السبت, نوفمبر 23
Banner

مشهد سوداوي يهدّد الاتصالات والانترنت… والانقطاع الشامل خيار وارد

مع رفع الدعم المتوقع في سيناريوهات اقتصادية رسمية جديّة، سواء بسبب نفاد دولارات المركزي أو بسبب كونه أحد الشروط الأساسية التي سيفرضها صندوق النقد الدولي على لبنان لإقراضه الدولارات، المشهد سوداوي. فكيف سيؤثّر الأمر على الاتصالات والإنترنت الذي تقوم عليه وظائف وأعمال وقطاعات أساسية. ما مصير الاتصالات والإنترنت وهل ستزيد تسعيرة الإنترنت؟

إذا ما توقف استيراد الفيول في لبنان لن يتوقّف الأمر على الإنترنت فقط، بل على البلد كلّه في جميع قطاعاته، لكن الفيول لن يتوقّف استيراده إنّما ستتمّ هذه العملية بأسعار مرتفعة. فموضوع الإنترنت وتوقّفه متعلّق بالطاقة، بحسب ما يشرح وزير الاتصالات في حكومة تصريف الأعمال طلال حواط، فالاتصالات، كجميع القطاعات الأخرى، سيتوقّف عملها في غياب الفيول، وسنضطرّ إلى شراء الفيول من الشركات الخاصة إن لم نعد قادرين على تأمينه من منشآت الدولة. لكن “أنا أتطلّع دائماً لوجود بدائل للعجز الموجود في البلد”، فكما حدث من فترة عندما شهدنا شحّاً في المازوت، اضطررنا حينها في شركتي Alfa وTouch إلى شراء الفيول من الشركات الخاصة لتسيير الأمور.

وفي السؤال عن تسعيرة الإنترنت المقبلة، وعن احتمال رفعها بعد رفع الدعم عن الكهرباء، يجيب حواط عبر “النهار” أنّ “الأسعار تتحدّد في مجلس الوزراء وليست بيد وزارة الاتصالات، لكن لن نمسّ بجيب المواطن وهذا المبدأ اعتمدته منذ اليوم الأول لي في الوزارة”. لكن لدى توليه وزارة الاتصالات، وفق قوله، كان الدولار بألفي ليرة وارتفع إلى أن وصل إلى الـ 10 آلاف ليرة ولم يستطع تخفيض سعر الإنترنت للمواطن أكثر من ذلك، ولو أنّه، أي المواطن، يدفع اليوم معدل فاتورة الإنترنت 30 دولاراً على الدولار القديم، أي 45 ألف ليرة والتي قيمتها في السوق اليوم 5 دولارات. “بحثنا في سبل لمساعدة المواطن، لكن وجدنا أنفسنا ندفع للموردين بالدولار ونتقاضى بالليرة اللبنانية، ففعلياً أصبحنا اليوم من أرخص الاتصالات في العالم، فكلفة الإنترنت على المواطن 5 دولارات بالشهر”، بحسب الوزير.

ويضيف ل”النهار” في هذا الإطار أنّ “على الحكومة الجديدة أن تقرّر كيفية مواجهة الصعوبات التي ستواجهها” في هذا الملف وفي ما يتعلّق بتسعيرة الإنترنت في حال رفع الدعم. فكما نحن حاولنا تأمين الأفضل في ظل الظروف السيئة التي تولّينا فيها الوزارة، على الحكومة الجديدة أن تدرك جيداً ماذا ستفعل في قطاع الخليوي بعد أن تحرّر، وهو حدث تاريخي، إذ أصبح القرار اليوم بيد الدولة. كما أنّ الأسعار تتعلّق أيضاً بسعر الدولار في الفترة المقبلة، لأنّ اليوم لا يمكن التسعير وهناك عدة أسعار لسعر صرف الدولار. لذا، هناك صعوبات كثيرة في قطاع الاتصالات والأمر غير مرتبط بفقدان الفيول فقط.

حتى المولّدات ستتوقّف، ومعها الاتصالات: أمّا الوزير السابق، غسان حاصباني، فشرح أنّ رفع الدعم عن استيراد الفيول يُنظَر إليه من ناحيتين: الأولى وهي حجم التمويل المطلوب لكهرباء لبنان التي تدفعها الدولة، والثانية هي الدولار، إذ كان مصرف لبنان يحاول تغطية هذه النفقات من احتياطه وهو ينفد الآن. وتأمين الدولار من السوق سيخلق إشكالية لأّن شركات الفيول لا تقبل أن تتقاضى المال سوى بالدولار لأن عقودها بالدولار، وبالتالي، سيتسبّب ذلك بانقطاعٍ في الفيول وبالتالي بالإنترنت.

وسنصل، وفق حاصباني، إلى مرحلة رفع الدعم حكماً، ليس فقط عن الكهرباء، إنّما على الدواء والمواد الغذائية أيضاً لأنّ احتياطي المركزي بالدولار سينفد. حينها، ستضطر الدولة إلى دفع ثمن الدولار في السوق السوداء لتأمين الدولار لمستوردي الفيول، وسيزيد عجز الدولة لأنّها تدفع بالدولار وتجبي بالليرة، ومصرف لبنان سيكون عاجزاً عن تغطية فرق سعر الصرف، وهنا ستتدهور الأمور لأنّ الطلب على الدولار سيزيد، وسترتفع الأسعار بشكل خيالي، وذلك سيحدث حتماً خلال أشهر قريبة جداً. فنسبة دعم صرف العملة ستنخفض تدريجياً، وصولاً إلى شهر شباط 2020 حيث ستتوقّف كلياً، وفق حسابات حاصباني.

وحتى المولدات، سيكون من الصعب تغطية استيراد الفيول لها، فشركات الاتصالات لديها مولدات، “كيف ستؤمّن الدولار لشراء الفيول؟”، يسأل حاصباني، مؤكّداً أنّه حتى المولدات هذه ستتوقّف وبالتالي توقّف الاتصالات. وقد مررنا بتجربة بسيطة من هذا النوع منذ بضعة أشهر، عندما اضطروا إلى نقل الفيول من محطة إرسال إلى أخرى لإبقاء الاتصالات شغالة، وهناك بعض المناطق انقطعت فيها الاتصالات. لكنّ الآن، سنصل إلى انقطاع شامل في الاتصالات مع غياب الفيول، وإلّا شركات الاتصالات ستضطرّ إلى شراء الدولار من السوق السوداء لشراء الفيول، ما سيرفع سعر الدولار أكثر.

ويتوقّع أنّ نمرّ على الأرجح بأزمة شحّ في الفيول الذي يؤثّر ليس فقط على خدمات الاتصالات، إنّما على كل الحياة الطبيعية الحضارية، لتعيدنا إلى العصر الحجري، ومَن عمله قائم على الإنترنت، قد يضطرّ إلى العودة إلى القلم والورقة.

وبرأيه، نحن الآن نشتري الوقت، والمطلوب هو تطبيق الإصلاحات التي لا يستغرق تطبيقها أكثر من ثلاثة أشهر. ومن الضروري هنا أن تكون الحكومة الجديدة مستقلّة وفاعلة في إطار تطبيق الإصلاحات بأسرع وقتٍ ممكن، وليس حكومة تنفّذ أجندات سياسية. وخلال الثلاثة أشهر هذه، تتألّف هيئة ناظمة لتنفيذ مناقصة مع شركات مثل Siemens وغيرها، ودفتر الشروط موجود، “فما المانع من القيام بالمناقصة الآن؟ لا شيء يمنع مناقصة معامل كهرباء، فالبنك الدولي جاهز للدعم بحوالي 350 مليون دولار لتصليح الشبكة للتخفيف من الهدر فيها الآن فوراً”.

الانباء

Comments are closed.