الأحد, نوفمبر 24
Banner

الحريري “يفركش” الحكومة مطالب مستجدة للمستقبل والاشتراكي والمردة… و”قديمة” لبري

كلما خطا رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المُكلف تأليف الحكومة نجيب ميقاتي خطوة نحو الاتفاق، تبرز ‏عراقيل وعقبات تعيدهما خطوات الى الوراء. فبعدما توافق الفريقان على توزيع الحقائب طائفياً على أن يستكملاها يوم ‏أمس بإسقاط الأسماء عليها، عاد النقاش الى النقطة الأولى، وأشهر كل من عون وميقاتي فيتوات على الأسماء المتبادلة ‏بما ينذر بتعطل العجلات الحكومية. يتزامن ذلك مع بصمات لرئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري بغرض الاطاحة ‏بأي أمل لتشكيل حكومة، وتطويل أمد الأزمة لأشهر مقبلة. عرقلة حريريّة يراها العونيون متكاملة مع قرار حاكم ‏مصرف لبنان رفعَ الدعم عن المحروقات، في سياق السعي إلى إطلاق موجة هجوم جديد على العهد اسوة بما جرى ‏بعد 17 تشرين وبعد تفجير المرفأ

لم تنسحب الايجابية المفرطة المسرّبة عمداً حول قرب تشكيل الحكومة على الاجتماع الذي جمع رئيس الحكومة ‏المكلف نجيب ميقاتي برئيس الجمهورية ميشال عون أمس في قصر بعبدا. أول تجليات ذلك كان خروج ميقاتي ‏بوجه متجهّم ليعلن “بدء الدخول بموضوع الأسماء”، ليُعقّب بعدها أن “نسبة تشكيل الحكومة أكبر من نسبة ‏الاعتذار”. ففيما كانت نهاية الأسبوع الماضي حافلة بالتفاؤل وتذليل العقبات وإسقاط الفيتوات التي فرضها الرئيس ‏السابق سعد الحريري، بدأت مصادر الرئيسين عون وميقاتي تتحدث عن بروز “شروط تعجيزية” مشابهة لتلك ‏التي حالت دون ابصار حكومة الحريري الضوء. يومها، كان السبب الرئيس لعدم التشكيل غياب الضوء الأخضر ‏السعودي للحريري، اضافة الى الخلاف الشخصي الذي طبع علاقة الأخير بكل من عون ورئيس التيار الوطني ‏الحر جبران باسيل. اليوم تتخدث مصادر الرئيسين عن بصمات حريرية واضحة للاطاحة بأي أمل لتشكيل ‏حكومة جديدة. هذا الدور التعطيلي لم يكن بالوضوح الذي ظهر عليه في الأيام الأخيرة وقد تزامن مع رفع حاكم ‏مصرف لبنان رياض سلامة الدعم عن المحروقات، ليشتدّ بعد انفجار عكار وما تلاه من تراشق عبر البيانات بين ‏الحريري وباسيل‎.

أمس، عادت عقارب المشاورات الى الوراء بعد أن كان قد تم الاتفاق على التوزيع الطائفي للحقائب على أن يتمّ ‏استكمالها باسقاط الأسماء عليها. ما حصل، بالميزان العوني، هو “نسف لكل ما جرى النقاش به بين الرئيسين ‏وخطوة الى الوراء لا يمكن فصلها عن السعي لتفجير البلد برفع الدعم وخلق أزمة غير مسبوقة كانت أولى نتائجها ‏انفجار عكار. تلك هي البداية فقط، فثمة معلومات تتحدث عن مخطط للعبث بالأمن وخلق فوضى شاملة للامعان ‏بضرب صورة العهد وتحميله وزر كل مشكلة تحصل في البلد. وقرار رفع الدعم هو إطلاق الموجة الثالثة من ‏الاحتجاجات ضد العهد، بعد 17 تشرين وتفجير المرفأ”. أبرز المستفيدين من انهيار الوضع الاقتصادي ‏والاجتماعي والأمني ليسا سوى “رئيس مجلس النواب نبيه بري والحريري”، بحسب المصادر العونية التي ‏تضيف: “هما لن يوفرا جهداً لكسر الاتفاق بين ميقاتي وعون الذي كاد يصل الى خواتيمه، قبل أن يقرّر الحريري ‏وبري التصعيد في مسار بدأ بالايعاز لسلامة رفع الدعم مع تأمين التغطية السياسية اللازمة له، واستكمل بنسف ‏اتفاق عون – ميقاتي، لينتهي أول من أمس بقيام بعض الشبان بتكسير واجهة منزل ميقاتي بالتزامن مع عدم ‏حضور القوى الأمنية سوى في وقت متأخر”. وفي هذا السياق يتهم مقربون من ميقاتي تيار المستقبل بافتعال هذا ‏التحرّك قبيل يوم واحد من لقاء رئيس الجمهورية لبدء التشاور بالأسماء. وترى مصادر ميقاتي أن هجوم ‏الحريري على عون بعد انفجار التليل كان موجّها نحو الرئيس المكلّف أكثر مما كان موجهاً نحو رئيس ‏الجمهورية والتيار الوطني الحر، إذ “كيف تستقيم المطالبة برحيل رئيس الجمهورية مع تغطية تأليف حكومة ‏بالشراكة معه؟‎”.‎

وتقول المعلومات أن اتصالاً هاتفياً جرى بين عون ميقاتي مساء الأحد، استنكر خلاله رئيس الجمهورية ما ‏حصل، ثم جرت محادثة “ايجابية جداً” بينهما جرى الاتفاق على استكمالها في لقاء الاثنين، “قبل أن ينقلب ‏التفاؤل الى تشاؤم”. يتقاطع ما سبق مع ما تقوله مصادر مطلعة على عملية التأليف، حول عدم رغبة حريرية ‏بانجاح مهمة الرئيس المُكلّف لعدة أسباب، أهمها المنافسة بين أي رئيسيّ حكومة والحرب الشرسة على عون. ‏وتشير الى مطالب مستجدة قدّمها كل من تيار المستقبل والاشتراكي والمردة، استدعت تغيير مسودة التوزيع وسط ‏رفض عون لهذا الأمر. وقد علمت “الأخبار” أن زيارة الرئيس المُكلّف الى بعبدا نهار أمس، سبقها الأخبر بزيارة ‏الى عين التينة. وفيما أشارت مصادر قريبة من عين التينة إلى أن بري قبِل بالتخلي عن مرشّحه لوزارة المالية ‏يوسف خليل واقتراح بديل له هو عبدالله ناصر الدين (الملحق الاقتصادي في السفارة اللبنانية في واشنطن)، ‏تحدّثت مصادر أخرى عن ان برّي عاد ليتمسّك باسم يوسف خليل، رغم علمه بأن رئيس الجمهورية يرفضه ‏‏”لأنه موظف عند رياض سلامة وسيعرقل التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان‎”.

في المقابل، ترى مصادر مقربة من ميقاتي أن عون الذي كان وافق على اسقاط وزارة الطاقة من حساباته، عاد ‏ليطالب بها أو على الأقل المشاركة بتسمية الوزير. كذلك اعترض عون على الأسماء المعروضة لشغل حقيبة ‏الداخلية في موازاة اصرار ميقاتي على تسلّم المردة لوزارة الاتصالات، على أن تؤول التربية للحزب الاشتراكي. ‏يتكلل هذا المشهد بشائعات تتحدّث عن طلب الحريري من ميقاتي الاعتذار عن عدم تأليف الحكومة‎.

رغم ذلك كله، لا زالت مصادر عون وميقاتي تؤكد أن الوصول الى حلّ مرض للجميع ممكن وأن الطرقات لم تُسدّ ‏بعد، لا بل يمكن تجاوز العقبات المستجدّة. في حين تشير مصادر عونية الى دخول حزب الله على خطّ التسوية ‏بين الرئيسين، يفترض أن تتجلى نتائجها في اليومين المقبلين. وتشير المصادر إلى أن العقد الأساسية تم حلها، وما ‏يجري حالياً ليس سوى وضع اللمسات الأخيرة التي قد تتخللها بعض العقد، لكن حلها ليس مستحيلاً. إلا ان ‏المصادر نفسها تنقسم بين جازم بتأليف الحكومة في غضون ايام، واخرى متريثة خشية “ضياع الفرصة نتيجة ‏تعنّت المتفاوضين‎”.

على خطّ موازٍ، زارت السفيرة الأميركية دوروثي شيا يوم أمس كلّاً من رئيسيّ الجمهورية والرئيس المكلّف ‏‏”للبحث في تشكيل حكومة بسرعة”، عل حد قولها، مضيفة أن “الشعب اللبناني يعاني والاقتصاد والخدمات ‏الأساسية وصلا إلى حافة الانهيار، وأن كل يوم يمر دون وجود حكومة تتمتع بالصلاحيات وملتزمة وقادرة على ‏تنفيذ إصلاحات عاجلة، هو يوم ينزلق فيه الوضع المتردي أصلا أكثر فأكثر إلى كارثة إنسانية”. ولم تنس شيّأ ‏الترحيب “بإطار العقوبات الجديدة التي اعلن عنها الاتحاد الأوروبي لتعزيز المساءلة والإصلاح في لبنان”، ‏مؤكدة أن “واشنطن ستواصل التنسيق مع شركائها بشأن التدابير المناسبة”. كلام السفيرة الأميركية “المشجّع” ‏على تأليف حكومة معطوف على حماسة فرنسية مماثلة، تضعه مصادر مطلعة في اطار “النفاق”، اذ لم يسجّل ‏أي دفع جدّي من الدولتين للضغط على حلفائهما للتعاون، وهو ما يُفسَّر بنِية ضمنية للاستمرار بالفراغ الحكومي ‏والاستفادة من انهيار البلد للاستثمار السياسي وتنفيذ الأجندة الغربية باحراق كل من التيار العوني وحزب الله‎.

من جانبه، اعرب الرئيس عون خلال لقائه “المجلس الوطني للتجمع من اجل لبنان في فرنسا”، عن امله “في ان ‏نتوصل الى الحد من الازمة الراهنة من خلال تشكيل حكومة جديدة في خلال الأيام القليلة المقبلة، رغم سعي ‏البعض لعرقلة هذا التشكيل”، مؤكدا “ان رئيس الجمهورية رغم ما خسره من صلاحيات الا انه شريك في ‏التأليف مع رئيس الحكومة المكلف، وله ان يختار من بين الأسماء المطروحة في ظل ما يتمتع به من سلطة ‏معنوية”. وفي ردّ على المطالبة باستقالته وآخرها من الحريري، قال أنه “لن يستقيل وسيقوم بواجباته حتى النهاية ‏ولن يهزه احد ان في موقعه او في حرصه على مواصلة محاربة الفساد”. وأضاف: “لبنان لم يشهد مثيلا للازمة ‏التي يعيشها اليوم الا في العام 1916، وهي ازمة ليست ظرفية بل تعود الى التسعينات ما أدى الى افقار البلد ‏والاعتماد على اقتصاد ريعي ضاعف من ديونه وضاءل من فرص العمل فيه”، لافتا الى مساهمة “عدد من ‏الظروف في اشتداد هذه الازمة بدءا من ارتفاع الدين الإجمالي مرورا بالحرب السورية وتداعيات ازمة النزوح ‏على لبنان، ووصولاً الى العجز في الميزان التجاري”. وأعاد عون التأكيد على سعيه المتواصل لاجراء التدقيق ‏الجنائي، لافتا الى “انه كلما اقترب الامر من التحقيق كلما زادت الضغوطات لمنعه‎”.‎

الأخبار

Leave A Reply