الأحد, نوفمبر 24
Banner

المصارف تعصى القانون.. وداعاً للدولار الطلابي

كتبت عزة الحاج حسن في المدن: بعد أشهر من النضال المستمر لأهالي الطلاب اللبنانيين في الخارج، وبعد صولات وجولات بين مصرف لبنان والمصارف ومجلس النواب، وما رافقها من تحركات ميدانية في الشارع لدعم الدولار الطلابي، والإفراج عن التحويلات المصرفية، وغيرها من المطالب التي تضمن استمرار تعلّم الطلاب اللبنانيين في الخارج، ورغم نجاح المساعي في دفع مجلس النواب إلى إقرار قانون الدولار الطلابي “على عِلله”، وتوقيعه من قبل رئيس الجمهورية ونشره في الجريدة الرسمية منذ قرابة العشرة أيام، عاد الملف إلى مرحلة الصفر.

فالمصارف ترفض تنفيذ قانون الدولار الطلابي، ومجلس النواب نفض يده من القضية، باعتباره أتمّ المهمة التشريعية، وعاد أهالي الطلاب اللبنانيين في الخارج رهائن “تشبيح” المصارف وتعنّتها، فاتجهوا إلى الدائرة الأولى لمسلسل نضالهم، وهو تنفيذ تحرك اعتراضي أمام أبواب مصرف لبنان يوم الثلاثاء 3 تشرين الثاني.

الأمر الوحيد الذي كسبه أهالي الطلاب اللبنانيين في الخارج هو حصولهم على مستند قانوني (قانون الدولار الطلابي)، وتمكينهم من اللجوء إلى القضاء لإلزام المصارف تطبيق القانون القاضي بتحويل 10 آلاف دولار، وفق سعر الصرف الرسمي 1515 ليرة، لكل طالب لبناني مسجل في الجامعات الأجنبية منذ العام 2019/2020 وما قبله، عن العام الدراسي الحالي 2020/2021.

القانون المبتور

حال أهالي الطلاب اللبنانيين في الخارج يتطابق مع المثل القائل “رضينا بالهمّ والهمّ ما رضي فينا”، على ما يقول والد أحد الطلاب اللبنانيين في روسيا، فقانون الدولار الطلابي جاء منقوصاً ومبتوراً. إذ أنه شمل الطلاب القدامى واستثنى الجدد. كما لم يقر أكثر من 10 آلاف دولار لمرة واحدة. وهو مبلغ لا يكفي غالبية الطلاب في الخارج، “وعلى الرغم من كل ما شاب القانون من عيوب، قبلنا به. لكننا لم نستفد منه حتى اليوم. إذ ترفض المصارف تطبيقه بذرائع متعدّدة”.

عضو الهيئة التأسيسية للجمعية اللبنانية لأولياء الطلاب في الجامعات الأجنبية، الدكتور ربيع كنج، وفي حديث إلى “المدن”، أكد أن المصارف ترفض تطبيق القانون وتحويل الأموال إلى الطلاب في الخارج، تحت ذريعة انتظارها لتعاميم من مصرف لبنان، وقرار من جمعية المصارف! وبحسب كنج فقد وعد مصرف لبنان بإصدار تعاميم للمصارف توضح فيها آلية تنفيذ قانون الدولار الطلابي: “لكن ولأن ثقة أهالي الطلاب باتت شبه معدومة بمصرف لبنان، قرّرت تنفيذ تحرك احتجاجي يوم الثلاثاء أمام مصرف لبنان، لوضع خطة ميدانية لإقفال الفروع والإدارات العامة للمصارف لحين الإستجابة للمطالب”. ولفت كنج إلى أن اللجوء للقضاء يبقى واحداً من الخيارات المطروحة أمام الأهالي، في سبيل تحصيل حقوق أولادهم وتأمين الدولارات لاستكمال تعليمهم في الخارج.

نسف المطالب واجتزاؤها

وكانت مطالبات الجمعية اللبنانية لأولياء الطلاب في الجامعات الأجنبية تركّزت منذ بداية تحركاتها، مطلع العام 2020، على إقرار قانون الدولار الطالبي، من خلال اعتماده البنود التالية: أن يكون الدولار مدعوماً على سعر 1500 ليرة، لتغطية أقساط ومصاريف الطلاب في الخارج. وأن يتم تحرير التحويلات المصرفية للطلاب الذين يمتلك أهاليهم حسابات بالعملات الأجنبية، والذين يدرسون في الجامعات والدول التي لا تكفي فيها التغطية المالية المدعومة، ليتمكن الأهالي من تغطية الفارق من حساباتهم الخاصة. ومن المطالب الأساسية أيضاً أن يؤمن قانون الدولار الطالبي كل طالب لبناني في الجامعات الأجنبية إلى حين تخرجه، ويشمل كل سنوات دراسته، على أن يشمل أيضاً الطلاب الذين حصلوا على قبول للتسجيل في الجامعات الأجنبية في العام 2020/2021.

وكانت النتيجة أن نسف مجلس النواب كل تلك المطالب، واكتفى بإقرار قانون الدولار الطلابي المتعلق بإلزام المصارف العاملة في لبنان بصرف مبلغ 10 آلاف دولار أميركي، وفق سعر الصرف الرسمي للدولار، عن العام 2020-2021 للطلاب اللبنانيين الجامعيين الذين يدرسون في الخارج، ولمرة واحدة فقط.

عودة إلى “الصفر”

ثم جاءت المصارف لتنسف القانون برمّته وترفض تطبيقه، ليعود بذلك أهالي الطلاب إلى مرحلة الصفر. ووفق أحد المصرفيين، فإن مجلس النواب لم يستشر المصارف قبل إقرار القانون! كما لم يتم إجراء دراسة جدوى للقانون قبل إقراره! وهذا اعتراض يفتح الباب على الكثير من التساؤلات حول سلوكيات المصارف، لجهة احتجازها أموال المودعين ومدى قانونية ذلك، ووقاحتها بالدفاع عن مواقفها وممارساتها الضاربة عرض الحائط ليس للقوانين فحسب، بل للدستور أيضاً.

ظلم الطلاب اللبنانيين في الخارج والمماطلة بتنفيذ مطالبهم، لا تُدان به المصارف ومصرف لبنان فقط، بل مجلس النواب أيضاً. فوفق مصدر مصرفي في حديث إلى “المدن”، لا جدوى من إقرار قانون في مجلس النواب غير قابل للتطبيق: “وكيف يمكن أن نصدر قانون بتحويل 10 آلاف دولار لكل طالب في غياب صندوق مالي يغطي تلك التحاويل”، فالمصارف “تحبس” أموال المودعين من دون أي مسوغ قانوني. فما الذي يُلزمها اليوم بتطبيق قانون الدولار الطلابي، واصفاً إقرار القانون بهذا الشكل بـ”المعيب”.

بلجيكا أرحم من دولتنا

إزاء ما تفعله دولتنا ومصارفنا بطلابنا، نرى النقيض من حكومة وجامعات أجنبية تبدي كل التفهم والتعاطف. فقد أبلغ سفير لبنان في بلجيكا، فادي الحاج علي، وزير التربية والتعليم العالي في حكومة تصريف الأعمال، طارق المجذوب، في برقية، عن نجاح مساعي بعثة لبنان الديبلوماسية في التوصل إلى إعفاء الطلاب اللبنانيين المسجلين في الجامعات التابعة لفيدرالية والونيا – بروكسل من رسوم التسجيل للعام الدراسي 2020- 2021.

وأرفقت البرقية بكتاب صادر عن مجلس عمداء جامعات الفيدرالية تبين من خلاله أنّ نشاط البعثة اللبنانية الديبلوماسي والزيارات التي قامت بها لمختلف الجامعات، أسفر عن موافقة هذه الجامعات ومؤسسات التعليم العالي في هذه المقاطعة الكبرى على إعفاء الطلاب اللبنانيين من رسوم التسجيل البالغة 4175 يورو عن كل طالب سنوياً، واستبدالها بالرسم الذي يدفعه الطالب البلجيكي وهو 835 يورو. ما يعني توفير مبلغ 3340 يورو عن كل طالب.

وأكّد السفير أنّ البعثة تتواصل راهناً مع الجامعات حيث تتم الدراسة باللغة الإنكليزية. وذلك بهدف التوصل إلى اتفاق مماثل.

Comments are closed.