وليد حسين – المدن
في انتظار ظهور نتائج جولة وزير التربية طارق المجذوب على وزراء المالية والطاقة والاتصالات والاقتصاد، لا مؤشرات جدية بانطلاق العام الدراسي، حتى لو أن عدداً قليلاً من المدارس أبلغ الأهل مواعيد فتح الأبواب بعد أسبوع. والأسبوع المقبل حاسم في محاولة إيجاد حلول يرضى عنها الجميع. لكن لا بوادر إيجابية بعد، طالما أن المسألة ما زالت تقتصر على الوعود.
الاقساط والمحروقات
يعيش أهالي الطلاب والأساتذة والمدارس حالاً من الارباك. نحو ثلاثين مدرسة من أصل نحو 1600 مدرسة خاصة أبلغت الأهل عن مواعيد بدء الدروس. بعضها يبدأ بعد عشرة أيام وأخرى في نهاية شهر أيلول. لكن قلة قليلة من المدارس، وتعد على الأصابع، تستطيع المضي بقرارها بعدما رفعت الأقساط ورفعت رواتب الأساتذة جزئياً. لكن هذا لا يعني أن العام الدراسي سينطلق.
معضلة رفع الأقساط تواجه برفض كبير من لجان الأهل. وعدم رفع رواتب الأساتذة وتأمين المحروقات لهم يواجه بعدم إقدام الأساتذة على الذهاب إلى المدارس. وعدم إيجاد حل للكتب المدرسية والقرطاسية يحول دون تمكن الأهل من شرائها.
لا دولار واحداً من المركزي
وزير التربية تواصل مع وزارة المالية ووزارة الطاقة لبحث مشاكل رواتب وتعويضات الأساتذة وإيجاد حلول بإنشاء منصة خاصة بهم لدعم شراء البنزين والمحروقات للمدارس. ومع وزارة الاقتصاد والمالية لإيجاد حلول لأسعار الكتب والقرطاسية، وإمكان دعمها من مصرف لبنان.
وقد عقد اجتماع بين نقابة دور النشر والمدارس ووزارة التربية ووزارة الاقتصاد في محاولة لإيجاد حل لأسعار الكتب. وحصلت خلافات بين الأطراف حول آلية تسعير الكتب. الناشرون يتذرعون بأن جميع كلفة الكتب من ورق وحبر وطباعة وتجليد كلها بالدولار، وحتى المحروقات تبتاعها من السوق السوداء. وهم يتمسكون بطرح وزارة الاقتصاد اعتماد نسبة 45 بالمئة من سعر الكتب على سعر صرف الدولار في السوق الموازية، ما يجعل سعر دولار الكتب وسطياً بنحو 8550 ليرة للدولار. ووزارة التربية هددت باللجوء إلى الكتاب الوطني الذي يصدره المركز التربوي للإنماء والبحوث. أما المدارس فهددت باللجوء إلى الكتاب الإلكتروني، إذا لم تخفض نقابة الناشرين النسبة، وفق معلومات “المدن”.
دور النشر
وأكدت مصادر “المدن” أن اجتماعاً آخر سيحصل في اليومين المقبلين للوصول إلى تسوية تراعي الظرف الاستثنائي لهذا العام. فالمصرف المركزي أوقف الدعم ولن يقدم أي دولار لدعم الكتب. بالتالي تعويل وزارة التربية على هذا الخيار بات غير قائم، رغم أن المجذوب صرح بأن وزارة الاقتصاد تبحث مع “المركزي” في هذا الخيار.
في انتظار اليومين المقبلين، ضغطت وزارة الاقتصاد وأمهلت دور النشر حتى يوم الأربعاء المقبل لبدء مراقبيها بالكشف على الأسعار. ولفتت المصادر إلى أن وزارة الاقتصاد تتفهم بأن هناك مصاريف بالدولار والمصرف المركزي لن يدعم الكتب، لكن يفترض أن تراعي دور النشر الظرف الاستثنائي في كيفية احتساب كلفة الكتب، خصوصاً أن الغالبية العظمى من اللبنانيين ما زالت رواتبهم على حالها. أما نقابة الناشرين فستجتمع لاتخاذ الموقف المناسب، سواء لناحية بحث تخفيض النسبة أو للتمسك بها، خصوصاً أنها أتت كتسوية وبمعية وزارة الاقتصاد، كما أكد عضو النقابة جاد عاصي، شاكياً من عدم وجود أي دعم للكتاب الوطني، فيما مصرف لبنان يستمر بدعم الكتاب الأجنبي، بسعر صرف بنحو 15500 ليرة لكل يورو.
التوصل إلى حل في موضوع الكتب المدرسية يعتبر الحلقة الأضعف في معادلة بدء العام الدراسي. فالأهل يستطيعون تدبر أمرهم عبر نظام الإعارة الذي اعتمد بين الأهل العام الفائت. لكن الخوف يبقى من لجوء المدارس إلى رفع الأقساط الذي ترفضه لجان الأهل.
لا طاقة للمدراس والأساتذة
أما الموضوع الأساس فيبقى رفع الدعم عن المحروقات الذي يفرض إيجاد آلية لتمويل المدارس والتلامذة والأساتذة، كي ينطلق العام الدراسي. ووفق مصادر “المدن” سيكون الأسبوع المقبل حاسماً في هذا الشأن. وسيعقد اجتماع الخميس مع وزير المالية بحضور ممثلين عن روابط المعلمين.
وقد اقترح وزير التربية تمويل منصة خاصة للمحروقات لدعم المدراس والأساتذة. لكن في وزارة الطاقة لا جديد حول قضية رفع الدعم عن المحروقات سوى ربطها بالبطاقة التمويلية. وبالتالي يستطيع المجذوب إطلاق ما يشاء من اقتراحات، المهم ما يمكن تنفيذه. فالمسألة مرتبطة بإيجاد الدعم. وزارة الطاقة تدرس طلب الوزير بخصوص تأمين المازوت للمدارس، كي تتمكن من فتح أبوابها، لكن الأمر بحاجة لتوفير الأموال. أما بخصوص تأمين البنزين للأساتذة وإمكانية لحظها في منصة البطاقة التمويلية فهذا يعود إلى الحكومة واللجنة الوزارية المعنية، كما تقول المصادر.
روابط المعلمين في التعليم الرسمي والمهني لا علم لها باقتراح منصة المحروقات، وغير معنية بالوعود. بل تريد حلول فعلية تطبق على أرض الواقع. وبدأت باستطلاع أراء الأساتذة وستعلن موقفها الحاسم يوم الخميس المقبل في عدم الذهاب إلى الصفوف قبل تحقيق مطالبها بتصحيح الأجور وتأمين بونات بنزين، وفق ما أكدت مصادر هيئة التنسيق.
وتؤكد المصادر أن وعود الوزير وباقي الوزراء لم تعد تعني للأساتذة أي شيء. واعطت مثلاً حول حزمة الأنترنت التي وعد وزير الاتصالات بتحقيقها العام المنصرم، للتعليم من بعد، والتي بقيت مجرد وعد واضطر الأساتذة والأهل إلى دفع التكاليف من جيبهم الخاص. ووعود إنشاء منصة أو دعمهم ببونات ستبقى مجرد وعود، ولن يذهب الأساتذة إلى عملهم، قبل تحقيق مطالبهم. فهذا العام الدراسي مختلف كلياً عن السابق. فراتب الأستاذ سيساوي ثمن نحو ست صفائح بنزين، بعد رفع الدعم، لا تكفي حتى للانتقال إلى المدرسة.