أكد البطريرك الماروني بشارة الراعي أمس (الأحد) أن “البلاد لا تواجه أزمة حكومية عادية، بل أزمة وطنية شاملة تستدعي تضافر الجهود من الجميع، وتواجه انقلاباً جارفاً على النظام والدستور والمؤسسات الشرعية، وتفككاً للقوى الوطنية التي من شأنها خلق واقع سياسي جديد يعيد التوازن ويلتقي مع مساعي الدول الصديقة”.
وطالب الراعي القوى السياسية كافة بأن “تتكاتف بحكم المسؤولية الوطنية، وتتشاور فيما بينها، وتسمي في الاستشارات النيابية المقبلة شخصية سنية لرئاسة مجلس الوزراء الجديد، تكون على مستوى التحديات الراهنة، وتتعاون للإسراع في التأليف”. وأكد أنه “وقت تحمل المسؤوليات لا وقت الانكفاء”، مشدداً على أنه “ينبغي بحكم المسؤولية الوطنية تجاوز الأنانيات والمصالح والحسابات الانتخابية الضيقة التي تسيطر بكل أسف على عقول غالبية القوى السياسية، على حساب المصلحة الوطنية العليا”.
وسأل الراعي في قداس الأحد في الديمان: “كيف تسير الدولة من دون السلطة الإجرائية؟”. وأكد أن “ما جرى ويجري من إهمال وانتفاء للحوار والتعاون، يعزز فكرة عقد مؤتمر دولي خاص بلبنان لإخراج لبنان واللبنانيين من ضيقتهم المتعددة الأوجه”، معتبراً أن “الجماعة السياسية تعطي كل يوم الدليل بعد الدليل على عجزها عن القيام بأبسط واجباتها تجاه الشعب والوطن، وعلى فشلها في الحفاظ على مؤسسات الدولة واستقلالية الشرعية الوطنية”. وقال: “هذه الجماعة عاجزة عن حل للمسائل اليومية البسيطة كالنفايات والكهرباء والغذاء والدواء والمحروقات، وعاجزة عن مكافحة الفساد، وتسهيل عمل القضاء، وضبط ممارسة الوزارات والإدارات، وإغلاق معابر التهريب والهدر، وعاجزة عن تحصين نفسها بتأليف حكومة، وعاجزة عن معالجة القضايا المصيرية كإجراء إصلاحات وترسيم حدود وحسم خيارات الدولة، واعتماد الحياد”.
من جانيه، شدد متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران إلياس عودة على معالجة الوضع “قبل الوصول إلى الفوضى والاضمحلال”، متوجهاً إلى المسؤولين بالقول: “إن كنتم مسؤولين اعملوا على إحقاق الحق ونبذ التجاذبات والحقد والمناكفات والخصومات والمماحكات لأنها لا تنفع أحداً”.
وإذ شدد عودة على أن “تغليب العواطف الشخصية السلبية لا يجدي ولا يبني بلداً”، قال إن “المطلوب من الجميع، بلا استثناء، التخلي عن العناد، واعتماد الحوار والتواصل الإيجابي البناء، وتقديم التضحيات”. وجدد التأكيد أن “الشعب جائع، الأطفال بلا حليب، المرضى بلا دواء، الظلام دامس، الحر حارق، الليرة في أدنى مستوياتها ولم نشهد تنازلا لإنقاذ البلد من هذا الجحيم”. وسأل: “ما هذا العبث الصبياني بمصير البلاد والعباد؟”.
بدوره، دعا المفتي الجعفري الممتاز إلى “وقف إطلاق النار سياسياً”، مطالباً بـ”كسر الجليد لأن البلد لا يقوم إلا بتضامن قواه السياسية وتبديد القلق والاتفاق على المرحلة الجديدة”، مشيراً إلى أن “الوضع السياسي وصل إلى درجة يحتم علينا ضرورة الاتفاق على كل شيء قبل الموافقة على أي شيء، علنا نخرج بحكومة غسيل قلوب تعيد الأمل بإطفاء نار هذا البلد المظلوم”.
وفي المواقف السياسية، حذر عضو كتلة “التنمية والتحرير” النائب محمد نصر الله من أن “الانفجار بات قدراً ولا يمكن الهروب منه”، قائلاً: “إننا مقبلون على مكان سيء جداً، وإذا لم نخرج من الطائفية بالأداء السياسي، لا يمكن أن نخرج لبنان مما هو فيه، وحتى إذا أردنا تشكيل حكومة جديدة على القواعد الطائفية سنواجه العقبات عينها، وقد لا نتمكن من تشكيل الحكومة من الآن وحتى الانتخابات المقبلة، لذلك يجب أن نستيقظ”.
ونبّه نصر الله من “العواقب الكبيرة التي ستواجه لبنان وشعبه في حال عدم تشكيل حكومة بشكل سريع، فهذا الأمر يشكل خطراً على الانتخابات”. وسأل: ”كم سيبلغ الدولار في حال عدم تشكيل حكومة وبقي الوضع الاقتصادي متردياً بهذا الشكل؟”.
الشرق الأوسط