الثلاثاء, نوفمبر 26
Banner

لماذا تريث ميقاتي في زيارة قصر بعبدا أمس؟

غسان ريفي – سفير الشمال

تضاربت التحليلات والقراءات حول عدم قيام الرئيس المكلف نجيب ميقاتي بزيارة قصر بعبدا وتقديم تشكيلة حكومية متكاملة من 24 وزيرا، حيث إعتبرها البعض ″إشارة سلبية من شأنها أن تعرقل عملية التأليف وقد تؤدي بالتالي الى الاعتذار″، فيما رأى البعض الآخر أنها ″ناتجة عن تدخلات خارجية تتعلق ببعض الوزارات الحيوية وبخطوة القاضية غادة عون تجاه حاكم مصرف لبنان رياض سلامة″.

كل هذه القراءات بدت غير واقعية، خصوصا أن الاعتذار لا يمكن أن يحصل قبل تقديم التشكيلة الحكومية ومناقشتها والاعلان عن عدم التوافق عليها، وحتى في هذه الحال قد تثمر التدخلات والوساطات في خوض جولة جديدة من المشاورات خصوصا أن الرئيسين محكومين بالتوافق، كما أن خطوة غادة عون كانت معروفة قبل فترة، وهي تشبه مثيلاتها من الاجراءات القضائية الفارغة التي سبق وإتخذت، والتي تحاول عون من خلالها، تصفية حسابات ورفع شعبية العهد في الشارع الغاضب على رياض سلامة.

كل الوقائع تشير الى أن الرئيس ميقاتي عازم على القيام بزيارة مرتقبة الى قصر بعبدا خلال الساعات المقبلة، وعلى قاعدة “من تأنى نال ما تمنى” فقد حرص على التريث في زيارة قصر بعبدا يوم أمس، وهذا إن دل على شيء فهو يدل على كثير من الجدية في العمل على تأليف الحكومة، وبالتالي فإن ميقاتي الذي يطلب السرعة في التأليف وليس التسرع، يريد أن يُشبع الأمور درسا لتكون الزيارة مثمرة وينتج منها ولادة حكومة وقف الانهيار التي ينتظرها اللبنانيون بفارغ صبر لتبدأ مسيرة الانقاذ.

وبما أن أمر الحكومة يتعلق بانقاذ لبنان واللبنانيين، وأن أي فشل في عملية التشكيل قد يؤدي الى الانزلاق نحو الارتطام الكبير الذي لا يريده أحد داخليا ولا خارجيا، وبما أن المجتمع الدولي كما الشعب اللبناني يضعان الحكومة تحت المجهر قبل منحها الثقة، فإن الرئيس المكلف يصر على تطبيق الدستور في أن يناط تشكيل الحكومة به شخصيا وفي أن يوافق رئيس الجمهورية على الأسماء المطروحة، لذلك فإن المشاورات اليوم تتركز على المفاضلة بين الأسماء بعد التوافق على هيكلية الحكومة، حيث يسعى ميقاتي الى تشكيل فريق عمل وزاري متجانس ومنسجم قادر على وقف الانهيار مع مراعاة تطلعات عون وتدوير الزوايا الحادة لبعض المطالب التي بدأت تأخذ طريقها نحو الواقعية.

من هنا يمكن القول إن ميقاتي يقود ورشة عمل حقيقية من أجل إنجاز عملية التأليف سواء بالاتصالات الرئاسية أو بحركة الموفدين أو بالأسماء التي تطير بين بعبدا والبلاتينيوم حيث يغط بعضها في التشكيلة الحكومية فيما يسقط بعضها لآخر على الطريق.

أمام هذا الواقع فإن الرئيس ميقاتي الذي رضيَ بهذه المهمة الانتحارية من أجل وقف الانهيار يحرص على أن يتجنب الكثير من الألغام، من الثلث المعطل المرفوض من قبله كما محليا وإقليميا ودوليا، الى المحاصصة وجوائز الترضية التي يعمل على كسرها بتقديم الكفاءة والولاء للوطن على التبعية والولاء السياسي، الى محاولات الاستئثار بالوزارات الوازنة التي يواجهها بالتوازن في توزيع الحقائب والذي يؤمن الاستقرار الحكومي ويعطي دفعا نحو مزيد من العمل والانتاج.

يدرك الرئيس نجيب ميقاتي أن عدم التأليف سيكون له تداعيات كارثية على لبنان وشعبه، لذلك، فإنه يدرس خطواته وخياراته بعناية من أجل الوصول الى تشكيلة حكومية تشبهه وتشكل صدى إيجابيا للبنانيين، من هنا فإن الموعد الذي سيطلبه من رئيس الجمهورية يريده أن يكون حاسما وناجحا في الوقت نفسه، قبل أن يكون آخر الدواء بالنسبة له هو الاعتذار.

Leave A Reply