الثلاثاء, نوفمبر 26
Banner

أزمة لبنان: الإنهيار الإقتصادي يتصاعد… كيف يعيش ويتأقلم اللبناني؟

باميلا كشكوريان السمراني – الديار

لم يستطع لبنان يوماً توفير المناخ الملائم اللائق لأبنائه ومواطنيه، فلطالما بحث الشّعب عن كرامته المغتصبة التائهة بين أدراج الزعماء الذين تربّعوا على عروش الزعامات، فكانت ولاياتهم الملكية طويلة الأمدّ، ذات حقّ حصري! اليوم، ومع الإنهيار الإقتصادي الأشدّ قسوة في تاريخه، يتألّم المواطن من جروح حرب اقتصادية فجائية شُنّت عليه… أيّ خير هو واللبنانيون عاجزون؟ عن أيّ خير نتكلّم والشّعب يبحث عن سبل موازية تُمكّنه من الإستمرارية؟ حدّ أدنى للأجور زهيد بما فيه الكفاية لا يكفي لشراء وجبة طعام واحدة… كيف يستمرّ اللبنانيّ إذاً؟

أسعار السلع ترتفع من 4 الى 18 مرّة أكثر!

في عملية حسابية بسيطة، يبلغ متوسّط الرواتب في لبنان حوالى 1،500،000 ليرة لبنانية، لندرس سوياً القيمة الشرائية وفعالية هذا المبلغ لعائلة مؤلّفة من أم وأب وولدين… الدراسة مقتضبة، مبلغ كهذا لا يكفي اليوم إلا لشراء بعض الحاجيّات الأساسية للمطبخ من السوبرماكت كالحبوب والحليب والمعلّبات و بعض من اللحوم للطبخ والدجاج.

وفيما لا يقتصر مصروف المنزل على المطبخ فقط، ففي ظلّ أزمة المحروقات باتت فواتير إشتراكات المولّدات تتخطّى المليون ليرة… فمن أين يُسدّد ربّ العائلة خاصّة وأنّ بيانات شركتي كارفور وسبينيس كما بيانات وزارة الصحّة تُشير الى نسبة ارتفاع الأسعار على الشكل التالي بحسب الأصناف، فارتفع سعر زيت الطعام 18 مرّة أكثر ممّا كان عليه، فيما الدجاج واللّحوم زادت نسبة أسعارها تسع مرّات أكثر، والخضار خمس مرّات والحبوب ستّ مرات والحليب أربع، فيما ارتفعت أسعار الملابس الى تسع مرّات أكثر من سعرها الطبيعي والأدوية بين الثلاث الى خمس مرّات حسب نوعها وتلك الزيادات أتت بطبيعة الحال نتيجة ارتفاع سعر صرف الدولار وفقدان الليرة اللبنانية الكثير من قيمتها.

اللبنانيّ يتدبّر أموره ويتأقلم مع الواقع المرير!

«ماري» ( 51 عاماً) سيّدة لبنانية، أمّ لثلاثة أولاد تتراوح أعمارهم بين 12 و 21 سنة، مُدرّسة في مدرسة خاصّة وزوجها موظّف في شركة، تُخبر الدّيار عن الواقع المعيشي الذي انفرض عليهم وتبدّل الأحوال: «كانت الحياة هنية، وكان بإمكاننا تأمين الحاجيات الأساسية لنا، للمنزل ولأولادنا بحكم عملي وعمل زوجي، فكان مدخولنا الشّهري يقارب الخمسة ملايين ليرة، نُسدّد بها فواتير المنزل من كهرباء ومولّد و الى ما هنالك، ونؤمن مونة الشّهر للمطبخ ونعيش بما تبقّى ولو كان يخوّلنا أن نخرج لنزهة مرّة واحدة في الشهر، إنّما كنّا نشعر بالإكتفاء، أمّا اليوم فالظروف تبدّلت رأساً على عقب».

وعن كيفية التدبّر اليوم في ظلّ الظروف الراهنة، تقول ماري : «الظروف قاهرة جدّاً، إنّما اللبنانيّ اعتاد أن يجد الحلول المخدّرة لحالته، أنا اليوم أسعى لتحضير «مونة» الشتاء من خضار وحبوب وكلّ ما اعتازه في مطبخي، نعود اليوم للتقاليد القديمة التي كنّا قد افتقدناها مع الزمن، فهذه الأزمة أحيت بنا ذكريات الماضي وإن كانت موجعة. أُموّن مطبخي بالخضار التي أغسلها، أسلقها وأجلدها لاستعمالها في الشتاء خوفاً من ضيق أكبر في الأيام المقبلة وخوفاً من عدم قدرتنا على تأمين الطعام مع تقدّم الأيام».

الإقتصاد العالمي يُصنّف لبنان… ووزارة الإقتصاد: الحلول موضعية!

في سياق مُتّصل، ذكرت بيانات التوقعات الإقتصادية العالمية لصندوق النّقد الدولي أنّ حجم الدين بلغ في لبنان عام 2020، 90 مليار دولار أيّ ما يوازي 170% من إجمالي الناتج القومي وهو ما أدخل لبنان ضمن الدول العشر الأعلى مديونية في العالم!

فيما كان قد أفاد تقرير اللّجنة الإقتصادية الإجتماعية لغربي آسيا التابعة للأمم المتحدة للعام 2020 بأن نسبة الفقر في لبنان ارتفعت من 28% عام 2019 إلى 55% عام 2020، وهو ما يعني أن نحو 3 ملايين شخص يكافحون لتأمين متطلباتهم الغذائية اليومية، وبانتظار صدور التقرير الرسمي لعام 2021 من المتوقع أن تفوق النسبة 80% بحسب مصادر وزارة الإقتصاد اللبنانية التي أكّدت لـ الديار بأنّ لا خُطط إنقاذية حتّى الساعة، تدور الطروحات في فلك الإصلاحات المحليّة كنوع من العلاج الموضعي، والموضوع مرهون بالحكومة وتشكيلها.

كطفل موجوع يشكو يئنّ، بدون جدوى وبدون علاج، هذه هي حال لبنان وأهله في المعاناة المعيشية التي وصلت الى درجة الذلّ إلا أنّ اللبنانيّ يأبى أن يستسلم فيخلق من الضعف قوّة تعصف في وجه رياح الشّدة والأزمات.

Leave A Reply