جاء في صحيفة الديار : شهدت عملية تأليف الحكومة في اليومين الماضيين بعض الأجواء الايجابية نتيجة حدثين مهمين من حيث الشكل والتوقيت والمضمون. الأول كلمة أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله أمس الأول والذي أعاد التأكيد على أن مبادرة الرئيس نبيه بري لا تزال قائمة وأن الحزب سيمد يد العون لحليفه التيار الوطني الحر بعد طلب رئيسه جبران باسيل مساعدة السيد نصرالله بالخروج من الأزمة، خاصةً أن البعض اعتبر بعد كلمة باسيل أنه دفن نوعاً ما مبادرة رئيس المجلس النيابي، فجاء تأكيد السيد نصرالله عليها ليعيد احياءها. والحدث الثاني المؤتمر الصحفي المشترك بين وزيري خارجية فرنسا والولايات المتحدة اللذين أكدا رغبة مشتركة بالعمل سوياً على مساعدة لبنان بالخروج من أزمته “الوجودية”، وما اعتبره كثيرون تفويضا أميركيا واضحا للفرنسيين بالملف اللبناني وباعادة تشغيل اتصالاتهم على خط تشكيل الحكومة اللبنانية المنتظرة وفق مبادرة الرئيس الفرنسي ماكرون أو “ما تبقى منها”، لتؤكد السفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا هذا التوجه عبر تصاريحها بعد عودتها من واشنطن الى بيروت حيث أعلنت دعم بلادها لمبادرة ماكرون.
على المقلب الإقتصادي والمعيشي لا يزال المواطن اللبناني يعاني من يومياته في “جهنم”، ان كان بانتظاره في طوابير “البنزين” و”المازوت” على محطات الوقود لساعات للحصول على كمية لا تتعدى في حدها الأقصى ال 20 ليترا من المحروقات، دون أن ننسى استمرار انقطاع الأدوية في الصيدليات رغم ما حكي عن الافراج عنها من قبل أصحاب المستودعات الطبية بعد وعود من مصرف لبنان بتأمين الدعم. بالاضافة لذلك، لا تنفك تهديدات أصحاب المولدات بقطع الكهرباء عن المواطنين متحججين بانقطاع مادة المازوت رغم أن الادارات المعنية في هذا الملف في وزارة الطاقة أكدت مراراً عن أن السوق فيه ما يكفي من مادة المازوت لتلبية حاجات المولدات أو ما يعرف ب”الاشتراك الخاص بالكهرباء”.وفي السياق، تحاول السلطة في لبنان ابقاء المجتمع اللبناني في حالة من الغيبوبة عبر ايهامه تارة بالبطاقة التمويلية والتي لم يحدد حتى الان آلية تمويلها ان كان من البنك الدولي أو من أموال المودعين، وتارة عبر اصدار قرارات تجيز له السحب بالعملة الخضراء أي الدولار ليكتشف فيما بعد ان المصارف غير جاهزة بعد لتنفيذها.
الملف الحكومي
بالعودة الى الملف الحكومي، سادت أجواء ايجابية مؤخراً (رغم التراشق الاعلامي بين حركة امل و “الوطني الحر”) حول عملية تشكيل الحكومة مصدرها معلومات عن تحرك فرنسي مدعوم من الأميركيين، اضافة الى اعادة تأكيد السيد نصرالله على مبادرة الرئيس بري في خطابه الأخير. والحقيقة أن نسبة التفاؤل تخطت قدرة الأحداث على التأثير في عملية الـتأليف، اذ أن الاتصالات في الداخل لم تصل بعد الى خواتيم سعيدة للعقد التي تمنع الحكومة من ان تبصر النور. وفي المعلومات أن حزب الله قام في الأسبوع الفائت باتصالات بعد كلمة باسيل لمنع تفاقم الأمور بين عين التينة من جهة وميرنا الشالوحي وبعبدا من جهة ثانية، ليعمل فيما بعد على فهم قصد باسيل لناحية طلبه المساعدة من السيد نصرالله. هذا ويتوقع أن تتكثف الاتصالات بدأً من الأسبوع المقبل لايجاد حل وسط بين الرئيس المكلف سعد الحريري ورئيس الجمهورية العماد ميشال عون في قضية الوزيرين المسيحيين العالقة بالاضافة الى العقدة المستجدة باشتراط باسيل عدم اعطاء الثقة المسبقة للحكومة قبل الاطلاع على برنامجها وبيانها الوزاري.
هذا وتقول أوساط سياسية للديار ان الاتصالات ستتكثف اعتباراً من الاثنين بين الأطراف المعنية بالحكومة، كما تشير الأوساط الى عودة وشيكة للفرنسيين على خط الحكومة انطلاقاً من التفويض الأميركي الذي برز في اليومين الأخيرين. وتكشف الأوساط أن التقارير الدبلوماسية التي كانت تصل الى المرجعيات السياسية في لبنان في السابق تشير الى عدم وضع الملف السياسي للبنان على الطاولة من قبل الأميركيين وأنهم يكتفون بدعم الجيش اللبناني اضافة الى المساعدات في الشق الاجتماعي. أما الان فستدخل الولايات المتحدة على الملف السياسي في لبنان وفي طليعته الوضع الحكومي من البوابة الفرنسية عبر التنسيق مع باريس في الخطوات المستقبلية واعادة الزخم الى مبادرة ماكرون رغم ان الأخيرة خضعت لتعديلات شتى.
وفي هذا الاطار، تكشف مصادر مطلعة على عملية التأليف للديار عن اتصالات سرية حصلت بين وزير خارجية الفاتيكان المونسنيور بول كالاغار والخارجية الفرنسية ومستشاري الرئيس الفرنسي ماكرون حول لبنان. وتقول المصادر أن فرنسا حثت الفاتيكان أن لا يقتصر الاجتماع المزمع عقده في الأول من تموز لرؤساء الطوائف المسيحية برآسة البابا فرنسيس على الشق الديني، بل أن يتعداه الى الشق السياسي والاجتماعي لتبني فرنسا على الاجتماع ونتائجه بهدف ممارسة مزيد من الضغوط على المسؤولين عن تعطيل تأليف الحكومة في لبنان، بحيث تستثمر فرنسا الاجتماع وتتابع ما صدر عنه على الأرض عبر موفديها واتصالاتها.
أردوغان يستقبل الحريري
واعلن المكتب الاعلامي للرئيس المكلف سعد الحريري في بيان أمس عن استقبال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في قصر وحيد الدين الرئيس الحريري، و”جرى خلال اللقاء التداول بالاوضاع في لبنان والمنطقة والعلاقات الثنائية بين البلدين”.
اشتباك اعلامي بين أمل والوطني الحر..فالهدنة
ورغم الوضع المأساوي الذي وصل اليه اللبنانيون، لم تمنع الظروف الصعبة التيار الوطني الحر وحركة أمل من الدخول في “حفلة” شتائم وسباب على مواقع التواصل الاجتماعي، وكان شارك في التراشق نواب من الطرفين نذكر منهم: بزي وخريس من حركة أمل وعطالله وسليم عون عن التيار الوطني الحر(التفاصيل ص 3). فيما بعد، صدر عن اللجنة المركزية للاعلام في “التيار الوطني الحر” البيان الآتي: “افساحا في المجال أمام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله للنجاح في مسعاه الحكومي، ورغبة من التيار الوطني الحر بتأليف الحكومة في أسرع وقت ممكن، يطلب التيار من مناصريه وقف أي تراشق اعلامي مع حركة أمل”.
كذلك، صدر عن المكتب الاعلامي المركزي لحركة أمل البيان التالي: “لما كنا دوماً من الحريصين على عدم الدخول في سجالٍ مع أي طرف داخلي، وكنا في موقع الرد على تصريحات وتغريدات تستهدف الرموز والقيادات، وبعد بيان التيار الوطني الحر الأخير، نطلب من جميع المناصرين وقف كل أشكال السجالات الإعلامية مع التيار الوطني الحر.
الوضع المعيشي وقطع الطرقات
هذا و لا يزال الوضع المعيشي يتدهور للأسوأ، اذ توقف أمس توزيع مادة الغاز في كل لبنان نتيجة اقفال الشركات الموزعة، اضافة الى اقدام عدد كبير من محطات الوقود على اقفال ابوابها بحجة نفاذ مادة البنزين لديها ، كذلك سجل الدولار رقما قياسيا جديدا حيث لامس ال 18 الف ليرة لبنانية للدولار الأميركي الواحد، ما أدى الى اقفال عدد كبير من التجار محالهم كما ادى الى نزول اللبنانيين الى الشارع في مختلف المناطق اللبنانية والقيام بقطع الطرقات بدأً بالعاصمة حيث قطع السير عند تقاطع المدينة الرياضية بالاتجاهين، وتمّ قطع طريق ساحة الشهداء في بيروت.
وفي الشمال قطع محتجون طريق عام حلبا بالقرب من خيمة إعتصام حلبا. وقطع عدد من المحتجين ساحة عبد الحميد كرامي في طرابلس بالاطارات والعوائق.
وفي الجنوب، شهدت ساحة الشهداء في صيدا اشكالا بين شباب محتجين وعناصر من الجيش اللبناني بعد محاولة الجيش فتح الطريق التي أغلقها المحتجون. وقد أسفر الإشكال عن وقوع عدد من الجرحى بين صفوف المحتجين. وقام عناصر من الجيش أيضا باعتقال 3 منهم.
الى ذلك عمد عدد من المحتجين على اقفال عدد من الطرقات الرئيسية والفرعية في صيدا بحاويات النفايات المشتعلة والسيارات. أما في البقاع، قطعت الطرقات التالية: بر الياس شتورا عند مفرق المرج، الرفيد غزة، جديتا العالي، جلال، سعدنايل، تعلبايا وساحة شتورا.
البطاقة التمويلية
على صعيد البطاقة التمويلية، أفاد مصدر نيابي في لجنة المال والموازنة للديار، أن من المتوقع أن يعرض مشروع قانون “البطاقة” على الهيئة العامة للمجلس الأسبوع المقبل، كما كشف للديار أنه في حال سيتم الاستعانة بقروض البنك الدولي للبنان لتغطية تكاليف البطاقة، فالمهمة ليست سهلة وسوف تأخذ أسابيع لا بل أشهرا لتأمين هذا التمويل، ما يعني في آخر المطاف ان التمويل قد يكون من جيوب المودعين عبر الاستعانة بالاحتياطي الالزامي لدى مصرف لبنان.
هذا وبرز في هذا الاطار كلام للنائب محمد الحجار حيث اكد على اصرار ربط تيار المستقبل البطاقة التمويلية بعملية رفع الدعم، أي ان التيار لا يؤيد اقرار البطاقة قبل قيام السلطة التنفيذية الحالية او المستقبلية بترشيد او رفع الدعم عن عدد كبير من المواد الاستهلاكية.
كما صرح النائب في كتلة التنمية والتحرير علي بزي “أن البطاقة التمويلية ستقر الأسبوع المقبل”، مشيرا الى “طلب اللجان المشتركة النيابية من حكومة تصريف الأعمال تقديم خطتها الواضحة والمدروسة بشأن رفع الدعم”.
لقاء خلدة: العقاب سيكون قاسياً
هذا وعقد اجتماع درزي في خلدة شارك فيه رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ورئيس الحزب الديمقراطي اللبناني طلال ارسلان ورئيس حزب التوحيد وئام وهاب، وحضور الوزير السابق غازي العريضي.
وطالب المجتمعون خلال اللقاء، بتحمّل المسؤولية الوطنية عبر تشكيل حكومة جديدة .
ولفت المجتمعون الى أن “الهم المعيشي الذي يعانيه اللبنانيون يتطلب أعلى مستويات الجهوزية والتحرك الفوري لضبط الوضع لتجنب المآسي، والمدخل الى ذلك أن نتحمل المسؤولية الوطنية عبر تشكل حكومة جديدة ولا يسعنا الا أن نحيي روح التضامن والتعاون بين أبناء الجبل، ونوجه الشكر للمغتربين بمساعدة أهلهم ونناشدهم الإستمرار”.
وشددوا في بيان “على إنهاء ذيول الأحداث الأليمة التي وقعت إنطلاقا من أعراف الموحدين الدروز ورفع الغطاء عن من يخل بأمن الجبل واستقراره، مبدأ العمل المشترك للوصول الى تفاهمات لتنظيم شؤون الطائفة الدرزية إنطلاقا من مشيخة العقل، وكل المطلوبين سيسلمون للقضاء وهو من يقرر، وستتم العملية خلال أيام ومن اليوم أي أحد يستعمل سلاحا في الجبل سيتحمّل مسؤوليته، واستعمال السلاح بوجه الإخوة اللبنانيين مرفوض” مؤكدين ان العقاب سيكون قاسيا لكل من يحمل السلاح بوجه اخيه في الطائفة الدرزية”.