علي ضاحي
كل الاهتمام منصب في الساعات الماضية على معالجة الخلاف بين مصرف لبنان والحكومة ورئاسة الجمهورية حول رفع الدعم الكامل عن المحروقات.
وفي حين يُحمّل معظم القوى السياسية وعلى رأسهم “التيار الوطني الحر” والعهد رياض سلامة حاكم المصرف المركزي مسؤولية “تفرده” بقرار “أحادي” رفع الدعم من دون العودة الى الحكومة والسلطة السياسية، تؤكد معلومات ان سلامة وضع الجميع في صورة قراره وابلغهم في جلسة المجلس الاعلى للدفاع وقبله، ان لم يعد المس بالاحتياط الالزامي ممكناً وبات الاحتياط الالزامي في منطقة خطيرة. وتجاوزنا الخطوك الحمر وبالتالي لم يعد ممكناً دعم المحروقات من الاحتياطي الالزامي وبالتالي كل محاولات التنصل و”البطولات” الشعبية والانتخابية لا تنطلي على احد.
في المقابل تؤكد اوساط نيابية واسعة الاطلاع في “الثنائي الشيعي” ان قرار رفع الدعم حاصل حتماً والخيار الذي لا “أمّرَ” منه .
ولكن لن يتم من دون بدائل كالبطاقة التمويلية على هزالة تقديماتها، ولكونها لن تشمل اكثر من 500 الف عائلة كمرحلة اولية ولكنها كانت لتسد زاوية في خابية الازمة لكل عائلة.
وتقول ان هناك معلومات عن ابلاغ سلامة للقوى السياسية الفاعلة في الاكثرية بحتمية رفع الدعم، لكن الجميع تفاجأ بالتوقيت وباعلان سلامة المتسرع عن القرار في عتمة ليل ومن دون انتظار اقرار البدائل.
وتكشف ان هناك “نقزة” بكل صراحة من قرار سلامة لجهة التوقيت، وهناك فريق كبير داخل 8 آذار يتهم الاميركيين والمستقبل بالتواطؤ مع سلامة لاستكمال الضغط الاميركي ويعاونهم بعض الحلفاء النافذين في شركات النفط والكارتيلات الدوائية والغذائية.
وتذهب الاوساط بعيداً الى القول ان الاميركيين اصلاً، لا يراهنون الا على الانتخابات النيابية لقلب الطاولة على الاكثرية وحزب الله. وانهم يعتقدون ان استمرار الضغط على حزب الله و”عَصره” مع بيئته ولو تضرر كل اللبنانيين، سيؤلب الرأي العام عليه ويجعل من كل الطوائف الاخرى الدرزية والمسيحية والسنية تحمله مسؤولية الازمة وترى في سلاحه ودوره باباً لاستجلاب العقوبات والحصار الاميركي.
وتشير الاوساط الى ان هناك معلومات ايضاً وقد ابلغها الاميركيون لزوارهم من شخصيات في 14 آذار وبعض النافذين في المجتمع المدني، ان واشنطن لا تريد حكومة قبل الانتخابات في ربيع 2022 والتي من شأنها ان تريح حزب الله وان تعيد شد عصب جمهوره حوله!
وترى الاوساط ان كل ما يجري ولا سيما حرب المازوت بعد حرب الدولار والدواء والغذاء والبنزين والغاز، مقصود ومكن الاميركيين من شل البلد بالكامل وتعطيل كل مرافقه من رغيف الخبز الى المستشفيات والنقل والكهرباء وغياب كامل للمولدات.
وهذا من شأنه ان يضع الناس بين خيارين: اما الاستسلام الكامل واليأس، وإما الفلتان والفوضى في الشارع والتقاتل على صهريح البنزين والمازوت، وقطع الطريق عليه ليصل القتال و”التشليح” الى لقمة العيش واقتحام الصيدليات والافران والسوبر ماركات والمحطات لتأمين الحاجات، وبالتالي لا يمكن ان تضع الدولة مع كل لبناني شرطي او عسكري لمنعه من التخريب والشغب.
وتكشف الاوساط ان لا افق واضح للمعالجة وكيفية توحيد الموقف بين سلامة والحكومة وبعبدا. وما يزيد الطين بلة دعوة عون امس لانعقاد الحكومة ورفض دياب لهذه الدعوة واعتبارها مخالفة للدستور ولكون الحكومة في حال تصريف الاعمال الامر الذي يعزز الضبابية والضياع في تسعير المحروقات ورفع الدعم وبقاء النزاع بين مصرف لبنان والحكومة وبعبدا.
وتشير الى ان هناك ضياع وفوضى في القرار السياسي وفترة من انعدام الوزن مع طغيان الكامل للازمات المتلاحقة ووسط مطالبة من “الثنائي الشيعي” بالحسم في ملف الحكومة وقيام حكومة تصريف الاعمال بواجباتها حتى تشكيل حكومة جديدة في اسرع وقت.
ووسط تحذير ايضاً من اللجوء الى الفوضى تحت ستار الوضع المعيشي ولاشغال الجيش والقوى الامنية وارهاقها ودفع عناصرها الى التمرد والفرار بفعل الاوضاع الضاغطة وتدني الرواتب.
ورغم ان الجيش والقوى الامنية وضعوا خططاً محكمة للانتشار السريع والكثيف في اي منطقة، يحاول الغوغائيون اخراحها عن الانتظام العام تحت ستار الجوع والحرمان والمطالبة بالحقوق.