الجمعة, نوفمبر 22
Banner

الإنهيارات تتوالى ولا تَحرَّك التأليف.. عــون مستاء.. واتفاق على استجرار الغاز

البلد فارط عن بكرة أبيه، لم يعد فيه مكان أو قطاع سليم، كلّ شيء صار في الحضيض وأكله العفن. والمسؤول الذي يفترض أنّه مسؤول صار مجرّداً بالكامل من أيّ مسؤولية، تحكمه نفسية سادية يتلذّذ بالقتل الجماعي الذي يتعرّض له اللبنانيون.

بالأمس، وبشكل مفاجئ، انطفأت الكهرباء بالكامل، ولم ينعم هذا البلد الكئيب ولو بساعة تغذية واحدة، وليس من يوضح إن كان ذلك مجرّد عطل إضافي في هذا القطاع المعطّل، او انّه عمل مقصود بفعل فاعل. وبالأمس أيضاً ارتفعت الصرخة من قرب الشحّ في المواد والسلع الغذائيّة والاستهلاكية، في وقت يتمادى فيه لصوص السوق السوداء، سواء ما يتعلق بالدولار او المحروقات، في جريمة ابتزاز اللبنانيين وتخييرهم بين البهدلة والذلّ في الطوابير، فيما تمعن المحطات في رفع خراطيمها طمعاً برفع الدعم وتحقيق أرباح خيالية، وبين شفط آخر ما تبقّى لديهم، أكان برفع سعر صفيحة البنزين او المازوت لما يزيد عن 5 أضعاف سعرها الرسمي، أو ببدعة تسعيرها بالدولار.

الثلث المقرّر

كل ذلك، وغيره من مصائب تنهمر على رؤوس اللبنانيين، يحصل في ظل عقلية البهدلة التي يُدار فيها البلد، والإصرار على تعطيل أي حلّ يضعه على سكة الخروج من هذا الجحيم. ومعلوم انّ مفتاح هذا الحلّ هو تشكيل حكومة جديدة.

وإذا كان الأمل مفقوداً بحكومة تصريف الاعمال في ابتداع اي حلّ، او حتى تقديم أيّ مسكّن لوجع البلد، فقد سبق وجرّبت وثبت انّها لم تكن موجودة اصلاً، حتى حينما كانت تتمتع بكل مواصفاتها وصلاحياتها، فكيف هي وحالها اليوم، لا تملك حتى ورقة توت تغطيها وتستر عليها، فإنّ المفتاح هو بيد الشريكين في تأليف الحكومة، رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلّف نجيب ميقاتي. إنما بدرجة اولى هو لدى الرئيس عون، حيث يجمع كلّ الأطراف، من حلفاء وخصوم له، على أنّ عقدة الحل الحكومي موجودة لديه ومتمثلة بإصراره على الثلث المعطّل، او بالأحرى الثلث المقرّر في الحكومة الجديدة.

لا نية بالتراجع!

عملياً، انقضت مهلة الثماني وأربعين ساعة التي حدّدها “منجّمو” التغريدات التضليلية، ولم تتشكّل الحكومة، ومع ذلك يصرّ بعض هؤلاء على ربط الناس بأمل كاذب والحديث مجدداً عن قرب ولادة الحكومة، ولم يبق سوى تفصيل بسيط متعلق بوزارة الاقتصاد وإسم الوزير التي سيتولاها.

ولكن في معلومات مصادر موثوقة لـ”الجمهورية”، أنّ ثمّة شغلاً يجري، على ما كان يجري منذ الايام الاولى لتكليف الرئيس نجيب ميقاتي، والوسطاء يتدخلون واللواء عباس ابراهيم بذل جهداً، ولكنه لم يصل الى النتيجة المرجوة، وبقي يدور في الحلقة ذاتها.

المسودة جاهزة .. ولكن

وأشارت المصادر، الى انّ مسودة الحكومة المتوازنة جاهزة لدى الرئيس المكلّف وترضي كل الاطراف، ولا ينقصها سوى توقيع رئيس الجمهورية لمرسوم تشكيلها. ومن هنا تضيف المصادر، أنّ من الخطأ، لا بل من الكذب الحديث عن أي تقدّم كالذي يروّج له بعض المغرّدين، الذين يحاولون التمويه على المعطّل الحقيقي للحكومة، لأنّ الحلّ لا يزال في المكان نفسه الذي كان عليه خلال تكليفي السفير مصطفى اديب والرئيس سعد الحريري، أي أنّه مرتبط بتراجع رئيس الجمهورية وفريقه السياسي عن قراره بالحصول على 10 وزراء في الحكومة؛ 9 مسيحيّون وواحد درزي. هنا تكمن العقدة وليست في اي مكان آخر.

وسألت “الجمهورية” مرجعاً مسؤولاً حول مستجدات الملف الحكومي فقال: “انا لا اتبنّى أيّ منطق يقول انّ ايجابيات تعتري ملف التأليف، واكثر من ذلك، كلّ حديث عن مثل هذه الإيجابيات التي شهدناها في الايام الاخيرة على الاقل، هو حديث مشكوك او بمعنى ادقّ، حديث مشبوه، القصد منه التعمية على مكمن التعطيل”.

تقريع السفراء

وأضاف المرجع: “معلوماتي الأكيدة أننا ما زلنا مطرحنا، وانا شخصياً لست أركن الى اي حديث عن ايجابيات. فلقد اكتويت بالحليب مرّة عندما صدّقت، ولست في وارد ان يكويني الحليب مرة ثانية. فلقد صار الكذب على الناس صفة ملازمة لمن يدّعي زوراً حرصه عليهم. فمن الأساس اعتقدنا أنّ ما آل اليه حال البلد والناس سيحمل معطّلي التأليف على الشعور بالمسؤولية والوقوف مع الناس وتسهيل تشكيل الحكومة. ولكننا مع الاسف كنّا مخطئين”.

وكشف المرجع المسؤول: “انّني قلت لمن يعنيهم الأمر انّ الايجابيات لا يبنيها الوسطاء او سعاة الخير مهما كانت نياتهم صادقة، بل يبنيها الشريكان في تأليف الحكومة، وبالتالي كل حديث عن ايجابية اعتبره بلا اي معنى طالما انّ خط التواصل المباشر مقطوع بين عون وميقاتي. وفي رأيي، انّ عليهما ان يوقفا هذه الدوامة، ويلتقيا ويحسما الامر، إما حكومة او لا حكومة. فالناس قرفت من “لعبة ولاد زغار عم يتخانقوا على الطابة”، ولم تعد تعنيها كل هذه الولدنات”.

واكّد المرجع: “اننا اصبحنا نستحي من أنفسنا، وآن الاوان لوقف هذه المهزلة، ولو أنّهم يسمعون ما يقوله السفراء الاجانب لطأطؤا رؤوسهم”. وكشف انّ “الفرنسيين قالوا لأطراف التأليف عجّلوا بالحكومة، وكذلك فعل الاميركيون والبريطانيون والاتحاد الاوروبي وغوتيريش وكل الدّنيا، وفي النتيجة يأتي من ينقل الينا ما يدور في مجالس السفراء والديبلوماسيين الأجانب من تقريع مخجل بكذب بعض السياسيين. وتلويح متجدّد بعقوبات قاسية وملموسة بحق هؤلاء”.

ورداً على سؤال قال المرجع: “نعم الثلث المعطّل هو اساس التعطيل، ثم انا اريد ان أسأل المصرّين على هذا الثلث، ارجوكم قولوا لنا ما هي أهمية هذا الثلث المعطّل في بلد كله معطّل، وأي فائدة تجنونها منه إن كانت الارض التي تدوسون عليها كلّها ركام وخراب؟”.

إتصالات ولا خرق

الى ذلك، ابلغت مصادر مطلعة على حركة الاتصالات إلى “الجمهورية” قولها، انّ الساعات الماضية شهدت اتصالات على أكثر من خطّ، ولكن من دون ان توحي مصادر الرئيسين عون وميقاتي بحدوث أي خرق ايجابي.

وكشفت المصادر، انّ الحديث ما زال يدور حول في الحلقة ذاتها، عبر مقاربة بعض الاسماء لبعض الحقائب، ومن دون ان يتجاوز عقدة الثلث المعطّل. وكأننا بالفعل في لعبة تضييع متعمّد للوقت.

وحول تقييمها لمسار الاتّصالات قالت المصادر: “اذا ما استمرت الأمور على هذا المنحى، فلا أمل على الاطلاق بولادة حكومة لا الآن ولا في أي وقت آخر. فالحكومة تتألف في حالة وحيدة، وهي اقتناع رئيس الجمهورية وفريقه بأن لا إمكان لقبول سائر الاطراف بمنحه الثلث المعطّل في الحكومة، ومجرّد أن يقتنع بذلك تولد الحكومة فوراً. وواقع الحال الآن، أنّ الفريق الرئاسي متمسك بموقفه”.

عون: لا ثلث

الى ذلك، وفي حديث لموقع “الانتشار”، قال عون انّه مستاء من التأخير الحاصل في عدم تشكيل الحكومة. وانّه أكثر تصميماً وعزماً للوصول إلى الغاية المنشودة، على الرّغم من العراقيل والمطالب التي تطرأ بين حين وآخر.

واشار عون الى انّ التواصل قائم بينه وبين الرئيس ميقاتي، سواء بالمباشر، أو عبر الوسطاء وسعاة الخير، موضحاً أنّه قدّم كل التسهيلات المطلوبة حتى تبصر الحكومة النور، وهناك “اوراق” تذهب وتجيء على خط بعبدا و”بلاتينوم”، تحمل أسماء ومقترحات تخضع للجوجلة خصوصاً من طرف الرئيس المكلّف.

وحمل عون هنا على “من يدّعي تمسّكه بالثلث المعطّل، الذي يحول دون ولادة الحكومة”، وقال إنّه لم يطلبه يوماً، وقد تحدث بذلك علناً. وهناك أكثر من بيان صادر عن القصر الجمهوري بهذا الصدد .كما أنّ البطريرك الراعي نفسه نفى من هنا هذا الأمر. وعلى الرغم من كل ذلك ما فتئ “المعرقلون” يتخذونه ذريعة لرمي المسؤولية على رئيس الجمهورية.

وبحسب الموقع، فإنّ عون لا يخفي دوره في سدّ الفراغ المسيحي الذي خلّفه موقف كل من “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية” عند التكليف، بإيلائه عناية خاصة في اختيار الوزراء المسيحيين، مشيراً في الوقت نفسه إلى عقدة تسمية الوزيرين المسيحيين اللذين يرغب ميقاتي بتسميتهما.

وعن دور اللواء ابراهيم المساعد في ” فكفكة العقد” أبلغ عون زواره، انّ الأخير تطوع مشكوراً لهذه المهمة، وباتت الصورة واضحة لديه ويعرف مكمن الخلل.

وبحسب الموقع، فإنّ عون يشير الى ما يخصّ دخول صهر السيد طه ميقاتي القنصل مصطفى الصلح على خط التأليف، عبر التواصل المباشر مع الوزير السابق جبران باسيل، بحيث أضحى هناك صهران تحت الضوء، وانّ هناك من الحّ، طلباً لمساعدة باسيل في عملية التشكيل، والأخير ما فتئ يرفض ويصرّح بذلك.

من جهة ثانية، نفى عون وجود ” فتور” في العلاقة بينه وبين قائد الجيش العماد جوزف عون. كما رفض كلياً اتهامه بمخالفة “الطائف”. وأبدى رغبته في العودة إلى “الرابية” اليوم قبل الغد، لكنه لن يفعل قبل أن ينطوي اليوم الأخير من عهده.

الغاز المصري

من جهة ثانية، وافق وزراء الطاقة اللبناني والاردني والمصري والسوري، الذين اجتمعوا في الاردن، على خارطة طريق لتزويد لبنان بالغاز الطبيعي المصري.

وعقب الاجتماعات، تمّ الاتفاق على بحث موقف البنية التحتية السورية لنقل الكهرباء. وقالت وزيرة الطاقة الاردنية هالة زواتي: “الاجتماع كان تمهيدياً وجيد جداً، والبنية التحتية شبه جاهزة لنقل الغاز المصري الى لبنان، ويجب ان نتحقق من كل الشبكة ومرافق تداول الغاز”. واضافت: “يجب ان نتأكّد من انّ كل الحاجات جاهزة كي يتمّ الضخ بأقرب فرصة”.

من جهته، امل وزير الطاقة المصري طارق الملا في تصدير الغاز إلى لبنان “في أقرب وقت ممكن”. فيما صرّح وزير الطاقة السوري بسام طعمة قائلاً: “لدينا توجيهات مباشرة من الاسد بمساعدة الشعب اللبناني من خلال التعاون لتأمين الغاز المصري الى لبنان”. واشار الى تشغيل شبكة الغاز السورية لضمان نقل الغاز المصري إلى لبنان.

من جهته، شكر وزير الطاقة ريمون غجر التعاون العربي قائلاً: “نتمنى ان يحدث تصدير الغاز في اقرب وقت، والتعاون بين بلداننا اعتبره طبيعياً لانّه ليست المرة الاولى التي يتمّ فيها التعاون بيننا”.

واضاف: “نحن اليوم بأمسّ الحاجة لدعم القطاعات الحيوية، ولا سيما قطاع الكهرباء. فهذه الخطوة تمكننا من توليد 450 ميغاوات من الكهرباء، وفي المستقبل ستوفر إمكانية لاستيراد الطاقة الكهربائية من الاردن”.

يذكر انّ خط الغاز العربي تمّ تنفيذه على ثلاث مراحل، المرحلة الاولى من العريش إلى العقبة بطول (265) كم وقطر (36) بوصة وبقدرة (10) مليارات م3 في السنة، وتمّ البدء بتوريد الغاز الطبيعي من مصر إلى الأردن بموجب هذه المرحلة بتاريخ 27/7/2003.

اما المرحلة الثانية، فقد امتدت من العقبة الى منطقة رحاب في شمال الاردن وبطول (393) كم، وتمّ البدء بتزويد الغاز لمحطات توليد الكهرباء في شمال المملكة في شهر شباط 2006، في حين تمّ استكمال المرحلة الثانية لخط الغاز العربي من رحاب ولغاية الحدود الأردنية- السورية بطول (30) كم وقطر (36) بوصة في شهر آذار من عام 2008.

وتمّ الانتهاء من تنفيذ الجزء الجنوبي من المرحلة الثالثة لخط الغاز العربي داخل الأراضي السورية والممتدة من الحدود الأردنية- السورية إلى مدينة حمص بطول 320 كم وقطر (36) بوصة، وتشغيلها في شهر تموز من عام 2008، وتمّ البدء بتصدير الغاز الطبيعي المصري إلى لبنان عبر الأردن في شهر تشرين الثاني 2009، الى ان توقف في عام 2011.

واكّد الوزراء انّ كل دولة ستتحمّل كلفة إصلاح الشبكة داخل اراضيها، قائلين: “خلال ثلاثة أسابيع سنكون جاهزين لمراجعة الاتفاقيات وتقييم البنية التحتية”.

وبخصوص تصدير الكهرباء الاردنية الى لبنان، اكّدت وزيرة الطاقة الاردنية، أنّه سيتمّ عقد اجتماع آخر قريباً، لوضع خطة عمل من أجل إعداد الاتفاقيات وتقييم البنية التحتية بخصوص تصدير الكهرباء الى لبنان.

الجمهورية

Leave A Reply