مرسال الترس – سفير الشمال
يتندر المتابعون باستمرار على رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب والوزير السابق وليد جنبلاط أنه يبدّل مواقفه وفق مستجدات المرحلة، وأحياناً بسرعة خارجة عن المألوف. ولأنه يتابع الأمور بدقة متناهية فإنه يقرأ بين السطور الخطوة التالية التي يعتقدها مناسبة لزعامته وطائفته، بدون أن يشكل نجاح أو فشل أي خطوة نهاية لأي مطاف، بل هو مستعد دائماً للمحاولة من جديد. وفي هذا السياق، وبعد المستجدات الإقليمية أعاد تحريك بوصلته باتجاه ″تسوية″ داخلية وإقليمية تعمل على إخراج لبنان وشعبه وطوائفه ومذاهبه من المازق، وفي الوقت نفسه، يُحصّن ساحاته بـ″حوارات وطنيّة″ لتفادي أي توتر أمني. واللافت أنه دعا “صديقه الموسمي” الرئيس سعد الحريري لإعتماد الخطوة المستجدة نفسها!
ولكن ما ينطبق على “بيك المختارة” لا يلائم على ما يبدو”شيخ بيت الوسط”، إذ أن رئيس تيار المستقبل ومنذ وضع إجازة التكليف في جيبه، حتى تحوّل إلى “سائح عالمي” وليس اقليمياً فقط، وكأن كل العواصم معنية بتاليف الحكومة اللبنانية أكثر من بيروت، فأحياناً يجري محادثات مباشرة أو عبر الهاتف في موسكو، وفي اليوم التالي في القاهرة، وبعدها في أنقره مع عودة دائمة إلى صحارى الخليج(التي تحولت إلى واحات عامرة). ولكن يبدو أن زعيم “التيار الأزرق” لا يستسيغ كثيراً سماع نصائح البيك الإشتراكي، وأدار نحوه الأذن الطرشاء!
وبين صعوبة الطريق بين منطقة بيت الوسط وشارع كليمنصو (حيث يقيم جنبلاط شتاء)، ظهر نشاط مفاجئ ولافت لوفد روسي في بيروت محملاً بمشاريع (حول المرفأ ومحطات الكهرباء ومصافي النفط) في لبنان سيكون لها مردود إيجابي بالتأكيد، إذا ما غض الجانب الأميركي الطرف عنها. مع عدم إغفال أن العديد من التحليلات والتعليقات تنقل من بلاد الروس أن الرئيس فلاديمير بوتين مُصِرٌ على حماية إنجازاته في سوريا، ولن يسمح لأحد باستغلال الساحة اللبنانية التي تُعتبر خاصرة رخوة لدمشق، أن ينغّص عليه إنجازاته في رسم حدود حمراء للإرهاب العالمي في بلاد الشام. فالعديد من الخبراء يعتقدون أنه إذا بدأت الماكينات الروسية بالعمل، فابشروا خيراً ان الحكومة على طريق التشكيل، والبلد يضع أولى لبنات عودته الى الحياة!
فهل سينجح “القيصر الأشقر” حيث فشلت “الأم الحنون” أو أفشلتّها الولايات المتحدة الأميركية التي تضع في رأس سُلّم أولوياتها مصالح الدولة اليهودية، والباقي تفاصيل خارج النص؟..