الأحد, نوفمبر 24
Banner

ميقاتي يلوّح بالإعتذار؟ ‎”‎ضغوط لا حدود لها” يمارسها سلامة لتوزير يوسف خليل

قول الرئيس المكلف نجيب ميقاتي بعد رابع اجتماعاته برئيس الجمهورية ‏ميشال عون ان المهلة “غير مفتوحة”، لا يعني بالضرورة أن تأليف ‏الحكومة وشيك، خلال اسبوعين على نحو توقّعه بداية. الخيارات البديلة ‏مفتوحة، وربما اكثر

بعض ما تكشّف عن اجتماع الرئيس المكلف نجيب ميقاتي مع رئيس الجمهورية ميشال عون، في الاجتماع الرابع ‏البارحة، أظهر ان ما بين الرجلين اكثر بكثير من “تباين”. بحسب معلومات متصلة بالاجتماع، حمل ميقاتي الى قصر ‏بعبدا اسماء وزراء وتوزيعاً للحقائب. قابلها عون بتحفّظ. في ضوء حوارهما، لم يتردّد الرئيس المكلف في القول ان ‏عدم تجاوب رئيس الجمهورية معه قد يحمله على الاعتذار عن عدم تأليف الحكومة. فردّ عون بأن مقاربته لتأليف ‏الحكومة لا تنطوي على مشاركة، مكرّراً عليه ما كان قاله في الاشهر المنصرمة للرئيس المكلف السلف سعد ‏الحريري: “حقي كامل في المشاركة في اسماء الوزراء جميعهم. أما الاعتذار فهو قرارك‎”.‎

لا يحجب التطور السلبي المفاجىء في تفاوض الرئيسين امس، مواصفات اولى كان حدّدها الرئيس المكلف لتأليف ‏حكومته، من غير الحزبيين تنسجم مع المبادرة الفرنسية. الا ان ثمّة مواصفات اضافية ألحقها بها: لا مداورة في ‏الحقائب وتحديداً السيادية الاربع، ولا وزراء سابقين يدخلون اليها‎.

فُهِم من الشرط الثاني بعض الاسماء كان تردّد في الايام الاخيرة انها طرحت عليه مباشرة او بالواسطة. اما ‏الشرط الاول، فلم يعنِ على نحو اساسي سوى حقيبة الداخلية كي تبقى في الطائفة السنّية. رمى ذلك الى الاعتقاد ‏بأن تفاوض الرئيس المكلف مع رئيس الجمهورية – المنطلق خلافاً للاوهام التي احاط سلفه نفسه بها وهي ان لا ‏شريك له – يبدأ الآن من الاعتراف المتبادل بدور كل منهما في التأليف. لكن الاهم، انه يبدأ من حيث انتهى النزاع ‏مع الحريري‎.

تصاعد خلاف عون والحريري على حقيبتي الداخلية والعدل منذ اجتماعاتهما الاولى، طوال اكثر من ثمانية اشهر، ‏وانتهى الامر بالاعتذار. عُزي سببه الى خلاف الرجلين على الحقائب. بيد ان ثمّة مَن عزاه الى ان الرئيس المكلف ‏ذاك لم يكن بالفعل يريد تأليف الحكومة، او في احسن الاحوال يخشاه‎.

في جوهر “التباين” الحالي بين عون وميقاتي على حقيبتي الداخلية والعدل، دونما اي تشنّج يحرص الرئيسان ‏على تفادي الظهور في مظهره او افتعاله حتى، انطواؤه على الاسباب نفسها لاخفاق التكليف السابق. هو ان ‏المسؤولين الكبار المعنيين على نحو مباشر او غير مباشر، في العلن والسرّ، بتأليف الحكومة، وخصوصاً رئيس ‏الجمهورية والرئيس المكلف، يقاربون المشكلة على ان السلطة الاجرائية الجديدة هي حكومة انتخابات، لا حكومة ‏اصلاحات لم يعد الوقت كافياً للخوض فيها، ولا التفاوض مع صندوق النقد الدولي عليها، ولا تنظيف الدولة من ‏أدرانها ولمّ الاوساخ من تحت سجادها. لم يتبقَ امام موعد الذهاب الى صناديق الاقتراع سوى ثمانية اشهر، ‏يُختصر منها شهران حداً اقصى لتحضير اجراءاتها‎.‎

بذلك انقضى الوقت المتاح لـ”حكومة مهمة” طمح اليها الحريري، ولم يوحِ ميقاتي بعد بأنه يضفي الصفة نفسها ‏عليها، ما يجعل المبادرة الفرنسية خارج سياق ما يُعدّ للمستقبل القريب‎.

يُنسب تباين الرئيسين الى بضعة معطيات‎:

اولها، ان الحكومة الجديدة ليست على صورة حكومة انتخابات، كالتي جرّبها ميقاتي عام 2005 سوى في الظاهر. ‏ليس فيها حزبيون، ولا مرشحون مفترضون لهذا الاستحقاق، ما خلا استثناءً وحيداً لكنه جوهري، هو ان رئيسها ‏‏- نائب طرابلس حالياً – مرشح للانتخابات، رافضاً اي تعهّد بالاحجام عن الترشح على نحو ما فعل عامذاك. في ‏ظاهرها حكومة مجرّدة من نيّات مبيّتة. لكن باطنها مختلف تماماً إن لم يكن معاكساً‎.

بحكومة كهذه، سيخوض الافرقاء حروب انتخاباتهم على نحو غير مباشر. لم يعدّ مهماً بالنسبة الى العائلات ‏السياسية الست، مجازاً على الاقل، التي تحكم لبنان حالياً، ان يكون مرشحوها داخل حكومة الانتخابات. اهم ما ‏يعنيهم – جميعاً على قدم المساواة كأسنان المشط – من هذا الاستحقاق ان يُدار من خلالهم، وان يحافظوا على ‏الغالبية النيابية التي يتشكلون جميعهم منها، ما خلا فروقاً بسيطة. يحتاجون الى الانتخابات النيابية لتنظيف السمعة ‏الاخلاقية والسياسية الرديئة التي باتوا عليها امام المجتمع الدولي، ما يحملهم على طلب تأكيد شرعياتهم الشعبية في ‏صناديق الاقتراع. من اجل ذلك، لا مفرّ من ان يسمّوا هم الوزراء غير الحزبيين، المكفولين، ويستنفروا – على ‏غرار التكليف السابق – كل ضغوطهم في سبيل الوصول الى الحقائب الثمينة. هو مغزى مقاربة حقيبتي الداخلية ‏والعدل على انهما حصتان ليس الا‎.

ثانيها، ليس الخلاف على حقيبتي الداخلية والعدل سوى لارتباطهما بالانتخابات النيابية المقبلة بصفة اختصاصهما ‏حيالها. في الظاهر تبدوان كأنهما مشكلة واحدة، فيما الواقع ان المشكلة تدور من حول حقيبة الداخلية وحدها. ‏يريدها رئيس الجمهورية في حصته، بوزير مسيحي، للسبب نفسه الذي يريدها الرئيس المكلف في حصته بوزير ‏السنّي، على غرار سلفه نظراً الى اهمية دورها في ادارة الانتخابات، وتنظيم انتهاكاتها، وتوظيف قوى الامن ‏الداخلي في سبيلها، والتلاعب بصناديق الاقتراع، اضف التأثير على التحالفات. ليس ادلّ على ذلك سوى ان وزير ‏الداخلية، منذ الحقبة السورية الى ما بعدها الى الامس القريب، هو الاكثر نفوذاً في توجيه مسار الانتخابات، ما ‏خلا التجربة الايجابية الوحيدة مذذاك للوزير زياد بارود عام 2009، مقدار ما استطاع‎.

ثالثها، مؤدّى ذلك ان لا تلازم في الحلّ يقتضيه الاتفاق على حقيبتي الداخلية والعدل في آن. التفاهم على الاولى ‏يفضي حكماً الى التفاهم على الثانية. لن تكونا معاً في عهدة عون بمفرده، او ميقاتي بمفرده. الفائز بالداخلية يتيح ‏منح العدل الى الآخر. هو لبّ المشكلة وعقبتها الكأداء. على ان التفاوض الحالي يسلك مساراً معاكساً من اجل ان ‏يتوقف اخيراً عند محطة تقاسمهما‎.

رابعها، رغم توجيه الاهتمام الى تينك الحقيبتين، الا ان ثمّة صراعاً خفيّاً وضغوطاً تحاط بحقيبة المال، رغم ‏المحسوم فيها انها لشيعي، تبعاً لاصرار رئيس البرلمان نبيه برّي وحزب الله على احتسابها في حصة طائفتهما ‏عملاً بالذريعة التي يناديان بها. ليست مشكلة وزارة المال الطائفة التي تشغلها، وقد سلّم بها ميقاتي بعدما كان ‏الحريري سبقه الى تكريسها لها مرتين: اولى ابان تكليف السفير مصطفى اديب تأليف الحكومة فقفز من فوقه ‏ليقول انه يريدها في حصة الثنائي الشيعي، ثم ثانية بعد تكليفه هو تأليف الحكومة‎.

المعلوم الآن ان الاسم المرجّح لها هو يوسف خليل، مدير العمليات في مصرف لبنان واحد اقرب المقربين الى ‏حاكمه رياض سلامة. ذُكر انه الوزير المؤكد في الحكومة التي لم تبصر النور للحريري. قيل حينذاك انه مرشح ‏الثنائي الشيعي، وبدرجة اولى رئيس المجلس الذي يتولاها حزبه منذ عام 2014. كان قد ذُكر اخيراً بالتوازي، ‏على ذمّة بعض المعلومات، ان الفرنسيين طرحوا مرشحين لتوزير احدهما في حقيبة المال دونما اخراجها من ‏الطائفة الشيعية، هما صائب الزين ولمياء مبيّض مديرة معهد باسل فليحان المالي والاقتصادي. ثانية الاسمين ‏تدرّبت على يد الرئيس فؤاد السنيورة ووثيقة الصلة به، ما يشير في آن الى ان توزيرها يصيب ثلاثة عصافير ‏بحجر واحد: تبقى الحقيبة شيعية، وترضي السنيورة ومن خلاله نادي رؤساء الحكومات السابقين، ثم الفرنسيين‎.

اما المعلوم الآخر مع عودة طرح اسم يوسف خليل للحقيبة، فهو المعلومات المتحدّثة عن “ضغوط غير منطقية لا ‏حدود لها” يمارسها الحاكم رياض سلامة ـ اكثر المتحمّسين لتوزير مساعده ـ على الحريري، ومن خلاله على ‏ميقاتي، آخذاً في الاعتبار موقف برّي، من اجل فرض توزير خليل، الى حدّ حَمَلَه على ربط تأليف الحكومة ‏وابصارها النور بوجوده فيها.

الأخبار

Leave A Reply