وليد حسين – المدن
على مقربة أيام من بدء العام الدراسي في المدارس الخاصة، مطلع شهر أيلول المقبل، وبدء تسجيل الطلاب في المدارس الرسمية، تعيش مكونات العائلة التربوية تخبطاً كبيراً. فالأهل باتوا شبه مقتنعين بأن سير أعمال العام الدراسي يستحيل أن يكون حضورياً، رغم مطالبتهم بالأمر، ورغم تأكيد وزارة التربية وإدارات المدارس بأن التعليم حضوري. والأساتذة في التعليم الخاص ينتظرون وعود رفع رواتبهم وتأمين بدل تنقلات يوازي غلاء المحروقات، ومثلهم أساتذة التعليم الرسمي ينتظرون تصحيح الرواتب والأجور. وفيما بدأت بعض المدارس برفع الأقساط، محملة الأهل تبعات الانهيار، يبدأ وزير التربية، برفقة مدير عام وزارة التربية، فادي يرق، ومديرة وحدة الإرشاد والتوجيه، هيلدا خوري، جولة على المسؤولين لشرح واقع العام الدراسي المقبل وطلب المساعدة والدعم، وإنقاذ العام الدراسي.
إلى قبرص واليونان
والتقى المجذوب رئيس الجمهورية ميشال عون مؤكداً أن وضع القطاع التربوي حرج جداً هذا العام. ولكن لا يمكن للبنان أن يتحمل سنة دراسية استثنائية للسنة الثالثة على التوالي. وأوضح أن معظم المشاكل العالقة هي مشاكل تقنية، وهي بحاجة الى إرادة جماعية. ونحن بحاجة إلى دعم الجهات المانحة للأساتذة في القطاعين العام والخاص.
بعد رفض الأساتذة لخطته، بات الوزير مقتنعاً باستحالة انطلاق العام الجديد، والذي سيبدأ بعدم حضور المدراء والأساتذة والموظفين الإداريين، لتسيير أعمال تسجيل الطلاب في المدارس الرسمية، في السادس من شهر أيلول المقبل.
وفي الأثناء بدأ بعض أهالي الطلاب الميسورين بنقل أولادهم إلى قبرص واليونان، ودول أخرى، لأنهم باتوا على يقين أن لا عام دراسياً في الأفق. فبعد تقليص المناهج وأسابيع التدريس الحضوري، يتخوفون من أن تشكل أزمة المحروقات الضربة القاصمة للتعليم الحضوري، ولجوء المدارس إلى التعليم من بعد، لعدم تكبد مصاريف المحروقات، ولعدم قدرة الأساتذة على الحضور إلى الصفوف.
الأقساط الباهظة
العائلات اللبنانية باتت تستشعر المخاطر المحدقة. معظم المدارس الخاصة لم تراسل الأهل حول موضوع الأقساط وكيفية بدء العام الدراسي. فهي تعيش إرباكاً كبيراً حيال الانهيار الحالي. لكن المدارس الكبيرة بدأت بتسجيل الطلاب. وأرسلت إلى الأهل تبلغهم أنها مضطرة إلى رفع الأقساط نظراً للظروف الاقتصادية وانهيار العملة المحلية. وجميعها رفعت أقساطها أكثر من 30 بالمئة. وتعد الأهل بالمزيد من رفع الأقساط في حال تغير سعر الصرف وانعكاسه على الكلفة التشغيلية، كما جاء في رسائل عدة من مدارس عدة للأهل.
إلى ذلك، لم تتوان بعض المدارس بإلزام الأهل بنوع محدد من القرطاسية والزي المدرسي. وأسعارها خيالية في بعض المدارس، مثل معهد القديس يوسف عينطورة، التي سعرت مريول الأطفال بـ850 ألف ليرة، وقميص الأطفال بـ450 ألف ليرة، والبنطال بـ360 ألف ليرة. إضافة إلى الكنزات الطويلة والقصيرة، وبدلات الرياضة وغيرها، بما يوازي أكثر من ثلاثة ملايين ليرة لقاء الزي المدرسي الكامل على كل طفل. أي أن عائلة مؤلفة من ثلاثة أولاد عليها دفع نحو عشرة ملايين ليرة للزي المدرسي وحسب.
على حساب الأهل
وزير التربية مصر على إطلاق العام الدراسي الجديد. لكن جل ما يمكن للمسؤولين فعله إطلاق الوعود، والتمني على جميع مكونات العائلة التربوية تحمل قسط من المسؤولية. وهنا تسأل رئيسة اتحاد لجان الأهل وأولياء الأمور، لما الطويل: بما أن العام استثنائي وعلى الجميع التضحية، لماذا يكون العبء دائماً على الأهل؟ لماذا لا يضحي الأساتذة ويلجأون لاستخدام النقل العام الذي تؤمنه المدرسة للطلاب، وعلى حساب المدرسة، وتخفف الضغط عن الموازنة. ولماذا لا تستخدم المدارس أرباحها المكدسة من السنوات السابقة لإنقاذ هذا العام الاستثنائي؟ لماذا تستسهل مد اليد إلى جيوب الأهل، الذين يعانون كسائر اللبنانيين من تراجع قيمة رواتبهم؟
وتضيف في حديث لـ”المدن”، التضحية يجب أن تشمل العائلة التربوية كلها. بالتالي، يجب ألا تقتصر على الأهل، كما باتوا يتلمسون.
ولفتت إلى أن إدارات بعض المدارس تطالب المصارف بفك الحجز عن ودائعها، متسائلة: من أين لهم الودائع؟ وفق القانون يجب أن تعيد المدارس كل آخر سنة الفائض للأهل. فمن أين لهم ودائع؟ هذا يعني أنهم كانوا يكدسون الأرباح، واليوم علت صرختهم أن المدارس غير قادرة على الاستمرار وتريد رفع الأقساط على الأهل، بذريعة سداد الكلفة التشغيلية المرتفعة ورفع رواتب الأساتذة.
وشددت على أن خطة وزير التربية شملت تخفيض أسابيع التدريس إلى 18 أسبوعاً وعدد الأيام إلى أربعة. فلماذا لا تقوم المدارس بتخفيض أقساطها، طالما أن الكلفة التشغيلية ستنخفض؟ ولماذا بدأ العديد من المدارس برفع الأقساط لأكثر من 35 في المئة؟
والحال، لا تتأمل الطويل أن يبدأ العام الدراسي على خير، طالما أن طلائعه بدأت تتكشف عن قرارات إدارات المدارس برفع الأقساط قبل مراجعة لجان الأهل.