ميشال نصر – ليبانون ديبايت
كل المعطيات المتجمّعة في الأفق، تشير إلى أن الرهان القائم حالياً بات محصوراً في توقيت لحظة الإنفجار. ففي الشارع لا صوت يعلو فوق صوت الإحتجاجات وقطع الطرقات، في “بروفا” متجدّدة، بدأت من حيث توقّفت الثورة في نسختها الأولى، وسط تغيير الكثير من المعطيات، أبرزها، وضع القوى الأمنية والعسكرية “المِستوي”، “والدَفشة” التي تحقّقت مع نتائج انتخابات نقابة المهندسين، وانتقال حرب واشنطن – طهران مباشرة إلى بيروت، بعدما بقيت في العلن حتى الأمس القريب خلف البحر.
وفي انتظار عودة الرئيس المكلّف سعد الحريري من الخارج، لا حركة سياسية حكومية تُذكر في الداخل، أمّا خارجياً، بدأ يتّسع “بيكار” الإتصالات ويتمدّد، من الفاتيكان إلى باريس، مروراً بالرياض والقاهرة، حيث شكّلت القمة الأميركية – الفرنسية تحوّلاً في المسار الذي تسلكه الأزمة اللبنانية، مع تشديد الحصار الإقتصادي الخارجي على لبنان، وتهديد واشنطن الحكومة اللبنانية باستعدادها لفرض عقوبات عليها وفقاً لـ “قانون قيصر”.
فأمام انسداد الأفق على أي حلّ محلي الصنع، واتجاه الأنظار للخارج علّه يتمكّن من كسر هذه المراوحة الجهنمية، كشفت مصادر أميركية أن واشنطن كانت واضحة خلال لقاء باريس مع شريكها الفرنسي، بتأكيدها أن الخيار الوحيد المُتاح هو العودة الى طرح الرئيس إيمانويل ماكرون خلال زيارته الأولى الى لبنان، والمتمثّل ب”حكومة مهمة”، محدّدة الشكل والوظيفة، والأهم منفصلة عن القوى السياسية التي “صار الوقت تقعد عا جنب”، وهو ما سبق أن ألمحت إليه السفيرة الأميركية في بيروت في إطلالتها التلفزيونية الأخيرة.
من هنا، فقد أنتجت الإتصالات الخارجية في شأن لبنان، وتحديداً الفرنسية – الأميركية – الفاتيكانية، حلاً سياسياً لحلقة الأزمة المفرغة المستمرة منذ ثمانية أشهر، يترافق على الأرجح مع إجراءات ضد الطبقة الحاكمة، على وقع تصعيد مرتقب في الشارع، يقوم على تكليف شخصية من خارج النادي السياسي التقليدي لتشكيل حكومة من شخصيات ذات سمعة طيبة وخبرة ومصداقية من خارج دائرة الأحزاب، تنحصر وظيفتُها في إدارة الأزمة الإقتصادية بما “يتلاءم مع آلية مالية دولية تضمن استمرار الخدمات العامة اللبنانية الرئيسية” ، وقف التهريب عبر الحدود، الإعداد للإستحقاق النيابي المرتقب في أيار 2022.
عند هذه النقاط تتقاطع القراءة الدولية للوضع، التي يجب رصد كيفية ترجمتها من قبل الطبقة الحاكمة، لوضع “التخريجة المشرّفة” قيد التنفيذ، والتي تحتاج لموافقة العهد عليها، بكل قواه السياسية التي يتشكّل منها. فإذا حصل كان به، وإن عرقل الإخراج، فعندها ستكون الطبقة في مواجهة مع المجتمع الدولي وعواصم القرارالمعنية، حيث اتُخذ القرار بفرض إجراءات مؤلمة، ليس أقلّها وقف تعامل المصارف المراسلة بشكل كامل مع الدولة اللبنانية، وذلك وفقاً للمصادر نفسها.
وعليه، رأت المصادر، أن الملف اللبناني، وخلافاً لكل ما يقال ويتردّد في بيروت، قد وُضع اليوم على طاولة نقاش مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، مشيرة إلى أن الكلام المسرّب خلال الساعات الماضية عن اتجاه لتشكيل حكومة “أربع ستات” بهدف الإلتفاف على القرار الدولي ومحاولة استيعابه، لن تمرّ ولن تكون مقبولة، وقد تبلّغ المعنيون بالأمر، ولذلك، ترى المصادر، أن الخيار الوحيد المُتاح هو بانسحاب سعد الحريري من الواجهة، وكذلك إعلان “حزب الله” “اعتذاره” عن المشاركة في تسمية الوزراء، وهو ما سيجد نفسه مضطراً إليه قريباً جداً، ليفتح بذلك باب الحل أمام حكومة تعيد ترتيب الأولويات والأوراق، في ضوء خارطة النفوذ العالمي الجديد في المنطقة ودولها.
الجميع سلّم باللجوء الى الله، بعدما بات من المؤكد أن الإتكال على حزبه بات خارج الخدمة. فهل يستسلم “حزب الله” للواقع الجديد الذي يصرّ على رفضه منذ الإطلالة الأولى لأمينه العام بُعيد 17 تشرين الشهير؟ وهل يقتنع أنه يستحيل أن تصبح الدويلة دولة، رغم كل المغريات التي تقدّمها حارة حريك… يسأل الشاطر حسن… ليستدرك، يا خبر اليوم بمصاري وبكرا ببلاش.