بولا أسطيح – الشرق الأوسط
قبل أيام معدودة من استفحال الأزمة وانقطاع المحروقات من المحطات، أصدر الرئيس اللبناني ميشال عون، ورئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، موافقة استثنائية جديدة تسمح لمصرف لبنان بشراء المحروقات من الاحتياطي الإلزامي الذي يشكّل أموال المودعين العالقة في المصارف.
وبعدما أُشيع ليل الخميس عن رفض دياب السير بهذه الصيغة وعدِّه إياها حلاً مؤقتاً والمطلوب حل جذري للأزمة، أعلن مكتبه الإعلامي أمس موافقته الاستثنائية على «اقتراح وزير المالية بما يسمح بتأمين تمويل استيراد المحروقات على أساس تسعيرة 3900 ليرة لبنانية، بدلاً من 1500 ليرة لبنانية للدولار الواحد، استناداً إلى المادة 91 من قانون النقد والتسليف»، معللاً الموافقة بـ«المساهمة بتخطي الأزمة التي تمر بها البلاد، والتي ستساعد في ضبط عملية شراء الدولار الأميركي في السوق الموازية وفقاً لما ورد في كتاب المديرية العامة لرئاسة الجمهورية وبهدف تأمين المحروقات للمواطنين لفترة الأشهر الثلاثة المقبلة، خصوصاً أننا على أبواب موسم صيفي سيسمح بزيادة قيمة العملات الصعبة التي ستأتي إلى لبنان مع قدوم المغتربين والسياح، مع ما يترتب على ذلك من نتائج إيجابية».
وعدّت الباحثة في الشأنين الاقتصادي والمالي ليال منصور، أن «ما تم التوصل إليه لا يشكل حلاً على الإطلاق، باعتبار أن تحديد مهلة 3 أشهر يعني تلقائياً أن الأسعار سترتفع بعد ذلك، ما سيشجع أصحاب المحطات والمستوردين على تخزين المحروقات لبيعها بأسعار أعلى»، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن ما يحصل ينمّ عن «سوء إدارة». وأضافت: «أزمة سعر الصرف لا تُحلّ بقرارات يومية يغيب عنها بُعد النظر… فسياسة الدعم ككل خاطئة لكن في دول تؤمِّن حلولاً بديلة لمواطنيها، وهذا غير متوافر في لبنان بحيث نتحدث هنا عن دولة مفلسة على المستويين الاقتصادي والاجتماعي».
ويشكك الاقتصاديون بفاعلية الإجراءات والقرارات المتخَذة، كذلك ينبّه القانونيون والدستوريون من تجاوز هذه الحلول للقوانين. إذ أوضح رئيس منظمة «جوستيسيا» الحقوقية الدكتور بول مرقص، أن «الأصول تقضي بأن المراسيم، ما عدا عدد محدد منها، تصدر من مجلس الوزراء مجتمعاً كما نص اتفاق الطائف وبالتالي ما يصدر من موافقات استثنائية في المرحلة الراهنة عن رئيس الجمهورية ورئيس حكومة تصريف الأعمال، وإن كان سيتم تسويتها بمجلس الوزراء عند انعقاده، فذلك يجانب الدستور». وأشار مرقص في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «أي مساس أصلاً بأموال المودعين هو غير قانوني وغير دستوري ومعرّض للطعن لو كانت هناك جهات صالحة للطعن أمامها، كما أنه يرتقي إلى حدّ الجريمة التي يتوجب محاسبة المسؤولين عن ارتكابها». وأضاف أن «تفعيل مصرف لبنان لنصوص قانون النقد والتسليف يأتي في إطار استدراك أي مسؤولية تحمَّل له في المستقبل على اعتبار أنه قام بالتحذير ولفت نظر الحكومة إلى مخاطر التمويل والاقتراض الذي ذهبت إليه».
ومع الإجراءات الجديدة المتخَذة سيرتفع سعر صفيحة البنزين من 45 ألف ليرة، أي ما يعادل 30 دولاراً أميركياً حسب سعر الصرف الرسمي، إلى 65 ألفاً أي 43 دولاراً. ويرى الخبراء أن ذلك لن يحول دون توقف تهريب المحروقات إلى سوريا لأن الأسعار في لبنان لا تزال منخفضة جداً مقارنةً بالأسعار في سوريا، ويؤكدون أن التهريب لن يتوقف إلا عند رفع الدعم بالكامل ليبلغ حينها سعر صفيحة البنزين 200 ألف ليرة أي 133 دولاراً، وهو ما توقع وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال ريمون غجر، أن يحصل بعد 3 أشهر.