السبت, نوفمبر 23
Banner

‏9 أشهر تعطيل.. الشريكان: “لفّ ‏ودوران”.. والفوضى على الباب!‏

وانقضى الأسبوع الأول من الشهر التاسع على تكليف الرئيس سعد ‏الحريري تشكيل الحكومة. وما جرى بينه وبين رئيس الجمهورية العماد ‏ميشال عون وفريقه السياسي من خصام وصراع وصدام على مدى ‏أشهر الحَمَل الحكومي، بدءاً من يوم تكليف الحريري في 22 تشرين ‏الأول من العام الماضي وحتى اليوم، أعدم كلّ السبل والمحاولات ‏والمبادرات لولادة طبيعية لهذه الحكومة، وحتى الولادة القيصرية ‏صارت بدورها متعسّرة، فلا مسهّلاتها وأدواتها متوفرة، ولا هو متوفّر ‏أيضاً، الجرّاح الماهر لفتح البطن السياسي المتورّم وإخراج الجنين ‏الحكومي إلى النور!‏

غرف سوداء

وفي موازاة هذا الانتفاخ، وطنٌ يحصي ما تبقّى له من أيام على قيد ‏الحياة، بعدما سُدَّت عمداً كل الأنابيب التي تمدّه بأوكسيجين الحياة. ‏والأخطر من ذلك، أنّ إرادة تسريع الإجهاز عليه، عادت إلى الظهور، ‏اعتباراً من نهاية الأٍسبوع الماضي، في أسوأ تجليّاتها في عملية ‏‏”تخريب منظّم” ترعاها “غرف سوداء”، أوكلت إلى شياطينها افتعال ‏الأزمات في كل مجالات حياة اللبنانيين، وتحريك السوق السوداء ودفع ‏الدولار الى مستويات خيالية. والى غربانها، النعيق على مواقع ‏التواصل الاجتماعي، بتغريدات تورّم الإحتقان السياسي أكثر، وتدفع ‏إلى الفتنة بين اللبنانيّين.‏

المجريات التوتيريّة المتلاحقة على طول المشهد الداخلي وعرضه، ‏تشي بأنّ تلك الغرف السوداء، تُدحرج البلد إلى فوضى لا يقوم منها، ‏وكلّ ذلك يجري على عين تجار السلطة المتحكّمين بالزمام، والقابضين ‏على القرار. وليس منهم من يحاسبها أو يردعها، أو يجرؤ على فضحها ‏وكأنّها أقوى منهم، أو من صناعتهم، أو شريكة لهم في المنحى ‏التدميري للبلد الذي ينتهجونه بالتعطيل المتعمّد لتشكيل الحكومة، ‏التي يعتبرها القاصي والداني بأنّها الفرصة للشروع في إطفاء نار ‏الأزمة ونقل لبنان وشعبه المنكوب إلى برّ الأمان.‏

‏باريس: تخلّف

ويأتي ذلك في موازاة اشارات فرنسية متتالية، تستعجل مختلف ‏الاطراف تسهيل تأليف حكومة المهمّة، وهو ما كشفته مصادر ‏ديبلوماسية من العاصمة الفرنسية، التي عكست قلقاً بالغاً لدى ‏المسؤولين حيال تفاقم الأزمة في لبنان والمعاناة الصعبة للبنانيين. ‏واكّدت انّ الأولوية لدى الرئيس ايمانويل ماكرون هي النجاح في ‏تشكيل حكومة في لبنان وفق مبادرته، ولكن مع الاسف ثمة شعور ‏بالإحباط من التعاطي المتخلّف لبعض القادة في لبنان، واصرارهم ‏على حزبياتهم ومصالحهم الضيّقة، وتجاوز المصاعب التي يعانيها ‏الشعب اللبناني بكل فئاته.‏

واشنطن: مليارات

في موقف اميركي لافت، قال رئيس فريق العمل الأميركي من أجل ‏لبنان السفير إدوارد غابرييل لقناة الحرة، “إنّ المجتمع الدولي سيمنح ‏مليارات الدولارات إلى لبنان إذا سهّل المسؤولون فيه تشكيل حكومة ‏تستجيب لحاجات الشعب اللبناني”.‏

اضاف: “لقد عُرض عليهم أكثر من 11 مليار دولار، ليس فقط ‏بالمؤتمرات إنما من صندوق النقد الدولي، ولكن لم يقبلوا بهذه الجزرة ‏حتى الآن، فكانت النتيجة أنّ الحكومات الآن تفرض عقوبات، وذلك ‏على قاعدة أعطيناكم الجزرة ولم تستجيبوا، إذاً ستنالون العصا”.‏

وكشف عن مساعدات أميركية جديدة مقررة للجيش اللبناني، بنحو 250 ‏مليون دولار. مشيداً بقائد الجيش العماد جوزف عون “ووصفه بالقائد ‏العظيم”.‏

وردّاً على سؤال عما يتردّد عن مساعٍ لرفع العقوبات عن جبران باسيل، ‏قال غابرييل: “استمعت إلى هذه التقارير، لم أرَ أي دليل على ذلك ‏حتى الآن. إنّ الولايات المتحدة لن تتأثر بهذه المساعي لرفع العقوبات ‏عن أفراد، هذا أمر لن يحدث. لا أعلم إذا كانت التقارير صحيحة أم لا، ‏ولكن من يظنون أنّ باستطاعتهم الضغط على الولايات المتحدة لرفع ‏العقوبات، يضحكون على أنفسهم”.‏

في سياق آخر، أكّد غابرييل العمل على إبقاء لبنان أولوية لدى إدارة ‏الرئيس بايدن، وأنّ الكونغرس مهتم بهذا الأمر، وقال: “إنّ السفيرة ‏الأميركية دوروثي شيا التي كانت في واشنطن في الأسبوعين ‏الماضيين، أوضحت أنّها فوجئت بالاهتمام الذي يحظى به لبنان”.‏

لا وقت يُشترى

وفي موازاة الاستعجال الخارجي لتشكيل حكومة، يبرز الجمود الداخلي ‏عند مربّع التعطيل، على أنّ الثابت مع هذه السلطة المتحكّمة بالبلد، ‏والغرف السوداء الموازية لها، هو أنّ لبنان مهدّد بفقدان الأمان ‏بالكامل، وعلى ما يؤكّد مرجع مسؤول لـ”الجمهورية”، أنّه لم يعد أمام ‏لبنان وقت ليشتريه، وسقطت الناس في شرّ أعمال المعطّلين، ‏وخسرت كل ما لديها، وضاعت، وضاع معها البلد، في سياسة اللف ‏والدوران المتبعة منذ ثمانية أشهر. وقبل الحديث عن أي مبادرة او أي ‏مسعى لحلحلة العِقد، وكسر هذه الدوامة، ينبغي توجيه سؤال حاسم ‏ومباشر إلى الشريكين في تأليف الحكومة: هل تريدان حكومة أم لا؟ ‏فإما تأليف أو لا تأليف، وفي ضوء جوابهما يُبنى على الشيء مقتضاه.‏‏‏ ‏

في انتظار الحريري‏ ‏

بحسب معلومات “الجمهورية”، فإنّ حركة مشاورات مكثفة جرت في ‏عطلة نهاية الاسبوع على مستوى “حزب الله” وحركة “أمل”، وبين ‏‏”حزب الله” و”التيار الوطني الحر”، وكذلك عبر الهاتف بين عين التينة ‏والرئيس المكلّف سعد الحريري.‏‏ ‏

واذا كانت أولوية عين التينة “أن نأكل العنب الحكومي وفق مبادرة ‏رئيس مجلس النواب نبيه بري، بوصفها القشّة الوحيدة التي يتعلق ‏فيها الملف الحكومي في بحر التعقيدات العميق، وجسر الخروج من ‏الازمة الراهنة والعبور الى حكومة انقاذية”، فإنّ التشكيك المتبادل في ‏جدّية سلوك مسار التأليف، لا يزال يطبع موقفي الرئيس المكلّف ‏ورئيس الجمهوريّة وفريقه السياسي. إذ أنّ الرئيس المكلّف لم يلمس ‏بعد ما يؤكّد توجّه عون وفريقه نحو تشكيل حكومة برئاسته، وفي ‏المقابل يتهم الرئيس المكلّف بأنّه يتعمّد تضييع الوقت ويهرب من ‏تشكيل حكومة.‏‏ ‏

ووفق معلومات “الجمهورية”، فإنّ الاتصالات التي قام بها “حزب ‏الله” على إثر الاطلالة الأخيرة للامين العام للحزب السيد حسن ‏نصرالله، وإبداء استعداده الى تقديم المساعدة، مع رئيس “التيار ‏الوطني الحر” النائب جبران باسيل، ركّزت على النقطتين العالقتين، ‏باعتبار انّ سائر النقاط التي كانت محل خلاف قد أمكن تذليلها وحُسم ‏الاتفاق بصورة نهائية عليها:‏‏ ‏

النقطة الاولى: تسمية الوزيرين المسيحيين الماروني والارثوذكسي. ‏حيث انّ المسعى الجديد ينطلق من أحقية الرئيس المكلّف تسمية ‏وزراء مسيحيين، وعدم القبول بتقييده وانتزاع هذا الحق منه. وتشير ‏المعلومات في هذا السياق، الى انّ باسيل نفى أن يكون توجّه رئيس ‏الجمهورية وفريقه حرمان الرئيس المكلّف هذا الحق. واقترح تبعاً ‏لذلك بأن يسمّي الرئيس المكلّف 5 اسماء لشخصيات مارونية، و5 ‏اسماء لشخصيات ارثوذكسية، وفي الوقت نفسه يسمّي رئيس ‏الجمهورية 5 اسماء مارونية و5 أسماء أرثوذكسية.‏‏ ‏

وتفيد المعلومات، بأنّ هذا الطرح خضع لنقاش مطوّل، خلص في ‏نهايته ان يتولّى الرئيس المكلّف تسمية 5 شخصيات مارونية و5 ‏شخصيات ارثوذكسية، ويعرضها على رئيس الجمهورية ليختار من ‏بينها شخصيتين يتمّ التوافق عليهما بينه وبين الرئيس المكلّف. فإن لم ‏يوافق على الاسماء المطروحة، يطرح الرئيس المكلّف اسماء جديدة، ‏وهكذا دواليك، حتى يتفقان على إسمي الوزيرين، وتحلّ هذه العقدة. ‏وتؤكّد مصادر المعلومات، أنّ رئيس الجمهورية لا يمانع هذا الطرح.‏‏ ‏

وقالت المصادر عينها، انّ هذا الطرح يُعدّ المخرج الملائم والحل ‏الوسط لعقدة الوزيرين، وحسمه ينتظر عودة الرئيس المكلّف ليُعرض ‏عليه والبت به سلباً ام ايجاباً.‏ ‏

النقطة الثانية، هي مسألة منح الثقة للحكومة، إذ تأكّد في هذه ‏الاتصالات انّ باسيل عكس موقفه في هذا الشأن لجهة عدم منح ‏‏”التيار الوطني الحر” الثقة لحكومة الحريري إن تشكّلت.‏‏ ‏

وتشير المعلومات في هذه المسألة، الى انّ النقاش حول هذه ‏المسألة كان طويلاً ومضنياً، حيث عكس النقاش، انّ باسيل حاسم في ‏موقفه لناحية عدم منح الثقة للحريري في اي حال من الاحوال. ‏والنقاش في هذه النقطة معه انطلق من عدم جواز ذلك، طالما انّه ‏مشارك في الحكومة، فكيف يكون مشاركاً في الحكومة ولا يمنحها ‏الثقة؟ علماً انّ “التيار الوطني الحر” و”تكتل لبنان القوي” ممثلان في ‏الحكومة عبر وزراء رئيس الجمهورية، وهو التمثيل الأعلى من سائر ‏الاطراف، حيث ينال وحده ثلث الحكومة أي 8 وزراء من 24 وزيراً. وفي ‏هذه الحالة لا يستطيع باسيل أن يفصل نفسه عن رئيس الجمهورية.‏

وبدا من النقاش، أنّ المسألة في هذا الجانب، بقدر ما هي سياسية، ‏فهي بقدر أعلى شخصية. ومن هنا، فإنّ باسيل شخصيّاً، مصرٌ على ‏عدم منح الثقة للحريري. وإزاء ذلك، طُرح مخرج على طاولة النقاش، ‏يقول بأن يبقى باسيل على موقفه لناحية عدم منح الثقة، ولكن في ‏الوقت نفسه، يعطي لنواب “تكتل لبنان القوي” حرية التصويت بمنح ‏الثقة او حجبها.‏

الارتطام المدمّر

الى ذلك، أكّدت مصادر معنيّة بالاتصالات الجارية لـ”الجمهورية”، انّ ‏خلاصة هذه الاتصالات يفترض ان تتبلور نتيجتها ضمن فترة لا تتجاوز ‏نهاية الاسبوع الجاري، ما يعني أنّ هذا الاسبوع هو الذي ستتحدّد فيه ‏وجهة البوصلة الحكومية، اما في اتجاه التأليف، وهذا معناه وضع ‏لبنان على سكة الخروج من الأزمة، وإما في اتجاه عدم التأليف، مع ما ‏سيرافق ذلك من تعميق اضافي للحفرة التي سقط فيها، واشعال اكبر ‏للأزمة وما يترتب عنه من فلتان سياسي واقتصادي ومالي وربما أمني، ‏وفوضى عارمة في الشارع، تسرّع في الإرتطام المدمّر للبنان.‏‏‏ ‏

ولدنة… وانتخابات‏ ‏

ما ذهبت اليه المصادر المذكورة، يتقاطَع مع توصيف قاس لمسؤول ‏سياسي كبير، حيث اعتبر الاشتباك السياسي الحاصل بين شريكي ‏التأليف وفريقيهما السياسيين بمثابة “ولدنة تلهو بمصير البلد ‏ستؤدي الى نتائج كارثية”، كذلك يتقاطع مع قراءة تشاؤمية لموقفي ‏الشريكين في تأليف الحكومة، توردها مصادر سياسية وسطية، تخلص ‏فيها إلى أنّ الطرفين لا يريدان تشكيل حكومة، وكلاهما يتعمّدان، من ‏خلال ذرائع مختلقة، المماطلة وتضييع الوقت، وهذا الامر يبدو انه ‏سيستمر حتى شهر أيلول او تشرين الاول المقبلين. عندها تقصر ‏المسافة الزمنية الفاصلة عن موعد الانتخابات النيابية في ايار من ‏العام المقبل، وتختلف الاولويات، فبدلَ ان تكون الحاجة لحكومة إنقاذ ‏وإصلاح تصبح الحاجة والاولوية لحكومة انتقالية يترأسها أيّ كان ولها ‏وظيفة محددة ومحصورة بإجراء الانتخابات النيابية.‏

واوضحت المصادر أنّ كلا الطرفين يتعاطيان مع ملف التأليف ‏انتخابياً، واعتمدا البَدء في عملية شد عصب مفضوحة، فالتيار ‏الوطني الحر، ومن خلفه عون، يعتبر انّ تصلّبه في هذه المرحلة ‏يربّحه ويمكّنه من استرداد بعض التراجع التي لحق به امام سائر ‏القوى المسيحية، وتحديداً القوات اللبنانية. والحال نفسها مع تيار ‏المستقبل ومن خلفه الرئيس الحريري، الذي يرى في معركته مع عون ‏وباسيل أنها تمكّنه من إعادة تثبيت وضعه السياسي وتعزيز وضعه ‏الشعبي، ويحقق من خلالهما فوزاً في الانتخابات يعيده على حصان ‏أبيض الى رئاسة الحكومة.‏

على انّ السؤال الذي تطرحه المصادر الوسطية على الطرفين يفيد ‏بأنّ من حقهما ان يشتغلا انتخابات من الآن وفي أي وقت، ولكن في ‏حالة لبنان الكارثية التي يمر بها، هل يعتقدان انّ لبنان سيصمد من ‏الآن وحتى موعد الانتخابات، لا بل هل سيبقى لبنان حتى ذلك الحين؟‏ ‏

الى ذلك، حذّرت حركة “أمل” من “أنّ البلد يكاد ان يصل إلى نقطة ‏اللاعودة مع استمرار المراوحة والمكابرة السياسية التي تعطّّل ‏تشكيل حكومة مبنية على مبادرة الرئيس بري المطروحة للحل، في ‏الوقت الذي يجوع فيه المواطن ويتجرّع كأس الذل للحصول على ‏احتياجاته الأساسية ما يهدّد بانفجار الأمن الاجتماعي في ظل غياب ‏المعالجات الاقتصادية والمالية والاجتماعية والصحية، وعدم وضع ‏حلول للأزمات المتوالدة من بعضها البعض، والتي يتعاطى معها ‏المسؤولون من باب رفع العتب بدلاً من طرح خطط أساسية تكون ‏بوابة الخروج من الازمة والاتجاه إلى رفع المعاناة عن اللبنانيين”.‏

ودعت الحركة، في بيان لمكتبها السياسي أمس، إلى “الكَف عن ‏المهاترات والمعارك الوهمية وبيانات تحويل الانظار عن المشكلة ‏الاساسية المتمثلة بتعطيل كل الحلول ومحاولة ابتكار بدائل غير ‏دستورية لا يمكن أن تنقذ الوطن، والمطلوب في ظل تعطيل ‏السلطة السياسية دعوة الكتل النيابية للإسراع بإقرار القوانين ‏المتعلقة بحياة الناس ومعيشتهم لا سيما البطاقة التمويلية”.‏

رعد‏ ‏

وفي موقف لافت للانتباه لـ”حزب الله”، عبّر عنه رئيس كتلة “الوفاء ‏للمقاومة” النائب محمد رعد، قال فيه ان “لا أحد يتوقع في لبنان أن ‏تتشكّل حكومة ملائكية، فنحن نعرف النوعية القادمة في أي حكومة ‏ستشكّل، وهي لن تستطيع أن “تشيل الزير من البير”، وإذا لم تكن ‏الحكومة معقد آمال أحد من الناس، فعلى ماذا تتخاصمون؟ ولماذا لا ‏يتنازل بعضكم للبعض الآخر؟”.‏‏ ‏

ودعا إلى أن “يتوقفوا عن الكذب على اللبنانيين حينما يقولون إن ‏المشكلة التي تؤخّر تأليف الحكومة تكمن في تسمية وزيرين، فثمة ‏من لا يريد تشكيل حكومة، وهو يعرف نفسه وأوساط العمل السياسي ‏تعرفه، ويريدون من الآن أن يفتحوا معركة الانتخابات النيابية ولا ‏مشكلة لديهم بأن يجوّعوا الناس ويفلسوا البلد، وأن يستدعوا كل قوى ‏العهر في العالم ليتفرجوا ويضحكوا علينا ويهزأوا بنا، بانتظار أن ‏نتنافس انتخابياً لنثبت أننا ديمقراطيون”.‏‏ ‏

وقال: “إنّ صراعاتنا مع بعضنا البعض تستلزم أن نثير العصبيات ‏الطائفية والمذهبية والمناطقية ليثبت كل طرف منّا من سيربح في ‏الانتخابات المقبلة، ومن سيأتي برئيس جمهورية جديد للبلاد”. واشار ‏الى أنّ “العهود الرئاسية تذهب، والمجالس النيابية يذهب أعضاؤها، ‏ولكنّ الوطن وأبناءه يبقون. وبالتالي، على البعض في لبنان أن يتركوا ‏مأثرة لهم في هذا الزمن، وأن يسارعوا إلى تأليف الحكومة”. وأضاف: ‏‏”نحن من موقع فجيعتنا التي أتت في سياق كل هذه الأزمات التي ‏تتوالى علينا في هذا البلد، نناشدكم جميعاً أن تقدموا لبعضكم ‏التنازلات من أجل أن تشكلوا الحكومة التي تعتبر المدخل لإجراء ‏الانتخابات النيابية، وإذا لم تؤلّف الحكومة الآن، فلا أحد يضمن تأليفها ‏لاحقاً”.‏‏‏ ‏

أزمة المحروقات تنتظر‏ ‏

وسط هذه الاجواء القاتمة، يبدو انّ الكلمة عادت الى الشارع، احجاجاً ‏على تردي الاوضاع المعيشية وانسداد افق الأزمة وانعدام المعالجات، ‏وتمدّدت حركة الاحتجاجات من بيروت الى سائر المناطق اللبنانية مع ‏اعتصامات وقطع طرقات وإحراق إطارات السيارات. وفيما استمرت ‏طوابير الاذلال امام محطات المحروقات طوال يوم امس، توقعت ‏مصادر نفطية أن تبدأ الحلحلة في الأزمة اعتباراً من اليوم بعدما أعلن ‏مصرف لبنان أنه “ابتداءً من 28 حزيران 2021 سيقوم ببيع الدولار ‏الأميركي للمصارف التي تتقدّم بفتح اعتمادات لاستيراد كافة أنواع ‏المحروقات بعد أن تكون قد استحصلت على موافقة مسبقة لهذه ‏الاعتمادات على سعر 3900 ليرة للدولار الواحد”.‏

وعليه، من المتوقع بدء تفريغ البواخر المحمّلة بالبنزين والمازوت ‏الراسية على الشاطئ اللبناني في الساعات القليلة المقبلة فَور جهوز ‏الملفات المطلوبة وفتح الاعتمادات المصرفية.‏

الى ذلك، تبقى الانظار شاخصة نحو جدول تركيب اسعار المحروقات ‏المتوقع ان يصدر خلال الـ48 ساعة المقبلة، وكشفت المصادر ‏لـ”الجمهورية” انّ سعر صفيحة البنزين سوف يتراوح وفق التسعيرة ‏الجديدة ما بين 65 و70 ألفاً والمازوت ما بين 45 الى 47 الفاً، متأثرة ‏فقط بسعر برميل النفط عالمياً الذي ارتفع الى حدود 75 دولاراً ‏للبرميل.‏‏‏ ‏

مشهد سوريالي‏ ‏

على انّ الصورة البائسة تتجلى في الفاقة التي ضربت البلد من ‏أقصاه الى أدناه، فقد فاقم شح المازوت الاضرار الاقتصادية والحياتية، ‏ما دفع بعض المتاجر والمصانع الى العمل بدوام جزئي، الّا انّ هذا ‏الخيار غير متاح لبعض القطاعات مثل القطاع الاستشفائي والفندقي ‏والمطعمي وتخزين الاطعمة التي تواجه أزمة وجودية.‏‏ ‏

وفي المرافق العامة، بدأ المشهد يصبح سوريالياً. ففي المطار، ‏توقفت الجمارك عن تحصيل الرسوم بسبب نقص في القرطاسية. ‏وفي الامن العام، توقف تسيير المعاملات بسبب انقطاع الكهرباء… ‏وبما انّ الكهرباء “مقطوعة” فالمياه أيضاً “مقطوعة”، وقد أعلنت ‏مؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان أنّ التقنين القاسي يعود إلى التقنين ‏الحاصل في الكهرباء وشح مادة المازوت، حيث تسلّمت المؤسسة ربع ‏الكمية التي تحتاج إليها لتشغيل المحطات والمولدات.‏‏ ‏

والوضع في المستشفيات الحكومية مماثل وأخطر، حيث اعلن مدير ‏مستشفى رفيق الحريري الجامعي فراس أبيض “انّ وضع تغذية ‏الكهرباء للمستشفى غير مقبول، فهناك انقطاع لأكثر من ?? ساعة في ‏اليوم. الفيول غير متوفر، واذا توفّر، فإننا نعاني مشاكل سيولة. ‏المرضى لا يستطيعون تغطية الفروقات. أخذنا قراراً بإيقاف اجهزة ‏التكييف، إلّا في الاقسام الطبية، رغم موجة الحر. لا داعي لاستعمال ‏المخيلة او للتهويل، نحن في جهنم حقاً”.‏‏ ‏

هكذا يبدو المشهد في البلد، وكأن لا دولة ولا سلطة ولا من يرعى ‏شؤون الناس، المتروكين لمصيرهم بكل معنى الكلمة.‏

الأعلى للدفاع‏ ‏

وفي خطوة مفاجئة، وجّه رئيس الجمهورية الدعوة الى اجتماع ‏للمجلس الاعلى للدفاع يُعقد عند الواحدة من بعد ظهر اليوم، للبحث ‏في الوضع الامني والتطورات الاخيرة التي رفعت منسوب التوتر في ‏الشارع وعمليات قطع الطرق من وقت لآخر.‏

وفي معلومات “الجمهورية” انّ رئيس الجمهورية أصرّ على عقد ‏الاجتماع من اجل استباق أي رد فعل محتمَل نتيجة رفع اسعار ‏المحروقات بشكل غير مسبوق ابتداء من صباح اليوم، وانّ هناك ‏مخاوف من ردات فعل قد تنعكس على الأرض.‏ ‏

ولفتت المصادر الى انّ رئيس حكومة تصريف الاعمال سيشارك في ‏الاجتماع بعدما قاطعَ عدداً من الإجتماعات مؤخراً لاعتقاده انها ليست ‏بديلاً من ضرورة السعي الى تشكيل حكومة جديدة، وكان آخرها ‏مقاطعته للاجتماع الوزاري – المالي الخاص الذي عقد في بعبدا من ‏اجل معالجة ملف استيراد المشتقات النفطية الذي أفضى الى رفع ‏سعر الدولار المدعوم من مصرف لبنان من 1500 ليرة الى 3900 ليرة.‏

Leave A Reply