ابراهيم بيرم- النهار:
الخشية السارية اخيرا من عودة الامور الى مربع البدايات في موضوع ولادة الحكومة العتيدة ليست في محلها.
هذه الخلاصة حرص محيطون برئيس مجلس النواب نبيه بري على ابلاغها لكل من تواصل معهم امس سائلا ومستفسرا عن علة ما هو رائج ويبعث على القلق والاحباط.اكثر من ذلك فان الصورة التشاؤمية التي طفت وفرضت نفسها خلال الساعات ال36 الماضية على سطح المشهد الاعلامي والسياسي تندرج في نظر هؤلاء في خانة التهويل الذي تتقن لعبة اشاعته واستغلاله بعض الجهات التي اعتادت العيش في ظل هذه الرهانات والمناخات السوداوية، لذا فهي لاتلبث ان تتلقف اية اشارة سلبية تاتي من هنا او من هناك وتعمل على تضخيمها والنفخ بها.
على هذا يبني المحيطون ببري ويتواصلون معه ساعة بساعة، ليخرجوا باستنتاج جوهره : ان الرئيس بري ما زال يقيم على على موجة التفاؤل التي لاينكر احد انه كان اول المساهمين في تعزيزها في اواسط الاسبوع المنصرم وتحديدا عندما اطلق الاربعاء الماضي،امام مجموعة طالبية جامعية زارته في عين التينة للاستفسار والتساؤل والتحاورحول شؤون الوطن وشجونه، موعد الايام الخمسة كحد زمني اقصى معقول يراه، بناء على معلومات متوافرة، لرؤية الحكومة المنتظرة تخرج الى الضوء والنور، وتنطلق على الفور في رحلتها الاصلاحية الشاقة التي ننتظر معاينتها ومواكبتها جميعا من دون استثناء.
وعلى رغم كل ما برز من مؤشرات سلبية اخذت مكانها من الترويج، فان زوار عين التينة يدحضون مقولة ان بري قد بالغ واستعجل قطف الثمار قبل اوانها عندما حدد الموعد الزمني للولادة الموعودة ليبدو وكانه يحشر طرفي التاليف في زاوية الامر الواقع، وفق ما ذهب البعض في التحليل والتعليل وتفسير كلام الرئيس بري الذي ما اعتاد ان يلقي الكلام جزافا او ينطق عن هوى في قضايا بالغة الحساسية والدقة تعلق عليها الامال الوطنية العراض مثل قضية بحجم ولادة حكومة ينتظرها الجميع بفارغ الصبر.ويقدمون اكثر من برهان على ان هذا الاطمئنان والثقة اللذين قارب بهما الرئيس بري والمحيطون به موضوع ولادة الحكومة الرابعة للرئيس الحريري، مبنية بالطبع على معطيين اثنين. الاول المناخات والاجواء التي تحيط بعملية التاليف وتحديدا فحوى الحوارات واللقاءات المكثفة بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف ( بلغت اربعة لقاءات اخرها كان بعيدا عن الاضواء الاعلامية ).
فمن البديهي وفق هؤلاء، ان ثمة من وضع رئيس المجلس في صورة كل التفاصيل بما فيها طبعا بنود التوافق ونقاط الاختلاف العالقة.
وحسب محصلة هذه الوقائع والمعطيات، فان الاستنتاجات الاولية تشي بان التفاهم والتوافق قد صار منجزا حول ما يتعدى ال70 بالمئة من الخطوات اللازمة في خريطة الطريق التي تفضي في خاتمة المطاف الى ولادة الحكومة بناء على المعايير المالوفة خصوصا وان التفاهم قد صار منجزا حول ما هو متصل بالحصتين السنية والشيعية في الحكومة المنتظرة.
وينفي هؤلاء صحة ما أوردته بعض الوسائل الاعلامية عن تمسك “حزب الله” بوزارة الصحة او حتى وزارة التربية، فالحزب، وفق ما يفترض ان الرئيس المكلف يعلمه، قد سبق وابدى استعدادا وانفتاحا للتجاوب وتسهيل الولادة الحكومية، حتى وان اقتضت الضرورة وعملية التعجيل بالولادة التمثل في وزارة اخرى غير هاتين الوزارتين.وقد كان الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله واضحا في الدعوة الى ازالة كل ما من شانه تاخير الولادة الحكومية مما يعني بوضوح ان لاعائق من جانب الثنائي الشيعي يؤخر الولادة او يعوقها.
اما الامر الثاني الذي يعتمده المحيطون بالرئيس بري لتعزيز اجواء التطمين بحتمية الولادة التي يفترض ان تكون عاجلة للحكومة، فينطلق من معرفة سيد عن التينة وفريق عمله بان الطرفين اللذين تنتهي عندهما بشكل رئيسي “امانة ” التأليف بالاتي:
_ انه يتعين عليهما الحيلولة دون تبديد اجواء التفاؤل والانفراج التي تعززت اكثر ما يكون في جلسة الاستشارات النيابية غير الملزمة التي شهدتها اروقة المجلس وتجسدت اكثر ما يكون في اللقاء الذي انعقد بين الرئيس المكلف وتكتل ” لبنان القوي ” برئاسة رئيسه جبران باسيل اذ اعطى هذا المشهد انطباعا بان الطرفين قد مهدا لطي صفحة الاحتقان والتوتر التي سبقت بغية فتح صفحة بمواصفات مختلفة ديدنها الايجابية التدريجية والانفتاح الواعد.
_ استعانة الطرفين بسياسة الصمت المطبق والكتمان التي اكتنفت اللقاءات التي جمعتهما (عون والحريري)في قصر بعبدا مما عزز مقولة سرت وفحواها ان الطرفين حريصان كل الحرص على ولادة امنة وسلسة للحكومة المنتظرة خلافا لمحطات سابقة مماثلة.
_ ابعد من ذلك فان من المصلحة الملحة للطرفين اياهما ان لايظهرا في موقع المختلف والمتصارع قبل ولادة طويلة للحكومة على نحو يعيد الى الاذهان تجارب سابقة، اذ ان اي تاخير فوق العادة للحكومة او اي ولادة متعسرة تعطي للراصدين في الداخل والخارج على حد سواء انطباعا عن العجز لاحقا عن القيام بالمهمة الاساسية التي على الحكومة الموعودة التصدي لها على وجه السرعة وهي تطبيق بنود الورقة الاصلاحية التي هي الجوهر والسند والصدقية للمبادرة الفرنسية التي اعلن الرئيس المكلف انه متعهد بالسير بها وتنفيذها وجاهر رئيس الجمهورية بانه حريص على السهر لتنفيذها.
وبناء عليه يعود المحيطون ببري الى تبرير اطلاقه موعد الايام الخمسة للولادة الحكومية، ليسمحوا مجددا لانفسهم بالقول بانهم ما برحوا عند موقفهم وتفاؤلهم بان مسالة الولادة الحكومية هي مسالة ايام محدودة وان الحديث عن تعقيدات من شانها ان تستدعي ارجاء الولادة الى ما بعد ظهور نتائج الانتخابات الرئاسية الاميركية امر يكاد يكون من نسج الخيال وهدفه المضمر العزف على مقولة عجز الاطراف الداخليين المعنيين عن اداء ما هو منوط بهم من دون الاستعانة بصديق او حليف.
ولايفوت هؤلاء ان ينفوا ان يكون بري في وارد التدخل لتيسير الولادة او ان احدا طلب منه دورا ما في هذا الاطار “فالامور برأيه تسلك الى الان مسارها الطبيعي”.
وفي كل الاحوال لاتخفي الجهات عينها وعلى طريقة االرئيس بري في اطلاق “القفشات” بان المطلوب بعض الصبر لان ثمة مخاضا لولادة عهد جديد من التفاهمات تستلزم المرحلة نسج خيوطه للضرورة القصوى لاسيما بعدما سقط في الماضي غير البعيد تفاهم عمر طويلا وكان له ما كان.