ليلى جرجس- النهار:
كثرت في الساعات الماضية معطيات وأجواء حول التوجّه إلى إعادة إقفال البلد بشكل كامل لأسبوعين، سواء بعد تشكيل الحكومة أو في الأيام المقبلة. في حين ترددت معلومات أخرى تفيد بإغلاق البلد منذ الخامسة عصراً حتى الخامسة فجراً. وبغضّ النظر عن طريقة الإقفال ومدى إلتزام المواطن كما الدولة في هذا القرار، فإن البلد يتجه إلى انزلاق خطير في حال بقيت الإجراءات والتدابير الصارمة حبراً على ورق.
منذ فترة، تتحدث وزارة الصحة عن خيار اللجوء إلى الإقفال العام في ظل ارتفاع المسار الوبائي في لبنان بوتيرة سريعة وكبيرة. وفق مصادر وزارة الصحة أن “لجنة كورونا ستجتمع يوم الاثنين لاتخاذ القرار المناسب بعد تقييم الوضع والحالات في العناية الفائقة والوفيات وعدد الأسرّة، علماً أنه في الأيام الماضية دعينا إلى إقفال أحياء في ضواحي بيروت الكبرى، ومع ذلك الاثنين سيكون مصيرياً في اتخاذ القرار وفق المعطيات وبعد دراسة الأرقام والبحث في كل التفاصيل”.
في حين أشار مصدر في لجنة متابعة التدابير والإجراءات الوقائية لفيروس كورونا إلى أن “قرار الإقفال ليس وارداً في هذه المرحلة، وستكون التوصيات الجديدة الصادرة عنها بالأمس بمثابة اختبار في هذه المرحلة، وعليه يكون التقييم النهائي في مدى نجاح تطبيق التوصيات والارشادات الجديدة. وأهم ما جاء في الإجتماع :
* الطلب من نقابة أصحاب المستشفيات الخاصة تخصيص 10% من الأسرة العادية و20% من أسرة العناية الفائقة لمرضى كورونا كحد أدنى وذلك خلال مهلة لا تتخطى الأسبوع الواحد. وفي حال التخلف عن ذلك، سيُتخذ بحق المستشفيات الرافضة اجراءات صارمة
* الطلب من وزارة العدل إعطاء استشارة قانونية حول امكانية وضع اليد على مستشفى خاص او إقفاله ضمن شروط التعبئة العامة.
لم تُشكّل التجارب السابقة مع قرارات الإقفال الجزئي أو التام مثالاً ناجحاً للتعويل عليه في لبنان، فلا الدولة فرضت هيبتها على المواطنين في تطبيق قراراتها دون استثناءات، ولا المواطن يلتزم بأدنى معايير الوقاية حتى إن بعضهم ما زال يصرّ على أن الوباء “كذبة” برغم من الوفيات والحالات الحرجة التي سجلتها مستشفيات لبنان في كل المناطق.
وبرغم من الحديث عن الدعوة إلى الإقفال التام، تبقى الصورة ضبابية، وأسئلة كثيرة ترافق هذه المرحلة الحساسة خصوصاً أن الفيروس بات خارج السيطرة، وما تشهده الدول الأوروبية اليوم يجب أن يكون بمثابة عبرة لنا.
من جهته، أكد رئيس لجنة الصحة النيابية الدكتور عاصم عراجي في حديثه لـ”النهار” أن “زيادة الحالات بشكل مطّرد ومخيف للعناية الفائقة، ووصول المستشفيات الحكومية إلى قدرتها الاستيعابية القصوى، تعكس حجم الوضع الصعب والخطير في لبنان. وفي ظل تفاقم الوضع، وافقت المستشفيات الخاصة على زيادة أسرة لاستقبال مرضى كورونا، وبالتالي اذا التزمت المستشفيات بوعدها سيكون قرار الإقفال متأخراً قليلاً أي إلى نصف تشرين الثاني خصوصاً أنه مع قدوم فصل الشتاء ستزداد لدينا الفيروسات ومنها الانفلونزا على أنواعها. ونتيجة ذلك، نرفع الصوت منذ فترة خوفاً من الشهرين المقبلين، وما نشاهده اليوم في الدول الأوروبية من موجة ثانية وارتفاع الإصابات قد نشهده في لبنان.صحيح أن الطب بات يعرف أكثر عن الفيروس ويتعامل معه بعلاجات وطرق مختلفة، وهذا ما أدى إلى انخفاض الوفيات في العالم مقارنة ببداية انتشار الوباء، ولكن هذا لا يعني السيطرة على الفيروس وضمان عدم انتشاره.
لذلك في حال بقيت الحالات مرتفعة في غرف العناية، ولم تستجب المستشفيات الخاصة سيكون قرار الإقفال الحل الوحيد لتخفيف الضغط على المستشفيات. الأيام المقبلة ستكشف مدى التزام الناس من عدمه، يجب إلغاء التعازي والمناسبات الاجتماعية ولكن في حال لم يتقيّد الناس، عندها سيكون القرار بالإقفال التام”.
وهل سيشمل القرار اقفال المطار أيضاً؟ برأي عراجي أن “الحالات الوافدة الإيجابية ليست مرتفعة، وأن الرحلات الوحيدة التي سجلت إصابات هي النجف ولكن بالإجمال لم تُسجل الحالات نتيجة السفر أرقاماً مرتفعة كما هي الحال مع الحالات المحلية. وبالتالي في الوقت الحاضر، لا توجّه لتعليق الرحلات وسيبقى المطار مفتوحاً وينعش الاقتصاد طالما ليس هناك إصابات كبيرة على متنها”.
كنا نحاول الموازاة بين الإقتصاد والصحة، لكن تبين أن الناس غير ملتزمة ولم تُطبق الإجراءات كما يجب، وبالتالي في حال لم تتخذ القرارات اللازمة نحن متجهون إلى كارثة صحية وكارثة اقتصادية. نشدد على ضرورة الالتزام طالما البلد مفتوح وفق الشروط، ولكن ما جرى عدم التزام وتفلت أدى إلى تسجيل الإصابات بوتيرة مخيفة وسريعة. وعلى الناس أن يعلموا اذا انهار القطاع الصحي فهذا يعني انهيار البلد.
وعن ثقته بالتزام الناس بالإقفال وفرض الدولة سلطتها تطبيقاً لقرارها؟ يشير عراجي إلى أننا “شهدنا تراخياً كبيراً في القرارات السابقة، ولم تضرب الوزارات المعنية بيد من حديد لتطبيق الإجراءات بصرامة وحزم، والاستثناءات باتت تخرق القرار يوماً بعد يوم، لذلك إذا لم تتصرف بقوة وحزم لا قيمة للإقفال. في المقابل على المواطن أن يتحلى بالمسؤولية والوعي في مسألة الالتزام، خصوصاً أن قطاعنا الصحي منهك والفيروس بات في مرحلة انتشار كلي”.