أثارت الدعوة إلى تدويل القضية اللبنانية إنقسامآ بين اللبنانيين، فاعتبرها البعض فرصة أخيرة للإنقاذ من الأزمات السياسية والإقتصادية والمالية التي يعيشها لبنان، في حين وصفها البعض الآخر بأنها دعوة الخارج والمجتمع الدولي للتدخل في الشؤون اللبنانية، مما يشكل تعارضآ مع السيادة الوطنية، فما المقصود بالتدويل، وما هي أحكام القانون الدولي؟ إن مصطلح التدويل هو من المصطلحات السائدة في مجال العلاقات الدولية، وهو يعني وضع ملف او قضية معينة في عهدة دول محددة أو إحدى المنظمات الدولية، كالأمم المتحدة مثلآ. وفيما يتعلق بالتدويل، فإن المجتمع الدولي لا يتحرك من تلقاء ذاته لمعالجة المسألة المطروحة، وإنما الموضوع يحتاج إلى مطالبة من أجل ذلك، أي ما نريد قوله: أنه لا يوجد هيئة دولية مهمتها أن تراقب الأوضاع السائدة في الدول، فتقدّر خطورتها كي تحيلها إلى (التدويل)، حتى أن مجلس الأمن المؤلف من (١٥) عضوآ لا يتحرك مباشرة، وإنما يحتاج الأمر إحالة الملف أو المسألة إليه من أحد أعضائه، وهذا الأمر يستتبع مناقشات صعبة وتكون حادة أحيانآ، وتصويت، وضمان عدم استخدام الفيتو من قبل الدول الخمسة دائمة العضوية(أميركا- روسيا-الصين-بريطانيا-فرنسا). كما أنه ليس ضروريآ أن يكون التدويل على مستوى المنظمات الدولية أو مجلس الأمن، بل يمكن أن يكون على المستوى الأقليمي، فهناك منظمات أقليمية يمكن لها أن تنظر في ملف يتعلق بدولة ما ويُراد تدويله(الإتحاد الأوروبي- جامعة الدول العربية- الإتحاد الأفريقي….). ووفقآ لميثاق الأمم المتحدة لعام (١٩٤٥) فإن المادة الثانية منه تنص على أن هيئة الأمم المتحدة تقوم على مبدأ المساواة في السيادة بين جميع أعضائها، ويمتنع أعضاء الهيئة جميعآ في علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة، أو استخدامها او استخدامها ضد سلامة الأراضي أو الإستقلال السياسي لأية دولة أو على أي وجه آخر لا يتفق ومقاصد الأمم المتحدة. لكن في بعض الحالات الحصرية يكون التدويل، أو التدخل الدولي مطلوبآ لمعالجة مسألة هامة، كما هو الحال في (التدخل الإنساني) الذي لا يتناقض مع المادة الثانية التي ذكرناها، طالما لم يحصل تعدٍ على أقليم الدولة أو استقلالها، كذلك يمكن لمجلس الأمن أن يتدخل بمقتضى المادة (٣٩) من الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة في حالة العدوان، او تهديد السلم والأمن الدوليين، وبالطبع هذه الحالات جميعها غير متوافرة فيما يتعلق بالدولة اللبنانية. وفي أحيانٍ أخرى يكون التدويل إيجابيآ كالحالة المتمثلة بتقديم الدعم والتمويل نظرآ للأوضاع الإقتصادية والمالية التي تعانيها الدولة، ولكن ضمن ما يتوافق مع المصلحة العليا للدولة وعدم الإنتقاص من سيادتها الوطنية. وإذا أردنا أن نتحدث عن التدويل على مستوى الدولة اللبنانية، يمكن أن نذكر العديد من القضايا والمسائل في هذا السياق: – إتفاق الطائف في العام (١٩٨٩) الذي تحقق بمبادرة أقليمية ومباركة دولية، من أجل وقف الحرب الأهلية اللبنانية(١٩٧٥)- في عامي (١٩٧٨) و(١٩٨٢) اجتاجت إسرائيل لبنان، فأصدر مجلس الأمن بناء لطلب من الحكومة اللبنانية مجموعة من القرارات الدولية منها(٤٢٥، ٥٢٠)- في أيلول من العام (٢٠٠٤) صدر القرار رقم (١٥٥٩) المتعلق بانسحاب الجيش السوري من لبنان ونزع سلاح المقاومة، لكن هذا القرار لم يكن بطلب من السلطات اللبنانية الرسمية- نتيجة العدوان الإسرائيلي على لبنان عام (٢٠٠٦) صدر عن مجلس الأمن القرار رقم (١٧٠١)- الإتفاق الموقع بين الحكومة اللبنانية والأمم المتحدة بتاريخ (٢٠٠٧/٢/٦) بشأن إنشاء محكمة دولية تنظر في جريمة إغتيال الرئيس الحريري- مؤتمر الدوحة الذي انعقد في العام (٢٠٠٨) بسبب الأحداث الأمنية التي شهدها لبنان خلال أيار من العام ذاته، وحالة الفراغ الرئاسي بعد انتهاء ولاية الرئيس السابق إميل لحود.
أخبار عاجلة