من الواضح أن هناك قلقا بالغا يسود أوروبا في الوقت الحالي، فبعد أسابيع من عودة أعداد حالات الإصابة بكورونا، للارتفاع في جميع أنحاء القارة، سارع قادة مختلف الدول إلى إعادة النظر في السياسات الحالية لمواجهة الفيروس.
وسعت الحكومات إلى تجنب عمليات إغلاق كاملة جديدة تصيب اقتصاد بلادها بالشلل، والعمل على تحقيق توازن بين الصحة والاقتصاد في ظل تلك التداعيات.
ووفقا لـ”الألمانية”، فقد أعلن بوريس جونسون رئيس الوزراء البريطاني، أمس الأول، أن البلاد ستدخل إغلاقا عاما بدءا من الخميس المقبل، في إطار الجهود المبذولة للحد من زيادة حالات الإصابة بفيروس كورونا.
وسيتم إغلاق المتاجر، التي تعد غير أساسية، إضافة إلى أماكن الترفيه والتسلية، حتى كانون الأول (ديسمبر)، وكذلك المقاهي، والمطاعم، التي لا يمكنها تقديم سوى خدمات الوجبات السريعة والتوصيل، وستبقى المدارس والمؤسسات التعليمية الأخرى مفتوحة.
كما أعلن رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي، أخيرا، إجراءات أكثر صرامة لمكافحة تفشي فيروس كورونا، إذ قال: “لا يمكننا إضاعة الوقت، فنحن بحاجة إلى التحرك من خلال تطبيق كل الإجراءات الضرورية لمنع فرض إغلاق عام”.
وفي الأسبوع الماضي، اتفقت الحكومة الفيدرالية الألمانية والولايات على إجراءات أكثر صرامة منذ الربيع الماضي، حيث من المقرر إغلاق المطاعم ودور السينما والمسارح طوال الشهر الحالي بدءا من اليوم، وخلال هذه الفترة يتم السماح بلقاءات خاصة بين الأشخاص في إطار أعداد قليلة فحسب، ومن المقرر أن تظل تجارة التجزئة مفتوحة.
وتتوقع منظمة الصحة العالمية أن مسألة التحقق من لقاح واحد أو أكثر والموافقة على الصلاحية للاستخدام قد تستغرق حتى منتصف العام المقبل. وحتى حلول ذلك الوقت، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو هل سيكون لدى المنطقة قوة اقتصادية كافية لمواصلة دعم القطاعات، التي تعاني من جراء تداعيات تفشي فيروس كورونا، مثل قطاع الضيافة؟ فقد قال أندريه سابير، الخبير الاقتصادي البلجيكي، “إن الحكومات يمكن أن تصل إلى نقطة تسأل نفسها فيها: ما القطاعات التي تستحق البقاء لمواصلة أنشطتها؟ مع مراعاة التحولات نحو التسوق عبر الإنترنت والرقمنة، التي بدأت حتى قبل تفشي الجائحة، حتى في ظل مساعدات الحكومية.
وتساءل الباحث في مركز بروجيل للأبحاث في بروكسل: “هل يمكن التأكد من أن هذا القطاع أو الشركة ستظل موجودة في غضون نصف عام؟”.
وبينما تسعى الحكومات إلى تجنب عمليات إغلاق جديدة تصيب بلادها بالشلل، قالت كريستين لاجارد، رئيسة البنك المركزي الأوروبي، إن الإجراءات الصحية المستهدفة الحالية لها أيضا تأثير سلبي.
وفي سياق متصل، انتقد الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، عمليات الإغلاق الجديدة بسبب فيروس كورونا في أوروبا، والتي وصفها بأنها “شديدة قاسية”، محذرا من أن جو بايدن، منافسه في الانتخابات المقررة غدا، سيقلد تلك الإجراءات الصارمة ويسحق الاقتصاد.
وقال ترمب، لمؤيديه في ولاية ميتشيجان- شمالي الولايات المتحدة، التي يحتاج إلى الفوز فيها “فرضت أوروبا عمليات إغلاق شديدة القسوة وكانت الحالات تتزايد والوفيات تتزايد، لكنني أعتقد أنها قاسية”.
وأضاف “الآن، يفعلون ذلك من جديد. ماذا يفعلون؟ أعتقد أنني سأذهب وأشرح لهم الأمر” وتعهد بعدم إغلاق أجزاء من البلاد مرة أخرى. وأضاف وسط هتافات صاخبة من الحشود المتجمعة في درجات حرارة فوق درجة التجمد بقليل “إنني أقدم العودة الأمريكية العظيمة ولن تكون لدينا أي عمليات إغلاق. ويمكنني أن أقول لكم إنه لن تكون هناك عمليات إغلاق”.