الأربعاء, نوفمبر 27
Banner

أزمة المحروقات: تأجيل “الانفجار” بدعم شحنات على 3900 ليرة

عزة الحاج حسن – المدن

يسير ملف المحروقات على ما يشبه البركان، والجميع يعلم باقتراب تفجره. وحتى اللحظة لم يباشر أحد التوصل إلى صيغة أو آلية تمنع انفجار أزمة المحروقات ووصول شظاياها إلى القطاعات والأطياف كافة. وإذا عدنا أياماً إلى الوراء نرى أن “انفجار” أزمة رفع الدعم عن المحروقات كلياً لم يخمد بل أرجأ. فقرار مصرف لبنان النهائي برفع الدعم عن المحروقات، أو بالأحرى وقف فتح أي اعتمادات وفق سعر للدولار يقل عن سعر السوق السوداء، لم يتغير حتى اللحظة. لكنه وفق المعلومات أُوعز منذ ساعات قليلة للشركات المستوردة للمحروقات بإدخال الشحنات المستوردة مؤخراً والبالغ حجمها 80 مليون ليتر من المازوت والبنزين، وفق سعر صرف 3900 ليرة للدولار، أي بسعر الدعم.

وفي مقابل قرار مصرف لبنان رفع الدعم، تتمسك وزارة الطاقة بعدم تسعير المحروقات وفق سعر صرف دولار السوق السوداء، مستندة إلى قرار استمرار الدعم الصادر منذ أيام عن رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب. وبين مصرف لبنان ووزارة الطاقة لا قرار موحداً حتى اللحظة.

أما عن تمرير مصرف لبنان شحنة جديدة من مستوردات المازوت والبنزين مدعومة السعر، فهدفه “تفادي” انفجار شعبي قد لا يسلم منه أحد، حسب مصدر من مصرف لبنان، وخصوصاً في ظل شبه قطيعة بين مصرف لبنان ووزارة الطاقة، قد ينتج عنها فوضى في سوق المحروقات تفوق ما نشهده اليوم.

دعم شحنات جديدة ومداهمات

ولا يجب أن ننسى أنه حين علت صرخة المواطنين وعمت الفوضى في الأسواق بعد إعلان مصرف لبنان وقف دعم استيراد المحروقات وتجاوز سعر صفيحة البنزين المدعوم أصلاً 350 ألف ليرة، عمد حينها مصرف لبنان، وبموافقة وزارة الطاقة، إلى الطلب من الشركات المستوردة للنفط بيع مخزونها، وهو كان يقارب حينها نحو 80 مليون ليتر من البنزين والمازوت. بمعنى آخر أعطيت جرعة مخدر جديدة للسوق، تمهيداً للاستيعاب التدريجي لقرار رفع الدعم.

ولا تنفصل عملية تأمين التغطية السياسية للجيش اللبناني لقيامه بمداهمات على كامل الأراضي اللبناين عن “سياسية تنفيس احتقان الشارع”، خصوصاً بعد نجاح مداهمات الجيش في ضبط آلاف الليترات من المازوت والبنزين وتوزيعها على المستشفيات والأفران والمواطنين. لكن هذا كله لن يغير واقع الأزمة التي من المتوقع أن تُستأنف في الأيام المقبلة.

ووفق مستشارة الشركات المستوردة للنفط دانيا عون في حديثها إلى “المدن” فإن مصرف لبنان وافق فعلياً منذ قليل على ضخ كمية جديدة من المازوت والبنزين في الأسواق ووفق سعر الصرف المدعوم 3900 ليرة للدولار. لكن هذه الكميات قد تكفي لأيام قليلة فقط كما الشحنة السابقة.

ماذا بعد؟

ويؤكد مصدر من مصرف لبنان أن قرار رفع الدعم نهائياً لا يزال قائماً، وقد سمح اليوم مصرف لبنان باستيراد المحروقات وفق سعر الصرف المدعوم، ليعطي فرصة جديدة لحكومة تصريف الأعمال بإيجاد آلية دعم أخرى. والمقصود هنا البطاقة التمويلية، بالتوازي مع رفع الدعم. ونظراً لأن مسألة إطلاق العمل بالبطاقة التمويلية لا تزال معقدة وغير واضحة، يستهدف مصرف لبنان، وفق المصدر، تمرير الوقت على ما هو عليه اليوم، وحتى شهر أيلول. وذلك لقطع الطريق على أصحاب نظرية إخلال مصرف لبنان بقرار حكومة تصريف الأعمال القاضي باستمرار الدعم حتى أيلول، “علماً أن حجم الدعم في الفترة الماضية فاق كثيراً ما كان متوقعاً حتى شهر أيلول”، على ما يقول المصدر. والسبب الآخر الذي ساهم في قرار مصرف لبنان تمديد عمليات الدعم لأيام هو مؤازرة الجيش اللبناني من خلال عمليات الدهم وضبط الاحتكار والتخزين “على أمل ان يتم ضبط التهريب ايضاً”.

وبصرف النظر عن أن الكميات الجديدة المدعومة من المحروقات قد لا تغطي حاجة السوق لأكثر من 4 إلى 5 أيام ما لم يتجدد الدعم، لا بد لمصرف لبنان ووزارة الطاقة من اتخاذ قرار موحد بشأن أحد السيناريوهين: إما الإبقاء على الدعم وتالياً فتح اعتمادات جديدة لشحنات البنزين والمازوت المستوردة، أو رفع الدعم وإصدار تسعيرة جديدة. وهذا أمر لا بد من أن يفجر بركاناً في الأوساط الشعبية ولدى القطاعات كافة، ما لم يترافق مع آلية تخفف من حدة انعكاساته. فهل لدى وزارة الطاقة ومصرف لبنان أي تصور لمخارج من الأزمة المرتقبة؟

يؤكد المصدر أن لا تواصل جدي حتى اللحظة بين وزارة الطاقة ومصرف لبنان. كل ما يمكن تأكيده هو تعهد مصرف لبنان باستمرار دعم سعر المازوت للمستشفيات والافران فقط، علماً إن لا آلية دقيقة حتى اللحظة. وعما إذا كان هناك من احتمال للتوصل إلى صيغة مشتركة تقضي بدعم مصرف لبنان لاستيراد المحروقات وفق سعر صرف وسطي للدولار، ربما 12000 ليرة، لا يستبعد المصدر حصول ذلك، لكنه يجزم بعدم استمرار الأمر فيما لو حصل. فمصرف لبنان لن يعود إلى الدعم إلا في حال صدور تشريع عن مجلس النواب يتيح له استخدام الاحتياطات الإلزامية. من هنا بات سيناريو رفع الدعم نهائياً في أيلول المقبل هو الأكثر ترجيحاً مع تمرير الأسبوعين المقبلين وفق الوضع القائم حالياً.

Leave A Reply