتح حساب خاص متفرّع (Special Sub Account) يحوّل اليه مبلغ 50 ألف دولار اذا كان لديه هذا المبلغ أو أقل، وفقاً للمبالغ المتوفرة لديه لدى المصارف بالدولار أو أي عملة أجنبية أخرى.
– اذا كان لدى المودع أكثر من حساب، عليه أن يحدد الحسابات التي سيتمّ التحويل منها، واذا كان الحساب مشتركاً مع شخص آخر عندها لا يستفيد الا بمبلغ حدّه الأقصى 50 ألف دولار، كون التعميم الصادر قابلاً للتجديد وكونه سيقسط مبلغ الـ50 ألف دولار لسنوات معدودة.
– على المستفيد أن يرفع حصراً السرّية المصرفية عن “الحساب الخاص المتفرّع” الجديد فقط لصالح مصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف، وبالتالي لا ترفع السرية مطلقاً عن حساباته كافة.
أما عن آلية سحب الوديعة المحوّلة الى الحساب الجديد الذي نقلت اليه الأموال ويسمى “الحساب الخاص المتفرّع”، فتتمّ كما يلي:
– مبلغ 400 دولار شهرياً يدفع نقداً لصاحب الحساب و/أو عن طريق تحويل الى الخارج، و/أو بواسطة البطاقات المصرفية التي يمكن استعمالها في لبنان والخارج و/أو إيداعها في حساب جديد، على ألا يتجاوز مجموع ما يمكن سحبه بالدولار من المصارف كافة سنوياً 4800 دولار.
– إضافة إلى ما يوازي 400 دولار أميركي بالليرة اللبنانية شهرياً على اساس السعر المحدّد على منصّة Sayrafa، أي على سعرالـ12 ألف ليرة للدولار. على أن تدفع منها نسبة 200 دولار “لصاحب الحساب” نقداً و200 دولار بواسطة البطاقات المصرفية، على ألا يتجاوز مجموع السحوبات 4800 دولار على سعر الـ12000 ليرة للدولار.
وبذلك يكون مجموع السحوبات التي يمكن سحبها 4800 دولار نقداً و4800 دولار بالليرة اللبنانية خلال سنة واحدة من بدء العمل بالتعميم.
والنقطة اللافتة، ان التعميم اجاز للمودع سحب المبالغ المحددة والمودعة في “الحساب الخاص المتفرّع” الجديد وقت يشاء باعتبارها تراكمية وليست شهرية.
تبقى المعلومة الأهمّ في القرار والتي كانت “نداء الوطن” أول من أضاء عليها، وهي أن من يستفيد من تعميم الـ”400 دولار” لفترة عام، لا يمكنه سحب ودائع العملات الأجنبية وفق سعر الـ3900 ليرة للدولار، طوال فترة استفادته من أحكام التعميم رقم 158 الحالي.
وبذلك، تكون المصارف ملزمة بتطبيق التعميم تحت طائلة تعرضها للعقوبات، لا سيما وأنّ “المركزي” فتح باب الشكاوى ضد المصارف غير الملتزمة أمام لجنة الرقابة على المصارف.
ومساءً، عقدت جمعية المصارف إجتماعاً لها خصصته للبحث في التعميم، فأبدت تحفظها عليه، إلا انها أعربت في الوقت نفسه عن التزامها بتطبيقه. وعلمت “نداء الوطن” أنّ بعض المصارف تناول خلال الاجتماع المشاكل التقنية التي يمكن ان تواجهها لتطبيق التعميم، لافتة الى أن مصرف لبنان اعطى جمعية المصارف مهلة 48 ساعة لوضع ملاحظاتها وطلب توضيحات في حال وجودها، مع تأكيد المصرف المركزي عدم إمكانية ادخال اي تعديلات على جوهر التعميم.