ليس اقتطاع المصارف من أموال المودعين رسوماً وعمولات دون وجه حق، بالأمر المستجد أو المُستغرب إنما ابتكارها لأساليب جديدة تستهدف تطويع المودعين وتذويب ودائعهم وتحصيل ما أمكن من أموالهم لرفد صناديق المصارف وسد نفقاتها التشغيلة هو الأمر المستجد والبالغ الوقاحة.
تجاوزت المصارف ومعها لجنة الرقابة على المصارف مسألة فرض عمولات ورسوم على أصحاب الحسابات بمختلف أنواعها وزيادة تلك الإقتطاعات بشكل دوري واعتباطي دون أي تقديمات مقابلة أو تبرير منطقي.
لكننا اليوم امام أسلوب جديد من تجاوزات المصارف افتتحها بنك بيروت العائد لرئيس جمعية المصارف سليم صفير. اسلوب متمثل باقتطاعات مشروطة بدفع المودعين إلى ايداع أموال جديدة في المصرف المذكور.
شروط جديدة من بنك بيروت
باشر بنك بيروت بفرض واقع جديد على عملائه من أصحاب الودائع الدولارية العائدة لما قبل العام 2019 وهي ما يعتبرها بالدولار المصرفي أو ما يعرف بـ”اللولار”. يتمثل الواقع الجديد بفرض رسوم على الحسابات account management fees (مستند مرفق) بقيمة 100 دولار مصرفي شهرياً (أي مئة لولار) أو ما يوازي مليون و500 الف ليرة (1500000 ليرة) باعتبار ان سعر الدولار المصرفي اليوم يوازي 15000 ليرة.
الرسم الجديد يستنزف الودائع الصغيرة على وجه الخصوص إذ يبلغ مجموع رسم الحساب 1200 دولاراً مصرفياً سنوياً أي نحو 18 مليون ليرة. الملفت أن الإقتطاعات بدأت من دون إعلام المودعين إذ فوجئ عدد منهم بحسم الـ100 دولار من حساباتهم دون أي تفسير. أما الشروط التي فرضها المصرف على المودعين فهي ما يعزز نظرية ابتزاز أصحاب الحسابات والتسلّط على أموالهم.
فقد فرض بنك بيروت على أصحاب الحسابات الدولارية القديمة (اللولار) فتح حسابات جديدة بالدولار الفريش كشرط أساسي لإعفائهم من حسم الـ100 لولار من حساباتهم السابقة والإكتفاء بحسم 15 لولار فقط. أما في حال رفض المودع فتح حساب فرش دولار وإيداع اموال جديدة فيُحتّم عليه خسارة 115 لولار لحساب المصرف أي 100 لولار الرسم الجديد و15 لولار الرسم الأساسي.
يحاول البنك من تلك الممارسات جذب أموال بالدولار الفريش من العملاء تخوّله سحب عمولات طازجة تساهم بتغطية نفقاته التشغيلية، فالحسابات الدولارية الفريش تتكبّد شهرياً ما لا يقل عن 7 دولارات رسوماً وعمولات حتى من دون تحريك الحساب.
أما الاقتطاعات من الحسابات الدولارية القديمة أو اللولار فلا تؤمّن للمصارف اي سيولة باستثناء أنها تساهم بشكل أو بآخر بتذويب جزء من الودائع. وهي مرشّحة للزيادة لاحقاً ما لم تقف لجنة الرقابة على المصارف والمودعين في وجه تلك الممارسات.
اين لجنة الرقابة على المصارف؟
الأسلوب الجديد من التسلّط على المودعين وأموالهم لم يصل إلى آذان لجنة الرقابة على المصارف أو ربما صمّت لجنة الرقابة آذانها عن سماع اعتراضات المودعين على ممارسات بنك بيروت المُستحدثة. وقد تواصلت “المدن” مع أحد أعضاء لجنة الرقابة على المصارف فرفض التعليق على خطوة بنك بيروت قبل التحقق منها، نافياً علم اللجنة بما حصل مؤخراً على صعيد اقتطاعات بنك بيروت.
ليس جديداً وقوف لجنة الرقابة على المصارف موقف المتفرّج وتلكُئها بالدفاع عن المودعين في وجه ممارسات المصارف بحقهم، أما أن تدعي اللجنة عدم معرفتها بما يمارسه أحد المصارف بحق المودعين فذلك يدعو للاسف حيال مصداقية اللجنة وجدّيتها بالرقابة على المصارف. إذ يكفي أن تطلع على كشوفات الحسابات العائدة للمودعين لتكشف ابتزاز المصرف واستنزافه لأموالهم.
حتى اللحظة لم تلحق المصارف ركب بنك بيروت لكن لا شيء يمنعها من ذلك في الأيام المقبلة، فلا حسيب ولا رقيب على عملها؛ تتسلّط على المودعين وأموالهم وتحسم وتقتطع وتهندس على مزاجها في حين تتلكأ لجنة الرقابة على المصارف بالدفاع عن المودعين وتغض البصر عن ممارسات المصارف.
عزة الحاج حسن – المدن