جاء في صحيفة “الديار” : تحولت البلاد الى “عصفورية”، وتاكد المؤكد بانحلال الدولة، فاليوم الحافل “بالتكاذب” ورمي المسؤوليات بين مسؤولين ادعوا المفاجأة بقرار المصرف المركزي رفع الدعم عن المحروقات، وكأن من شارك في اجتماع مجلس الاعلى للدفاع كانوا “نياما”، وحاكم “المركزي” رياض سلامة الذي اختار توقيتا “مريبا” للاعلان عن القرار، انتهى بفوضى عارمة، وارباك على كافة المستويات في غياب “الدولة” واجهزتها الرقابية، ليترك اللبنانيون فريسة المحتكرين والكارتيلات، فامام تمسك “المركزي” بقراره ونفاق المسؤولين، ليس معروفا حتى الان، قرار من سينفذ على ارض الواقع، الحكومة المستقيلة التي تتمسك بعدم رفع الدعم، ام تعميم سلامة، حيث تبلغت الشركات المستوردة قرارات متضاربة، والحل سيكون عدم تسليم المحروقات اليوم، الا اذا جرى توحيد القرار، وهذا يعني المزيد من الانهيارات في كل القطاعات.
وفي الانتظار زادت بعض المحطات اسعارها الجنونية ، واحتكرت الاخرى المادة طمعا بزيادة الاسعار، واطفئت المولدات في غالبية المناطق، بعض الافران توقف عن بيع الخبز، ومستشفيات توقفت عن استقبال المرضى، قطع طرقات، واستيلاء على صهاريج مازوت، وتوقفت خدمات الانترنت في العديد من المناطق، انه سيناريو “جهنم” عاشته المناطق اللبنانية، وسط “نسائم” حكومية عليلة من بعبدا، وترويج لتقدم “سريع” على طريق التاليف، لكن المفارقة ان رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف نجيب ميقاتي لم يجدا من داع لتكثيف اجتماعاتهما، فليس في البلاد ما يدعو لذلك، ولهذا يستكمل النقاش الاسبوع “اللي جاي”. كل هذه الفوضى اللبنانية حضرت في اسرائيل مع محادثات مدير “السي اي ايه” وليام بيرنز الذي “كبح” جماح التصعيد الاسرائيلي في لبنان والمنطقة.
قرار “غير مسؤول”؟
وفيما لم يخرج اجتماع بعبدا باتفاق بين عون وسلامة على عدم رفع الدعم عن المحروقات في ظل اصرار “الحاكم” على اصدار تشريع من مجلس النواب يشرع المس بالاحتياطي، خلص الاجتماع في السراي الحكومي الى اعتبار قرار سلامة “غير مسؤول” لانه سبق إصدار البطاقة التمويلية والمرحلة الإنتقالية الضرورية لرفع الدعم وعليه حمّل المجتمعون سلامة ومجلسه المركزي التداعيات الكارثية وغير محسوبة العواقب بقرار أحادي من جانب المصرف، واعلن عن الاستمرار في سياسة الدعم وترشيده .
وبعيدا عن الموقف “المائع” وغير المفهوم لرئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب الذي دعا الى “احتواء” تداعيات رفع الدعم، اتفق المجتمعون في السراي الحكومي على تحميل الحاكم والمجلس المركزي مسؤولية القرار وتوقيته سيما أن المصرف يتحمّل ما آلت إليه سياسته المالية والنقدية… واعلنوا عن الاستمرار في سياسة الدعم وترشيده وتحميل الجهات الرقابية والأمنية المسؤولية لإيصال الدعم إلى المواطن.واتخاذ كافة الاجراءات بحماية المجتمع من مثل هذه القرارات التي تحدث نكبة اجتماعية والبدء فوراً بتطبيق قانون البطاقة التمويلية، والزام الشركات والمحطات العاملة في قطاع النفط بجدول الأسعار الرسمي المعتمد، على ان تولى وزير الطاقة وضع خطة لزيادة تغذية التيار الكهربائي حتى نهاية 2021 وتقديم مشروع قانون لمجلس النواب لتأمين التمويل لهذه الخطة.
وقبل الاجتماع وجه دياب كتاباً إلى وزير المالية في حكومة تصريف الاعمال يطلب فيه إبلاغ حاكم مصرف لبنان أن قراره برفع الدعم عن المحروقات مخالف للقانون الذي صدر عن مجلس النواب بشأن البطاقة التمويلية، ومخالف لسياسة الحكومة بترشيد الدعم.
فشل اجتماع بعبدا
وكان اجتماع بعبدا انتهى دون التوصل الى أي اتفاق بعد عجز رئيس الجمهورية ميشال عون في تعديل القرار الذي وصف تداعياته بالخطرة وطالب سلامة بالتنسيق مع السلطة الإجرائية التي ناط بها الدستور وضع السياسة العامة للدولة في جميع المجالات في أي قرار يتّخذه. لكن “الحاكم” أبلغ عون أنه غير قادر على الاستمرار في الدعم إلا بموجب قانون يصدر عن مجلس النواب يسمح باستخدام التوظيفات الإلزامية بالعملات الأجنبية.
“المركزي” يدافع عن قراره
من جهته اصدر مصرف لبنان بيانا اكد فيه انه راسل الحكومة منذ شهر آب 2020 أي منذ نحو سنة، مؤكدا أنه لا يمكن قانونا المساس بالتوظيفات الإلزامية بالعملات الأجنبية لديه. وقد أكد ذلك مرارا بمراسلات اخرى وفي كافة الإجتماعات التي عقدها مع المراجع المعنية بسياسة الدعم مؤكدا أن المساس بهذه التوظيفات يتطلب تدخلا تشريعيا. في المقابل، وعلى الرغم من أن مصرف لبنان قد دفع ما يفوق الـ 800 مليون دولار للمحروقات في الشهر المنصرم، وان فاتورة الأدوية وغيرها من المواد الضرورية قد تضاعفت، فلا تزال كل هذه المواد مفقودة من السوق وتباع بأسعار تفوق قيمتها حتى فيما لو رفع الدعم عنها!
الشركات لن تسلم المحروقات؟
وفيما اكدت المديرية العامة للنفط ان جدول تركيب الأسعار الذي صدر الأربعاء هو السائد والملزم للمنشآت والشركات والمحطات معا في عمليتي البيع والتوزيع، علمت “الديار” ان الشركات لن توزع المحروقات اليوم قبل الحصول على قرار واضح من مصرف لبنان حيال التسعيرة الجديدة. وفي هذا السياق، اعلن نقيب اصحاب الشركات المستوردة للنفط جورج فياض ان الموقف صعب جدا، في ظل استمرار الخلاف بين “المركزي” والحكومة، واشار الى ان الجمارك قامت بعملية “الكيل” بالامس وطلب التسليم على السعر الجديد، فيما وزارة الطاقة ترفض ذلك وتصر على التسعيرة القديمة، ولفت الى ان الشركات تنتظر المصرف المركزي المخول تحديد سعر الصرف..! مع العلم انه خلال ايام تنتهي الموافقات الاستثنائية من قبل بعبدا والسراي الحكومي لدعم المحروقات على سعر 3900، وهنا تتخوف مصادر حكومية من تمييع مقصود في المهل كي يتحلل بعدها “المركزي” من التزاماته…
“فوضى” شاملة
وكانت الفوضى الشاملة عمت امس المناطق كافة، حيث قطعت العديد من الطرقات في اكثر من منقطة احتجاجا على رفع الدعم من دون اي خطة انقاذية وعلى انقطاع التيار الكهربائي من مؤسسة كهرباء لبنان والمولدات بعد فقدان مادة المازوت. في هذا الوقت توقفت غالبية المحطات عن بيع الوقود، لا لنفاد الكميات لديها، وإنما طمعاً بالإفادة من الكميات التي تم شراؤها على السعر القديم، وبيعها بناءً على الأسعار التي جرى تداولها بعد قرار المركزي. فيما عمدت بعض المحطات الى بيع الصفيحة بين 360 ألف ليرة و390 ألف ليرة… ودون حسيب او رقيب ارتفعت أجرة نقل الركاب في سيارات الاجرة التي تفنن اصحابها في تحديد الاسعار.
تباين حول خطوة سلامة وفي ردود الفعل كان السقف الاعلى في الاعتراض من رئيس تكتل لبنان القوي جبران باسيل الذي اتهم سلامة بقيادة مؤامرة اقتصادية على البلاد، وتحرك انصار”التيار” على الارض مساء في محيط منزل “الحاكم”، اما حزب الله فاكتفى بالاعلان عبر كتلة الوفاء للمقاومة ان القرار مرفوض، في المقابل وحده رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط أيّد خطوة سلامة وقال إن الامر لا “مفر منه” ولا مهرب من هذا الإجراء، وذلك لوقف التهريب إلى سوريا”، مؤكداً أن “الحل بالبطاقة التمويلية وتطوير النقل العام وعلى مستوى الاحتجاجات في الشارع، وشدد على أن “قطع الطرقات في أي مكان خطأ استراتيجي”.
تفاؤل حكومي؟
وبينما تغرق البلاد في الفوضى، يتواصل “حرق” الوقت بين رئيس الجمهورية ميشال عون عون والرئيس المكلف نجيب ميقاتي، ووسط الحديث عن تقدم ايجابي في المحادثات في اللقاء امس، استغربت اوساط سياسية بارزة تاجيل البحث الى الاسبوع المقبل، وقالت ان التعامل مع الملف الحكومي بهذا البطء مثير “للريبة”، فاذا كانت الاجواء ايجابية فلماذا لا تستمر الان بدل اخذ عطلة نهاية “الاسبوع”، وتساءلت، هل من لا يريد تحمل مسؤولية الانهيارات المتسارعة ويرغب في تسلم البلد وهو “محترق” لتاتي المعالجات لاحقا على ضحالتها ، بمثابة الانجاز..؟!
ووفقا، للمعلومات، انتهى اجتماع بعبدا بالامس الى تثبيت الحقائب السيادية على الطوائف، أي الخارجية للموارنة والداخلية للسنة والمال للشيعة والدفاع للروم الأرثوذكس، أما بقية الحقائب فستتم المداورة بينها. وفي هذا السياق تقول اوساط مطلعة ان تقدما سريعا حصل في عملية تاليف الحكومة “والجو مريح”.
وقد انتهت مرحلة توزيع الحقائب والبحث في الاسماء يبدأ الاسبوع المقبل، بعدما تحصل جوجلة اولية مع الاطراف السياسية نهاية الاسبوع الحالي، وقد تم استكمال التفاهم على الوزارات الخدماتية والاساسية التي اصبحت شبه كاملة والسيادية متفق عليها ببقاء القديم على قدمه، وبات محسوما ان وزارة العدل ستبقى مع الرئاسة الاولى، وكذلك وزارة “الطاقة”!
لا نصاب وخطوات “شعبوية”
في هذا الوقت، لم يكتمل نصاب جلسة مجلس النواب، وتم التأجيل الى موعد يحدد لاحقاً للنظر في قرار الاتهام في قضية انفجار المرفأ، وقد حضر فقط 39 نائبا إلى قصر الأونيسكو حيث تجمع أهالي ضحايا تفجير المرفأ معرضين ما سموه “جلسة العار”.
وكان الأهالي قد تظاهروا ليل أمس الاول في عين التينة أمام مقر الرئاسة الثانية، حيث تم الاعتداء عليهم بالضرب المبرح من عناصر بلباس مدني، ولم يسلم عدد من الصحافيين والمصورين الذين كانوا يواكبون التحرّك من الضرب.
أما النواب الذين حضروا الجلسة فهم، نواب كتلة الوفاء للمقاومة وعددهم 12 نائباً، إضافة إلى نواب كتلة التنمية والتحرير وعددهم 17 نائباً، فيما حضر ثلاثة نواب من كتلة المردة وثلاثة نواب من كتلة نواب الحزب القومي، كما حضر ثلاثة نواب من كتلة المستقبل وهم النواب بكر الحجيري ومحمد قرعاوي ووليد البعريني، وحضر ايضا النائب نهاد المشنوق، ونائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي، الذي اتهم من يريدون عرقلة هذا الإجراء بمقاطعة الجلسة ، بأنهم “لا يريدون رفع الحصانات لأنهم يسعون للاستثمار السياسي بالملف” وقال: يعرقلون كل مسعى للوصول إلى نتيجة، بدءاً من عدم التوقيع على عريضة الرئيس سعد الحريري الداعية لرفع الحصانات عن الجميع، بمن فيهم رئيس الجمهورية ورؤساء الحكومات، مجدداً الحديث عن استنسابية في الادعاءات القضائية.
وفيما قدم النائب علي حسن خليل مطالعة دفاعية عن موقفه، قام النائب المشنوق بخطوة “شعبوية” من خلال زيارة مكتب القاضي بيطار طالبا الاستماع اليه، لكن تم رفض طلبه، علما ان وزير الداخلية السابق يدرك مسبقا ان الامر مستحيل، لان المحقق العدلي غير قادر على التحقيق معه بصفته متهما دون رفع الحصانة عنه.
بيرنز “يكبح” اسرائيل؟
وفيما يتخبط لبنان في الفوضى، حضر ملفه في زيارة مدير الاستخبارات المركزية الاميركية وليام بيرنز الى اسرائيل، وكشفت وسائل الاعلام الاسرائيلية ان مدير “السي اي ايه” ابلغ “اسرائيل” حدود “المناورة” المسموح بها في المنطقة، وخطوطها العريضة، عدم الدخول في اي مواجهة مع ايران او حلفائها، وهذا ما تؤكده اوساط دبلوماسية تحدثت عن كبح اميركي لاي رغبة اسرائيلية للتصعيد على الحدود اللبنانية.
ووفقا للاعلام الاسرائيلي، فان جدول اعمال المحادثات كان متنوعا وإيران شكلت الموضوع الرئيسي والسيناريوهات المختلفة جراء العودة المحتملة للولايات المتحدة إلى إطار الاتفاق النووي كانت في صلب هذه المحادثات. ولكن إيران ليست الموضوع الوحيد، فالازمات في المنطقة كثيرة وكان آخرها المواجهة مع حزب الله على الحدود الجنوبية، ووفقا لتوصيف صحيفة “هارتس” الاسرائيلية فان مدير “السي اي ايه” يواجه مطعماً شرق أوسطياً مكتظاً بالوجبات التي تنبعث منها رائحة كريهة وذات طعم سيئ.
لا مجاملات!
ووفقا للصحيفة، فان زيارة بيرنز لم تكن للمجاملة. فهو لا يأتي لقياس درجة حرارتها وأخذ انطباع عن تفاصيل سياسة الحكومة في إسرائيل. وهو يعرف مقاربات إسرائيل الأساسية جيداً. يترك المحادثة السياسية المهمة للقاء الأول والثاني لبينيت مع بايدن في الأسابيع والأشهر القريبة القادمة. لكنه اتى لتذكير إسرائيل، بشكل “لطيف”، ما هي مصالح أميركا وما حدود المناورة المتاحة امام اسرائيل، والاهم ما اذا كانت تعي ذلك!
وفي هذا السياق، تم ابلاغ “إسرائيل” عبر بيرنز بضرورة تخفيف لهجتها ضد الاتفاق النووي، وتجنب القيام بنشاطات تآمرية في الكونغرس وفي وسائل الإعلام الأميركية. ووفقا “لهآرتس” قال بيرنز صراحة للمسؤولين الاسرائيليين ” من المعروف أنكم تعارضون. تصرفوا بضبط النفس. لان البديل أسوأ”.
سخرية من التهديدات
وفي تعبير واضح عن “الاستياء” من الموقف الاميركي، سخرت صحيفة “اسرائيل اليوم” من تهديدات الولايات المتحدة وبريطانيا برد مناسب على استهداف ناقلة النفط.، وقالت ان العالم امسك أنفاسه، لكن مر وقت دون حدوث شيء. وثمة تقدير بعدم حدوث أي رد عسكري في هذه المرحلة، فيما يظهر بوضوح الوهن الأميركي حيال إيران، يترافق مع ضغط على خلفاء الولايات المتحدة بعدم اتخاذ أعمال قد تغضب طهران قبل فيينا. وهو وضع عبثي وخطر”.